انطلاق ملتقى التوظيف بشبرا الخيمة    أسعارالفاكهة اليوم الإثنين 19 مايو في سوق العبور للجملة    الدولار يتراجع أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 19مايو 2025    مع استقرار محلى وتراجع عالمى .. تعرف علي سعر الذهب اليوم فى مصر الاثنين 19 مايو 2025    وزير البترول: ندعم خطط شركة الحفر المصرية للتوسع في الأسواق الخارجية    استشهاد 17 فلسطينيا إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى مناطق متفرقة من قطاع غزة    قبل القمة المصرية اللبنانية.. جوزاف عون يشيد بمواقف ناصر والسادات والسيسي    ليفربول في مواجهة سهلة أمام برايتون ب البريميرليج    تعرف على حالة الطقس اليوم الاثنين فى جنوب سيناء 19 مايو 2025    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الحج المصرية تواصل استقبال وتسكين الحجاج فى المدينة المنورة وسط تسهيلات مميزة.. راحة وتنظيم وزيارات روحانية.. وبدء تفويج الحجيج إلى مكة وفق ترتيبات دقيقة.. وغرفة عمليات وإشراف ميدانى على مدار ال24 ساعة    تركي آل الشيخ يشارك متابعيه كواليس «الأسد» ل محمد رمضان |فيديو    مصطفى الفقي.. 40 كتابا بين السياسة والثقافة والدبلوماسية    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    انتخاب «عبد الغفار» بالإجماع رئيسًا للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    استمرار إغلاق «الغردقة البحري» لليوم الثاني بسبب سوء الأحوال الجوية    موعد آخر ظهور للأهلى وبيراميدز فى الجولة الأخيرة للتتويج بلقب دوري nile    أسطورة مانشستر يونايتد: تفاجأت بتجديد عقد صلاح مع ليفربول لهذا السبب    المتحف المصري الكبير يستقبل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية    رئيسة المفوضية الأوروبية: أسبوع حاسم لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الاثنين 19 مايو 2025    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    الخارجية التركية: توسيع إسرائيل لهجماتها في غزة يظهر عدم رغبتها بالسلام الدائم    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    بلاغ ضد إحدى شركات السياحة بالجيزة بتهمة النصب    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصرع المخرج \"فان جوخ\" وأوهام التعددية الثقافية الأوروبية
نشر في التغيير يوم 23 - 11 - 2004


\r\n
ففي اعتقاد هذه الدول أن في مطالبة المهاجرين بالتكيف الثقافي مع ثقافة الدولة المضيفة، نعرة \"عنصرية\"، وضرباً من الاستعلاء القومي والثقافي عليهم، بما يعيد للأذهان، ظلالا وأطيافاً من نعرة استعلاء \"الجنس الآري\" في التجربة النازية البغيضة.
\r\n
\r\n
بل في ذلك ألمانيا ذاتها، حيث كان الانتماء القومي فيها، يعد حتى إلى وقت قريب، ذا طابع عرقي، تم استبعاد المهاجرين تلقائياً من التكيف الثقافي والسياسي. ولطالما سادت النظرة إلى جميع المهاجرين، على اعتبارهم \"ضيوفاً\" عليها، حالما يعودون إلى بلدانهم التي وفدوا منها ذات يوم. لكن الذي حدث هو عكس ذلك تماماً، إذ سرعان ما لحقت الأسر بأولئك المهاجرين، وطالبت بإعطائها الجنسية الألمانية. أما فرنسا فتؤمن من حيث المبدأ بتكيف المهاجرين، سياسياً وثقافياً، مع نمط الحياة الفرنسية. لكنها تستثني من هذا الشرط، المهاجرين العاملين فيها من بلدان شمالي إفريقيا. وفي هذا فهي تشبه اعتقاد الألمان، بأن هؤلاء العمال، ليسوا سوى ضيوف عليها، وأنهم سيعودون إلى بلادهم في نهاية الأمر. ولكن اليوم، فإن هذه الأقلية المسلمة في فرنسا- لم يحصر عددها حصراً دقيقاً، لكنها تتراوح بين 5 إلى 10 في المئة من إجمالي السكان الفرنسيين- باتت تمثل معضلة كبيرة لها. وتحاول فرنسا حلها بتبني استراتيجية تأجيلية، تستهدف بذل جهود التكييف الثقافي والسياسي للأجيال الشابة منهم.
\r\n
\r\n
وعلى أية حال فإن الحالة الهولندية هي الأكثر إثارة للاهتمام، لكون الهولنديين يشبهون البريطانيين في دعوتهم لإنشاء مجتمع متعدد الثقافات والحضارات، يقوم على التكافؤ والندية. وفي هذا الاعتقاد الرسمي، وهمٌ ما بعده، أو فلنقل ضرب من \"النفاق\". ذلك أن في هولندا وبريطانيا، كما هو الحال في بقية الدول الغربية الأخرى، لا يطرق الشك مطلقاً، اعتقاد المواطنين الأصليين للدولة المضيفة، بتفوق ثقافتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم الوطنية، على ثقافة وتقاليد ومعتقدات المهاجرين. وقد منح الهولنديون، المهاجرين بعض امتيازات نظام الرعاية الاجتماعية التي يتمتع بها المواطنون الأصليون. وفي اعتقادهم أن المعاناة الاقتصادية والشعور بالتمييز لدى المهاجرين، إنما هو نتاج لابد منه، لخيار الهجرة الذي لجأ إليه المهاجرون. كما ساد بينهم شعور غير واقعي-على رغم حسن النوايا- بأن هولندا، ستصبح يوماً مجتمعاً واحداً، متعدد الأعراق والثقافات والأديان، ومتسامحاً في ذات الوقت.
