قرار محلب لايتم تنفيذه..والصحة تؤكد معاقبة أي مستشفي يخالفه! أحد المرضي: هموت قدام المستشفي علشان مش معايا بطاقة شخصية وسيدة مكلومة : جبسوا رجل ابني غلط بحديد مصدي نقابة الأطباء : قانون التأمين الصحي الجديد سيوفر علاجا مناسبا لكل مريض رغم قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق بإلزام المنشآت الطبية الحكومية والجامعية والخاصة بتقديم العلاج لحالات الطوارئ مجانًا لمدة 48 ساعة إلا أن الواقع يؤكد تملص الكثير من المستشفيات من تنفيذ القرار بطرق وأساليب ملتوية. »الأخبار » رصدت الواقع المر الذي يعانيه المرضي في أقسام الاستقبال والطوارئ في عدد من المستشفيات، علي أمل تحرك وزارة الصحة لاتخاذ مايلزم لإعادة تفعيل قرار رئيس الوزراء السابق تخفيفا لآلام المرضي ومعاناتهم. بمجرد أن وطئت أقدامنا أمام مستشفي القصر العيني، وجدنا مئات الأشخاص يتجمهرون في حالة سخط شديدة، من سوء معاملة الأطباء والممرضات لهم، .. حالة هرج ومرج تسود المكان ومشادات عنيفة بين الباعة المتجولين بالعصي والخشب يحاول المرضي الفصل بينهم حتي لا يصابوا بأذي يزيد من اوجاعهم، تحدثنا إلي اكثر من أسرة تنتظر ذويها بسبب منع الدخول، فيبيت البعض منهم في الشارع في هذا البرد القارس، او ينتظرون علي الرصيف وعلامات الهم تبدو علي وجوههم. صرخات علي حسابك صرخات وعويل لا ينقطع هو كل ما يحيط بالمكان ومشادات بين اسر المرضي والأطباء علي مرأي من الجميع، هشام رجل أربعيني، يستند علي بعض أهله، يتقيأ دمًا علي الأرض ولا يوجد أي كرسي متحرك لنقله إلي الطوارئ.. بعد مشادات مع الممرضين والأطباء بالكاد أوجدوا له كرسيًا مكسورًا، يدفعه البعض بصعوبة في محاولة ادخاله طوارئ الباطنة ليطلبوا أشعة وتحاليل ولكن الأجهزة لا تعمل في المستشفي، فيخرج به اهله لعملها بالمراكز الخاصة بمئات الجنيهات وهو ما يفوق مقدرتهم، وظل المريض في انتظار الأشعة يصارع الموت. دخلنا إلي قسم الطوارئ.. فاكتشفنا انه رغم كبر مساحة المستشفي وطول المسافات بين اقسام طوارئ العظام والباطنة والجراحة إلا أنه لا يوجد كرسي واحد في الممر يجلس عليه المرضي، فهم إما واقفون او يفترشون الأرض علي »البلاط» او يجلسون علي سور قصير داخل الممر الذي تتفرع منه الأقسام، ولا توجد كراسي متحركة للمرضي. لاأحد يهتم ! جاءت مع ابنها تجلس علي كرسي متحرك تتجرع مرارة الألم، كل ما ترغب فيه إيجاد علاج يخفف الألم، جاءت بكرسيها الخاص لأنها تعلم مسبقا انه لا يوجد أي كراسي بالمستشفي. جلست تنتظر من يسأل عنها دون جدوي. تحدثنا أيضًا مع عطيات الأم الخمسينية التي جاءت بصحبة ابنتها إلي المستشفي حيث تعاني من ضعف الجنين ومهددة بالإجهاض في أية لحظة، حاولت مرارًا وتكرارًا الحصول علي الحقنة المخصصة لتثبيت الحمل إلا أنها قوبلت بالطرد خارج المستشفي، عاملها الأطباء كأنها تتسول، خاصة ان ثمن الحقنة لا تقدر علي دفعه فهي بالكاد دبرت ثمن المواصلات للوصول إلي المستشفي لتفاجأ بمن يقول لها :»مش عاجبك هاتيها من بره» وناشدت عطيات المسئولين للتدخل في عقاب اي طبيب يسيء المعاملة للمواطنين، »احنا مش بنتسول.. حقنا نتعالج». منتظر الموت »احنا هنا قاعدين مستنيينه يموت وندخله المشرحة وندفنه» خرجت تلك الكلمات الصاعقة من ابن الحاج رجب ربيع، الذي تعرض لوعكة صحية شديدة بعدما اصيب بانسداد كامل لشرايين قدمه اليمني والتي أكد الأطباء انها تحتاج إلي عملية بتر ولا بديل لذلك، يرفضون اجراء عملية البتر لعدم وجود بطاقة رقم قومي معه، يجلس امام سور مستشفي قصر العيني مع ابنيه بعدما جاء من الصعيد وعمل الأشعة اللازمة في مستشفيات خاصة كلفته كل ما يملك من مال ولا يملك ما يكفي لإجرائها علي نفقته الشخصية. » الفرنساوي» صرح ضخم يعرف نفسه علي أنه الأعظم علي مستوي الشرق الأوسط ومصر، إنه مستشفي قصر العيني الفرنساوي الذي يتصور البعض انه مختلف عن المؤسسات التعليمية والحكومية الأخري، إلا أن الواقع عكس ذلك حيث يشكو معظم المرضي من سوء المعاملة ونقص العلاج والأجهزة المخصصة للأشعة والتحاليل. يضطر المرضي حتي في الحالات الطارئة إلي البحث عن أماكن تقوم بإجراء بعض الأشعة والتحاليل، وهذا ما حدث مع وليد العربي، الشاب العشريني، حينما أصيب بجلطة مفاجئة أصابته بشلل في نصفه الأيسر بعدما لم يتمكن المستشفي من اجراء الأشعة له، بدعوي أن الجهاز الخاص بالأشعة لن يتحمل وزنه، حينها اضطرت اخته إلي البحث عن مكان آخر واستلزم سيارة اسعاف لنقله باحثين عن جهاز يقوم بعمل الأشعة المطلوبة، إلا انه مرت اكثر من 3 ساعات كان وليد أصيب بغيبوبة ليوضع بالعناية المركزة بمستشفي آخر ليفارق بعدها الحياة وسط صدمة أهله وأصدقائه.. رغم ذلك ما زال المرضي حتي في الحالات الطارئة يبحثون عن مكان يجرون فيه الأشعة كما يبحثون عن الدواء غير المتوافر في المستشفي يجلبونه علي نفقتهم الشخصية بخلاف التكاليف الأساسية للقصر العيني. صرخات وعويل يقول هشام محمد، ابن احد المحجوزين بالمستشفي، إن والده احتجز بسبب كسر في ساقه اليمني، وكان من المفترض عمل أشعة علي ساقه اضطر لنقله بالخارج لعملها وسط صرخات وعويل ابيه الذي لا يحتمل الألم ثم اعاده مرة اخري ليفاجأ بأن الدواء غير متوافر في المستشفي قائلًا: »دافع دم قلبي في مستشفي استثماري وفي الآخر بنتبهدل برضه.. نتعالج فين؟». مستشفي الحكمة توجد فئة أخري من المستشفيات وهي التابعة لبعض الجمعيات الخيرية، مثل مستشفي الحكمة التابع لجمعية لجنة الزكاة بالمنيرة، حيث أكد مدير المستشفي ل »الأخبار» أن المريض اذا لم يتمكن من الدفع يعالج علي حساب المستشفي التابعة لجمعية خيرية قائمة علي التبرعات من فاعلي الخير، وفي حالة مقدرة المريض يقوم المستشفي بالأخذ منه حسب اسعار المستشفي. مستشفي الزقازيق لم يختلف الحال كثيرا في مستشفي استقبال الزقازيق، لنتيقن أن قرار رئيس الوزراء السابق حبر علي ورق، فعلي باب المستشفي تجد »كشكا فارغا» المفترض أنه للحراسة جلست بجواره امرأتان في انتظار أقاربهما في