بعد حالة من الجدال المستمر فى الموافقة أو رفض مسودة الدستور المطروحة على الشعب، وبعد مشادات سياسية بين أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور، تستقبل اليوم مراكز الاقتراع بعدد من محافظات مصر جموع الناخبين المصريين على الدستور المصرى منذ الثامنة صباح اليوم، وفى منطقة السيدة زينب بجنوب القاهرة توافد سكان المنطقة للإدلاء بأصواتهم. وعلى الرغم من أن اليوم السبت هو يوم عطلة رسمى، إلا أن هذا لم يؤثر على الإقبال فى التصويت؛ حيث شهدت مدرسة أحمد ماهر الثانوية الصناعية إقبال من عدد كبير من الناخبين، وذلك وسط حراسة أمنية مشددة من رجال الشرطة ورجال الجيش الواقفين على أبواب المقر، الذى شهد هو الأخر طوابير تلتف حول سور المدرسة كله. أدلى ''حسين محمود'' بصوته ومعه قريبته الحاجة ''نفيسة'' التى تجاوزت السبعين من عمرها، وذلك فى الساعة الأولى للتصويت، وقال: ''العملية سهلة جدا بالداخل، ولم نشاهد اى دعاية سواء فى الطريق أو بداخل مقر الاقتراع''، وأضافت ''نفيسة'' :'' كل واحد ليه رأيه ..الحمد لله أنا شاركت فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومحدش أجبرنا على أى رأى''. لحق بهم فى الاستفتاء الحاج السبعينى ''فؤاد المراغى''، وهو حفيد للشيخ مصطفى المراغى مقرئ القرآن للملك فاروق، قال أنه انتهز فرصة الانتخابات ليكون ''فرصة للمشى'' لإنه تملل من الجلوس فى البيت بعد خروجه على المعاش، مضيفاً أنه لم يواجه أى صعوبة فى داخل اللجنة أثناء التصويت، قائلاً: ''يارب بس البلد تهدى''. تقف ''ريهام'' و ''فوزية'' بجانب المدرسة فى انتظار انتهاء أقاربهم الرجال من اللجنة، وذلك لطول طابور الرجال عن النساء، قالت ''ريهام'' بعد التصويت :''التصويت داخل اللجنة كان سهل جدا، وأتمنى فعلا أن كل الناس تنزل تقول رأيها، خسارة فعلا للمقاطعيين عنها''. ''فوزية'' من سكان السيدة زينب أيضاً قالت :''الناس للأسف بتصوت زى ما يكون على الإخوان، لكن ده الدستور''، كما تمنت ''ريهام'' أن الإخوان ''يمسكوا البلد فعلاً''، ووافقتهم ''أم جنة'' بعد أن تلون إصبعها باللون الأزرق قائلة: ''للأسف الإعلام ضلل الناس وكان فى مواد خاطئة تنتشر على إنها فى الدستور، لكنها ليست حقيقية''، على حد قولها . ''إنصاف'' سيدة مسنة وكبيرة مملؤة بالحماس، جاءت من بعيد تهرول سريعاً نحو اللجنة، قالت فى صوت يخالطه الشجب ''أنا نازلة عشان الإخوان بوظوا البلد وخربوها، ونازلة أقول لأ، عايزين ياخدوا الدستور كمان؟!''؛ حيث انضمت ''إنصاف'' إلى طابور السيدات سريعاً وسط نقاشات كلامية مع سيدات أخريات قررن الموافقة على الدستور. لم يختلف المشهد كثيراً أمام مدرسة ''الخديوية الثانوية العسكرية بنين'' بمنطقة السيدة زينب؛ حيث امتدت طوابير الرجال والنساء على مرمى النظر، ووسط تواجد إعلامى كثيف فى المنطقة. ''أم محمد'' سيدة فى الستين من عمرها وقفت فى أخر الطابور النساء الممتد أمام مدرسة الخديوية، تقول :''أنا من بتوع حزب الكنبة، ونزلت عشان ربنا ينصر مصر ويهدى الأحوال''، تقول ''أم محمد'' :''الناس لسة هينزلوا كتير، أنا نزلت عشان أقول رأيى مش زى ما علاء الأسوانى بيقول أن الأميين ما يصوتوش، أنا مبعرفش أقرا ولا أكتب.. بس بفهم فى كل حاجة فى البلد''. ''أم حنين'' ابنتها شاركتها نفس الرأى وقالت :''نفسنا البلد تستقر وتهدى بدل اللى بيولعوها كل شوية وعايزين البلد تخرب، الناس كلها عارفة أن البرادعى وعمرو موسى وحمدين عايزين يولعوها''، وذلك على حد قولها. ''عزت محى الدين'' جاء هو الآخر إلى اللجنة بالسيدة زينب فى مدرسة ''السنية الإعدادية بنات'' ليدلى بصوته، يقول بعد أن تلون إصبعه بالحبر الفسفورى الأزرق :''الحمد لله إن فى حرية، وإننا بننزل نقول رأينا فى الانتخابات، أصل الشعب المصرى أخذ الحرية بدرى، احنا بقالنا 60 سنة فى كبت، ومرسى ادانا حرية مفيش زيها''. ''الحاجة حكمت'' خرجت للتو من مدرسة ''البهية البرهانية''، تمسك بيدها بطاقتها الشخصية البلاستيكية، وتمسح باليد الأخرى إصبعها من أثار الحبر الفسفورى من يدها لتقول :''الحمد لله التصويت كان سهل، يارب تبقى البلد كويسة وتهدى بس بعد النتيجة''. تباينت بطبيعة الحال آراء المواطنين بين ال''نعم'' و ال''لا''، ولكن جمع بينهم عدم قرأتهم للنسخة الأصلية من مشروع الدستور المستفتى عليه؛ حيث جاءت أغلب الآراء الانتخابية وكأن التصويت على ''جماعة الإخوان المسلمين'' أو على ''محمد مرسى'' رئيس الجمهورية''، كما ذكرت ذلك سيدة بأحد الطوابير الانتخابية.