جامعة قناة السويس تستقبل وفدًا من الإدارة المركزية لشئون الوافدين    وكيل «تعليم مطروح» يشارك تقييم مسابقة إنتاج الوسائل التعليمية المبتكرة بإدارة العلمين    "المصدرين المصريين": وضع سياسة لزيادة الإنتاج والتصدير"ضرورة" لضمان مكون دولاري متنامي    انخفاض الدولار في مصر يجبر أسعار الذهب على التراجع رغم صعودها عالميا    تعاون "التصديري للصناعات الهندسية" و"تحديث الصناعة" لتعظيم القيمة المضافة للإنتاج المحلي    "سلامتك تهمنا".. السكة الحديد تواصل عقد ندوات التوعية ضد ظاهرة المعابر غير الشرعية    الرئيس السيسي يتوجه إلى البحرين للمشاركة في القمة العربية    تصريح صادم من «نتنياهو» بشأن علاقته بأمريكا: لسنا تابعين لها    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    "موعد فتح الاستاد وطريقة دخول الجماهير".. اجتماع تنسيقي بين الزمالك وكاف قبل نهائي الكونفدرالية    البطاقة الثالثة للصعود للممتاز.. اتحاد الكرة يعلن قرعة الدورة الرباعية    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير المحررات الرسمية بالإسكندرية    محافظ بورسعيد ل"أولياء الأمور": "سلوك أبنائنا تغير بسبب عدم الذهاب للمدرسة"    انهيار جزئي بمنزل دون إصابات بسوهاج    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رحلة صعود فني عمرها 7 سنوات.. محطات للفنانة سلمى أبو ضيف    من هي الممثلة الهندية إميلي شاه؟.. تحب يسرا وشاهدت أفلام السقا    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    تعرف على تعديلات "صحة النواب" لمشروع قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لتشغيل المنشآت الصحية    بالفيديو.. الصحة تقدم نصائح ذهبية للحجاج قبل سفرهم لأداء مناسك الحج    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الإحصاء: تراجع معدل البطالة ل 6,7% خلال الربع الأول من 2024    صحة الإسماعيلية تقدم الخدمات الطبية لأهالي أبو صوير المحطة (صور)    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    مسلسل دواعي السفر الحلقة 2.. صداقة تنشأ بين أمير عيد وكامل الباشا    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    المشاط تبحث مع وزير المالية الأرميني ترتيبات الدورة السادسة من اللجنة المشتركة بين البلدين    الاتحاد الأوروبي يحذر من تقويض العلاقات مع إسرائيل حال استمرار العملية العسكرية في رفح    الأحد.. إعلان تفاصيل المهرجان الدولي للطبول بالأعلى للثقافة    23 مايو.. عرض أوبرا أورفيو ويوريديتشي على خشبة مسرح مكتبة الإسكندرية    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    وكيل «تعليم قنا»: امتحانات الرابع والخامس الابتدائي هادئة والأسئلة واضحة (صور)    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    وسيم السيسي: العلم لم يثبت كلام موسى على جبل الطور.. أو وجود يوسف في مصر    وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن انسحابه من حي الزيتون بمدينة غزة    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    ضبط 572 صنف سلع غذائية منتهية الصلاحية في الفيوم    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    إعلام فلسطيني: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    علي معلول: سنعود بنتيجة إيجابية من تونس ونحقق اللقب في القاهرة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور- 6 سنوات ودلال باقية على "عهد المسحراتي"
نشر في مصراوي يوم 05 - 06 - 2017


تصوير- محمود بكار:
للعام السادس تحل دلال عبد القادر مكان أخيها ك"مسحراتي"، طوال 30 ليلة تبقى على العهد، بأن تُحيي ذكراه بما أحبه في حياته الدنيا، تتبع نهجه، تتمسك بالفرحة التي كان يُدخلها على سكان منطقة البساتين والمعادي، تحمل صورته وروحه في نفسها، متمنية أن يكون رمضان موعدًا لقبول دعائها له كل ليلة.
لم يكن مر على وفاة شقيقها أحمد أكثر من 30 يومًا، حين هلّ شهر رمضان 2011. أخذت تراقب شارعهم الذي كان يزينه صوته في مثل ذلك الوقت، فلم تزيدها الأجواء إلا وجعًا "أول رمضان يعدي من غير مسحراتي.. مفيش حد ينده ويصحى الناس". شعرت السيدة أن فرحة الشهر انطفأت بغياب أخيها، فعكفت على استعادتها، وحلت عبد القادر "مسحراتية" في رمضان 2012.
"سحورك يا صايم وحد الدايم..اصحى يا نايم.." بصوت رخيم تجوب عبد القادر شوارع المعادي، تتبع نهج أخيها؛ ترتدي حلتها، تعلق الطبّلة المُزينة حول رقبتها، ليواكب نداؤها قرع يدها اليمني بخرطوم صغير من الجلد، وتواصل ترديد أسماء الصغار والأسر، بينما تُجوِّد في أداء أغنية "مسحراتي" الشهيرة لسيد مكاوي "الرجل تدب مطرح ما تحب وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال".
