استسلم عشرات المقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الرقة، معقلهم الأبرز سابقا في سوريا، إلى قوات سوريا الديموقراطية التي باتت على وشك السيطرة على كامل المدينة. وفيما تحدثت مصادر عدة عن التحضير لإجلاء المقاتلين الأجانب في التنظيم المتطرف من المدينة، أكد التحالف الدولي بقيادة واشنطن أن هؤلاء ممنوعون من مغادرة الرقة، بينما أعلن وزير الدفاع الأمريكي من واشنطن أن بلاده ستقبل ب"استسلامهم". على جبهة أخرى مع تنظيم داعش، استعاد الجيش السوري وحلفاؤه السبت السيطرة على مدينة الميادين، أحد آخر أبرز معاقل تنظيم داعش في سوريا، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر عسكري. وقال المصدر العسكري إن "وحدات من قواتنا المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة تستعيد السيطرة على مدينة الميادين فى دير الزور (شرق) وتقضي على أعداد كبيرة من ارهابيي داعش"، مشيرا الى القوات الحكومية "تطارد فلول تنظيم داعش الهاربة من المدينة". وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته أن كل المقاتلين السوريين في التنظيم المتطرف خرجوا من الرقة مع عائلاتهم. وقال التحالف الدولي لوكالة فرانس برس عبر البريد الإلكتروني "خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، استسلم نحو مئة إرهابي من تنظيم داعش في الرقة، وتم إخراجهم من المدينة". وكان مسؤول محلي في محافظة الرقة قال في وقت سابق لفرانس برس إن مقاتلين من التنظيم المتطرف في الرقة استسلموا ليل الجمعة إلى قوات سوريا الديموقراطية، مؤكدا انهم "محليون وليسوا أجانب"، من دون أن يحدد عددهم. وأوضح "الأجانب لم يسلموا أنفسهم حتى الآن". وقال التحالف "لا يُسمح للمقاتلين الأجانب بمغادرة الرقة". وأعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الجمعة "إذا استسلم (عناصر التنظيم)، فبالطبع سنقبل باستسلامهم" لكنّ "الأكثر تعصّباً (بينهم) لن يسمحوا بذلك" الاستسلام. وأشار إلى أن هؤلاء "يمنعون المدنيين من الفرار إلى مواقعنا.. وسوف يقاتلون حتى النهاية". وقال التحالف اليوم إن عناصر التنظيم المتطرف المتبقين في الرقة هم من السوريين والأجانب. مصير الأجانب لكن مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أكد السبت خروج "كافة المقاتلين السوريين في تنظيم داعش من مدينة الرقة خلال الأيام الخمسة الماضية"، مشيرا إلى أن عددهم نحو مئتين، وقد "خرجوا مع عائلاهم" إلى جهات غير محددة. وتحدث عن "مفاوضات بين قوات سوريا الديموقراطية وتنظيم داعش لخروج المقاتلين الأجانب الذين يطالبون بالمغادرة دفعة واحدة باتجاه مناطق سيطرتهم في محافظة دير الزور" في شرق البلاد. وقدر عبد الرحمن عدد المقاتلين الأجانب ب"150 عنصرا كحد أقصى". وأفادت مصادر عدة عن وجود حافلات تنتظر خارج مدينة الرقة، مرجحة أن هدفها إخراج باقي مقاتلي التنظيم المتطرف. وقال مصدر عسكري في الرقة لفرانس برس "الحافلات متوقفة حاليا في إحدى القرى (...) وسيتم إرسالها لأخذ الدواعش ونقلهم لاحقا باتجاه دير الزور". في المقابل، نفى نوري محمود، المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، لوكالة فرانس برس حصول أي مفاوضات لإخراج مقاتلي تنظيم داعش من آخر جيوب يتواجدون فيها في مدينة الرقة. وقال "نحن نحارب داعش حتى هذه اللحظة. ليس هناك أبدا أي مفاوضات أو اتفاق". "على وشك الانتهاء" وشارفت العمليات التي تقودها قوات سوريا الديموقراطية منذ السادس من يونيو على نهايتها، مع انكفاء مقاتلي التنظيم بشكل أساسي إلى وسط المدينة حيث يتحصنون في المستشفى الوطني والملعب البلدي كما في مبان عدة في أحياء محيطة. واكد محمود ان "داعش على وشك الانتهاء في الرقة خلال ايام (...) داعش سينتهي من خلال الهجوم العسكري الذي نحضر له" على باقي المناطق التي يتواجد فيها في المدينة. وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية بفضل الدعم الجوي للتحالف الدولي من طرد التنظيم المتطرف من نحو تسعين في المئة من الرقة. ويدعم التحالف الدولي بالغارات والسلاح والمستشارين قوات سوريا الديموقراطية (فصائل كردية وعربية) في المعارك التي تخوضها منذ اكثر من أربعة اشهر في الرقة. ودفعت المعارك عشرات آلاف المدنيين على الفرار، فيما لا يزال ثمانية آلاف عالقين في المدينة، وفق آخر تقديرات الأممالمتحدة. وقال التحالف السبت لفرانس برس إن نحو 1500 مدني تمكنوا خلال الأسبوع الماضي من الوصول إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية. وكان التحالف الدولي أعلن قبل أيام عن محادثات يجريها مجلس الرقة المدني الذي يضم ممثلين عن أبرز عشائر الرقة، لضمان ممر آمن للمدنيين الذين يستخدمهم الجهاديون دروعا بشرية. وقال المرصد السوري إن المفاوضات تشمل أيضا المقاتلين. وسبق أن شهدت مناطق عدة في سوريا حوصر فيها مقاتلو تنظيم داعش مفاوضات أدت الى خروج مقاتلي التنظيم منها، وهو ما حصل في العاشر من مايو في مدينة الطبقة التي تقع على بعد نحو خمسين كيلومتراً غرب الرقة. وتم إجلاء المئات من مقاتلي التنظيم مع أفراد من عائلاتهم نهاية أغسطس من منطقة حدودية بين لبنانوسوريا الى شرق سوريا، بموجب اتفاق مع حزب الله اللبناني. وأفادت تقارير في وقت لاحق عن تعرض قافلة هؤلاء التي كانت متجهة الى دير الزور في شرق سوريا لقصف من طائرات التحالف. بينما قالت تقارير أخرى ان أثر القافلة ضاع لايام في الصحراء، ثم أفيد عن انتقال المقاتلين الذين كانوا فيها الى مناطق في العراق او دير الزور السورية الحدودية مع العراق.