دبي - قال تقرير حديث أصدره بنك أوف أمريكا ميريل لينش إن نموذج التنويع الاقتصادي الذي تتبعه إمارة دبي، يعتبر نسيج وحده في منطقة مجلس التعاون الخليجي، من حيث الحجم، ودرجة التنافسية . وأضاف أن مكانة دبي كمركز إقليمي للخدمات المالية، والنقل، والخدمات اللوجستية، تؤهل الإمارة للاستفادة من النمو الاقتصادي في البلدان المجاورة خلال الفترة المقبلة . وأشار إلى أن دبي استمدت رؤيتها من إنجازات الماضي، منذ أن أصبحت تاريخياً مركزاً للتجارة على مسار آسيا- أوروبا في القرن التاسع عشر، مضيفاً أن السياسات المستقبلية للإمارة ستهتم بوضع عنصر المخاطرة في الاعتبار . وقال إن عائدات النفط التي درتها الإمارة بعد اكتشاف حقل فتح البحري، أسهمت في بناء ميناء جبل علي كإضافة إلى ميناء راشد، مشيراً إلى أن جهود التنويع في الخدمات سبقت بقية دولى المنطقة (باستثناء البحرين والتي أسست بنوك الأوفشور في العام 1975) . وقال إن إنشاء المناطق الحرة في ثمانينيات، وتسعينيات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الجديدة، مقرونة بمبادرات جانب الطلب، أسهمت في توفير الحوافز الصحيحة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، والشركات العالمية، مشيراً إلى مزايا التملك الأجنبي بنسبة 100 في المئة، وانعدام ضرائب الدخل الشخصي، وضرائب الشركات، والرسوم الجمركية على الصادرات الواردات في المناطق الحرة، فضلاً عن تطور البنية التحتية، والبيئة المنفتحة على المغتربين، وحقوق التملك الحر في مناطق معينة منذ العام 2006 . وقال التقرير، إن دولة الإمارات، إلى جانب السعودية، وقطر، لديها فرص أفضل لتحقيق أعلى معدلات التنمية الاقتصادية، على الرغم من أن بعض الاختلافات سوف تظهر بمرور الزمن، وأشار البنك في هذا السياق إلى أنه يؤمن بأن دبي على وجه الخصوص، سوف تثبت بأنها الرابحة في المدى البعيد، بدعم من النمو المستمر في عدد سكانها، والتطور الهائل الذي حققته في بنيتها التحتية خلال الفترة السابقة . وتابع إن عدد السكان في دبي ارتفع بمتوسط نمو سنوي بلغ 7 .7 في المئة طيلة الفترة الممتدة بين عامي 1994 و،2010 مستطرداً أن نسبة سكان دبي وصلت حالياً إلى 36 في المئة من إجمالي سكان الدولة، أي أعلى 10 في المئة عن عام 1980 . ومع تعافي دبي من أزمة العقارات، ستتلاشى على الأرجح الضغوط على النمو . وقال التقرير، إن دبي، وبشيء من المنطق، تجاوزت عصر النفط، لتقدم نموذجاً للكيفية التي يمكن أن يحدث بها الاعتماد على مزيج من الصادرات، تحولاً حقيقياً بعيداً عن صيغة السلع الأولية، إلى صيغة السلع المصنعة . وأوضح أن دولة الإمارات حققت أعلى معدلات النمو في الإنتاجية في قطاع النفط ضمن منطقة مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة 2000- ،2010 بحسب نموذج النمو الذي يتبعه البنك . وأشار إلى أن مساهمة قطاع النفط في إجمالي الناتج المحلي لدبي تراجعت طيلة السنوات الماضية، لتبلغ 5 .1 في المئة فقط في 2011 . وقال إن عائدات النفط شكلت 17 في المئة فقط من عائدات الحكومة في ،2011 نزولاً من 41 في المئة في 2002 . وقال التقرير إن دبي تعافت سريعاً من الانكماش