كتب - علاء المطيري وعبد العظيم قنديل: توافد سكان إقليم كاتالونيا، صباح الأحد، إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على استقلال الإقليم عن إسبانيا رغم معارضة مدريد، وأغلقت في الثامنة مساءً صناديق الاقتراع بعد يوم دام سقط فيه مئات المصابين في الاشتباكات التي شهدها الإقليم بين قوات الشرطة التي حاولت منعه وبين سكان الإقليم الذين يعتبرونه حق من حقوقهم المشروعة. وشهد "يوم الاستفتاء" أحداث عنف واشتباكات بين الشرطة والمشاركين فيه أدت إلى سقوط 761 مصابًا وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية. وبينما يُصر سكان الإقليم على حقهم في إتمام الاستفتاء والمضي قدمًا في مساعيهم للانفصال عن إسبانيا تؤكد مدريد على حقها في منع الاستفتاء الذي وصفه بعض مسؤولوها بالمهزلة. لكن استخدام الشرطة الإسبانية للعنف وسقوط مئات المصابين كان له ردود فعل دولية أدانت استخدام العنف في التعامل مع المشاركين في الاستفتاء ودعت مدريد للجوء للحوار السياسي، وذلك بالتزامن مع انتقادات المعارضة لتعامل الحكومة مع الموقف. وتتعامل إسبانيا بعدوانية شديدة مع طلبات الانفصال، وأدان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الاستفتاء، مشيرًا إلى أنه غير قانوني، وأكد أنه سيشكل خطورة كبيرة على البلاد. وكان وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس استبعد، أمس السبت، أن تُجري منطقة كتالونيا استفتاءً حقيقيًا، معتبرًا أن قادة الإقليم لا يمتلكون الأدوات الكافية لإجراء الاستفتاء، وفقًا ل"سكاي نيوز". ومنذ، أمس السبت، ذكرت "رويترز" أنه من المتوقع أن يتحدى عشرات الآلاف من الكتالونيين السلطات الإسبانية ويحاولون التصويت في استفتاء محظور على الاستقلال، محذرة من اندلاع أعمال عنف واضطرابات. طوابير الناخبين ومنذ الصباح الباكر بدأ سكان الإقليم تكوين طوابير أمام العديد من المراكز المخصصة للاقتراع في مدارس برشلونة، في تحد لمحاولات الحكومة الإسبانية منع هذا الاستفتاء، وفقًا ل"رويترز". وأعلنت حكومة كتالونيا أن الاستفتاء على استقلال المنطقة سيمضي قدمًا بينما تجمع مئات الكتالونيين مام مراكز الاقتراع في برشلونة ومدن أخرى للمشاركة في الاقتراع. وقال المتحدث باسم الحكومة خوردي تورول في مؤتمر صحفي "الحكومة اليوم في موقع يسمح لها بإجراء الاستفتاء على تقرير المصير بضمانات ديموقراطية، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية. اشتباكات وإصابات قامت الشرطة الإسبانية باقتحام مركز الاقتراع المقرر أن يصوت فيه رئيس إقليم كتالونيا كارليس بيجديمونت. وذكرت شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية وتلى ذلك اشتباكات بين قوات مكافحة الشغب والناخبين؛ حيث امتدت للعديد من مراكز الاقتراع بالإقليم، وفقًا ل"سكاي نيوز". وأدلى بوجديمونت بصوته في منطقة كورنيلا ديل تري التي تبعد 110 كيلومترات شمال شرق برشلونة بعدما منعته الشرطة من التصويت في مركز الاقتراع المسجل به في سانت جوليا دي راميس الذي قامت بمداهمته. وأدت الاشتباكات إلى سقوط 761 مصابًا وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت عمدة برشلونة أدا كولاو أن الإصابات وقعت بسبب الاشتباكات بين الشرطة الإسبانية والمشاركين في الاستفتاء أمام مراكز الاقتراع. وذكرت "سكاي نيوز" أن قوات الشرطة استخدمت الهراوات وأطلقت الرصاص المطاطي في محاولة منها لتفريق الناخبين. وأفادت تقارير إعلامية إسبانية أن الشرطة الإسبانية أطلقت الرصاص المطاطي على الناخبين ونشر جوردي جروبيرا، الباحث في جامعة برينستون، مقطع فيديو لقوات الأمن وهي تطرق الرصاص على الحشد المجتمع أمام