تحتد وطأة المنافسة بين مختلف الأحزاب السياسية مع اقتراب موعد فتح مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين الباكستانين للأدلاء بأصواتهم في الانتخابات الباكستانية العامة. وتبدو المنافسة في أوجها بين الأحزاب المشاركة فيها، فكل من هذه الأحزاب يسعى لكسب أكبر عدد من أصوات الناخبين في الأيام الأخيرة المتبقية للوصول إلى قبة البرلمان، على أمل الفوز والمشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة. واللافت للنظر في الدورة الحالية هو ما تتمتع به الحملات الانتخابية من نشاط فاق سابقاتها لا سيما مع الشعور بالتفاؤل إثر الوعود التي قدمتها هيئة الانتخابات الباكستانية بنزاهة إجرائها وضمانات أمنية قدمتها المؤسسة العسكرية لحماية سير مجريات العملية الانتخابية. ولجأت الأحزاب السياسية في هذه الدورة الانتخابية إلى استخدام أساليب وطرق تراوحت ما بين التقليدية والمعتادة كالإعلانات التلفزيونية والرسائل الصوتية التي بثت غالبا عبر الأثير والمطبوعات التي تنشر في الصحف المحلية. أما آخرون فذهبوا إلى محاولة توظيف شبكات التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، حيث قام عدد من الأحزاب السياسية كحزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف وحركة إنصاف التي يترأسها عمران خان إلى إنشاء وحدات إعلامية متخصصة هدفها نشر آخر التطورات والمستجدات المتعلقة بنشاطات الحزب ورسائله، وهي قد تكون محاولة لكسب المؤيدين من شرائح مختلفة لا سيما فئة الشباب التي تشكل ثلث عدد الناخبين المسجلين، الذي قدرته هيئة الانتخابات الباكستانية بما يزيد على خمسة وثمانين مليون ناخب. ويرى رضا رومي الخبير في مجال التواصل الاجتماعي أن لجوء الأحزاب إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ما هو إلا محاولة لتغلب على العوائق الأمنية التي حالت دون إيصال رسائل هذه الأحزاب. يتكون مجلس النواب الباكستاني من 278 مقعدا، يحظى إقليم البنحاب ب 148 منها، ويعتبر القاعدة الشعبية لحزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف. لكن شعبيته باتت مهددة من حركة إنصاف التي يترأسها عمران خان. يلي إقليم السند البنجاب في عدد المقاعد ويشغل 61 مقعدا، ويعد معقل حزب الشعب الذي يترأسه بلاول بوتو نجل الرئيس آصف علي زرداري وتنافسه فيه حركة المهاجرين القومية التي يتزعمها ألطاف حسين. أما إقليم خبير بختون خوا فيحظى بخمسة وثلاثين مقعدا ويعد معقل حزب عوامي البشتوني الذي تنافسه بعض الأحزاب الدينية كالجماعة الإسلامية وجمعية علماء الإسلام. وأخيرا إقليم بلوشستان الذي يشهد نشاطا للحركات الانفصالية ويعتبر الأقل من حيث عدد المقاعد إذ يحظى بأربعة عشر مقعدا في البرلمان يتنافس عليها عدد من الأحزاب البلوشية القومية. وتتنافس ثلاثة أحزاب رئيسية في هذه الانتخابات، وهي حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف وحزب الشعب بقيادة نجل الرئيس زرداري بلاول بوتو وحركة إنصاف التي ظهرت كقوة سياسية منافسة، برئاسة الرياضي السابق ولاعب الكريكيت عمران خان الذي كسب مؤخرا شعبية لا يستهان بها لا سيما مع إطلاقه دعوات للتغيير والإصلاح والعزف على وتر الوطنية، ويتعين على هذه الاحزاب الرئيسية أن تخوض المنافسة في أكثر من 272 دائرة إنتخابية. وتشير استطلاعات الرأي العام التي أجراها عدد من مراكز الأبحاث مثل جالوب باكستان إلى أن نواز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية يعد الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، رغم التحدي الذي يمثله عمران خان رئيس حركة إنصاف الباكستانية من خلال منافسته على مقاعد البرلمان في إقليم البنجاب. ويرى المحلل السياسي جاويد صديق أن إخفاق حزب الشعب في التعاطي مع ملفات رئيسية ثلاث وهي الأمن والإقتصاد والفساد، وفشله خلال فترة ولايته التي استمرت على مدار خمس سنوات خلت في وضع حدا لمشكلة الطاقة قلل من شعبية وفرص الحزب للفوز في هذه الانتخابات. وعلى الرغم من استطلاعات الرأي العام التي تشير إلى تقدم نواز شريف على منافسيه إلا أن ظفر الله خان مدير مركز الدراسات الحديثة يستبعد تحقيق فوز كاسح لأي من هذه الأحزاب وقال لبي بي سي إنه لن يكون ثمة فوز كاسح لأي من هذه الأحزاب، ويتعين على الحزب الفائز الدخول في تحالفات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الحكومة المقبلة . ومع تخطي نسبة المشاركين الذي سجلوا للإدلاء بأصواتهم حجم الذين شاركوا في الانتخابات السابقة، يأمل العديد من المواطنين الباكستانيين أن تجرى الانتخابات بنجاح وأن تتم العملية الانتخابية بشكل نزيه وشفاف، بشكل يكرر تجربة انتخابات عام ألفين وثمانية التي أفرزت حكومة أكملت فترتها لأول مرة في تاريخ البلاد دون الإطاحة بها. ويأمل آخرون أن تفرز هذه الانتخابات حكومة تضع حدا لما تواجهه البلاد من أزمات أثقلت كاهل المواطن الباكستاني.