اعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان الاثنين عن "قلقها إزاء عيوب الإجراءات (القانونية) التي ساهمت في تسريع إصدار مذكرة التوقيف ضد سامي الفهري" مدير تلفزيون "التونسية" الخاص الذي اشتهر ببث برنامج سياسي ساخر ينتقد حركة النهضة الاسلامية الحاكمة. وقالت المنظمة في البيان الذي تلقت فرانس برس نسخة منه إنها "تطالب بإقامة محاكمة عادلة (لسامي الفهري) لا تشهد أي تدخل من السلطة". وأضافت "بالتوازي مع هذا الفصل القضائي، اقدم اربعة أفراد على الاعتداء على المصور التلفريوني سليم الطرابلسي العامل في قناة التونسية، وذلك عبر ضربه بالهراوات وتهديده باستخدام السلاح الأبيض". وتابعت "اثناء هذا الاعتداء، سمع المصور اسم سامي الفهري مرات عدة وقد هدد المعتدون عليه بشكل غير مباشر الصحافيين والتقنيين العاملين في قناة التونسية مكررين أنهم سينالون منهم الواحد تلو الآخر". وقبل ثلاثة ايام، أصدرت الغرفة الجنائية لمحكمة الإستئناف بتونس مذكرة توقيف بحق الفهري الذي يلاحق مع آخرين في قضية بدأت قبل عام ونصف وتتعلق بإلحاق أضرار مالية بالتلفزيون الحكومي التونسي خلال فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وأضافت مراسلون بلا حدود "عشية صدور مذكرة التوقيف، علم محامو الدفاع بأن تقرير الخبراء (المتعلق بالقضية) الواقع في 3000 صفحة تقريبا لم يحول بعد إلى الغرفة الجنائية بمحكمة الإستئناف". وتابعت "إلا أنه بعد 24 ساعة (...) أصدرت الغرفة الجنائية حكمها على أساس التقرير نفسه، في حين أنه بموجب المادة 114 من مجلة الإجراءات الجنائية، يجدر إبلاغ محامي الدفاع بمطالعات النيابة العامة ليتمكنوا من رفع مطالعاتهم إلى الغرفة الجنائية قبل النطق بالحكم ولكن الدفاع لم يبلغ بعقد الجلسة". ولاحظت ان "سامي الفهري ملاحق في هذه القضية بصفته متواطئا بينما يتمتع المتهمون الأساسيون بحريتهم". وقالت "إن سرعة الغرفة الجنائية في إصدار حكمها في محاكمة بدأت منذ عام ونصف والعيب في الشكل الفاضح ملفتان ويدفعاننا إلى التساؤل حول دوافع المحكمة والقضاة". واتهم الفهري (40 عاما) السبت الماضي حركة النهضة بتحريك القضاء ضده على خلفية بث قناته برنامج "اللوجيك السياسي" الساخر. ويتضمن البرنامج فقرة "القلابس" وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وحمادي الجبالي أمين عام الحركة ورئيس الحكومة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية. وحظي البرنامج الذي انطلق بثه بداية شهر رمضان بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك استطلاعات رأي. وقال الفهري إن لطفي زيتون عضو حركة النهضة والمشتشار السياسي لحمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام الحركة، مارس عليه "ضغوطا شديدة" دفعته إلى ايقاف البرنامج قبل 4 أيام من عيد الفطر. وتابع أن زيتون عاود الاتصال به بعد تسرب أخبار حول تعرض القناة لضغوط حكومية وطلب منه التصريح لوسائل إعلام بأن تلفزيون التونسية لم يتعرض لأي ضغوط وبأنه أوقف بث البرنامج من تلقاء نفسه. ونفى لطفي زيتون هذه الاتهامات جملة وتفصيلا واتهم الفهري ب"الكذب". واعتبرت مراسلون بلا حدود ان التصريحات الصادرة مؤخرا عن "مسؤولين سياسيين مستائين من السخرية من قادة البلاد" في برامج تلفزيونية "تثير القلق". وعشية إصدار مذكرة إيقاف ضد سامي الفهري، قال عبد اللطيف المكي، عضو حركة النهضة ووزير الصحة في حكومة حمادي الجبالي، في تصريح لإذاعة شمس إف إم الخاصة إن "بعض المنوعات" التي تنتقد "الرموز الوطنية مثل رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة (..) تجاوزت حدود الاحترام". وقال سليم حميدان وزير أملاك الدولة في تصريح نشرته الاثنين صحيفة "الأسبوعي" إن برنامج اللوجيك السياسي الذي تبثه قناة التونسية "قائم على مفهوم السخرية المفرطة والاستهزاء برموز الدولة وإضعاف الهيبة وهو يدخل ضمن استراتيجية الثورة المضادة لإرباك الوضع وإحداث الفوضى والفراغ السياسي بالبلاد". وسنة 2002 أسس سامي الفهري شركة "كاكتوس" المتخصصة في انتاج البرامج التلفزيونية الترفيهية. وأنتجت الشركة عدة برامج لحساب التلفزيون الحكومي التونسي الذي اتهمها، بعد الاطاحة بنظام بن علي، بالمشاركة في الاستحواذ على إيرادات إعلانات كانت يبثها التلفزيون، وباستعمال معداته التقنية لانتاج برامجها. ويملك بلحسن الطرابلسي شقيق ليلى الطرابلسي زوجة بن علي 51 % من رأسمال كاكتوس وسامي الفهري 49 %. وبعد الإطاحة بنظام بن علي وهروب بلحسن الطرابلسي إلى كندا صادرت الدولة حصة الطرابلسي في "كاكتوس" وعينت عليها حارسا قضائيا.