بعد أيام قليلة من استفتاء اقليم كردستان على استقلاله، تشهد إسبانيا حالة من التجاذبات قبل اجراء استفتاء اقليم كتالونيا على الانفصال عن الدولة الأم، وتتزامن هذه التطورات مع مطالبات حكومة مدريد للانفصاليين باحترام الدستور. وفى السادس من سبتمبر الماضي، تبنى برلمان كتالونيا قانونا لتنظيم استفتاء حول انفصال الاقليم عن الحكومة المركزية في مدريد، والذي من المقرر تنظيمه الأحد المقبل، رغم العديد من التحذيرات من السلطات المركزية في مدريد. ومن المعروف أن إقليم "كتالونيا" يعد من أهم المناطق الاقتصادية بالنسبة للمملكة الإسبانية، وثاني أكبر المناطق الإسبانية من حيث عدد السكان ب 7.5 مليون نسمة، وسادس أكبر منطقةٍ إسبانية من حيث المساحة، لذا يجادل القوميون الكاتالونيون بأن مقاطعتهم الصناعية تدعم بقية اقتصاد إسبانيا، وأن ثقافتهم ولغتهم الفريدة تبرر قيام دولة مستقلة. "إصرار ومعارضة" في هذا الصدد، أعلن قادة الإقليم، اليوم الجمعة، اصرارهم على اجراء الاستفتاء رغم قرار المحكمة العليا الاسبانية، والذي يقضي بحظر التصويت. اعتبرت المحكمة الاستفتاء يعد انتهاك للدستور والقانون، بينما تصر الحكومة الإسبانية أن البرلمان الإسباني وحده هو الذي يمكنه أن يحدد قضايا السيادة، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الاخبارية الأمريكية. وتطفو أجواء من المواجهات بين الحكومة المركزية وقادة الانفصال، حيث أعلنت قوات الشرطة الإسبانية ضبط ما يقرب من 2 مليون صندوق اقتراع معدة للاستفتاء، بينما اتهم رئيس بلدة "إيجوالادا" الكتالونية، مارك كاستيلس، الحكومة الإسبانية بمحاولة ثني الاقليم عن اجراء الاستفتاء بالقوة، وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية الرسمية "إفي". وكانت حكومة كتالونيا، قد أعلنت الأسبوع الماضي، رفضها سيطرة وزارة الداخلية الإسبانية على قوات الأمن في الإقليم، وأكدت عدم قبول ما عدته تدخلا من الدولة، كما مدير شرطة الإقليم أبلغ أفراد الشرطة في كتالونيا بعدم الالتزام بقرار الحكومة المركزية. ويثير الاستفتاء، المقرر اجراءه في 1 أكتوبر المقبل، انقسامات كبيرة في إقليم كتالونيا البالغ عدد سكانه نحو 7.5 مليون نسمة، ويمثل نحو خمس اقتصاد إسبانيا. مخاوف مدريدية ويعد اقليم كتالونيا واحد من 17 مقاطعة إسبانية ذاتية الحكم. في حالة نجاح الإقليم في الانفصال؛ فإن هذا الأمر سينعكس بمنتهى القوة على سكان إقليم الباسك، الواقع في شمالي إسبانيا، والذي ظل الاستقلال المطلب التاريخي للقوميين هناك لقرون. وفي سياق مواز، تظاهر، الخميس، أكثر من 5 الاف شاب في مدينة بلباو، مطالبين بإجراء استفتاء مماثل لما يقوم به سكان كتالونيا، علاوة على تعالي هتافات لصالح الاستقلال وضد الدولة الإسبانية، وذلك وفقًا لما أوردته الموقع الرسمي لإقليم "الباسك". ومن ناحية أخرى، حذرت منظمة العفو الدولية، في بيان لها اليوم الجمعة، الحكومة الإسبانية من الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في برشلونة، حيث طالبت المنظمة الأممية الحكومة المركزية بالامتثال لمبادئ حرية التعبير واحترام قواعد الديموقراطية. موقف حلفاء مدريد وتخشى أوروبا وقوع إجراءات تربك الاتحاد الأوروبي بعد انفصال كتالونيا عن أسبانيا، ولذلك أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أن حكومات أوروبا تدعم وحدة وسيادة إسبانيا، بينما يواصل رئيس الإقليم تحدي التحذيرات الموجهة له من الحكومة الإسبانية، لإلغاء التصويت المقرر في الأول من أكتوبر. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن أغلب قادة أوروبا تجنبوا التعليق على الخطوة التي سيقدم عليها سكان اقليم كتالونيا، وذلك تخوفًا منهم من اثارة مناطق أخرى بالقارة بنفس الشيء على المدى القريب. من جانب آخر، دعت رئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو، أمس الخميس، الاتحاد الأوروبي للوساطة في الأزمة بين مدريد وحكومة إقليم كتالونيا التي ترغب في تنظيم استفتاء حول الاستقلال. ونددت كوالا بتصرفات الحكومة المركزية برئاسة رئيس الوزراء ماريانو راخوي، متهمة إياها بأنها فاقمت الأزمة مع حكومة إقليم كتالونيا، حسب "إفي". وفيما يخص موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية من استفتاء كتالونيا، شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن إسبانيا يجب أن تبقى موحدة، وقال: "أعتقد حقاً أن الشعب الكاتالوني سيختار البقاء في إسبانيا"، وذلك حسبما أفادت وكالة "رويترز" العالمية. وجاءت تصريحات ترامب على هامش مباحثات مشتركة مع رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، الثلاثاء الماضي، حيث شارك الزعيمان في سلسلة من الاجتماعات في البيت الأبيض لمناقشة التعاون في مكافحة الإرهاب وقضية استقلال كتالونيا.