حقوق عين شمس تُكرم رئيس هيئة قضايا الدولة بمناسبة اليوبيل الماسي    ويتكوف وكوشنر وقائد القيادة المركزية يزوران غزة للتأكد من التزام إسرائيل بخطة ترامب    مصرع 37 شخصًا في فيضانات وانهيارات أرضية بالمكسيك    عاجل- «لا تفاصيل حول الجثامين».. حماس ترد على مصير جثتي يحيى السنوار وأخيه وملف الأسرى بين الأمل والتعنت    كبير خدم الأميرة ديانا يكشف سرا جديدا عن قصر باكنغهام    محكمة أمريكية: يمكن لقوات الحرس الوطني البقاء في إلينوي لكن لا يمكن نشرها حاليا    أول المتأهلين لنصف النهائي، كولومبيا تطيح ب إسبانيا من مونديال الشباب    أحمد حسن: أبو ريدة طالبنا بالتتويج بكأس العرب بسبب العائد المادي    وفاة 3 دبلوماسيين قطريين في حادث بشرم الشيخ    النيابة العامة تفتح تحقيقا في حادث مصرع وإصابة دبلوماسيين قطريين بشرم الشيخ    محتجزون داخل السيارة.. جهود مكثفة لانتشال جثامين ضحايا «حادث قنا»    نتيجة اختلال عجلة القيادة.. حادث مؤسف لوفد دبلوماسي قطري قبل شرم الشيخ ووفاة 3 وإصابة 3    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    مصرع شاب صعقًا بالكهرباء في الوادي الجديد    وفاة نجمة هوليوود ديان كيتون بطلة فيلم "العراب" عن عمر ناهز 79 عاما    حقيقة رعب مذيعة الجزيرة من فأر أثناء البث المباشر.. والقناة تكشف تفاصيل الفيديو المتداول    وفاة الممثلة الأمريكية ديان كيتون عن عمر 79 عامًا    زوج إيناس الدغيدي: «إسمي أحمد سوكارنو وعندي 3 أبناء»    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 (آخر تحديث)    «مخيتريان»: «مورينيو» وصفني بالحقير.. و«إنزاجي» منحني ثقة مفرطة    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    العراق يحسمها في الوقت القاتل أمام إندونيسيا ويواصل مسيرته بثبات    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    إيطاليا تواصل صحوتها بثلاثية أمام إستونيا    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 6 قرارات إزالة على أراضى أملاك الدولة والأراضى الزراعية    أسعار السيارات الجديدة في مصر    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    مفاجأة.. مستقبل وطن يتراجع عن الدفع بمالك النساجون الشرقيون في بلبيس (خاص)    مصادر: قائمة «المستقبل» تكتسح انتخابات التجديد النصفي ل«الأطباء»    «الكهرباء»: الهيئات النووية المصرية تمتلك كفاءات متراكمة نعمل على دعمها    «الوجه الآخر للخريف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: 4 ظواهر جوية تضرب البلاد    ضبط منافذ بيع الحيوانات.. قرارات عاجلة من النيابة بشأن تمساح حدائق الأهرام    ارتفاع جديد ب520 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الأحد 12-10-2025 وعيار 21 الآن بالمصنعية    «القومي للبحوث»: مصر بعيدة عن الأحزمة الزلزالية    اندلاع اشتباكات عنيفة بين باكستان وأفغانستان على الحدود    كوبا تنفي المشاركة بأفراد عسكريين في الحرب بين روسيا وأوكرانيا    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    رونالدينيو ومحمد رمضان ومنعم السليماني يجتمعون في كليب عالمي    البرومو الثاني ل«إن غاب القط».. آسر ياسين وأسماء جلال يختبران أقصى درجات التشويق    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    بأكثر من 9 تريليونات جنيه.. دفاتر الإقراض البنكي تكشف خريطة مصر 2026    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    لو خلصت تشطيب.. خطوات تنظيف السيراميك من الأسمنت دون إتلافه    أمر محوري.. أهم المشروبات لدعم صحة الكبد وتنظيفه من السموم    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    محافظ المنيا: رعاية النشء والشباب أولوية لبناء المستقبل وخلق بيئة محفزة للإبداع    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    قبل انطلاق أسبوع القاهرة للمياه.. "سويلم" يلتقي نائب وزير الموارد المائية الصينية    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يتحلى الهولنديون بصراحة "صادمة"؟
نشر في مصراوي يوم 06 - 02 - 2018

التقيت بعض الأصدقاء في أحد المقاهي بمتنزة "فوندلبارك" الشهير، بالعاصمة الهولندية أمستردام، ولم يكن قد مرّ على انتقالي إلى المدينة سوى عام واحد. وانتظرنا النادل طويلا ولم نجد له أثرا. وفجأة، ظهر أمامنا من حيث لا ندري، وقال لنا باقتضاب، وبلا مجاملات "ماذا تريدون؟"
كان رده صادما لي، ولكنني أعتقدت أن مزاجه سيء هذا اليوم، أو أن لغته الانجليزية لم تسعفه. إلا أن معلمتي الهولندية قالت لي فيما بعد إن الهولنديين صرحاء، ولا يمكن أن تجدينهم يتحدثون بهذه الصراحة سوى في أمستردام.