قلق انتاب عبد القادر حين عرفت قدماها الشارع لأول مرة كمسحراتي "صعب أني أنزل أعمل حاجة أخويا كان بيعملها"، غير أن تشجيع أهالي المنطقة حفزها، البعض يقول لها "كنا مفتقدين الحاج أحمد هتعوضينا غيابه"، فتجيبهم "لو الدنيا كلها سحرت مش هتعوض فراقه".
ارتبطت السيدة الأربعينية بشقيقها الكبير، إذ توفى والدها وهي بعمر 3 سنوات، ورحلت والدتها بعده بخمسة سنوات، فتكفل بها أحمد وبأخواتها الأربعة، غير أنها حفظت سيرة أبيها وأسرتها، تذكر والدها، صول قسم مصر القديمة الذي أحب التردد على الجامع ليؤذن في الناس، وفي شهر رمضان بعد عودته من عمله "وهو داخل الشارع يخبط على البيبان يصحي الناس يتسحروا وفضل يعمل كده لغاية ما مات"، ومن بعده حرص أن يفعل أخيها المحب للإنشاد والغناء.
على كرسي متحرك ظل الحاج أحمد، موظف الحي، ينادي للسحور طيلة 21 عامًا، يرافقه أخيه يدفع مقعده، صحبته عبد القادر مرة وهي ابنة 17 عامًا، لترى تمسكه بتلك المهمة، أبصرت الفوانيس المزينة لكرسيه، ارتدائه ملابس جديدة كأنها أيام عيد، غنائه المبهج، استقبال الناس له "طوب الأرض كان بيحبه ويستناه من السنة للسنة" وكذلك حاله كلما رافقته بعد زواجها وانجابها "لما كنت أحب أفرح أروح معاه".
في العام الأول لها كمسحراتي عرفت منطقة المعادي عبد القادر شكلاً "أخت فلان اللي كان بيسحر"، لكن في عامها هذا باتت مشهورة، يتحلق حولها الأطفال يرددون معها، يداعبها البعض "خلاص بقيتي تطلعي في التليفزيون ومحدش هيعرف يكلمك" تبتسم السيدة الأربعينية، بينما تقول "أنا بدخل التليفزيون وبخرج مسحراتية".
اعتادت عبد القادر الكاميرات؛ يطالبها أحدهم بالتقاط صورة معها لنشرها على فيسبوك، خلاف العدسات المحترفة، فيما تستعيد أمنية شقيقها "كان يقول لي ياما نفسى حد يصورني ويوصل صورتي للمسؤولين عشان أجيب كرسي بالكهرباء واتحرك عليه أحسن"، تضحك السيدة بغصة بينما تشعر أنها حققت بالحديث عنه شيء مما رغب فيه حتى مماته.
من منتصف الليل وحتى قبيل الفجر تواصل المسحراتية النداء، يصيبها الاجهاد بعد يومين أو ثلاثة، تواصل السعال، تتذكر مداعبتها لأخيها كلما رأته مبحوح الصوت "تعبان من إيه ده أنت بتنادي أسامي وخلاص"، مرض الحاج أحمد بالرئة لكنه ما تخلف عن ميعاده السنوي "كان يقول لي محبة الناس وأنك ترسمي ابتسامة على وش حد بالدنيا".
عارضت أسرة عبد القادر قيامها بدور المسحراتي، خوفًا على صحتها، لكنها لم تمنعها، تخبرهم أن "التعب ده على قلبي زي العسل"، تتذكر تحية النساء لها من الشرفات، مشاركتها السحور مع أهالي المنطقة، مَن تتقدم لها بقطعة حلوي "دوقي حتة الكنافة دي يا أم عاطف"، وصغيرة مثل "ساندي" تأتيها بكوب زبادي قائلة "الفجر هيأذن الحقي اتسحري يا طنط" وغيرها من مواقف تنسيها أي شيء خلاف بهجة ما تفعل.
لم تكن مهمة المسحراتي يسيرة، في منتصف أول رمضان لها مع "التسحير"، مرت إحدى السيارات، رمق صاحبها عبد القادر بنظرة قاسية كما تصف، قال لها مستهزئًا "بتسحري إيه أنت وإيه الطبلة دي"، عزّ على السيدة نفسها، بكت بينما كانت تمر بأحد المساجد، خرج إمامها، طيّب خاطرها قائلا "متزعليش نفسك أنت بتفرحي الناس وبتحي سنة التذكير" حينها زال عن عبد القادر الحزن، وعاهدت نفسها "هفضل أعمل كل شيء كان بيحبه أخويا".
تغادر عبد القادر منزلها كل ليلة، تترك هموم الدنيا، وتذهب مبتسمة إلى الطرقات، تنتشي بإجادتها الأناشيد وحسن النداء، فيما لا تغادرها صورة شقيقها "بيبقى معايا طول رمضان زي ما بشوف عيل من عيالي..يخلص العيد مشفهوش"، تخونها دموعها بينما تتذكر انقضاء أيام الشهر الكريم، ومعها طيف أخيها "الحاج أحمد" الذي تسعد أن البعض ممن عاهدوه ينادونها باسمه، تتمنى ألا تنقطع سيرتها مثله، فلا ترحل إلا بعدما تترك فيض من الود موصول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.