دبى - توقع بنك ستاندرد تشارترد أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات بمعدل 4% خلال 2011 بفضل نمو القطاعات غير النفطية في دبي وارتفاع الاستثمارات في البنية التحتية في أبوظبي. وذكر البنك في تقريره السنوي حول توقعات الأداء الاقتصادي العالمي في عام 2011 أن الاقتصاد سيشهد زخما خلال العام القادم بعد أن مر بمرحلة التعافي والنهوض في 2010، حيث توقع أن يحقق اقتصاد الدولة نموا بمعدل 3% بنهاية العام الجاري. وتوقع شادي شاهر، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك ستاندرد تشارترد، أن ترتفع وتيرة النمو الاقتصادي في الإمارات خلال 2011 إلى 4%، مشيرا إلى أن هذا المعدل ما زال أقل من المعدلات التي شهدها الاقتصاد خلال مرحلة الطفرة لكن ما يميز هذا النمو هو قدرته على الاستمرار خلال الأعوام المقبلة بمعدلات مقبولة. كما أشار إلى أن مصادر إجمالي الناتج المحلي في الدولة بها أعلى معدلات التنوع الاقتصادي في منطقة الخليج، حيث تمثل الصناعات الهيدروكربونية 2. 29% وخدمات أخرى 13% والصناعات 16% والعقارات 11% والتجارة 9% والخدمات المالية 6%. وقال شاهر : نتوقع أن يبقى إنتاج الهيدروكربون، المساهم الأكبر في إجمالي الناتج المحلي للإمارات، عند نفس المعدلات الحالية حيث أن الطاقة الإنتاجية تحكمها حصص منظمة الأوبك. وبذلك نتوقع أن تكون المساهمة المباشرة للقطاع النفطي في النمو الحقيقي محايدة ولكن ارتفاع أسعار النفط سيكون له تأثير إيجابي على مالية الحكومة والحساب الجاري. نحن لا نتوقع أن تقوم منظمة أوبك بزيادة حصص الإنتاج في المستقبل القريب ولذلك ستبقى حصة الإمارات عند المستوى الحالي لكن الأسعار يمكن أن ترتفع العام القادم. كما توقع التقرير أن يرتفع الإنفاق على المشاريع في الإمارات إلى 85 مليار دولار (312 مليار درهم) في عام 2011. وقال شاهر إن قيمة الإنفاق على المشاريع المنفذة في الدولة ارتفع إلى 61 مليار دولار (224 مليار درهم) في 2010، مقابل 1. 47 مليار دولار (173 مليار درهم) في 2009. وأشار إلى أن معظم الارتفاع في الإنفاق على المشاريع في الدولة خلال العام الجاري جاء من الهيئات شبه الحكومية في أبوظبي. وقال : بالرغم من الزيادة في الإنفاق إلا أن ذلك تم بسرعة بطيئة مقارنة بالماضي وذلك بسبب تخفيض الميزانيات وتأخير المشاريع. ونعتقد أن العام 2011 سيشهد تجديداً في استثمارات مشاريع التطوير من قبل الهيئات شبه حكومية ولكننا نتوقع أيضاً نهوضاً حاداً في الإنفاق الحكومي على البني التحتية. ويبدو أن إنفاق المشاريع في الإمارات سيرتفع ليصل إلى 85 مليار دولار كون المشاريع المتأخرة ستعاود النهوض خلال العام 2011. وأوضح أن النمو في الإمارات يعتمد أيضا على عودة النشاط في القطاع الخاص بعد وجود مؤشرات قوية على التعافي الاقتصادي وزيادة وتيرة النمو، الأمر الذي سيعزز نشاط القطاع الخاص في الدولة خلال العام المقبل. كما توقع ستاندرد تشارترد استمرار معدلات التضخم في الدولة عن الحدود الدنيا بسبب عدم وجود مؤشرات على ضغوط تضخمية في الاقتصاد في الوقت الحالي. وقال شادي شاهر إن نسب التضخم في الإمارات انخفضت خلال العام 2010 وجاء الارتفاع الطفيف بسبب أسعار الوقود نتيجة لارتفاع أسعار البنزين محلياً ما أدى إلى زيادة عنصر النقل (9. 