لم تيأس الأم حينما أخبرها الأطباء أن لا أمل في شفاء ابنها من مرض "الصلب المشقوق" "Spina bifida"، والذي يمنع حركته وإحساسه في الجزي الأسفل. "لو عطس هيموت"، هكذا أخبر الأطباء، الأم آيه عيسى عبد العزيز - 27 سنة، عن حالها ابنها "حسن" الذي يعاني من وجود كيس دهني في النخاع الشوكي، غير إنها لم تكترث بكلام الأطباء وأصّرت على مواصلة رحلة العلاج والعمل على تطوير مهاراته وتحقيق أحلامه وتعزيز ثقته بنفسه، لتعويضه عن ما يعاني منه: "مكانش أدامي حل تاني دا أبني.. بدأت معاه رحلة العلاج من الشهر الرابع من ولادته، وحتى الآن في محاولة لتجنب ضمور العضلات." على مدار سبع سنوات هي عُمر "حسن"، تفرّغت الأم لرعاية طفلها الوحيد، وظلّت تتابع حالته مع الأطباء وتجري له العديد من العمليات في المخ والحوض والعمود الفقري وتجبيس الرجل: "ميأستش حتى لو كانت نسبة العلاج ضئيلة زي ما الدكاترة قالوا". أول ما واجه "آية" من صعوبات، حينما فاجأها صغيرها: "أنا عايز أقف...عايز أمشي وأجري"، كانت بمثابة صدمة نفسية للطفل، تغلّب عليها بعدما لجأت إلى طبيب نفسي يساعدها على التعامل معه بشكل صحيح، وبعدها انهمكت في القراءة والاطلاع حول أسس التعامل مع حالته: "منحة من الله ساعدتي في تغيير شخصيتي للأفضل، وأصبح امرأة قوية ومسؤولة". لم تكتفِ "آية" المقيمة بحي العجمي في الإسكندرية، برحلة العلاج الشاقة، إنما قرّرت السير في طريق آخر وهو تنمية مهاراته، حيث اتجهت لمراكز تنمية المهارات والقدرات، حينما بلغ ابنها عُمر العامين ونصف، لتنمية ذكائه ليتعرف على المجتمع المحيط به، إلا أنه هناك أكثر من تحدِ واجهته الأم بعدما انتهى "حسن" من مرحلة الحضانة. "حسن مش هينفع نقبله.. علشان نسبة الذكاء".. كانت هذه حُجة بعض المدارس التي قدّمت إليها الأم أوراقه للالحتاق بالمرحلة الابتدائية، غير إن الأم أصّرت على حقه في التعليم: "حسن نسبة ذكائه طبيعية لذلك سعيت بكل جهدي وعملت شكوى لوزير التربية والتعليم، وبالفعل دخل المدرسة وبيتقدم فيها، زي باقي زملائه، والآن هو في الصف الثاني الابتدائي. " سعت "آية" أيضا إلى البحث عن التجمعات والأماكن التي يوجد بها حالات مشابهه ل"حسن"، لدمجه مع ذويه وغيرهم، ولكي لا يشعر بالوحدة ولتكتسب الخبرات لكيفية التعامل الصحيح إلى أن اكتشفت مؤسسة خيرية وهي مؤسسة "الحسن" بالإسكندرية، والتي وفرت لع "كرسي متحرك" الذي يعتبره صديقه المقرب. المؤسسة وجّهت "آيه" لدفع ابنها لتعلم الرياضة: "كانت ميوله أكثر تجاه السباحة، وواظب على التمرين بشكل منتظم ، في البداية كان لديه رهبة وخوف من الميه، ولكنه تغلب على خوفه، وشارك في بطولة كأس مصر الشهر الماضي وكان أضغر طفل في البطولة وتم تكريمه"، تقول الأم ل"مصراوي". يطمح "حسن" في المشاركة بالمسابقات الدولية في السباحة، ولم تتوقف نشاطه عن السباحة، بل شارك في ماراثون الجري بالكرسي المتحرك مع ذويه، في الشيخ زايد، كما أنه يتدرب على عزف الكامانجا. أكثر ما يؤرق والدة الطفل هو نظرات الشفقة والاستغراب التي تراها فى عيون الناس تجاه "حسن"، وتتمنى أن تنتشر ثقافة احترام اختلاف الآخر ، فنشرت فيديو ل"حسن" يجسد فيه دور "بابا نويل" ويوزع الحلوى على الآخرين لتعزيز ثقته بنفسه، ولتقبل الآخرين للطفل المبهج الذي يتعامل بشكل عفوي مع الناس.