ويتذكر بِن كوتس، وهو مغترب بريطاني انتقل إلى أمستردام منذ ثماني سنوات وألّف كتاب "لماذا يختلف الهولنديون عن غيرهم"، موقفا مشابها، فعندما قصّ شعره، نظر له صديقه الهولندي وقال له على الفور إن هذه القصّة لا تناسبه بالمرة.
ويقول كوتس: "أعتقد أنه لا أحد في هولندا يتصنّع في كلامه. فإذا كنت في اجتماع على سبيل المثال، وأدليت باقتراح غير وجيه، لن يخجل الحضور من إبداء رأيهم فيه صراحة".
ويرى كوتس أن الفرق بين الشعبين البريطاني والهولندي سيبدو جليا من الوهلة الأولى. إذ يميل البريطانيون إلى الحذر في كلامهم وتصرفاتهم حتى لا يضايقون الآخرين.
ويقول كوتس: "في بريطانيا، لا تتحدث بصوت مرتفع في القطار حتى لا تزعج الآخرين، ولا ترفع صوت الموسيقى في شقتك حتى لا تؤذي جيرانك، فهناك نوع من الرقابة الذاتية دائما على تصرفاتك".
أما في هولندا، فيقول كوتس: "يشعر الناس أن لهم الحق في إطلاق العنان لألسنتهم للتفوه بما يشاؤون، وأن يكونوا صرحاء كما يحلو لهم، وإذا تضايق الآخرون من كلامهم، فهذا ليس ذنب القائل، بل ذنب الشخص الذي لم تعجبه الصراحة".
إلا أن هذه الصراحة الزائدة، قد يفسرها الأجانب على أنها فظاظة، وربما عجرفة. وفي إحدى المرات، كنت في متجر للبيع بالتجزئة وقد تملكني الخجل، ووقعت في حيرة من أمري بعد أن سقطت منتجات البقالة من يدي على الأرض دون قصد، وفي غضون ثوان، وجدت نفسي محاطة بما لا يقل عن عشرة هولنديين، وكلهم يقدمون لي النصائح عن بعد، دون أن يحرك أحدهم ساكنا.
كنت أحتاج أن يتدخل أي شخص على الفور لمساعدتي، لكن الهولنديين ينظرون للأمر بطريقة مختلفة: لو كنت أحتاج المساعدة بالفعل، لكنت طلبتها صراحة.
تقول إليونور بروكل، وهو مدربة في مجال التواصل بين الثقافات المختلفة عاشت في العديد من البلدان لكنها تنحدر أصلا من هولندا: "قد يظن الأجانب أننا لا نتعاطف مع الآخرين، لأننا نقدم الصدق على العاطفة".
وتضيف أن هذا يرجع في النهاية إلى الاختلافات في أنماط التواصل من بلد لآخر. وترى بروكل أن صراحة الهولنديين الزائدة تمتد جذورها إلى الحركة الكالفينية، نسبة إلى جون كالفن، أحد رموز حركة الإصلاح البروتستانتي، التي انتشرت في هولندا في القرن السادس عشر، على الرغم من أن الغالبية العظمى من الهولنديين الآن لا يؤمنون بأي ديانة، بحسب الإحصاءات الرسمية.
