باكستان دولة كبيرة ذات تاريخ حافل بالاضطرابات والقلاقل وإجراء انتخابات برلمانية فيها أمر ليس باليسير ليس فقط لشدة التنافس وسخونته ولكن لأنها تجري في توقيت تمر فيه البلاد بفترة عصيبة للغاية بعد حادثة مقتل رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة حزب الشعب المعارض بنظير بوتو. ونضيف إلي ذلك التوتر الشديد بين حكومة الرئيس الباكستاني برويز مشرف ومختلف الأحزاب الأخري خاصة الدينية منها. و يشارك في الانتخابات الباكستانية نحو2071 مرشحا يتنافسون علي342 مقعدا,60 منها مخصصة للنساء و10 مقاعد للأقليات الدينية. كما يتنافس5109 مرشحين علي مقاعد البرلمانات المحلية ال728, يخصص منها128 للنساء و23 للأقليات الدينية, ويراقب الانتخابات عدد كبير من المراقبين. وتشكل أحزاب الشعب الباكستاني والرابطة الإسلامية ومجلس العمل المتحد, الأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها الحياة السياسية في باكستان, وهي اليوم تصطف في خانة المعارضة. وفي المقابل يقف حزب الرابطة الإسلامية جناح قائد أعظم وعدد من الأحزاب ذات الوزن الخفيف في ميزان القوي السياسية, محسوبة بصورة أو أخري علي حكومة مشرف. ومجلس العمل المتحد هو تحالف الحركات والأحزاب الدينية الذي يضم ستة من الأحزاب الإسلامية ذات النفوذ القوي في الشارع الباكستاني. و يحتفظ حزب الشعب بنفوذ قوي في إقليم السند مسقط رأس عائلة بوتو, وفي جنوبإقليم البنجاب, كما يحتفظ حزب الرابطة الإسلامية بشعبية تاريخية في وسط وشمال البنجاب أكبر الأقاليم الباكستانية, في حين يتركز نفوذ الأحزاب الإسلامية خاصة الجماعة الإسلامية وجمعية علماء باكستان وجمعية علماء إسلام في إقليمي سرحد.. والحقيقة انه يوجد الكثير من اللاعبين علي الساحة السياسية الباكستانية سيكون لهم تأثير كبير علي العملية الانتخابية في باكستان مشرف القوي الرئيس مشرف الذي انقلب علي رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف عام1999 وعين نفسه رئيسا لباكستان بعد استفتاء شعبي عام2001, من أكبر اللاعبين فالمراقبون يرون أن مشرف سيسعي ليكون رئيس الوزراء المقبل متفقا مع تطلعاته ولا يحظي بقوة سياسية تسمح له بالمشاكسة والتمرد عليه حتي لا يشرب مشرف من نفس الكأس التي شرب منها نواز شريف. سلالة بوتو بيلاوال بوتو نجل رئيسة الوزراء الراحلة بنظير بوتو والرئيس الحالي لحزب الشعب سيكون ضمن الشخصيات السياسية الهامة التي ستتحكم في مقاليد الأمور في باكستان. وبيلاوال ورث جبريا كل تركة عائلة بوتو السياسية ولكن بطبيعة الحال فإن تأثيره لن يكون بحجم التأثير الذي كان لوالدته في أي انتخابات نظرا لصغر سنه وحداثة عهده بالسياسة. ولا يمنع هذا من أن تأثير حزب الشعب المعارض لن يختفي في تلك الانتخابات بل سيستمر وستكون له كلمته نظرا لأن شعبية بوتو لم تكن هينة في الشارع الباكستاني. زرداري وقدر الأب عاصف زرداري زوج بنظير بوتو هو الرئيس الفعلي الحالي لحزب الشعب الباكستاني المعارض وإن كان منصبه نائبا لرئيس الحزب. زرداري يطالب حاليا بلجنة تحقيق مستقلة لمعرفة المسئولين عن مقتل زوجته وكان قد سبق أن اتهم المخابرات الباكستانية بتدبير العملية. وزرداري يقع