أحد مراكز الاقتراع. من جانبها أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية أن 11 فردًا من رجال الأمن الإسباني أصيبوا خلال محاولات منع الاستفتاء الذي يجريه إقليم كتالونيا حول الاستقلال عن إسبانيا. وجاء ذلك في رسائل عبر تويتر نشرتها وزارة الداخلية. رفض العنف وأعرب العديد من المسؤولين والناشطين السياسيين عن رفضهم لتدخل الشرطة في الاستفتاء، ومن بينهم عمدة برشلونة أدا كولاو، التي كتبت على حسابها في "تويتر": "رئيسنا الجبان ملأ مدينتنا بالشرطة.. برشلونة، مدينة السلام ليست خائفة". وطالبت "كولاو" رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بالاستقالة من منصبه، ودعت الشرطة إلى التوقف عن استخدام العنف ضد الناخبين". ورغم استخدام الشرطة للعنف إلا أن الناخبين الكاتالونيين استمروا في التوافد إلى لجان الاقتراع، وفقًا لصحيفة "الجارديان البريطانية. وأعلن المتحدث باسم حكومة كتالونيا ،جوردي تورنول، في مؤتمر صحفي أن 73% من مراكز الاقتراع ،المجهزة للتصويت في الاستفتاء حول الاستقلال عن إسبانيا، مفتوحة . وأعدت السلطات في كتالونيا أكثر من 2300 مركز اقتراع لاستقبال نحو 5.3 مليون ناخب مؤهل للتصويت. موقف مدريد قال مندوب للحكومة الإسبانية في إقليم كتالونيا، إنريك ميلو، إن تدخل الشرطة كان ضروريا لوقف الاستفتاء حول الاستقلال عن إسبانيا، والذي قضت المحكمة الدستورية بحظره، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية. وأشاد وزير الداخلية الإسباني خوان إجناسيو زويدو بجهود الشرطة الإسبانية وقوات الحرس المدني في التعامل مع الناخبين، وقال زويدو في تغريدة على حسابه بموقع تويتر إن القوات تعاملت باحتراف مع الأمر. ونشر مقطع فيديو لأحد الجنود وهو يساعد رجل وابنه. وناشدت وزارة الداخلية الإسبانية المدارس التي تُقام فيها اللجان الانتخابية بإغلاقها، ومنع المواطنين من الدخول والإدلاء بأصواتهم. وكان وزير الداخلية قد قال إن الشرطة الوطنية بدأت في مصادرة صناديق الاقتراع في كتالونيا. ووصفت سورايا ساينث دي سانتاماريا، نائبة رئيس الوزراء الإسباني، إن إجراء الاستفتاء في إقليم كتالونيا حظره من قبل المحكمة الدستورية هو "مهزلة". وقالت :"ليس هناك فائدة للاستمرار في هذه المهزلة، هذا لا يؤدي إلى شيء"، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية. وقال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي: :إن إسبانيا تعد واحد من الديموقراطيات الناضجة في دول الاتحاد الأوروبي، لكنها حازمة في مواجهة أي محاولة للنيل من وحدة البلاد وفرض سيادة القانون". وأضاف: "رأينا اليوم سلوكيات ومواقف تثير أي نظام ديموقراطي، في اشارة إلى التهديدات التي تلقتاها قوات الأمن من الانفصاليين". ونفي رئيس الحكومة الإسبانية الادعاءات التي تشير إلى استخدام قوات مكافحة الشغب الإسبانية القوة المفرطة ضد سكان الاقليم، مشددًا على أن المسؤول الوحيد عن ما حدث اليوم في كاتالونيا هم أولئك الذين "عززوا انهيار الشرعية والتعايش". وأكد راخوي أنه لم يكن هناك استفتاء للانفصال في كتالونيا اليوم أصلاً، لافتًا إلى أنه على استعداد للحوار مع قادة الانفصال، حيث قال: "لقد وفينا بالتزامنا وامتثلنا للقانون، لأن الدستور يجب أن يحترم". موقف المعارضة ندد حزب العمال الاشتراكي الإسباني، وهو أقوى الأحزاب المعارضة في إسبانيا بأعمال العنف في إقليم كتالونيا، وفقًا لصحيفة "البوبليكو" الإسبانية. مناهضة الاستفتاء تظاهر عشرات الآلاف من الإسبان في شوارع مدريد والمئات في شوارع برشلونة ضد الاستفتاء، وفقًا لصحيفة "الباييس". إدانات دولية تسبب استخدام الشرطة الإسبانية للعنف