لندن 2012: كو يعيش بفرح اياما مضنية ليبلغ اوقات المجد

حين يقارن اللورد سباستيان كو بين مسؤولياته الحالية رئيسا للجنة المنظمة لدورة لندن الاولمبية 2012 وفترة مشاركاته في سباقات المسافات المتوسطة التي حصد خلالها القابا وانتصارات مميزة في مقدمها ذهبيتان اولمبيتان في سباق ال1500م (موسكو 1980 ولوس انجليس 1984) ورقم قياسي عالمي في ال800م (73ر41ر1 دقيقة) صمد 16 عاما، لا يجد فارقا كبيرا.
فالامور بنظره "هي نفسها لا تختلف. دائما هناك مراحل متلاحقة عليك الاعداد لها، ما ان تنتهي من واحدة حتى تبدأ باخرى. لا شيء يتحقق بسهولة. ايام كنت عداء كنت ابدأ التدريب في السابعة صباحا، وحاليا استيقظ في الخامسة والنصف لاكون في مكتبي عند السابعة و10 دقائق".
وبالنسبة لكو (55 عاما)، فان "اوقات المجد قليلة والباقي كد واجتهاد لبلوغها". وفي هذه الجملة ملخص لما يتطلع اليه "الجنتلمان" عضو مجلس العموم سابقا، حين تنطلق دورة لندن الاولمبية في 27 تموز/يوليو 2012، اي ان يقترن الجهد الذي بذل بالنجاح المنتظر.
والنظرة الى النسخة ال30 من الاولمبياد الصيفي باتت مختلفة منذ الاعلان في 15 اذار/مارس عن مرحلة جديدة من العد العكسي، هي مرحلة ال500 يوم الاخيرة التي تسبق الافتتاح الموعود لدورة ستغير تحديدا الضاحية الشرقية من العاصمة البريطانية، وتشهد خلال 17 يوما 645 مباراة في 26 رياضة موزعة على 36 موقعا، ابرزها الاستاد الجديد و"البارك الاولمبي" المتوقع ان يؤمه 180 الف شخص يوميا.
وقلب كو المعادلة منذ ان تسلم منصبه خلفا للاميركية بربارا كاسيني (4 ايار/مايو 2004)، وتحديدا في الاشهر الاخيرة التي سبقت التصويت في سنغافورة (6 تموز/يوليو 2005)، حيث جذب بديناميته وشعبيته واسلوبه المقنع ومعرفته العميقة بالوسط الاولمبي، اعضاء دوليين كثرا "اعادوا حساباتهم" وصوتوا لمصلحة لندن كي تنظم الاولمبياد للمرة الثالثة في تاريخها بعد عامي 1908 و1948، من دون ننسى طبعا الدور الكبير لرئيس الوزراء طوني بلير.
يبدي كو ارتياحه لانجاز مرحلة اعمار منشآت الالعاب، والانتقال الى مرحلة التجهيز ثم "التشطيب" النهائي، لافتا الى ان هيكلية الموظفين المتفرغين للدورة سترتفع تدريجا من 1200 موظف يداومون حاليا الى 6000 موظف خلال الالعاب، علما ان طاقم العمل ضم في "مرحلة الترشيح" 35 موظفا فقط.
يشرف كو على صرف موازنة تشغيلية للالعاب (موازنة تنظيم) مقدارها 5ر2 مليار يورو، علما ان موازنة ملحقة، لكن من صميم برنامج الانفاق المقرر، مقدارها 5ر10 مليار يورو خاصة بالانشاءات والبنى التحتية. ويتعاون كو مع 19 جهازا حكوميا خصوصا في مجالي الامن والنقل والمواصلات، فضلا عن 25 مؤسسة وشركة راعية.
ويفخر كو بفريق عمله "الموهوب"، ما يثري الالعاب "التي يجب ان تكون آمنة ومشوقة". ويقول ان هذا الفريق "يسهل مهامي يوميا فضلا عن الخبرة المتراكمة التي تضعها بتصرفنا اللجنة الاولمبية الدولية والتعاون المباشر مع مديرها جيلبير جيلي".
ويلفت كو الى انه اعتاد على العمل ضمن مجموعة "منذ ان كنت عداء رغم انها لعبة فردية. اذ كان يحيط بي والدي ومدرب ومعالج فيزيائي واختصاصي للتغذية وآخرون. واتعاون حاليا مع افضل العناصر كل ضمن اختصاصه".
ويفخر كو كثيرا بما ستؤول اليه "المنطقة الاولمبية" ورسالتها البيئية التي تحمل عنوان "الانطلاق نحو الحلم الاخضر"، اذ "اعيد استخدام 90 في المئة من مواد الابنية التي هدمت في اقامة المنتزه الجديد، وتنظيف التربة وتدويرها لاعادة استخدامها ايضا، كما ان 50 في المئة من تللك المواد نقلت بواسطة القطارات او المراكب المائية، وزرعت آلاف الاشجار".
ويتطرق كو الى المخاض الذي عاشته اللجنة المنظمة واعادتها النظر بمشاريع عدة في ضوء ازمة الرهون العقارية وتبعات الازمة المالية التي ضربت العالم اواخر عام 2008. ويبدي ارتياحه الى تبدل نظرة اللندنيين من سلبية الى ايجابية الى اعمال البناء الضخمة بعدما عاينوا على الطبيعة ما تولد من الورش العملاقة، "وهو من دون شك الارث المستدام للمستقبل. انها الاهمية الحقيقية للدورة قبل الحديث عن المنافسات والالقاب والسعي الى موقع افضل على جدول الميداليات".
وحلت انكلترا رابعة في دورة بكين عام 2008 خلف الصين والولايات المتحدة وروسيا، وبلغ رصيدها 47 ميدالية (19 ذهبية، 13 فضية و15 برونزية). ويأمل كو ان يرتقي ترتيبها في "لندن 2012"، عملا بمقولة رئيس اللجنة الاولمبية السابق الاسباني خوان انطونيو سامارانش ومفادها "البلد المنظم لالعاب عظيمة عليه ان يحقق انتصارات عظيمة". وبالتالي فان مساعي التطور المنشود بدأت فور اختتام العاب بكين من منطلق ان الارث الرياضي الفني يعني ان كل انتصار اولمبي في أي لعبة يحفز 100 الف شخص لمزاولتها. ويشدد كو على ضرورة ان يكون الابطال الانكليز متواجدين على الاقل في نهائيات المسابقات المدرجة ضمن الدورة.
كما يسجل كو "ابن ام الالعاب" ارتياحه ل"استعادة" لندن مضمار العاب القوى منذ ان ازيل ستاد وايت سيتي عام 1985، علما ان الملعب الاولمبي سيستخدمه نادي وست هام بعد الدورة الاولمبية بعدما تعهد بالمحافظة على المضمار، وليس تشلسي الذي يناصره كو، الرئيس المرتقب للجنة المنظمة لبطولة العالم لالعاب القوى عام 2017، في حال نالت لندن شرف استضافتها. وتتنافس في هذا الصدد مع بودابست وبرشلونة والدوحة، وسيختار الاتحاد الدولي المدينة الفائزة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.