المرض امتحان لا يقدر عليه سوى أقوياء الإيمان، لكن ما عساهم أن يفعلوا إن تخلى الجميع عنهم، حتى الدولة التي يعيشون في كنفها، منذ لحظة ميلادهم؟!.. من أين لهم بالقدرة على الصبر، وقهر الآلام، وإنهاء الحزن الكامن في تفاصيلهم يوميًا، بينما الاهمال ينضح من كل الدروب التي قرروا أن يسلكوها. عم محمد، لم تكن أحلامه أن يمتلك سيارة فارهة، ولا فيلا "في الساحل الشمالي".. أو أن يريح جسده النحيف، بعد أن قضى عشرات السنوات يبحث عن "لقمة العيش"، ولم يعد قادرًا على الأعمال الشاقة.. فقط، يحلُم أن يُجري عملية جراحية تُعيد شفاه قادرة على نطق الكلمات، وأن يُجهز احتياجات ابنته، التي تنتظر حفل زفافها.
برنامج آلام الناس، التقى عم محمد (وهوه ليس اسمه الحقيقي) في منزله بإحدى مناطق القاهرة الكبرى، وتحدث لنا بلغة الإشارة، التي ترجمتها ابنته، لكنه طلب منا عدم ذكر اسمه الحقيقي، أو بياناته، أو ظهور صورته، خشية أن يراه خطيب ابنته، فيتركها.