في أعقاب انطلاق حركة الإصلاح الديني في بداية القرن السادس عشر، انتشر المذهب الكالفيني من جنيف إلى فرنسا، واسكتلندا، وهولندا. إلا أنه لقي صدى واسعا في هولندا، التي كانت تناضل آنذاك من أجل نيل استقلالها عن أسبانيا الكاثوليكية. إذ ظلت أسبانيا تحكم هولندا من عام 1556 حتى عام 1581.
وفي عام 1573، أعلن الأمير ويليام ذا سايلنت الهولندي الكاثوليكي، مؤسس عائلة أورانج الملكية التي تحكم هولندا في الوقت الحالي، اعتناقه للمذهب الكالفيني، واصطف الشعب بأكمله خلفه. ولهذا ترك المذهب الكالفيني أثرا كبيرا على الهوية القومية، إذ ارتبطت الكاثوليكية في أذهان الهولنديين بالقمع الأسباني.
وكتبت بروكل في إحدى مقالاتها التي نشرت على موقعها الإلكتروني: "أقر المذهب الكالفيني المسؤولية الفردية كسبيل للخلاص من العالم المليء بالخطايا، وهذا يتحقق من خلال محاسبة النفس، والصراحة التامة، والرصانة ونبذ 'المتعة' وفي الوقت نفسه الاستمتاع بالثروات".
وفي الواقع، يهوى الهولنديون فكرة الوضوح وما يصاحبها من شفافية، وهذا يتجلى في النوافذ الكبيرة التي تغطي واجهات الكثير من المنازل القديمة في هولندا، والتي تسمح للمارة بإلقاء نظرة على الداخل، إذا شاؤوا.
ويقول كوتس: "ينظر الهولنديون للخصوصية بطريقة مختلفة تماما"، في إشارة إلى عدم تحرّج الهولنديين من الخوض في الموضوعات شديدة الخصوصية على الملأ.
ويقول كوتس: "قد تجلس مع صديق هولندي في غرفة مكتظة بالغرباء، وتجده يتحدث بصوت مرتفع وبصراحة عن مشاكله الصحية، أو عن طلاق والديه، أو حتى عن علاقاته الغرامية. فهم لا يجدون أي داع للتكتم على هذه الأمور".
ويبدو أن الدولة نفسها تتبنى هذا الاتجاه أيضا، إذ أن كل الموضوعات في هولندا، مهما بلغت صعوبتها، لا بد أن تُطرح للنقاش. وتعالج هولندا موضوعات مثل الدعارة والمخدرات، والموت الرحيم، بطريقة فريدة من نوعها.
إذ تجيز هولندا الموت الرحيم، لكن بموجب رقابة صارمة، وتشتهر أمستردام بحي الدعارة "ريد لايت". لكن هولندا وضعت ضوابط مؤخرا على بيع مخدر الماريوانا.
إلا أن بروكل تقول إن هناك بعض الموضوعات التي يتجنب الهولنديون التطرق إليها. وتضيف: "نحن لا نناقش الرواتب، ولا المعاشات، وكل ما له علاقة بالرفاهية. فلا نتباهى بجمال منازلنا أو فخامة سياراتنا".
وتقول بروكل: "تسود في هولندا ثقافة المساواة، ولهذا لا نحب التفرقة بين المدير والموظف". وهذا يعني أن هناك قواعد للسلوك يلتزم بها الجميع، وهذا يتجلى في مفردات اللغة أيضا. إذ يوجد مثل هولندي يقول "تصرف بطبيعتك، ولا تتفاخر أمام الآخرين"، وآخر يقول "لا ترفع رأسك عاليا"، وهذا يذكرنا بأننا جميعا سواسية.
وقد أخذت بنصيحة بروكل، وشرعت في تعلم كيفية التواصل بصراحة ووضوح الهولنديين، وأن أدخل في الموضوع مباشرة، فعلى سبيل المثال، عندما أحتاج موعدا مع الطبيب، سأقول مباشرة: "أريد موعدا مع الطبيب"، بدلا من أن أذكر جميع الأسباب التي تدعوني لزيارته.
وتعلمت أيضا أن أطلب المساعدة، بدلا من أن أنتظر أن يعرضها الآخرون. وربما أتذمر أحيانا من الصراحة الهولندية، لكنني في الحقيقة سعيدة لأنني أعيش في بلد يتيح لي الفرصة لأتحدث بصراحة وبلا مواربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.