عقارب الساعة تشير إلى الثامنة و50 دقيقة صباحًا، كانت الأمور تجرى بصورة طبيعية في الإسكندرية. طقس شتوى معتاد في مثل هذا الوقت من العام، وآثار محدودة لأمطار هطلت على المدينة منتصف الليل. ثوان قليلة، وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، أمطار غزيرة وسيول وثلوج انهالت لمدة 60 دقيقة دون انقطاع، في مشهد لم يشهده الإسكندرانية من قبل، ليبدأ الفصل الأول للكارثة. شلل تام أصاب شوارع عروس المتوسط، آلاف السيارات توقفت على طريق الكورنيش لا تجد مفر للهرب، والمياه تتدفق من السماء والشوارع الجانبية دون انقطاع، لتحول الكورنيش الذى طالما تباهى به أهالى المدينة الساحلية لمقبرة للسيارات. مشهد الكورنيش امتد لباقي الشوارع والطرقات وصولاً للمحال والمنازل وحتى المستشفيات لتغرقها جميعها في مياه الأمطار التي اختلطت بالصرف، بعد أن فشلت البالوعات في استيعابها. "سجل الأزمات" وبمرور الوقت استيقظ مسئولو الإسكندرية من نومهم العميق، لتبدأ مرحلة تبادل الاتهامات حول المسؤول عن الكارثة التي كشفت المستور، لتضاف إلى سجل أزمات المحافظة إلى جانب العقارات المخالفة وانتشار القمامة. هاني المسيري، محافظ الإسكندرية اكتفى برفع درجة الإستعداد القصوى بجميع الإدارات والمديريات، قائلاً: "نبذل قصارى جهدنا لمواجهة الكارثة البيئية التي ضربت البلاد"، وطلب الاستعانة بالدفاع المدني في البحيرة إلا أن المحافظة اعتذرت لتعرضها للمشكلة نفسها. وألقى المحافظ بالمسؤولية على رئيس الوزراء بقوله: "عرضت على المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء خلال زيارته الأخيرة للإسكندرية مشكلة الصرف الصحي والتي تحتاج إلى مبلغ 75 مليون جنيه لإصلاح المحطات المختلفة ولكنه رد بتوفير الاعتمادات المالية العام المقبل". "موجة الغضب" تصريحات المسيري زادت غضب الشارع السكندري، الذي طالب بإقالته بعد أن فشل الأهالي في الوصول إلى أعمالهم، وخلع بعضهم أحذيتهم ليتمكنوا من السير في الشوارع والعودة إلى منازلهم. ومع استمرار عجز المحافظة عن التعامل مع أسوأ موجة طقس سيىء تضرب المدينة، تصاعد غضب المواطنين، ليقوموا بمحاولة الاعتداء على المحافظ أثناء تفقده آثار النوة بمنطقة بولكلى شرقي الإسكندرية. وبتوقف الأمطار والتحسن النسبى فى حالة الطقس، بدأت المرحلة الأكثر ألما وحزنا لحصر الخسائر فى الأرواح والممتلكات، حيث أعلنت مديرية الصحة بالمحافظة، عن سقوط 5 وفيات وإصابة آخر بسبب موجة الطقس السيىء. وتصدر قائمة الضحايا الطفلين على خالد على "8 سنوات"، وشقيقه أحمد "4 سنوات"، وإسلام باهر متولى" 29 سنة"، بعد أن لقوا حتفهم آثر سقوط كابل كهربائى خاص بالترام عليهم بمنطقة محرم بك. وفي منطقة المندرة كانت المأساة حيث لقى قبطان مصرعه بعد أن حاصرت مياه الأمطار سيارته، فضلا عن مصرع شاب سقط فى حفرة بمنطقة المنشية وصعقه التيار الكهربائى. "طرائف في عز الأزمة" ومع تراكم مياه الأمطار وارتفاعها لأكثر من متر فى شوارع المدينة، لحقت خسائر مادية فادحة بالمواطنين، بعد غرق مئات السيارات داخل الجراجات والشوارع والأنفاق، ووصولها للمنازل والمحلات ومدرجات الجامعة. ووسط حال الغضب والحزن، لم تخلو تفاصيل الأزمة من المواقف الطريفة، حيث قام مواطن بإستغلال الموقف عملا بمبدأ"الرزق يحب الخفية" وقام بحمل المواطنين على ظهره لينقلهم بين الشوارع المليئة بمياه الأمطار مقابل جنيه للفرد الواحد. والتقط مواطنون صورا لمجموعة من البط تعوم فى الشوارع بمنطقة دربالة بحى المنتزه، بينما لجأ مواطنو منطقة بحرى لإستخدام مراكب الصيد فى تنقلاتهم بالشوارع التى تحولت لبرك ومستنقعات. وعقب اتصال من الرئيس عبد الفتاح السيسى، للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء ينتظر الإسكندرية رئيس الحكومة الذى قرر زيارة المدينة للوقوف على تفاصيل الأزمة، بمطلب وحيد وهو إقالة المحافظ.