الاقتصادي، مشيراً إلى أن السياحة وزيادة الاستهلاك وتوسع مساحات المحال التجارية أسهمت في تعزيز قطاع تجارة التجزئة في الإمارة . ونقل عن بيزنيس مونيتور انترناشونال، توقعها بنمو عائدات التجزئة في الإمارات بنسبة 3 .5 في المئة في العام 2011 إلى 31 مليار دولار، وأن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى 7 .32 مليار دولار هذا العام، و 7 .42 مليار دولار بحلول العام ،2015 في حين يقدر تقرير بانك أوف أمريكا ميريل لينش نمو مبيعات التجزئة في دبي بنسبة 5 في المئة خلال الفترة 2011-2020 . أما بالنسبة لقطاع السياحية و الضيافة في الإمارة، فقد أشار التقرير إلى أن القطاع دخل مرحلة النمو المطرد، حيث استقطبت دبي عاصمة التسوق في الشرق الأوسط أكثر من 8 ملايين زائر في العام 2011 . واستشهد التقرير باستراتيجية دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي لعام ،2015 وقولها إن قطاعي السياحة وتجارة التجزئة، يمثلان اللبنتين الأساسيتين في ازدهار اقتصاد الإمارة، حيث تسعى الدائرة إلى جذب 15 مليون سائح خلال الفترة المقبلة . وأضاف التقرير أن الإمارة ستحتاج إلى 965 .72 ألف أو 868 .18 ألف غرفة فندقية، لاجتذاب 6 .1 مليون نزيل إضافي بحلول عام 2020 . ووفقاً لشركة جونز لانغ لاسال فإن دبي تخطط لإضافة 300 .11 ألف غرفة بحلول العام 2014 . وفي ما يتعلق بترسية العقود في الدولة، قال البنك إنها تراجعت 18 في المئة أو 2 .1 مليار دولار منذ بداية العام، و85 في المئة من العقود التي منحت منذ مايو 2011 ، و92 في المئة من العقود منذ مايو/أيار 2012 ، كانت تخص قطاع البناء، والبنية التحتية، والتي سجلت انخفاضاً بنسبة 12 في المئة . وقال التقرير إن مشاريع قطاعي النفط والغاز كانا الأقل أداءً بين القطاعات الأخرى في الإمارات، حيث بلغت نسبة تراجعهما 38 في المئة منذ بداية العام، مشيراً إلى انخفاض المشاريع قيد التنفيذ في الفترة 2012 -2013 بنسبة 16 في المئة، مدفوعاً بانخفاض قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات بنسبة 36 في المئة، وأضاف البنك في تقديراته إلى أن المشاريع قيد التنفيذ في الإمارات للفترة 2012-2013 تبلغ نسبتها 26 في المئة من إجمالي المشاريع الموجودة في منطقة الشرق الأوسط . ولم تفوت دول مجلس التعاون الخليجي فرصة الاستفادة من دروس العهد البترودولار السابق . ففي الفترة ما بين عامي 1974 و1979 كانت دول المجلس تستثمر نسبة كبيرة من عائدات البترول في الاستثمارات الخارجية، و47 في المئة من إجمالي هذه الاستثمارات كانت تودع في حسابات بنكية في الدول المتقدمة، أو تخصيصها في شراء أدوات مالية في بريطانيا أو الولاياتالمتحدة . وكان لهذه التدفقات المالية الضخمة خارج دول المجلس تأثير محلي محدود . وسعى مجلس التعاون الخليجي على مر العقود الماضية لتحقيق مكاسب ثابتة في مؤشرات التنمية الاجتماعية، و لتقليص الفجوة مقابل مؤشر صادرات السلع . وقد ازداد متوسط العمر المتوقع في دول الخليج العربي بمعدل 10 سنوات تقريباً، ليصل إلى 75 سنة خلال الفترة 1980 - ،2010 كما ارتفع و بشكل كبير معدل وفيات الرضع في الفترة ذاتها .