الداخل، تدل ملامحهما علي مدي معاناتهما، لتبدأ قصة جديده تؤكد ان مستشفي الطوارئ لا يوجد به أدني وسائل الرعاية. جبس »غلط» بالداخل يقبع محمد عمرو، وهو طفل في عامه الرابع، قدره ان عظامه من النوع الضعيف »الزجاجي»، وأصيب بكسر في قدمه هرولت امه به لمسشفي الطوارئ، وبالفعل تم وضع قدمه في الجبس، فظنت والدته انه قد انتهي الأمر لكنها فوجئت بالآلام تتجدد وصرخات من ابنها لا تنقطع، اتت مسرعة للمستشفي لتعلم سبب ألم ابنها، لتصاب بصاعقة عندما علمت أن الجبس تم وضعه بشكل خاطئ، ليتفاقم الأمر حيث قام الطبيب بوضع قطعة من الحديد الصدئ بحجة تثبيت قدم ابنها مطالبًا اياها ان تأتي الأسبوع القادم ل »تجبيسه» بطريقة صحيحة. وأشارت ام محمد إلي أنه عندما أتت للمرة الثانية اخبرها الطبيب بضرورة وضع قطعة من الحديد لتثبيت قدم ابنها وأن تأتي بعد اسبوعين ليتم تجبيس ابنها بطريقة صحيحة مختتمة حديثها وهي باكية قائلة »هو عشان احنا غلابة وابني رجله عضمه زجاجي نتعالج غلط؟!». ما إن تدخل قليلا وتترك الأم تندب حظها يقابلك ممشي مخصص لسيارات الإسعاف لتسهيل دخول المرضي، الغريب ان الممشي احتلته السيارات »الملاكي»، وعلي بعد خطوات من الممشي يقف فردان من الأمن الإداري أمام الباب الوحيد المخصص لدخول الطوارئ..طريقة وقوفهما تجعلك تشعر أنه من المستحيل الدخول دون سبب واضح. اللافت للنظر انك تستطيع الدخول والخروج حتي وإن حملت أطنانا من المتفجرات دون ان يستوقفك احد، حينها تتأكد ان هذا أمن صوري فقط، يقابل هذا الباب أماكن خصصت للجلوس.. بجوار هذه الأماكن مجموعة من الرجال والنساء افترشوا الأرض للجلوس عليها لقلة اماكن الجلوس المخصصة، بجوارهم شيخ كبير لم يجد من يحنو عليه وافترش الأرض نائما وغطي نفسه بمجموعة من »البطاطين» البالية. قبل ان تدخل للمسشفي تجد أما تجلس علي كرسي متحرك بجوارها ابنها، الابن ملامح الحيرة تملأ وجهه ويبحث عمّن يساعده لتجلس امه خلفه علي دراجته النارية، لم تشفع له الحيرة والقلق بينما الأمن يلاحقه يطلب منه الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه والدته، الشاب تائه ماذا يفعل..قلة حيلة الشاب جعلت قلب فرد الأمن يلين فأتي بكرسي قديم مكسور من اسفله، بعد مساعدته في جلوس أمه علي الكرسي الجديد تصيبك الصدمة الثانية، وهي أن الجبس بقدم والدته اشتراه الابن من ماله الخاص شراء من الخارج عايدة شعبان امرأة في عقدها الخامس، أثناء نزولها من سلم العيادة الخارجية، سقطت لتصاب بالتواء شديد في قدمها تطور إلي كسر، ليهرول ابنها بها لقسم العظام بالطوارئ، معاملة الطبيب الجيدة جعلتها تظن انها في افضل الأماكن الطبية، لكن ما حدث بعد ذلك عكس الصورة. فالطبيب طلب من ابنها ان يجلب له »الجبس» من خارج المستشفي لأنه غير متوافر بالداخل، وبالفعل خرج الابن للشراء بتكلفة بلغت 108جنيهات، علي الرغم من انه من المفترض ان يكون العلاج »مجاني». تقول عايدة إنها اعتادت أن تأتي للعيادة الخارجية لتأخذ الجرعة المقررة