حاليا علي عاتقه الحفاظ علي حزب الشعب المعارض وجعله قويا حتي يتسني له الخروج بأكبر مكاسب من الانتخابات المقبلة. وسيظهر مدي نجاح زرداري في تلك المهمة عندما تنتهي الانتخابات وتظهر النتائج لنري مدي قدرة حزب الشعب علي الحفاظ علي قوته. مخدوم أمين.. رجل حزب الشعب مخدوم أمين دائما رجل حزب الشعب المخلص فقد كان مرشح رئيسة الوزراء السابقة بيناظير بوتو في انتخابات الرئاسة وكان الرجل يتولي رئاسة حزب الشعب خلال غياب بوتو في المنفي. كما تشير المعلومات إلي أن الحزب سيرشحه لمنصب رئيس الوزراء في حال فوزه بالانتخابات المقبلة. نواز شريف والمواجهة نواز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية المعارض أصبح شوكة ليست باليسيرة في ظهر مشرف لعدائه الشديد له. وجعلته الظروف في مواجهة مباشرة معه بعد مقتل بوتو. شريف كان له علاقات جيدة مع بوتو وحزبها ويدرس الحزبان تشكيل تحالف في حال فوزهما بالإنتخابات. والحقيقة أن شريف لا يحظي بنفس الدعم الذي كانت تحظي به بوتو من الغرب نظرا لعلاقاته ببعض الجماعات المتشددة. شريف يظهر حاليا في منصب زعيم المعارضة إلا أن المراقبين لم يتوقعوا له ان يعود إلي منصب رئيس الوزراء بعد تلك الانتخابات نظرا لأن مشرف لن يرضي بذلك لعدم تفاهمه معه إضافة إلي أن الغرب لا يحبذه ولكن هذا لايمنع من حدوث مفاجآت. عمران خان.. المعارض الشرس لاعب الكريكت الشهير عمران خان المنحدر من إقليم سرحد الذي تتمتع فيه الجماعات الإسلامية بنفوذ قوي وتأخذ علي مشرف تعاونه مع الولاياتالمتحدة يمكن أن يحاول مشرف مقايضته بمنصب رئيس الوزراء لتخفيف سخط الجماعات البشتونية علي مشرف وانتقادهم له. شودري.. رجل المحكمة الدستورية إقالة مشرف لرئيس المحكمة الدستورية العليا افتخار شودري علي خلفية اتهامات بسوء استغلال السلطة كان له أكبر الأثر علي الشارع الباكستاني خاصة وأن شودري كان من أكبر المنتقدين لسياسة الرئيس الباكستاني. والحقيقة أن شودري أيقظ الشارع الباكستاني وحرك حركات المعارضة المختلفة بل وأدي اعتقاله إلي دخول تلك الحركات المعارضة في مفاوضات للتحالف ضد مشرف. ويمكن القول أن اعتقال شودري كان الشرارة التي أشعلت الشارع الباكستاني. الجنرال كياني يشير المراقبون إلي أن إدارة الرئيس جورج بوش تعقد آمالها حاليا علي قائد الجيش الباكستاني الجديد أشفاق كياني لإحلال الاستقرار بالبلاد. وكان الرئيس الباكستاني برفيز مشرف قد تنازل في أواخر نوفمبر الماضي عن قيادة الجيش للجنرال' أشفاق برفيز كياني' والمعروف بعلاقاته الممتازة مع الغرب. والجيش الباكستاني يلعب دائما دورا بارزا في السياسة الباكستانية, ويري البعض أن' كياني' مع مرور الوقت قد يصبح أقوي من مشرف نفسه. ويري المحللون أن كياني سوف يبقي علي ولائه لمشرف, ولكنه لن يدعمه في حال تسبب ذلك في الإضرار بالجيش الجنرال كياني يعجب الجيش والمخابرات الأمريكية بسبب تأييده للغرب وقلة طموحاته السياسية إلا أن هناك تخوفا من تحوله كما فعل الرئيس مشرف. ويري المحللون أن كياني يمكن أن ينهي حالة عدم الاستقرار في باكستان بعقد صفقة كبيرة مع أحزاب باكستان السياسية المدنية والتي تريد إنهاء هيمنة الجيش وهو أمر لن يكون سهلا.