كوريا الجنوبية نحو المجهول بعد عزل أول رئيسة منتخبة.. ماذا حدث؟

تشهد كوريا الجنوبية حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي بعد قرار المحكمة الدستورية، اليوم الجمعة، بتأييد القرار البرلماني الذي يقضي بعزل الرئيسة بارك غيون لتورطها في فضائح فساد، وبذلك تصبح بارك أول رئيسة للبلاد منتخبة ديمقراطياً يتم عزلها بعد تأييد القضاء.
ما هي معطيات القرار؟
أشار الحكم - الذي أصدرته هيئة المحكمة بالإجماع بعضوية 8 من القضاة- إساءة استخدام بارك لمنصبها الرئاسي وسلطتها وانتهاكها للقانون عن طريق إفشاء الأسرار الرسمية، إضافة إلى وصف أفعال بارك بأنها خيانة لثقة الشعب.
وأوضح المتحدث باسم المحكمة أنه "في تأييد قرار البرلمان بإقالة الرئيسة، فسيتم عزلها من منصبها بشكل نهائي، وبناء عليه سيتم إجراء انتخابات رئاسية بالبلاد في غضون 60 يوما من تاريخ صدور الحكم"، مضيفاً أن القرار جاء من أجل حماية الدستور، حسبما ذكرت وكالة يونهاب الرسمية الكورية.
كيف دخلت سيول إلى نفق الأزمة الراهنة؟
تعيش العاصمة سيول أزمة سياسية طاحنة بعد توجيه اتهامات ل "بارك" بالتآمر مع صديقتها "تشوى سون سيل" ومستشار رئاسي سابق بالضغط على شركات للتبرع لمؤسستين أقيمتا لدعم مبادراتها السياسية، وهي أيضًا متهمة بطلب رشاوى من رئيس مجموعة سامسونج في مقابل دعم الحكومة لدمج شركتين تابعتين لسامسونج فى 2015، ولكن نفت "بارك" الاتهامات السابقة، ولم تمثل أمام المحكمة، وفقا لما صرحت به وكالة "رويترز" الإخبارية.
ومن المعروف أن بارك هوانج كيو -رئيس الوزراء- يعد الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية منذ أواخر العام الماضي وسيظل في منصبه حتى إجراء الانتخابات بعد وقف بارك عن أداء مهامها الرئاسية نتيجة لقرار البرلمان برفع الحصانة عن الرئيسة بارك لإخضاعها للمسائلة المباشرة، بالإضافة إلى تجريدها من صلاحيتها حتى تقضي المحكمة الدستورية بقرارها النهائي.
وذكرت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية أن بارك -بعد الحكم الصادر ضدها اليوم- فقدت معاشا شهريا للرؤساء السابقين يقدر بحوالي 10 آلاف دولار أمريكي، بالإضافة إلى مكتب توفره الدولة ورعاية صحية وخدمات اتصالات مجانية وغيرها من الخدمات، وذلك وفق القوانين بالبلاد، مضيفة أنه من المتوقع أن تفقد بارك حصانتها الرئاسية من الملاحقة القضائية، في قضيتين مرتبطتين بالفساد، مما يشير إلى إمكانية التحقيق معها وقد تواجه عقوبات قانونية صارمة.
ما الذي ترتب على عزل "بارك"؟
من جانب آخر، نقلت وكالة "يونهاب" الرسمية الكورية أن العاصمة الكورية الجنوبية تشهد، اليوم الجمعة، عدة تظاهرات واشتباكات بين المؤيدين لقرار العزل وأنصار الرئيسة المعزولة، حيث تجمع مئات المتظاهرين من أنصار بارك ومعارضيها عند مبنى المحكمة، فيما تشهد شوارع العاصمة سيول مظاهرات حاشدة، على خلفية القرار.
وأسفرت الاشتباكات مع قوات الشرطة عن مقتل شخصين اثنين وإصابة 30 آخرين، وفقاً لوكالة "يونهاب" الرسمية الكورية.
ما هو الموقف الرسمي لما يحدث ؟
طالب رئيس الوزراء هوانج كيو-آن ،الرئيس المؤقت، اليوم الجمعة مؤيدي ومعارضي الرئيسة المقالة بارك جيون - هاي إلى قبول قرار المحكمة الدستورية، داعياً الجميع إلى الكف عن التظاهرات، وذلك عبر خطاب متلفز نقلته شبكة "أيه بي سي" الأمريكية.
وقالت شبكة "بي بي سي" الإخبارية إن بارك لم تترك حتى الآن القصر الأزرق في الوقت الذي يجهز مساعدوها التدابير اللازمة لإعادتها إلى منزلها الخاص في جنوب سيول، بحسب بيان للبيت الأزرق، كما أنها لن تلقي بارك أي خطابات اليوم.
ما هي ملامح العلاقات مع الصين وكوريا الشمالية بعد عزل "بارك"؟
أفصحت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الفراغ السياسي الذي تعيشه سيول سيؤدي حتماً إلى بداية صفحة جديدة في علاقتها مع الصين وكوريا الشمالية، منوهة إلى أن واشنطن لا تحبذ وجود حليف لها يتسم نظامه السياسي بعدم الاستقرار.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون" سيقوم بجولة الأسبوع القادم في منطقة شمال شرق آسيا، تشمل كلا من كوريا الجنوبية واليابان والصين، مشيرة إلى أنه يتطلع إلى معرفة أبرز المرشحين لمقعد الرئيس فى كوريا الجنوبية.