لم يُمهله القدر ليرى الفرحة في عيون والديه وأخواته البنات، وبدلًا من أن تحمل عودته البهجة لهم، كانت عنوانًا للدموع وآلام الفراق لتشييعه إلى مثواه الأخير مقتولًا برصاصة مجهولة. "كان نفسي أحضر فرحه قبل ما أموت، وأشوف فرحته زي ما بيفرحنا ويتعب علشاننا.. منهم لله اللي حرموني منه وكسروا ضهري وقلبي عليه".. بهذه الكلمات بدأ "مصطفى فتحي" حديثه ل"مصراوي" حول مقتل نجله "أحمد" على يد مجموعة من البلطجية بشارع "فاروق" بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. وأضاف والد المجني عليه، أن نجله كان الولد الوحيد على أربعة بنات، وكان يعمل رغم صغر سنه ولا يعود إليهم بمحافظة أسيوط إلا وقت الامتحانات، حيث إنه طالب بالمرحلة الثانوية الأزهرية. وأشار فتحي، إلى أن أقصى أمنياته كانت رؤية الفرحة في عين نجله الذي اعتاد التعب وتحمل المشقة من أجل راحتهم، قائلًا: "صعب عليه ظروف تعبي وإن إخواته على وش جواز فسافر الشرقية رغم إنه لسه بيدرس، وكان بييجي وقت الامتحانات يشوف لوازم إخواته ويطمن علينا كأنه أبوهم وأخويا". وتابع الأب المكلوم: "منهم لله اللي قتلوه وحرموني منه.. ربنا ينتقم منه، وبإذن الله فرحته تكون في الآخرة وجنة ربنا"، مشيرًا إلى أن نجله قبض 12 ألف جنيهًا (جمعية) ادخرهم من عمله في بيع الأحذية والأحزمة بالشوارع من أجل استكمال مستلزمات شقيقته الكبرى، وكان من المفترض أن تكون عودته اليوم الأحد، إلا أنه عاد في نعشه شهيدًا ل"لقمة العيش". وأوضح والد المجني عليه، أن نجله ذهب قبل ساعات من وقاته إلى شارع "فاروق" من أجل شراء بضاعة يبيعها، إلا أن وجوده هناك كان آخر لحظاته في الحياة: "كان فيه ناس بلطجية هناك معروفين للكل، وحصلت مشكلة بينهم وبين الصعايدة اللي في الشارع بسبب إن أسرة في بيت الصعايدة كان مشيهم مش مظبوط". وواصل: "يومها ناس اتدخلت علشان يكون فيه جلسة صلح بين الصعايدة وجيرانهم، لكن وقتها واحد بلطجي اسمه فتحي الجربان، ومعاه شوية من زمايله، نزلوا ضرب في الناس وفتحوا النار عليهم، وكان نصيب ابني طلقة من الطلقات دي في صدره". كان اللواء رضا طبلية، مدير أمن الشرقية، تلقى إخطارًا من اللواء محمد والي، مدير المباحث الجنائية، يفيد بوصول "محمود مصطفى فتحي" 19 عامًا، طالب بالصف الثالث الثانوي الأزهري، من محافظة أسيوط، إلى مستشفى "الأحرار"، جثة هامدة. وتبين إصابة المجني عليه بطلق ناري خلال مشاجرة أثناء الصُلح بين مجموعة من الأشخاص بشارع "فاروق" بدائرة قسم أول الزقازيق، فيما تمكن ضباط المباحث من ضبط 10 أشخاص من المُشاركين في المشاجرة، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 449 جُنح أول الزقازيق لسنة 2018، وبالعرض على النيابة العامة قررت حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.
