استنكر الدكتور عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، اختزال الإعلام لمسألة زيارة الوفد المصري للإمارات العربية المتحدة، في شقها القنصلي فقط، وهو جزء من كل، بينما تم تجاهل، عمدًاً أو سهوًاً، هدف الزيارة الأساسي وهو العمل على تحصين العلاقة الطيبة بين البلدين وتصويب مسارها لدرء أي ضرر محتمل. وشدد الحداد، في بيان له، صباح اليوم، أن حرية الرأي والنقد التي تعد من مكتسبات ثورة يناير المجيدة لا تعنى - من وجهة نظرنا أو من وجهة نظر أي منصف - إلقاء الاتهامات جزافاً أو التجريح والتشوية استناداً إلى مواقف مسبقة تفتقد إلى الحد الأدنى من الموضوعية والمهنية، وإن الفرضية التي تم بناء المقالات والأخبار المتداولة عليها والقائمة على أن الدولة تُفرق في المعاملة بين من ينتمون للإخوان المسلمين ومن لا ينتمون لها هو خطأ وتجاوز يعكس سطحية مفرطة وفقرًاً في المشاهدة والتناول.
وأكد مساعد الرئيس أن "منهجنا الراسخ هو أن كافة المصريين سواسية، لا نفرق بينهم بأي شكل كان، فقوتنا يقيناً تنبع من وحدتنا، وتقدمنا ونهضتنا لن تتحقق إلا بأيدي الجميع. إن إثارة الشكوك حول قيام الدولة بالتمييز في المعاملة بين المواطنين على أسس أيديولوجية أو انتماءات فكرية أو دينية أو غيرها من مظاهر التمييز لهو أمر جلل، مشيرًا إلى أن مثل هذا الطرح من شأنه إزكاء الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد وإيجاد حالة من البلبلة السياسية وإثارة الرأي العام بناءً على فرضية خاطئة كان يتعين الانتباه لها بحكم المهنية الصحفية حفاظاً على وحدة المجتمع وسلامه.
وأعرب "الحداد" عن ترحيبه بأي نقد بناء يكون مرتكزاً على أسس موضوعية، يفند القرارات والتوجهات ويطرح بدائلها، مبديًا تعجبه من دوافع نشر بذور الفرقة بين نفوس المواطنين بشكل ينذر بتدمير أواصر المجتمع وتجزئته بناءً على معايير مغلوطة، وبحيث يكون الوطن هو الخاسر الأوحد فيها.
وأضاف: "لقد آلت مؤسسة الرئاسة على نفسها ومنذ توليها المسئولية في يوليو 2012 أن تعمل بكل جد على رعاية مصالح المصريين في الداخل والخارج، ومن هذا المنطلق، فقد حرص الرئيس عند تشكيل الفريق الرئاسي على أن يُخصص مقعداً لمنصب "مستشار الرئيس لشئون المصريين في الخارج" في سابقة لم تحدث من قبل، وهو ما يدلل على العقيدة الراسخة لدى مؤسسة الرئاسة بشأن أهمية هذا الملف وضرورة معالجته في إطار المبادئ التي نادت بها ثورة 25 يناير والمتمثلة في الحرية والعدالة والكرامة، ولهذا، فإن امتهان كرامة المصري في الداخل أو الخارج بات أمراً غير مقبول، بل ومؤَثم، فلكل مصري كرامته التي تسعى الدولة قدر ما تستطيع لصيانتها".
وأشار "الحداد" أنه من هذا المنطلق، فإن الاهتمام بالمصريين في الخارج بات على أجندة أولويات الدولة من منظور شامل، فلا تتم زيارة خارجية للرئيس إلا ويعقد على هامشها اجتماع مع الجالية يستمع خلاله لشكواهم ويتابع مع الجهات المعنية سبل حلها، وتعمل مؤسسة الرئاسة في هذا الملف بتناغم كامل مع وزارة الخارجية باعتبارها الأداة التنفيذية لهذا التوجه، حيث أصبحت الوزارة تضع نصب عينيها حيوية هذا الملف وضرورة التعامل معه بمنهج جديد وفعال يتخطى الأسلوب التقليدي بهدف تحقيق انفراجه في هذه القضايا وتسويتها على نحو عادل يوازن ما بين حقوق المصريين وكرامتهم وضمان سلامة الإجراءات القضائية (للمقبوض عليهم) من جانب، وما بين احترام قوانين الدول التي يتواجدون بها.