ضد المشاركين في الاستفتاء إلى تعرض مدريد لإدانات دولية على مستويات رسمية وغير رسمية: رئيسة وزراء اسكتلندا أدانت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن استخدام الشرطة الإسبانية للعنف لمواجهة الناخبين، وكتبت ستيرجن على "تويتر": "بعض المشاهد في كتالونيا صباح اليوم كانت صادمة، وليس لها داعٍ بالتأكيد.. اتركوا الناس تصوّت". وتابعت: "بغض النظر عن موقفنا من الانفصال، علينا أن ندين ما يحدث، وحث إسبانيا على تغيير مسارها قبل أن يصاب أحدهم بأذى حقيقي". جوليان أسانج ندد مؤسس موقع ويكليكس الاسترالي جوليان أسانج بتعامل الحكومة الإسبانية مع المشاركين في الاستفتاء، ونشر أسانج صورة تُظهر مدى وحشية الشرطة في التعامل مع المواطنين، وكتب مُعلقا: "هذه هي الدولة الإسبانية الحقيقية، ولهذا السبب ترغب كتالونيا في الانفصال عنها". وأعاد أسانج نشر مقطع فيديو للمظاهرات التي قام بها الإسبان والكتالونيون للتنديد بعنف الشرطة تجاه المواطنين. وكتب في تغريدة أخرى بتويتر مُخاطبا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر:"عزيزي يونكر، هل هذا احترام لكرامة الانسان، الحرية، والديمقراطية؟ فعّل المادة 7، وعلق عضوية إسبانيا في الاتحاد الأوروبي لانتهاكها للمادة الثانية". مسؤولة إسرائيلية أعربت كسينيا سفيتلوفا نائبة في البرلمان الإسرائيلي عن صدمتها جراء استخدام الشرطة للرصاص المطاطي ضد الحشود غير المُسلحة، التي توجهت للجان الاقتراع من أجل الادلاء بأصواته. وأضافت: "إن الرصاص المستخدم بإمكانه اختراق رأس المواطنين، مشيرة إلى أنها لم تتوقع أبدا أن ترى تصرفات مماثلة في دولة أوروبية"، مشيرة إلى أنها رأت الكثير من المصابين بالقرب من اللجان الانتخابية". مؤسسة أوروبية قال رافائيل ريبو، أمين عام "مؤسسة المظالم" بجهة كتالونيا أنه سيشكو الحكومة الإسبانية للسلطات الأوروبية، والتي من بينها المجلس الأوروبي، بحسب ما جاء في وكالة الأسوشيتيد برس الإخبارية. وقال ريبو إن القوات الحكومية تعاملت بطريقة غير ملائمة وعنيفة مع المواطنين. نائب رئيس البرلمان الأوروبي انتقد نائب رئيس البرلمان الأوروبي ديمتريس بابديمولوس، ما تقوم به السلطات الإسبانية ضد سكان إقليم كتالونيا. وقال إن ممارسات رئيس الوزراء الإسباني هي "قمع سلطوي"، وذلك حسبما أشارت صحيفة "بانجورديا" الإسبانية. وكتب على "تويتر": "إن ما يحدث في إسبانيا عار على أوروبا الديموقراطية". جيرمي كوربين طالب زعيم المعارضة اليسارية فى بريطانيا جيريمى كوربين من الحكومة الإسبانية وقف العنف فى كتالونيا خلال عملية الاستفتاء. وكتب على "تويتر": "العف الشرطي ضد المواطنين فى كتالونيا أمر صادم، يجب على الحكومة الإسبانية التوقف فوراً". رئيس وزراء بلجيكا أدان رئيس وزراء بلجيكا شالز ميشيل استخدام العنف ضد المشاركين في الاستفتاء، وكتب على "توتير": "ندين كل أشكال العنف ونشدد على أهمة الحوار السياسي.. العنف ليس حلاً". سبب الأزمة وكانت الأزمة تفجرت في 6 سبتمبر الماضي بتبني برلمان كتالونيا قانونًا لتنظيم الاستفتاء رغم حظره من المحكمة الدستورية، ومضت حكومة كتالونيا في الأمر، ودعت لتنظيم الاستفتاء، رغم العديد من التحذيرات من السلطات المركزية في مدريد. كما أمرت محكمة الاستئناف بمدريد على غرار الشرطة الإقليمية والشرطة الوطنية والحرس المدني بغلق مكاتب التصويت، وهو القرار الذي لم تمتثل له السلطة المحلية في كتالونيا. ومن المعروف أن إقليم "كتالونيا" من أهم المناطق الاقتصادية بالنسبة للمملكة الإسبانية، وثاني أكبر المناطق الإسبانية من حيث عدد السكان ب 7.5 مليون نسمة، وسادس أكبر منطقة إسبانية من حيث المساحة.