9% على مؤشر أسعار المستهلك). لكن هذا الارتفاع في الأسعار لا يبدو انه سيستمر بنفس المعدل خلال العام 2011. وأشار إلى أن تكاليف الإسكان حظيت بالمرتبة الأعلى على مؤشر أسعار المستهلك (39%) وذلك نتيجة للتصحيح في أسواق الإسكان في الإمارات. وتوقع أن يرتفع التضخم خلال العام 2011 مع استقرار في سوق الإسكان وارتفاع بأسعار المواد الغذائية وتحسن في أحوال الائتمان. وأوضح شاهر أن أسعار العقارات في الدولة، خاصة دبي، قد تتراجع بنسبة ضعيفة بين 5-10% خلال 2011، بحيث تصل إلى القاع في بداية 2012 ومن ثم تشهد فترة من الاستقرار في الأسعار. وأشار التقرير إلى أن البيئة السياسية في الدولة تتميز بالاستقرار، حيث تحافظ الدولة على علاقات قوية مع مراكز الثقل الرئيسية في العالم. كما أنها أسست لعلاقات تجارية قوية مع مراكز الثقل الرئيسية في آسيا ووقعت اتفاقية مع كوريا في ديسمبر 2009 لبناء منشأتها النووية الأولى للأغراض السلمية. أشار ستاندرد تشارترد إلى أن حكومة الإمارات أقرت ميزانية اتحادية بين العامين 2011 - 2013 تبلغ 122 مليار درهم على مدى السنوات الثلاثة خصص منها 41 مليار درهم للعام 2011 وهو أقل بنسبة 6% مقارنة بميزانية العام 2010 ويخصص 46% من ميزانية 2011 الاتحادية للإنفاق على الخدمات الاجتماعية وتتميز الميزانية الاتحادية بالتوازن. وقال : إنه لمن الضروري ملاحظة أن الميزانية الاتحادية تصرف على جزء من الإنفاق الحكومي، حيث أن لكل إمارة ميزانيتها الخاصة والتي يخصص لها مبالغ أكبر. وتعتبر ميزانية أبوظبي الأضخم في الإمارات. وإلى جانب المصاريف الأخرى على مستوى الإمارة، تعتبر الميزانية رافداً أساسياً للموارد المالية في الإمارات كما أنها المساهم الأكبر في الميزانية الاتحادية وتؤمن الدعم للهيئات الاتحادية من خلال القروض والتمويل. وعلى الرغم من أن ميزانية العام 2010 خفضت الإنفاق ب 12 مليار دولار ليصبح 56 مليار دولار، فإنه من المرجح أن يصل الإنفاق خلال العام 2011 إلى 65 - 70 مليار دولار على ضوء التوجه لتطوير البني التحتية. كما توقع تقرير ستاندرد تشارترد نمو الائتمان في الاقتصاد الاماراتي خلال 2011 على خلفية التعافي الاقتصادي وتحسن ثقة الأسواق بعد إعادة هيكلة ديون دبي العالمية. وأشار إلى أن نمو الائتمان في الإمارات كان ضعيفا خلال العام الجاري بسبب أن قروض البنوك كانت تفوق الودائع. ويؤثر ضعف نمو الائتمان على ديناميكية النمو الاقتصادي ويتسبب في خلق مشاكل خاصة لمشاريع الأعمال الصغيرة. وأوضح شادي شاهر أن النمو المتوقع في القطاعات غير النفطية سيؤدي على تعزيز الثقة في الاقتصاد وبالتالي ستخفف المصارف من شروط الإقراض لعدة قطاعات أهمها قطاعات تجارة التجزئة والتصدير وإعادة التصدير. استبعد بنك ستاندرد