لها وأنها اثناء نزولها علي السلم التوت قدمها، موضحة انه برغم علمها بأن العلاج مجاني ولمدة 48 ساعه بالطوارئ إلا انها فوجئت بأن الطبيب يطلب من ابنها شراء الجبس من الخارج.. وما إن تدخل للمستشفي حتي يستمر مسلسل الإهمال، فعند دخولك يقابلك ثلات من النساء جلسن »القرفصاء» أسفل لافتة كتب عليها أماكن الكشف، تتوسط النساء الثلاث امرأة حاملة ابنها تبكي لعدم توافر ما يساعد طفلها الصغير، المشفي الذي من المفترض انه وسيله لرحمة ملايين المرضي، رفع شعار »الداخل مفقود والخارج مولود»، فلا يوجد »كراسي» تساعد مرافقي المرضي للجلوس، وعلي يسار هؤلاء النساء ممر يدخلك إلي غرفه طوارئ لكشف علي الرجال وغرفة للأشعة،وعلي اليمين غرفة خصصت لطوارئ النساء. عفوًا.. لا يوجد كراسي أمام باب غرفة »الأشعة» وقف مجموعه من الشباب تنتظر الامل في الدخول، توسطهم شاب بالكاد يستطيع الوقوف علي قدميه، حظه العثر أنه اثناء العمل وقع عليه »عرق خشب» ففقد وعيه، فما ان تقترب وتخبرهم بأنك صحفي حتي تجد اجابتهم »طب بالله عليك شوفلنا كرسي لصاحبنا يقعد عليه». يقول احمد محمد، أحد أصدقاء الشاب المريض، إن زميلهم اثناء العمل وقع علي رأسه »عرق خشب» جعله يفقد الوعي، ويضيف أنهم عندما وصلوا لمستشفي الطوارئ طلبوا من الطبيب ان يكتب لهم علي عمل الأشعة بعد ان اخبرهم ان زميلهم ليس به أي إصابات وبصحة جيدة. ويوضح انهم عندما أتوا لغرفة الأشعة طلب منهم فرد الأمن الانتظار لحين انتهاء طبيب الأشعة من المريض الذي بالداخل وعندما طلبوا منه كرسيا متحركا رفض بتعنت رغم رؤيته عدم قدرة زميلنا علي الوقوف. ما إن تترك هؤلاء الشباب لتدخل الغرفة المخصصة لطوارئ الرجال حتي تجد أن شعار ممرضات الطوارئ وأطبائها »ساعد نفسك بنفسك»، فمرافقو المرضي يبحثون عن الأطباء لمداواة مرضاهم، الأسرّة بالية، والغرف لا يوجد بها اماكن للتهوية رغم ازدحامها بالمرضي ومرافقيهم، لا يوجد كراسي متحركة تساعد المرضي في التنقل بين الأطباء. تحدثنا إلي وزارة الصحة فأكد مصدر مسئول في الوزارة »رفض ذكر اسمه»، أنه بالفعل القانون لايزال قائمًا ويتم العمل به، لكن هناك مستشفيات لا تلتزم به وتتعنت ضد المريض، مطالبًا الجميع بأن يقوموا بعمل شكاوي ضد الأطباء أو المستشفيات غير الملتزمة بهذا القرار حتي يتم توقيع عقوبات قاسية علي المخالفين، ويتمكن الجميع من الحصول علي خدمة جيدة وتعامل يليق بالمواطن المصري. ويعلق د. طارق كامل، رئيس لجنة آداب المهنة في نقابة الأطباء، أن المستشفيات من المفترض قانونًا ان تقوم بتعليق التسعيرة الخاصة بالعمليات وأسعار الكشف، لكن هذا لا يحدث، وأن اكثر من نصف مستشفيات مصر غير مرخصة وإدارة العلاج الحر لا تعلم عنها شيئًا، وبالتالي يصعب السيطرة عليها من قبل وزارة الصحة. وأوضح كامل أن قانون التأمين الصحي الجديد من المنتظر عرضه علي مجلس النواب وإذا تمت الموافقة عليه فهو يوفر طبيبا جيدا وخدمة جيدة ومن خلاله يتجنب المريض الخدمة التي تقدم له الآن.