تصاعد الجدل المجتمعي في الأونة الأخيرة حول قانون الإيجارات القديمة، وظهرت محاولات عديدة لاستقطاب أعضاء مجلس النواب واللجوء إليهم لطرح القضية للمطالبة بتعديل القانون بما يتوافق مع مصالح المواطنين المتضررين من القانون الذي أضاع عليهم حقهم في ملكيات قديمة فقد ورثتها الأمل في الانتفاع منها يومًا ما. وكان عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، أشار في تصريحات صحفية متعددة إلى أن إجمالي الوحدات السكنية المؤجرة في مصر بقانون الإيجار القديم تبلغ 8 ملايين وحدة سكنية، من بينها مليون وحدة مغلقة لضآلة قيمتها الإيجارية. وأشار حجازي إلى أن المطالبين بتعديل القانون إلى قائمة طويلة من أصحاب السلطة والمشاهير من المنتفعين بعقارات في مناطق راقية بنظام الإيجار القديم على مدار العقود السابقة، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي أشاروا إلى إمتلاكه شقة 300 متر بالدور الثالث في العقار رقم 7 بميدان الحجاز، بقيمة إيجارية 38 جنيهًا، وكذلك وزير التعليم الأسبق، حسين كامل بهاء الدين، الذي يدفع 28 جنيهًا قيمة إيجارية لشقته رقم 44 بالقصر العيني، وغيرهم من رجال الأعمال والمشاهير، وهو ما اعتبروه سببًا في تأخير تعديل القانون حتى اليوم. وفي بني سويف بدأ أصحاب العقارات المؤجرة بنظام الإيجار القديم وورثتها في إرسال مناشداتهم إلى أعضاء مجلس النواب، إلا أن الأمر لم يؤتي ثماره حتى الآن ولم يرد أي من النواب بشأن هذه المناشدات، على حد تعبير أحمد أبو سريع، موظف بالسكة الحديد وصاحب العقار رقم 28 بشارع جمال عبد الناصر في مدينة الواسطى. ويواصل أبو سريع شكواه ل"ولاد البلد" قائلًا أنه يتعجب من تعارض قانون الإيجارات القديمة مع الدستور، فيما تبقى 5 مليون وحدة سكنيه؛ منهم 2 مليون وحدة مغلقة، بقيمة إيجارية ما بين (3، و5، 8، و10 جنيهات)، ويظل قانون الإيجار القديم رقم 49 لسنة1977 وكذلك رقم 136 لسنة 1981 بمثابة إخلالًا بمبدا المساواة والعدل وتكافؤ الفرص والحقوق بين المواطنين، التي أقرها الدستور المصري في 2014. ويطالب أحمد أعضاء مجلس النواب بضرورة العمل إقرار قانون إيجار جديد آخر ينظم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، ويفتح الطريق أمام رفع القيمة الإيجارية وإقامة المساواة بين طرفي العلاقة دون التعرض لامتداد القانون لعقد الإيجار، مشددًا على ضرورة استبعاد أعضاء المجلس المنتفعين من عقارات بقيمة إيجارية قديمة عن مناقشة القانون. ويعبر محمد علي حمدون، مدرس، عن رفضه لقانون الإيجارات الجديدة التي أصبحت سببًا في تشتيت الشباب وتعطي صاحب الملك الحق في إذلال المستأجرين، ولكنه في نفس الوقت يرفض قانون الإيجارات القديمة الذي لا ينصف صاحب المالك، مطالبًا بضرورة العمل على إخراج قانون عادل، مقترحًا أن تكون الزيادة كل 5 سنوات بنسبة محددة تقابل نسبة التضخم، عملًا على خلق الاستقرار للشباب الذي ينتقل كل 3 سنوات لشقة جديدة. وأشار أحمد أبو طالب، صاحب أحد العقارات، إلى أن المشكلة لا تتعلق بالشقق السكنية وحدها، ولكنها تمتد إلى المحلات التي لا ينتفع منها ملاكها الأصليين بأي مقابل حقيقي، بل تكون أثمانًا بخسة، تحرم المالك من حقه في قوته. بينما تمنى خالد ياقوت، صاحب عقار بالنظام الإيجاري القديم، أن يتم إقرار قانون جديد على غرار قانون الأراضي الزراعية التي سلمها المستأجرين لأصحابها. وفي 9 يناير الحالي أصدر هاني يونس، المتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان، بيانًا قال فيه إن أولويات الوزارة حاليًا هي العمل على تعديل قانون الإيجار القديم، حيث أن الوزارة انتهت من إعداد مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، وتقديمه إلى مجلس النواب لمناقشته والتصديق عليه. وكان الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، أبرز من تناولوا موضوع الإيجارات القديمة من ناحية الشرع، حيث أشار في فتواه إلى أن عقد الإيجار لابد أن يكون محدد القيمة والوقت والمنفعة حسب الشريعة الإسلامية، وإذا خلا العقد من ذلك كان غير صحيح شرعًا، وعقد الإيجار الذي يمتد تلقائيًا رغمًا عن إرادة المالك يعد عقدًا باطلًا لعدم توافر الرضا من أحد الطرفين.