استأنف فريق من صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء مفاوضات مع مصر بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولار تحتاجه لتخفيف أزمة اقتصادية حادة. وفي ظل اضطرابات سياسية مستمرة منذ نحو عامين تراجعت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى مستوى حرج مما يهدد قدرة مصر على شراء القمح والوقود. ومصر أكبر بلد مستورد للقمح في العالم. كانت مصر توصلت لاتفاق مبدئي مع الصندوق في نوفمبر تشرين الثاني لكن تقرر إرجاء التصديق على الاتفاق بعد أسابيع قليلة وسط احتجاجات أشعلها صراع سياسي بين الرئيس محمد مرسي ومعارضيه. وقال علاء الحديدي المتحدث باسم مجلس الوزراء إن البعثة "بدأت مباحثاتها فور وصولها اليوم الأربعاء بلقاء مسؤولين في وزارة المالية والبنك المركزي ... وستلتقي رئيس الوزراء فور انتهاء عملها خلال أسبوع أو عشرة أيام." ويتعين على مصر إقناع الصندوق بأنها جادة في إصلاحات تهدف إلى تعزيز النمو وتقليص عجز هائل في الميزانية. ويتضمن ذلك زيادات ضريبية وخفض دعم سخي للوقود والخبز وهي إجراءات تنطوي على مخاطر سياسية. ولم تتوصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد على الرغم من جولات طويلة من المحادثات بدأتها حكومة سابقة عينها الجيش. ويقول اقتصاديون إن صندوق النقد يشك فيما يبدو في قدرة مصر على تنفيذ الإصلاحات وهي شكوك لم تتبدد في ظل الاضطرابات السياسية. وقال الرئيس محمد مرسي إن الانتخابات البرلمانية يمكن أن تجرى في أكتوبر تشرين الأول بعد أن كان من المقرر لها اصلا أن تبدأ أواخر ابريل نيسان. وقد لا ينعقد البرلمان الجديد قبل ديسمبر كانون الأول. وقال وزير المالية المرسي السيد حجازي يوم الاثنين إن الحكومة تأمل في إنجاز الاتفاق بحلول اجتماعات الصندوق المقررة في الفترة من 16 إلى 21 ابريل نيسان. لكن مسؤولي الصندوق لم يحددوا جدولا زمنيا ويقول اقتصاديون إن من المستبعد التوصل إلى اتفاق كامل قبل الانتخابات. وقال إبراهيم رزق الله الخبير لدى جيه.بي مورجان "الافتراض الاساسي هو استبعاد إبرام اتفاق مع الصندوق قبل الانتخابات البرلمانية.. لكن يمكن في غضون ذلك التوصل إلى اتفاق بشأن قرض عاجل. "منذ أزمة الدستور باتت الأمور أصعب وزاد الانقسام السياسي... سيصر صندوق النقد على وجود توافق سياسي وراء برنامج الإصلاح." وقبل وصول وفد الصندوق أعلنت الحكومة زيادة سعر اسطوانات غاز الطهي. لكنها أرجأت خططا لترشيد دعم الوقود باستخدام بطاقات ذكية إلى الأول من يوليو تموز وتقول بعض التقارير إن الموعد قد يؤجل مرة أخرى. وخسر الجنيه المصري نحو عشر قيمته مقابل الدولار هذا العام ويجري تداوله بأسعار أضعف في السوق السوداء مما يؤجج التضخم. وقد يؤدي نقص السلع إلى تزايد التوتر في الشارع حيث ينظم معارضو مرسي احتجاجات كثيرا ما تتطور إلى اشتباكات عنيفة. وحثت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مصر على إرساء توافق سياسي واسع لدعم الاصلاحات التي يتطلبها برنامج الصندوق لكن الاستقطاب يتزايد بين الأحزاب السياسية الرئيسية. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الثلاثاء إن مصر تقف عند منعطف حرج. وقال للصحفيين "لدينا في إدارة أوباما مخاوف حقيقية بشأن الاتجاه الذي يبدو أن مصر تسلكه." وتابع قوله "بذلنا جهودا كبيرة في الأسابيع الماضية لمحاولة دفع الحكومة المصرية للتواصل مع المعارضة والتعامل مع صندوق النقد والتوصل إلى اتفاق يسمح لمصر بالبدء في تحويل مسار الاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين." وأدان التيار الشعبي اليساري الذي يقوده حمدين صباحي -الذي حل في المرتبة الثالثة في انتخابات الرئاسة العام الماضي- قرض صندوق النقد المقترح في بيان نشر في صفحته على موقع فيسبوك وانضم إلى مظاهرة صغيرة أمام دار القضاء العالي اليوم احتجاجا على زيارة وفد الصندوق. وقال التيار الشعبي "رفضنا لهذا القرض ينبع من كوننا ضد استمرار رهن الاقتصاد المصري لشروط صندوق النقد الدولي" مضيفا أنه سيأتي بنتائج سلبية على الاقتصاد وعلى الظروف الاجتماعية والمعيشية للمصريين. ومن أجل حماية الجنيه المصري رفع البنك المركزي أسعار الفائدة مما يزيد تكلفة الاقتراض اللازمة لتمويل عجز الميزانية الذي سيبلغ 12.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إذا لم تنفذ الحكومة إصلاحات. وتهدف خطة اقتصادية متوسطة الأجل قدمتها الحكومة لصندوق النقد إلى خفض العجز إلى 9.5 بالمئة في السنة المالية 2013-2014 التي تبدأ في الاول من يوليو. وأجبرت الأزمة المالية الحكومة على الحد من واردات الوقود مما أدى إلى نقص تسبب في تعطيل للمواصلات وانقطاعات في الكهرباء. ولتخفيف الأزمة قالت الحكومة إنها تسعى لاستيراد النفط من العراق وليبيا المجاورة مع سداد جزء من ديونها لشركات الطاقة الأجنبية. وقلصت مصر أيضا وارداتها من القمح أملا في أن يكون المحصول المحلي كافيا لتوفير الغذاء لسكانها البالغ عددهم 84 مليون نسمة. وقال بيان حكومي يوم الاربعاء إن مخزون القمح المصري تراجع الي مليوني طن بما يكفي الاستهلاك لمدة 81 يوما. وكانت الحكومة قالت في 27 مارس آذار إن المخزون بلغ 2.116 مليون طن. من أولف ليسينج (شاركت في التغطية ماجي فيك وأسماء الشريف - إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية - تحرير وجدي الألفي)