"كونوا بسطاء كالحمام، حكماء كالحيّات".. حكمة تؤمن بها إيفا هابيل كيرلس، عمدة قرية "كمبوها" التابعة لمركز ديروط، وتحاول تطبيقها فى حياتها العملية. تري العمدة إيفا فى حوارها ل " ولاد البلد" أن ثورة 25 يناير عبارة عن مظاهرات ضد ممارسات بعض أفراد الشرطة، أسفرت عن جلب نظام الإخوان الذي عانينا منه طيلة عام مضى، بينما ترى أن ثورة 30 يونيو انفراجة من الله... وإلى نص الحوار: كيف تم اختيارك لشغل هذا المنصب؟ * قدمت أوراق ترشحي لمديرية أمن أسيوط فى 2006، مثل غيري من المرشحين، وقتها قال لي -الموظف المختص الذي كنا نقوم بسحب ملفات الترشح من عنده- : "لازم يجيي المرشح بنفسه لاستلام الورق"، فرددت عليه: "يعني مينفعشي تكون مرشحة؟!".. وابتسم وأعطانى أوراق الترشح، وكان ينافسني على المنصب 5 رجال. هل وجودك فى الحزب الوطنى ساعدك على الفوز بالمنصب؟ * بلا شك، لأنه في هذا الوقت كان هناك اتجاه داخل الحزب الوطني لتمكين المرأة، وكانت المرأة بدأت تأخذ خطوات إيجابية في الحياة السياسية، وهو ما جعلنى أقدم على هذه الخطوة، وكنت دائما أسأل نفسي هل أنا أقل من الرجل؟ كما شجعنى على خوض غمار التجربة مواطنون من القرية طالبونى بالترشح خلفًا لوالدي. هل ساهم المؤتمر السنوي للحزب الوطني فى 2008 فى تقلدك للمنصب، خاصة بعد الكلمة التى ألقيتيها أمام الرئيس الأسبق مبارك؟ * بالطبع، لأن وزير الداخلية حبيب العادلى كان وقتها جالسًا وسط الحضور، واستمع إلى كلمتى، وهو رجل أتمنى أن تثبت براءته لأنه كان رجلاً وطنيًا، وبعد المؤتمر بأيام صدر قرار تعييني عمدة للقرية، وأذكر أنه بعد الكلمة التى ألقيتها فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر سلّم على الرئيس وقال لى: "ازيك يا عمدة"، فرددت عليه قائلة: "كلام الملوك لا يرد يا ريس". هل كان لقرينة الرئيس الأسبق مبارك دورا فى تعيينك؟ * للأمانة بشكل مباشر لا أعرف، لكن كانت دائمًا تدعو لتمكين المرأة، ودعمها فى المناصب القيادية، كما أننا لم نجلس معًا بمفردنا مطلقًا. كيف استقبلتي نبأ تنصيبك عمدة للقرية؟ * الحقيقة اعتبرته هدية لأبي وأمى، ووقتها كنت بمفردي فى المنزل، ووجهت وقتها رسالة لوالدي مفادها: "أنا بقيت عمدة يا حلو"، لأننى كنت أحيانًا أقول له وهو حي "مش جايز أبقى أنا العمدة يا حضرة العمدة"، وكان ينظر إلىّ ويضحك، وكنت وقتها أشعر بأنه يقول لى: "أنت مخك رايح لغاية فين؟". كيف استقبل أهالي القرية هذا الخبر؟ * كان فيه ناس سعيدة جدًا بذلك، وبدأت استقبل المهنئين، لكن على النقيض كان فيه ناس حزينة خاصة بعض المرشحين للمنصب. هل كنت متخوفة عند توليك المنصب؟ * لم أتخوف على الإطلاق، لأننى كنت أجلس مع والدي العمدة، وهو يمارس دوره، إلى جانب ذلك ساعدت عضويتي فى المجلس المحلي، وممارستي لمهنة المحاماة فى إكسابى صفات الإقدام والشجاعة، وهذا ما جعلنى مثل الفلاح المصري يزرع ويؤدي ما عليه، وينتظر نتيجة عمله. كيف كان أول يوم في المنصب؟ * كنت أقابل المهنئين وأرد على وسائل الإعلام المختلفة، خاصة أننى كنت أول امرأة مسيحية تشغل منصب العمدية. هل تشعرين أنك قمت بمهام العمدة على أكمل وجه، أم أن الأهالي كانوا يستثنونك في بعض لأنك امرأة؟ * أنا أعتقد أننى قمت بهذا الدور بشكل يرضيني كإنسانة، وأديّته بأمانة لقريتي ولوزارة الداخلية، أما بالنسبة لموضوع الأهالى فكان يتعاملون معى -كما كانوا يتعاملون مع الوالد- مع فارق الرؤى والأفكار الخاصة بكلينا، لأنهم كانوا يتعاملون معه كوالد، بينما كانوا يتعاملون معى كشقيقة لهم، وناصحة بحكم خبرتي القانونية. ما هى أغرب مشكلة واجهتك؟ وكيف تعاملتي معها؟ * بشكل عام القرية ليس لديها مشكلات قوية أو غريبة، لكن في إحدى المرات سرق أحد الغرباء عن القرية موتوسيكل، رغم عدم احتياجه للمال، لأنه ميسور الحال، وقمت بحل المشكلة من خلال الاتصال بوالده، الذي لم يكن موجودًا، وسلّمته وقتها للشرطة، ووضعته تحت المراقبة دون أن يتعرض له أحد بأذى، وتابعت المسألة، لمعرفة أبعاد قيامه بهذا الأمر، واكتشفت بعدها أن هناك من زج به للقيام بهذا الأمر. ما العقبات والمشكلات التى واجهتك في الأيام لك في العمدية؟ * مسألة الظهور الإعلامي الكثيف، لكن لا أتذكر أنه واجهتني مشكلة ما لم أقم بحلها، والحمد لله. كم عمرك كان وقت تقلد منصب العُمدية؟ * 53 عامًا. هل ما زلت في منصب العُمدية؟ * لا، لأنه صدر قرار بتعييني فى مجلس الشوري عام 2010، وبالتالى لا يجوز الجمع بين العمل التنفيذي والتشريعي، لكن بسبب عدم وجود عمدة فى هذه الفترة وحتي 2013، كنت أقوم بدور العمدة بالقرية. 10. - اعطينا نبذة عن القرية مثل عدد سكانها وعاداتها وتقاليدها المميزة والحرف والأراضي الزراعية؟ القرية تضم 12 ألف نسمة، يعمل غالبية أهلها بتربية الثروة الداجنة والزراعة مثل زراعة الذرة الشامية والقمح والبرسيم، وأهم العادات التى افتقدتها القرية هى غياب التقدير بين الأهالى، فأصبحنا نرى أن هناك أحد المواطنين يقيم عرسًا إلى جوار جاره الذي يقيم سرادق عزاء. فى حالة العزاء هل كنت تدخلين المكان المخصص للسيدات أم تؤدين واجب العزاء فى سرادق الرجال؟ * أنا عمدة امرأة، وأقوم بتقديم العزاء للنساء، ووالدي عندما كان عمدة كان يؤدي واجب العزاء للرجال. هل كنت تساعدين والدك في أعماله، قبل أن تتولي المنصب؟ * كنت أجلس معه وأسمعه لأتعرف على كيفية حله للمشكلات، لكنى لا أساعده فى حل المشكلات التى يعرضها عليه أهالى القرية، وأحيانًا كان يكلفنى بتفقد واقعة بعينها فى حال تعبه، لنقلها إليه، كأنه موجود. * هل كان لك اهتمامات سياسية؟ * نعم، انضممت للحزب الوطني عام 1994، ثم تقلدت منصب أمينة المرأة بالقرية، وبعدها ترشحت لعضوية مجلس محلي مركز ديروط، وحصلت وقتها على أعلى الأصوات، وذلك لمدة دورتين متتاليتين، ثم ترشحت لعضوية مجلس محلى المحافظة عن الحزب الوطني وفزت به، وفى هذا الوقت كانت أمينة المرأة بالحزب قد توفيت، فتم تكليفى بالقيام بأعمال أمينة المرأة بالمركز، ثم تقدمت فى 2006 لمنصب العمدة، وفى 2010 أصبحت عضوة بمجلس الشوري بالتعيين. ما الذي ورثتيه من والدك وتأثرتي به؟ ورثت منه الأمانة فى الكلمة، وحبه لقريته بشكل كبير، والحيادية المطلقة. ماذا تريدي أن تقولي للمرأة المصرية؟ * "أوعى حد يضحك عليك، ويقولك إنك ضعيفة، أنت جُبلتى كما جُبل آدم، صدقي أنك ليس أقل من آدم فى شيئ، وربنا أعطاكي نفس القدرات العقلية والذهنية التي أعطاها لآدم، لأنك خلقت من ضلع منه، وأن المسألة تنظيمة.. آدم رقم واحد، وحواء رقم اثنين، وهذا لا يضيف لآدم ولا يقلل من حواء". كنت عضوة مجلس محلى محافظة أسيوط، هل ستخوضين الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ * الحقيقة لم أنضم لأي حزب من الأحزاب الموجودة على الساحة، لكن هناك نية لذلك بشرط وجود ائتلاف قوي لأخوض الانتخابات على مقعد المرأة. ما رأيك فى ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو؟ * بالنسبة ل25 يناير لا أعتبرها ثورة، لكني أعتبرها مظاهرة ضد بعض تصرفات بعض رجال الشرطة، وتحولت بقدرة قادر لهوجة أفرزت نظام الإخوان، وكان وقتها بداخلى حزن كبير، وكنت غير مصدقة أن الجماعة بتنظيمها الدولي ستحكم مصر، وشعرت بالاحتلال، أما بالنسبة لثورة 30 يونيو فإنها تمثل لى انفراجة من الله، لأنها أخرجتنا مما كنا فيه، وأعادت مصر لنا. رسالة توجهينها للرئيس السيسي؟ * "أنا أشاركك فى حب مصر بكل "كركبتها" بكل اللى فيها بسلبيتها بإيجابيتها، بأزهرها وكنيستها". رسالة إلى الرئيس الأسبق مبارك؟ * "الناس اللى بتنكر فضلك، مشفتشي شوارع مصر والطرق بتاعت مصر كان شكلها إيه فى التمنينات، ومكنش فيه شوارع الناس تمشي عليها أيام ما اشتغل مترو الأنفاق، محدش يقدر ينسي البنية التحتية اللى أنت عملتها، وشكرًا على حاجات كتيرة أنت عملتها لمصر، ويكفي أنك حبتها، وحافظت على حدودها، ويكفى أنى أنا فى عهدك كنت بقول أنا مصرية". رسالة لمصر؟ * "يا مصر يا اللى احتويتي كل ثقافات العالم وهضمتيها برضه هتفضلى زي ما أنت مصر"، ولدينا مقولة فى الكتاب المقدس تقول: "كجنة الرب كأرض مصر"، وأنت فى عيني جنة برغم "كركبتك".
يمكنكم متابعة صحيفة الأسايطة إحدى إصدارات ولاد البلد على: فيس بوك:https://www.facebook.com/elassaita تويتر: https://twitter.com/elassaita يوتيوب: https://www.youtube.com/user/elassaita