كان المشهد مدهشا، طابور الناخبين بمدرسة جيل 2000 من الرجال نحو كيلومترين، بامتداد سور المدرسة بمدينة 6 أكتوبر على محور الكفراوى. كانت أيضا المرة الأولى التى تشهد فيها مدينة 6 أكتوبر تكدسا مروريا، فى الحى السابع والثانى والسادس، حيث تتركز لجان الاستفتاء. فى السابعة صباحا استلم أحمد المعداوى طالب طب قصر العينى عمله فى اللجنة الشعبية الخاصة بمدينة أكتوبر المميز أفرادها بصديرى أخضر فسفورى يشبه عساكر المرور، ويحمل شعار اللجنة الشعبية على الظهر، «لا للبلطجة ولا للعنف»، مع عشرة من الرجال والسيدات المتطوعين لتنظيم الأهالى عند المدرسة الخاصة. أمام مدرسة جيل 2000 التف طابور السيدات حول الجانب الآخر من سور المدرسة، ووقف متطوعون من اللجان الشعبية لمدينة 6 أكتوبر من الرجال والنساء لتنظيم طوابير الأهالى. «ورقة الاستفتاء فيها دائرتان واحدة خضراء والثانية سوداء»، تمر فاطمة مصممة الأزياء المنتقبة على طابور السيدات لتشرح لهن خطوات الاستفتاء، وكيفية التعامل مع الورقة دون شطب حتى لا تبطل أصواتهن. فاطمة التى تشارك فى الانتخابات لأول مرة، ورفضت التعديلات الدستورية، شددت على السيدات فى استخدام أقلامهن، «بلاش تستخدموا أقلام اللجنة علشان فى أقلام صينى حبرها بيطير بعد كام ساعة». فاطمة لم تقصد التشكيك فى اللجنة، على حد وصفها، «بس خلينا فى الأمان أحسن». أحمد المعداوى الذى غير رأيه للموافقة على التعديلات الجديدة منذ 4 أيام، نظر إلى الحدود الفلكية للطابور، «ما كنتش متخيل إن الأعداد دى كلها تيجى تقول رأيها». ظل الحوار مشتعلا بين السيدات داخل الطابور، بمجرد أن تسأل إحداهن عن الفروق السياسية بين اختيار نعم ولا على تعديلات الدستور، وكانت فاطمة ترفض أن تقول رأيها فى التعديلات وتمنع الفتيات المنظمات من الدخول فى حوار عن الدستور مع الواقفات فى الطابور. محمود السيد المحامى أمام بوابة المدرسة الحديدية وقف وهو يرتدى بذلة، ويرتدى شارة بألوان علم مصر مكتوبا عليها «لجنة التوعية». ينتظر محمود أسئلة الأهالى، ويبدأ بشرح المواد الدستورية المعدلة، «علشان عارف إن مش كل الناس بتوع قانون»، وحتى الساعة الرابعة عصرا، لم يستقبل محمود أسئلة إلا من 6 أشخاص فقط. مبادرة «لجنة التوعية» تابعة لاتحاد شباب المحامين بمحافظة 6 أكتوبر، الذين قرروا توزيع أنفسهم على مدارس مدينة أكتوبر وعددهم 16 محاميا تقريبا ، وشرح التعديلات «من غير ما نشجع حد على أى رأى» على حد وصف محمود. سيد إمام، المحاسب فى أحد البنوك الخاصة، متطوع ثالث قرر المساهمة فى تنظيم الطابور، «مع إنى كنت جاى أقول رأيى»، وفى رأيه أن الموافقة على التعديلات أصلح «لأننا ما كناش نحلم بنص التغييرات دى قبل 25 يناير، فبلاش طمع». فى نفس الوقت تابع بعض الشباب المتطوعين فى اللجنة الشعبية بتسيير حركة المرور فى شارع المدرسة، ومحور الكفراوى، والمشهد متكرر عند أربع مدارس فى قسم أول بمدينة أكتوبر، ومدرسة بقسم ثانٍ، وأخرى فى الحى المتميز على حد قول عبد الحميد النخيلى، أحد الأعضاء المنظمين للجنة الشعبية. الدخول إلى اللجنة يكون فى مجموعات من 10 أفراد، من طابور الرجال، ونفس العدد من طابور السيدات. عسكرى من القوات المسلحة يحمل سلاحه فى جولة حول المدرسة، هو الوجود الأمنى الوحيد الذى يوجد فى الشارع، أما داخل فناء المدرسة فيوجد عقيد من الجيش مع رائد شرطة، وأربعة عساكر شرطة ومخبر، مع مدير أمن المدرسة، على حد قول أحد رجال الأمن الذى رفض ذكر اسمه. إحدى المنتقبات تطوعت أيضا بطريقتها أيضا، فقامت بتوصيل السيدات مجانا بسيارتها الخاصة إلى أماكن الاقتراع، ولصقت على السيارة من الأمام إعلانا ملونا بحجم كبير يشير إلى ذلك. امتد التصويت على الاستفتاء بلجنة مدرسة جيل 2000 الخاصة بالحى الثانى بمدينة أكتوبر، حتى بعد التاسعة مساء بربع ساعة تقريبا، حتى انتهت أوراق الاستفتاء. والطابور الذى يضم عمالا وموظفين ورجال أعمال وطلابا، شهد بعض المشدات الكلامية على مدار اليوم بين الأهالى كما يحكى أحمد، خاصة إذا حاول أحدهم التأثير على رأى الآخر، «واحنا بنروح نهدى».