تأتي زيارة الرئيس محمد مرسي إلى البرازيل، كمؤشر إلى رغبة مصر الشديدة في توثيق علاقتها بجميع دول ''البريكس''، خصوصاً بعد أن زار محمد مرسي كل دول المجموعة الاقتصادية، التي تمثل دول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، حيث تشكل واحدة من أضخم الأسواق العالمية، وأسرع الاقتصادات في العالم. ويرى الخبراء أنه يجب التركيز خلال تلك الزيارات على كيفية زيادة تصدير المنتج المصري إلى تلك الدول، ومحاولة إحداث أي نوع من أنوع التوازن ومعالجة عجز الميزان التجاري وعدم الاكتفاء بذكره. وطالب البعض بإرجاع الأمن بشكل كامل، والذي سيعمل على جذب الاستثمارات التي تهدف زيارات الرئيس مرسي إلى زيادتها، حيث يروا أن تلك الزيارات تفقد أهميتها بشكل كبير مع ضعف الأمن. العلاقات المصرية البرازيلية تمثل زيارة محمد مرسي إلى البرازيل أول زيارة من نوعها لرئيس مصري في التاريخ، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، ولم تكن العلاقات بين البلدين مقطوعة إبان النظام السابق، بل دعمت البرازيل العديد من المرات ترشيح مسئولين مصريين إلى مناصب دولية، مثل تأييدها لتشريح وزير الثقافة في 2009 لمنصب مدير عام اليونسكو، وكذلك في 2008 أيدت ترشيح وزير المالية لمنصب رئيس اللجنة الدولية للسياسة النقدية والتمويل بصندوق النقد الدولي، كما كانت هناك بعثات اقتصادية متبادلة بين البلدين بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين. وتعد البرازيل من أفضل 20 اقتصاد في العالم الدولة، حيث انتقلت من احدى الدول المتخلفة، وتحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم في قوتها الاقتصادية، وتعتمد بشكل أساسي على الزراعة، حيث يوصفها البعض بأنها عملاق زراعي تتميز بضخامة وتنوع إنتاجها الزراعي فهي تحتل المرتبة الأولى في إنتاج البن، والحوامض، والكاكاو، ويساعد المناخ الدافئ وغزارة الأمطار على جعلها واحدة من الدول الرائدة عالمياً في زراعة المحاصيل الزراعية، في الوقت التي تعد فيه البرازيل خامس أكبر دولة في العالم من حيث المساحة. ويبلغ حجم التجاري بين مصر والبرازيل نحو 3 مليارات دولار، بينما يميل الميزان التجاري لمصلحة البرازيل، حيث تستورد مصر نحو 2.7 مليار دولار, فى حين تستورد البرازيل من مصر ما قيمته 300 مليون دولار. وتسعى مصر إلى الاستفادة من تجربة البرازيل في تحقيق تنميتها الاقتصادية، بعد أن كانت تعاني من أزمات مالية استطاعت خلال فترة قصيرة التحول إلى لاعب قوي اقتصادياً، وفي الوقت نفسه تهدف مصر إلى التعرف على تجربة البرازيل في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية, حيث القضاء علي الفقر ومحو الأمية، وفقاً لما قاله المتحدث باسم الرئاسة السفير إيهاب فهمي. وأوضح أن الزيارة تستهدف تطوير العلاقات الثنائية, خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والصناعي والزراعي, ومضاعفة حجم التبادل التجاري, وجذب المزيد من الاستثمارات البرازيلية إلي مصر, بما يؤسس لشراكة حقيقية تحقق المصلحة المشتركة للبلدين. معوقات تواجه صادرات مصر إلى البرازيل وفي نفس السياق، لفت تقرير أعده مكتب التمثيل التجاري بالعاصمة البرازيلية، أن الواردات المصرية خلال عام 2011 بلغت حوالي 2.624 مليار دولار، وهو أيضًا أعلى رقم للواردات المصرية من البرازيل على الإطلاق. وقال التقرير إن هناك العديد من المعوقات التي تواجه العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر والبرازيل، ومن أهمها عدم وجود مجلس أعمال مصري برازيلي، لدعم الأنشطة التجارية بين البلدين، وعدم وجود السوق البرازيلية ضمن أولويات المصدر المصري، والتركيز على أسواق أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية، وكذلك ارتفاع الرسوم الجمركية بشكل كبير في البرازيل، إضافة إلى الرسوم الضريبية الأخرى. وأوضح التقرير أن الصادرات المصرية إلى البرازيل خلال عام 2011 بلغت حوالي 344.7 مليون دولار أمريكي، مقارنة بحوالي 168.8 مليون