تشارترد احتياج دبي لدعم من الحكومة في المستقبل، حيث أشار فيليب دوبا بانتاناش، كبير المحللين الاقتصاديين في ستاندرد تشارترد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن حكومة دبي لديها خيارات متعددة وأدوات مختلفة للوفاء بالتزاماتها دون الحاجة إلى دعم جديد. وقال إن هناك حالة من التفاؤل والثقة في الأداء الاقتصادي في دبي، خاصة بعد توصل دبي العالمية إلى اتفاق مع الدائنين ونجاح حكومة دبي ومؤسسات شبة حكومية وخاصة في الحصول على السيولة التي تحتاجها من خلال إصدار سندات في أسواق المال العالمية. وأضاف بانتاناش حكومة دبي لديها خيارات متعددة للحصول على السيولة التي تحتاجها من أسواق المال العالمية مثل إصدار السندات. كما أن حديث كبار المسؤولين في الإمارة مؤخرا عن خيارات أخرى مثل الاكتتاب في مؤسسات حكومية وشبه حكومية يعكس الثقة في اقتصاد دبي وجاذبيتها للمستثمرين العالميين وقال إن المؤسسات تلجأ إلى الدعم الحكومي عندما تعجز في الحصول على السيولة من أسواق المال العالمية ودبي بعيدة تماما عن هذا الوضع حاليا. ومن جانبه أكد شادي شاهر أن إعادة هيكلة ديون دبي العالمية ساهمت في استعادة التواصل بين الهيئات الحكومية وشبه الحكومية في دبي مع الأسواق العالمية. وقال على الرغم من أن الارتفاع في إصدار الديون يعزز من ثقة المستثمرين، إلى أنه يجب أن ينظر إليه كدين عام على ضوء رغبة المستثمرين في الاستثمار بالأسواق الناشئة. وستساهم معدلات الفائدة المنخفضة في بقية العالم في تعزيز تواصل الهيئات الإماراتية مع الأسواق العالمية، الأمر الذي يساعد على تلبية احتياجات دبي من إعادة التمويل. وأضاف بأن دبي استغلت بنجاح أسواق الائتمان خلال العام 2010 وستكون قادرة على المتابعة بنفس الوتيرة خلال العام 2011 حيث ستحتاج إلى المزيد من التمويل، مشيرا إلى تقييمات البنك بأن استحقاقات دبي خلال العام القادم تصل إلى 18 مليار دولار وهو ما يستوجب أهمية التواصل مع الأسواق العالمية. توقع تقرير ستاندرد تشارترد انخفاض ميزانية حكومة دبي بنسبة 15% خلال 2011 بعد أن استكملت الحكومة معظم مشاريع البنية التحتية ولن تكون في حاجة إلى الإنفاق على مشاريع كبيرة في المستقبل القريب. وقال شادي شاهر إن حكومة دبي ستخفض من ميزانيتها في الأعوام القادمة حيث تم الانتهاء من معظم مشاريع البني التحتية، في حين أن عائدات الحكومة من الرسوم سترتفع خلال العام القادم. وأضاف إن الانتهاء من المشاريع الكبيرة ونمو القطاعات غير النفطية في دبي سيكون له تأثير كبير على الميزانية حيث أن الإنفاق الاستثماري سيتراجع في حين أن عائدات الحكومة من الرسوم سترتفع مع نمو قطاعات عديدة مثل التجارة والسياحة. وقال إن اقتصاد دبي يتميز ببنية تحتية قوية، حيث أن الحكومة أنفقت بقوة على مشاريع ضخمة مثل ميناء جبل علي ومطار دبي ومنطقة دبي وورلد سنترال التي تشمل منطقة لوجستية عملاقة بما فيها مطار آل مكتوم. وبالتالي فإن دبي حاليا في مرحلة جني عائدات من هذه المشاريع حيث أن الشركات