حالة من الترقب ما زالت تؤثر على أسواق الأسماك بالدقهلية، بعد مرور أسبوعين على أزمة نفوق أسماك ترعة الساحل بطلخا، نهاية يناير الماضي، ما تسببت في خسائر مادية لبعض البائعين، بعد أنة دفعت تلك الأزمة الكثير من المواطنين إلى الإحجام عن شراء الأسماك. يقول سامي خضر، موظف، إنه منذ ظهور الأزمة وحتى الآن لم يفكر في شراء أسماك، خوفًا على أسرته، بعد انتشار أقاويل أن تلك الأسماك تباع في الأسواق. ويضيف أن تأخر إعلان المسؤولين أو اللجنة التي شكلها المحافظ عن الأسباب الحقيقة للنفوق، جعلنا نشعر بوجود أسباب غير طبيعية داخل المياه تسببت في نفوق الأسم سميرة إسماعيل، ربة منزل، تعتقد أن مياه النيل وجميع الترعة ملوثة وتحوي موادًا تؤثر على صحة الإنسان، لكنها تتبع مقولة "المصري معدته تهضم الزلط"، موضحة أنها لم تمتنع عن شراء الأسماك. خسائر فادحة أما سعد الشامي، بائع سمك بمدينة طلخا، يقول إنه تعرض لخسائر مادية بسبب تلك الأزمة، ففور الإعلان عن وجود أسماك نافقة، أحجم المواطنون عن شراء الأسماك البلطي، مشيرًا إلى أن الوضع ما زال متأزمًا، فالبعض لم يكترث بالأمر، وآخروناحجموا نهائيًا. وفي الوقت نفسه يقول أحمد رعب، رئيس الغرفة التجارية بالدقهلية، إن الغرفة لم تتلق أية شكاوى من تجار الأسماك بخصوص إضطراب حركة البيع والشراء، مشيرًا إلى أن أزمة ترعة الساحل لم تؤثر على حركة البيع والشراء، بسبب قلة كمية الأسماك النافقة والتي لم تتجاوز 50 كيلوجرامًا. الأزمة جاءت في البداية بانتشار خبر نفوق كميات من الأسماك تتراوح بين 40 إلى 50 كيلوجرامًا داخل الترعة، ليتبادر إلى الأذهان تكرار واقعة نفوق أسماك محافظتي البحيرة وكفر الشيخ، لكن الوضع هذه المرة اختلف، إذ تنحصر الكارثة داخل الترعة دون أن تمر لنهر النيل. أحد الصيادين، رفض ذكر اسمه، يقول إنه من الممكن استخدام مواد غير طبيعية في الصيد، عبارة عن "بودرة" تلقى في المياه، تتسبب في نفوق الأسماك على سطح البحر، وبالتالي يسهل على الصياد جمعها في الشبكة. ويؤكد أن قلة من الصيادين معدومي الضمير هم من يستخدمون تلك المادة، وأن أزمة ترعة الساحل متمثلة في التلوث وليس شيء آخر. تسرب الصرف الصحي وتمتد ترعة الساحل من قرية الراهبين بسمنود حتى محافظة دمياط، بطول يقارب 20 كيلومترًا. وفي وقت سابق شهدت الترعة أيضًا تسرب مياه الصرف الصحي من مصرف قرية جوجر، الذي يمر أسفل الترعة من خلال "صحارة"، وتسبب انسداد تلك الصحارة في تسرب الصرف واختلاطه بمياه الترعة، وتدخلت شركة مياه الشرب وتمكنت من إزالت تأثير التسريب السدة الشتوية وفور حدوث السدة الشتوية امتدت أصابع الاتهام إلى "السدة الشتوية" السنوية، وهي الفترة التي تغلق فيها الترع المعدة للري لمدة لا تتجاوز أربعين يومًا، وتكون كميات المياه بها قليلة وقد تصل إلى أن حد الجفاف. ورجحت آراء أكثر المسؤولين أن "السدة الشتوية" أحد الأسباب المؤدية لنفوق الأسماك، نظرًا لانخفاض منسوب المياه بها. يقول المهندس عزت الصياد، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالدقهلية، إن