دولار خلال عام 2010، وبنسبة زيادة بلغت 104%، وهو أعلى مستوى تحققه الصادرات المصرية في تاريخ التبادل التجاري مع البرازيل، إلا أنها عادت وانخفضت مرة أخرى في عام 2012 لتسجل 251 مليون دولار. الأمن أساس النجاح من جانبه، قال محمد السويدي وكيل اتحاد الصناعات، إن الزيارة سوف تعمل على فتح آفاق جديدة بين دولة صناعية كبرى، لديها تأثير في الصناعات الصغيرة وعدة مجالات. وأضاف في تصريحات لمصراوي، أن الانضمام إلى البرازيل كدولة في مجموعة ال''بريكس''، يعمل على تبادل الخبرات بين دول الأعضاء، مؤكداً على انه من المطلوب فتح أسواق تلك الدول على المنتجات المصرية. وأكدت رئاسة الجمهورية، أن من أهداف الزيارة كذلك الاستفادة من الخبرة البرازيلية في مجالات إدارة الدعم، والطاقة الحيوية، والاقتصاد الأخضر الذي يعتمد علي موارد الطاقة النظيفة، فضلاً عن تعزيز السياحة البيئية ومكافحة التلوث خاصة في المدن. وطالب وائل مبشر عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية في تعليقه على زيارة الرئيس إلى البرازيل، برجوع الأمن بشكل كامل، مؤكداً على أن أي زيارة خارجية للخارج يقوم بها الرئيس محمد مرسي من أجل جذب استثمارات أجنبيه إلى مصر تفقد أهميتها بشكل كبير بسبب ضعف الأمن. وقال ''قبل أي شئ لابد من التركيز في إصلاح الداخل وإصلاح المنظومة الأمنية، فإذا كان هناك أمن قوي سيساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية دون السفر إلى الخارج''. وأضاف ''المناخ الاستثماري لمصر وموقعا الجغرافي جاذب لكل دول العالم، ولذلك لابد من العامل على إصلاح الأمن والاقتصاد بشكل متوازن''. دول البريكس دائماً ما تبدي مصر اهتمامها في الانضمام إلى ذلك التجمع الاقتصادي، وهو ما أكده الرئيس مرسي في حوار أجرته معه صحيفة هندية في 18 مارس الماضي، على أمنيته أن تضاف E الحرف الأول من EGYPT لمجموعة البريكس وتكون E+BRICS كما هي الحروف الأولى من أسماء هذه الدول على الترتيب. وال''بريكس'' تجمع اقتصادي، مكون من أول حرف باللغة الإنجليزية المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، وتضم الدول المكونة نحو 40% من سكان العالم على مساحة تمثل ربع اليابسة، وتتكون المجموعة من ''روسيا - الهند - الصين - البرازيل - جنوب أفريقيا''. وتأني رغبه مصر في الانضمام إلى المجموعة، في وقت تبحث فيه عن دعم الصناعات المحلية وفتح أسواق أخرى لتصدير المنتج المحلي، خصوصاً مع دول قد مرت بظروف اقتصادية أشبه بتلك التي تمر بها مصر الآن، كالبرازيل وجنوب أفريقيا. معالجة العجز التجاري وقال الدكتور حسين عمران خبير اقتصادي، إن البرازيل دائماً ما تعبر رغبتها في التقارب إلى مصر، لافتاً إلى أنها لديها فائض تجاري من أنواع سلع تستوردها مصر. واعتبر أن الزيارة سوف تفتح أفاق للتعاون مع دول أمريكا الجنوبية، وبالأخص تلك الدول المكون لتجمع ''الميركوسور'' السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية. وأضاف خلال تصريحات لمصراوي، أن التنوع في الأسواق يمثل شيء جيد، ولكن في المقابل لابد من الاهتمام بتنمية الصناعة والتجارة المصرية، لإحداث التوازن مع كل الدول التي تسعى مصر إلى فتح تعاون اقتصادي بينهما، وإلا تحول ذلك الانضمام لصالح تلك الدول فقط، والعمل على معالجة العجز التجاري. وتابع ''أي اتفاق لابد أن نضع أعينا على زيادة قدرتنا على تصدير المنتجات المصرية إلى تلك الدول، كمنتجات الحديد أو المنسوجات، بالإضافة إلى إمكانية استخدام قناة السويس كترانزيت لتلك الدول في نقل البضائع بينهم''. ولا يربط دول '' البريكس'' أي نطاق جغرافي أو إقليمي، بل تتكون من دول من 4 قارات مختلفة، بل ومتباينة إلى حد كبير في التوجهات السياسية والأنظمة الاقتصادية وتمثل توجهات عالمية مختلفة، حيث يركز اهتمام المجموعة على النواحي الاقتصادية والمالية العالمية، وترغب تلك الدول في كسر طوق الهيمنة العالمية للدول الكبرى ورغبتها في الوصول إلى كيان فاعل ناجز على صعيد الاقتصاد العالمي.