الجديدة ستجد بنية تحتية قوية وجاهزة في عدة مناطق في الامارة، ولذلك سنجد تراجع في ميزانية دبي وارتفاع في العائدات خلال السنوات المقبلة. توقع ستاندرد تشارترد أن تقود القطاعات غير النفطية النمو في دبي خلال 2011، وبخاصة قطاعات التجارة والتصدير وإعادة التصدير. وقال شاهر : نتوقع أن يشهد كل من قطاعي الخدمات والتجارة في دبي نمواً ملحوظاً خلال العام 2011. وعلى ضوء الأهمية التي تتمتع بها دبي كثالث أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم، حيث تشكل الأنشطة التجارية 40% من إجمالي الناتج المحلي للإمارة، سيكون لاتجاهات التجارة العالمية أهمية بالغة. وشهدت التجارة العالمية انتعاشاً كبيراً خلال العام 2010 الأمر الذي ساهم في انتعاش دبي كونها أيضاً شهدت نمواً واسعاً في قطاعي تجارة التجزئة والضيافة بالرغم من الصعوبات في القطاع العقاري. كما توقع أن ينمو اقتصاد دبي خلال العام 2011 بنسبة 0. 4%، لكنه أشار إلى أن النمو في التجارة العالمية لن يستمر عند نفس الوتيرة التي شهدها في 2010. وأشار إلى أن مساهمة قطاعي إعادة التصدير والخدمات اللوجيستية ستكون بالغة الأهمية بالنسبة لدبي، ويمكن أن تنمو لكن بشكل محدود. أكد تقرير ستاندرد تشارترد أن الناتج المحلي لإمارة أبوظبي سيبقى معتمداً بشكل كبير على قطاع الهيدروكربون، حيث يساهم هذا القطاع بنسبة 60% من الناتج المحلي للإمارة ويليه قطاع التصنيع بنسبة 5. 9% ومن ثم الإنشاءات 1. 5% والخدمات 6. 3% والتجارة 3. 3%. وعلى الرغم من أهمية مساهمة قطاع الهيدروكربون في الناتج المحلي لأبوظبي إلا أنه يعتمد فقط على 8. 1% من العمالة في الإمارات، الأمر الذي يستوجب التنويع. وسيرتكز تطور أبوظبي خلال العام 2011 على الهيدروكربون والإنفاق على مشاريع جديدة سواء عن طريق الإنفاق الحكومي المباشر أو الهيئات شبه الحكومية. واشار التقرير إلى أن مشاريع أبوظبي واجهت خلال 2010 الكثير من التأخير وتخفيض النفقات. لكن التقرير أشار إلى خطة حكومة أبوظبي للعام 2030 والتي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي ليصل إلى 64% مع العام 2030. وسيكون الاستثمار في المشاريع غير النفطية في أقصى حالاته لتحقيق هذا الهدف. ونتوقع أن يصل النمو في أبوظبي إلى 0. 5% خلال العام 2011. توقع تقرير ستاندرد تشارترد أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل 8. 3% خلال 2011 من خلال نمو صناعات الهيدروكربون واستثمارات البني التحتية وأنشطة القطاع الخاص. كما أن أسعار النفط وكمية إنتاجه ستكون عاملاً مهما بالرغم من أن كمية إنتاجه في معظم دول مجلس التعاون الخليجي لن تشهد زيادة وفقاً للحصص المقررة من منظمة الأوبك. وقال التقرير : لا نتوقع أي تغيير في هذه الحصص خلال العام 2011 لذا سيكون التأثير المباشر للثروة النفطية على النمو الحقيقي معتدل. والدولتان اللتان لهما وضع خاص هما عُمان والبحرين، حيث أن عُمان ليست عضواً في منظمة الأوبك ما يجعلها تستفيد من ارتفاع الأسعار وزيادة الطاقة.