\r\n
\r\n
لكن ومثلما يبدو للجميع، فقد ظلت هولندا على الصعيد العملي، دولة \"أبرشية\" محدودة، ومجتمعاً \"ما بعد كالفيني\" غير متسامح وضيق الصدر. كما يلاحظ أن المذهب \"الكالفيني\" المسيحي في هذا البلد، قد ارتدى طابع المجتمع التكييفي القسري، وجعل من نفسه، نسخة هولندية أبرشية، من اللاتسامح الليبرالي. ولكل هذه الأسباب، فإن المجتمع الهولندي، لم يكن مرشحاً في يوم ما، لأن يكون مجتمعاً للتعدد العرقي والثقافي. وعلى أية حال، فإنه لم يكن في البال يوماً، أن يؤدي كل هذا، لانفجار مشاعر الكراهية والغضب الاجتماعيين، على الرغم من أن الخضوع الذي توقعه الهولنديون من المهاجرين المسلمين، كان ينطوي دائماً على قهر للمسلمين ولثقافتهم. ومن هنا نشأ النزاع. فقد رفضت أغلبية كبيرة من المهاجرين المسلمين، الشروط الهولندية، لمفهوم التعدد الثقافي. وقد عبر هذا الرفض، عن عناد البعض وتمنعه، حتى في تعلم اللغة الهولندية.
\r\n
\r\n
في هذا العام كان قد جرى عرض الفيلم التلفزيوني الذي أخرجه المخرج \"تيو فان جوخ\"، الذي هاجم فيه معاملة المسلمين للنساء - بمن فيهن المرأة المسلمة- وحقر فيه من شأن تلك المعاملة كثيراً، على نحو تجديفي وخادش للمشاعر الدينية. وقد أردي هذا المخرج قتيلا، في نهاية الأمر، علي يد أحد الشباب المسلمين، المنتمين للجماعات المتطرفة. ولكن تبع ذلك الحدث مباشرة، الهجوم الانتقامي على مدارس المسلمين ومساجدهم.
\r\n
\r\n
يجدر بالذكر، أن منشأ هذه المأساة الهولندية، هو خليط من النوايا الطيبة الحسنة، والافتراضات الواهمة الزائفة، عن الحقائق السياسية والاجتماعية والإنسانية الخاصة بالاختلاف الثقافي. وتعود هذه الأوهام والافتراضات الزائفة، نوعاً ما، إلى ردة الفعل الأوروبية عموماً، للكارثة النازية القائمة على مبدأ التفوق العرقي. وفيما بعد التجربة النازية، فقد عدت التباينات والاختلافات العرقية والثقافية في المجتمعات الأوروبية، مصدراً لإذكاء النزاعات، والتمييز بين أفراد وشرائح المجتمع. ولهذا فإن المجتمعات الأوروبية، لم تكتف بتفاديها فحسب، وإنما عملت على تجاهلها وإنكارها تماماً. رافقت هذه الأوهام عن واقع التمايز الثقافي والعرقي، أوهام أخرى حول \"الإنسان\" نفسه. وقد آثر الأوروبيون، المضي في تصديق هذه الأوهام والعيش عليها، على رغم إثبات حقائق التاريخ لخطئها مراراً.
\r\n
\r\n
وأعني بالأوهام الأوروبية حول الإنسان، اعتقاد الأوروبيين، بأن جوهر القيم السائدة في أوروبا، إنما هو مغروس في طبيعة النفس البشرية أينما كانت. ويتبع ذلك وهم الأوروبيين القائل إن في وسع إكساب الطابع الليبرالي للمؤسسات التعليمية والسياسية والاجتماعية، في المجتمعات التي لم تتبن تلك القيم بعد، أن تتبناها عبر عملية التحول الليبرالي هذه.
\r\n
\r\n
وفي اعتقاد الأوروبيين أيضاً أن البشرية جمعاء، رجالا ونساءً، إنما هي ماضية باتجاه الديمقراطية الليبرالية والعلمانية، أو اللامبالاة الدينية على الأقل. وقد مضت أميركا الشمالية وأوروبا خطوة واسعة في هذا الطريق سلفاً. أما مجتمعات البلقان والعالم الإسلامي -أو ما يسمى بالدول الفاشلة- فقد تعثرت لسبب أو لآخر، في اللحاق بهذا الركب. كما ساد الاعتقاد أيضاً، بكونية القيم السياسية، بل والاقتصادية للغرب أيضاً، وأنها تسري على البشرية، في كل زمان ومكان. تلك هي أعم قيم ومفاهيم عصر التنوير الفرنسي، التي ظل التاريخ يثبت خطأها مراراً، كما حدث مؤخراً في هولندا. فهل حانت لحظة الصحو الأوروبي؟.
\r\n
\r\n
\r\n
ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز\"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.