ولفت مساعد الرئيس إلى أن الدولة تحركت بحيوية غير مسبوقة للتعامل مع عدد من أزمات المصريين في الخارج، منها على سبيل المثال لا الحصر أزمة المرحلين من الكويت الذين تم استقبالهم بمقر رئاسة الجمهورية في تقليد غير مسبوق للتباحث حول احتياجاتهم وظروف ترحيلهم وسبل التحرك المستقبلي الحكيم الذى أى حقوق لهم.
وفى نفس السياق، ذكّر "الحداد" بجهد مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية في إطلاق سراح الصحفية "شيماء عادل"، وتدخل الرئيس لاحتواء أزمة توقيف العاملين المصريين في الأردن، مشيرًا إلى أن الأمثلة السابقة وحدهما تعكس تماماً مدى التزام القيادة المصرية بكل مواطن وقيمته بغض النظر عن توجهاته أو انتماءاته سواء كان مذنباً من عدمه.
وفيما يتعلق بزيارة الوفد المصري للإمارات العربية المتحدة.. قال "الحداد": "فقد استوقفنا اختزال الإعلام لمسألة الزيارة في شقها القنصلي فقط، وهو جزء من كل، بينما تم تجاهل، عمداً أو سهواً، هدف الزيارة الأساسي وهو العمل على تحصين العلاقة الطيبة بين البلدين وتصويب مسارها لدرء أي ضرر محتمل نتيجة بعض الأصوات والأقلام المغرضة التي تأبى أن ترى تقدماً في علاقة البلدين، لقد تناولت الزيارة بالفعل مسألة المعتقلين المصريين هناك لكونهم مصريين، وعلى النحو الذى نثيره دائماً في كل زيارة خارجية، ومن ثم فإننا لا نرى منطقاً سوياً في اجتزاء الأمر وإخراجه من الإطار العام الشامل للزيارة سوى إحداث حالة من البلبلة الهدامة، لقد نجحنا في تدشين حوار بناء وهادف مع الإمارات والسعودية وغيرها من الدول وهو جهد متواصل لن نكل منه حتى يؤتى ثماره". وشدد على أن الرئاسة لا تتردد في التدخل على كافة المستويات لدعم كافة مواطنينا كلما كان ذلك ممكناً ومطلوباً آخذين في الاعتبار المصلحة العليا للبلاد بأبعادها المختلفة والتي اؤتمنا عليها عازمين على عدم التفريط فيها.
وتابع "الحداد": "إن الدولة تتعامل حالياً مع إرث ثقيل خلفته سنوات من الحكم السلطوي الذى فرَّط في مصالح المواطنين في الخارج مما زاد من تعقيد الأمور، يُضاف إلى ذلك كافة العقبات التي ندرك أنكم تعلمونها، والمحددات التي تعمل السياسة المصرية في إطارها، إلا أننا ومن واقع المسئولية التي طوق بها الشعب أعناقنا وإيماناً منا بحق المصريين في الخارج علينا فإننا لم ولن ندخر جهداً لمساندة المواطنين المصريين متخطين بذلك كافة الصعاب والتحديات". واختتم مساعد الرئيس بيانه، مؤكدًا "أننا عازمون على العمل الجاد من أجل الحفاظ على مصالح مواطنينا، إلا أننا نأسى بشدة على هذا التجني الممنهج والمتزايد الذى تشهده لغة الخطاب الإعلامي في بعض وسائل الاعلام الذى يتبنى أسلوباً غير لائقٍ في النقد غير عابئ أو مكترثٍ بأي تشهير أو أية أضرار تلحق بالمجتمع، آملين أن نرتقى سوياً في أسلوب الحوار والنقد والتعليق بما يحقق المصلحة العليا للوطن ولنا جميعاً".