الترعة لا تعاني من التلوث مثلما يقال، لكن السبب الظاهري قد يرجع إلى السدة الشتوية ونقص المياه في الترعة وظهور تأثير الأمونيا. وعلى النقيض يرى الدكتور محمد السعيد، أستاذ علم الحيوان بكلية العلوم جامعة المنصورة، أن السدة أمر طبيعي يحدث سنويًا لا يمكن أن يؤثر على الأسماك، والحديث عن تسببها في النفوق غير منطقي وإلا تكرر حدوث ذلك مع موعد "السدة الشتوية" كل عام. تلوث الترعة المهندس جمال الشيمي، وكيل وزارة الري، يستبعد أن تكون مياه الترعة ملوثة، مرجعًا ذلك إلى وجود خطة تطهير شهرية، لإزالة الحشائش ومخلفات الأشجار، ومسح المجرى المائي. ويضيف أن فكرة نفوق الأسماك بسبب الصرف، أو السدة الشتوية، أمر مستبعد لأن الكميات النافقة وجدت أمام كوبري طلخا تحديدًا عند الكيلو 19 ونصف، وعلى مسافة 400 متر وجدت أسماك أخرى حية. ويوضح الشيمي، أنه فور تسرب مياه بيار صرف أسفل الترعة، بسبب ثقب في الماسورة، أجري ترميمًا للفجوة، وقرر رئيس شرك المياه، اتخاذ إجراءات نقل البيار لمكان آخر، لكنه لم ينفذ بعد. ويتابع وكيل وزارة الري، أنه على بعد 300 متر من مكان الحادث يمارس عدد من الصيادين عملهم بصورة طبيعية، ومن المرجح أن يكونوا ألقوا مواد مضرة داخل المياه، تسببت في نفوق تلك الكمية، قائلًا "لو المياه كلها مش صالحة، كان السمك كلو مات، ولو كان صرف فمن الأولى إن السمك يموت تحت البيارات. لجنة لبحث الأزمة وشكلت محافظة الدقهلية لجنة ضمت وكيل وزارة الري، وجهاز شؤون البيئة، ومديرية الصحة، وشرطة المسطحات المائية، ورئاسة مركز ومدينة طلخا، ومديرية الطب البيطري، والإدارة الصحية بطلخا، ومباحث التموين، ومركز شرطة طلخا، ومكتب مراقبة الأغذية، والإدارة الزراعية، وإدارة الثروة السمكية، وشركة مياه الشرب والصرف الصحي، لبحث أسباب نفوق الأسماك. وبحسب مصدر بالصحة، فضل عدم ذكر اسمه، فإن اللجنة المشكلة لبحث أسباب الأزمة انتهت، أول أمس السبت، من جميع التحاليل الخاصة بالأزمة، بينما تسود حالة من التكتم الشديدة حول أسباب نفوق الأسماك، إذ رفضت مديرية الصحة التعليق أو الإفصاح عن نتائج اللجنة. أسباب تؤدي لنفوق الأسماك محمد السعيد، أستاذ علم الحيوان بكلية العلوم جامعة المنصورة، يقول إن الأسباب التي قد تؤدي إلى نفوق الأسماك، احتواء المياه على عناصر ثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والزئبق، وهي أمور قد تؤدي إلى تغير صفات المياه، وهو ما يؤدي بدوره إلى نفوق الأسماك، كما يؤدي نقص الأكسجين لنفس الكارثة. وتخزن الأسماك تلك الملوثات داخل الخياشيم أو أعضائها الداخلية، وبالتالي فإن نسبة تأثيرها على صحة الإنسان تكون أكبر، لأنها تختزل السموم داخلها. ويقول الدكتور مصطفى الزيات، عضو وحدة الهندسة الوراثية بكلية العلوم جامعة المنصورة، إن هناك نسب معينة للعناصر الثقيلة داخل المياه، إذا زادت عن هذا الحد تؤدي إلى نفوق الأسماك، موضحًا أن العناصر الثقيلة تنتج من وجود مصارف قريبة من الترع تلقي مخلفاتها داخلها سواء كان صرف زراعي أو صناعي.