مع تولي الرئيس الاصلاحي حسن روحاني سدة الرئاسة في ايران وضع الكثيرون آمالا في قدرته على انعاش الاقتصاد المنهك جراء العقوبات الدولية، لكن يبدو اليوم انهم بداوا يشعرون بنوع من الاحباط. فقد وعمد روحاني منذ وصوله الى الحكم في آب/اغسطس الماضي الى اعتماد سياسة انفراج تجاه الغرب، في خطوة بعثت التوقعات في نظام اكثر اعتدالا وانفتاحا بعد ثماني سنوات من صرامة حكم الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد. وركز الرئيس الجديد في البداية على الحد من معدل التضخم الذي سجل مستويات مرتفعة جراء مشاريع احمدي نجاد الاقتصادية والهادفة اساسا الى منع انهيار الاقتصاد في وقت عانت فيه ايران من عزلة جراء العقوبات المتزايدة عليها. ومن الممكن القول ان روحاني عزز موقعه في الساحة الدولية بفضل احتمال التوصل الى اتفاق ينهي ازمة البرنامج النووي الايراني، الا ان الوضع في الداخل يبدو مختلفا حيث تتزايد الضغوطات على الرئيس الاصلاحي. وبالرغم من ان آفاق النمو الاقتصادي في عهد روحاني تبدو ايجابية، يشكو الايرانيون من ضغوطات مادية ويرون ان الوضع لم يتغير عليهم عن السابق. وتقول ناهد باكميات، وهي ادارية جامعية متقاعدة، ان "الحال لا يزال كما هو"، وذلك خلال قيامها بشراء بعض انواع البقالة في ضاحية علي آباد بجنوبطهران، وهي منطقة للطبقة الوسطى الدنيا. ولا تزال غالبية العقوبات الدولية مفروضة على ايران واقتصادها مازال في حالة ركود. ولكن يبدو ان الحكومة الايرانية مصرة على اجراء اصلاحات جذرية، من بينها تعديل تام لسياسة الدعم على الكهرباء والوقود والمواد الغذائية الاساسية، الامر الذي من شانه ان يؤثر سلبا على الطبقة الفقيرة اكثر من غيرها. وبالنسبة لباكميات (55 عاما) فان "هناك فجوة كبيرة في المجتمع. وارتفاع كلفة المعيشة تعني ان لا يكون بوسع الفقراء شراء اللحم والدجاج ومواد أخرى تعتبر اساسية للطبقة الوسطى والطبقة الوسطى الدنيا في ايران". وارتفعت اسعار النفط بنسبة 75 في المئة يوم الجمعة الماضي بعد يومين من قيام 95% من الايرانيين بتسجيل اسمائهم في برنامج المعونات النقدية ما يشكل ضربة للحكومة التي بدات حملة اعلامية شارك فيها عدد من المشاهير لحث الأسر الايرانية على التخلي عن تلك المعونات، حيث كانت ترغب في انفاق تلك الاموال على مشاريع اخرى. واستنادا الى البنك المركزي الايراني فان نسبة التضخم السنوية تقف اليوم عند 34,7% اي 5,7% اقل مما كانت عليه قبل 12 شهرا. وبالرغم من التأثيرات المباشرة لخفض الدعم، يرى المحللون ان اجراءات التقشف ضرورية لمعالجة اثار الادارة الاقتصادية السيئة في عهد النظام السابق. وقال رامين ربيعي المدير العام لشركة "توركواز شركاء"، التي تدير الاستثمارات الخارجية في بورصة طهران، لفرانس برس "نحن في وضع صعب جدا، حيث هناك ركود تراكمي، ومن الصعب ادارة السياسة في تلك الاوضاع، خصوصا ان اي اجراء نحو النمو سيكون له تأثير تضخمي". وبالرغم من ان التضخم يبقى شغل روحاني الشاغل على الصعيد الاقتصادي، فان ارتفاع كلفة الكهرباء والوقود يعني زيادة في الاسعار على المدى القصير، وفق ربيعي، الذي عاد وشدد على غياب الخيارات لدى الحكومة. واشار الى انها "مسألة صبر"، محذرا من انه من السيء تركيز الامال على اتفاق نووي محتمل بين ايران والدول الغربية. ويتحدث رجال اعمال غربيون في ايران عن افاق سلبية في حال عدم التوصل الى اتفاق نووي نهائي بين ايران ودول مجموعة 5+ 1 (الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) قبل انتهاء فترة الستة أشهر في تموز/يوليو المقبل التي حددها الاتفاق المؤقت. كذلك يدرك رجال الاعمال الغربيون وجود تراجع في القدرات المالية للشعب الايراني من جهة وضغوط قد يمارسه المحافظون المتشددون على روحاني في حال لم يتحسن الوضع الاقتصادي، حتى وان تم التوصل الى اتفاق حول المشروع النووي. وفي ظل سياسة تقليص الدعم المتبعة حاليا، تنمو حالة من الاحباط بين الايرانيين في الاسواق والبازارات في مناطق مثل مختاري، الحي الفقير في جنوبطهران، حيث لا يعني الحديث عن حل للازمة النووية شيئا لسكانه. ويقول علي حيدري، الذي يدير منذ عامين محلا صغيرا في الحي، ان "الاسعار ترتفع ومبيعاتي تقل". ويختم بالقول "الحياة ليست افضل".