عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى بلاده بعد ثمانين يوما من العلاج في فرنسا ما يسمح بتمرير بعض الملفات التي تحتاج انعقاد مجلس الوزراء تحت رئاسته، لكن ذلك لم يمنع التساؤلات عن قدرته على اتمام ولايته الرئاسية تسعة اشهر اخرى اوحتى القيام بالواجبات التي يفرضها منصبه. وبث التلفزيون الحكومي صورا لبوتفليقة بعد عودته الثلاثاء داخل قاعة الشرف في المطار العسكري ببوفاريك (30 كلم غلاب الجزائر) لكن لم يتم بث صور له وهو ينزل من الطائرة كما في 2005 عند عودته من رحلة العلاج الاولى. وظهر الرئيس الجزائري في الصور التي بثها التلفزيون جالسا على كرسي متحرك، وحرك يده اليمنى قليلا كما سمع صوته الخافت وهو يرد على رئيس الوزراء بالقول "ان شاء الله" دون ان يفهم ما قاله الاول. وكانت صور مشابهة للرئيس الجزائري بثها التلفزيون خلال زيارة الوزير الاول عبد المالك سلال له يرافقه رئيس اركان الجيش الفريق قايد صالح في 11 حزيران/يونيو، لطمأنة الراي العام بعد نشر اخبار حول تدهور حالته الصحية ودخوله في غيبوبة. لكن الصور كان لها رد فعل عكسي لدى الجزائريين، خاصة ان البيان الطبي حول صحة الرئيس بوتفليقة الذي سبق بث الصور تحدث لاول مرة عن اصابته بجلطة دماغية طفيفة. وكان لصور عودته الثلاثاء نفس رد الفعل في الصحف الجزائرية الصادرة الاربعاء، حيث تساءلت عن مدى قدرته على الاستمرار في الحكم ، بعد ان اكد بيان رئاسة الجمهورية انه "سيكمل فترة راحة واعادة تاهيل" في الجزائر، دون تحديد لمدة هذه الفترة ولا مكان خلوده للراحة. وكتبت صحيفة الوطن المعروفة بانتقادها للسلطة ان "الشكوك حول قدرته على تسيير البلد كاملة (...) وحتى وان كان من المؤكد ان بوتفليقة لن يترشح لولاية رئاسية رابعة، فهل يملك القدرة على الاستمرار في الحكم الى نهاية ولايته المقررة في نيسان/ابريل 2014؟". وتراجعت فرص ترشح بوتفليقة (76 سنة) لولاية رابعة بسبب مشاكله الصحية التي بدات منذ اصابته بنزيف في المعدة في 2005 ولم تنته فعليا ابدا، على الرغم من ان مؤيديه مازالوا يعتقدون انه يمكن ان يترشح، لانه لم يعلن موقفه بعد. فحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم والذي يرأسه بوتفليقة يرفض اي حديدث عن مرشح آخر غير الرئيس "مادام لم تعلن صراحة انه لن يترشح" كما اكد منسق المكتب السياسي في الحزب عبد الرحمان بلعياط. كما ان وزير البيئة ورئيس حزب الحركة الشعبية عمارة بن يونس يردد في كل لقاءاته مع مناضليه انه "يدعم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة". وحرص بوتفليقة خلال اقامته في مستشفى فال دوغراس او ليزانفاليد على ضمان تواجده في الساحة السياسية الداخليو والخارجية من خلال التوقيع على المراسيم الرئاسية واصدار العفو عن المساجين وارسال برقيات التهاني لنظرائه في الخارج. لكن ما اثار الانتباه هو غياب رئيس الجمهورية لاول مرة عن الاحتفالات بعيد الاستقلال في 5 تموز/يوليو وحفل تقليد الرتب والاوسمة لكبار ضباط الجيش باعتباره وزيرا للدفاع والقائد الاعلى للقوات المسلحة. وقد ناب عنه في هذه المهمة الفريق قايد صالح. ومنذ تعديل الدستور في 2008 اصبح رئيس الجمهورية هو من يراس مجلس الوزراء الذي لا ينعقد بدونه، وهو المخول بدراسة مشاريع القوانين قبل ارسالها الى البرلمان. وكان التساؤل الاكبر هو مصير حول قانون المالية التكميلي الذي يحدد الميزانية الاضافية للدولة والذي "يمر حتميا عبر مجلس الوزراء" كما اكد ذلك رئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح لصحيفة الخبر. وسيكون ذلك الملف الاكثر الحاحا بالاضافة الى حركة تحويل السفراء وتعيين السفراء الجدد ووكذلك القضاة والولاة. اما الملف الاكبر فهو مشروع تعديل الدستور الذي وعد به غداة احداث الربيع العربي والذي اسند الى لجنة فنية "انهت عملها" بحسب بن صالح، وتنتظر عودة الرئيس لتسلمه مشروع الدستور الجديد ليقرر ان كان سيعرضه للاستفتاء الشعبي اويكتفي بمصادقة البرلمان عليه. ومن اهم ما طالبت المعارضة بتعديله تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين كما في دستور 1996 قبل ان يعدله بوتفليقة في 2008 ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2009. ودفع عدم تحديد بوتفليقة موقفه من الانتخابات الرئاسية في 2014 اغلب الشخصيات التي تطمح الى الترشح، الى العزوف عن اعلان ترشحها ما عدا رئيس الوزراء السابق احمد بن بيتور الذي اختار الترشح مستقلا وبدعم من "المجتمع المدني" بعيدا عن الاحزاب السياسية. وكان بوتفليقة اعلن بنفسه في ايار/مايو 2012 ان "عهد حكم جيله قد ولى" ويجب ان يسلم المشعل، ما تم تفسيره على انه انسحاب من السلطة. لكن "الاقوال لم تتبعها الافعال" كما علق مدير صحيفة ليبرتي عبروس اوتودرت في افتتاحية الصحيفة الاربعاء.