في 30 يونيو 2013، خرج الملايين من أبناء الشعب المصري في مشهد مهيب، لم يكن مجرد حشد غاضب، بل كان تعبيرًا صادقًا عن إرادة أمة رفضت أن تُختطف هويتها، أو تُختزل حضارتها الممتدة في مشروع جماعة لا تؤمن بالدولة الوطنية. خرج الناس بكل أطيافهم وأعمارهم، لا يربطهم سوى حب هذا الوطن والرغبة في استرداده، بعدما شعروا بأن مصر التي يعرفونها بدأت تغيب خلف ستار من العزلة والتعصب والفشل. كانت اللحظة حاسمة، والقرار مصيريًا. في هذا اليوم، التقت إرادة الشعب مع انحياز مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة، التي أدركت حجم الخطر المحدق، فاختارت أن تنحاز للشعب وتحمي مطالبه، وتمنع انزلاق البلاد إلى مصير مجهول. لم تكن الخطوة سهلة، ولم يكن المستقبل واضحًا، لكن الإيمان بأن مصر تستحق الأفضل كان الدافع الأكبر للمضي قدمًا، حتى لو كلف الأمر تضحيات كبيرة. ومنذ ذلك الحين، لم تكن السنوات التالية مجرد عبور من أزمة إلى استقرار، بل كانت بداية لتحول عميق في شكل الدولة المصرية، وإعادة رسم ملامحها وفق رؤية جديدة تنبع من الداخل. سنوات من العمل الشاق، والمشروعات العملاقة، والإصلاحات الاقتصادية، بدأت ترسم على أرض الواقع صورة مختلفة لوطن يتحرك بثقة نحو المستقبل. مشروعات في الطاقة والطرق والكباري، توسع عمراني غير مسبوق، بناء مدن ذكية، شبكات حماية اجتماعية، تطوير شامل في الصحة والتعليم، وتحولات جذرية في مؤسسات الدولة. لم يكن ذلك طريقًا سهلًا. دُفعت فيه دماء غالية من شهداء الجيش والشرطة والمدنيين، الذين واجهوا موجات العنف والإرهاب بكل شجاعة، حتى استقرت الدولة وثبّتت أركانها. كانت معركة بقاء، وقرر فيها المصريون أن يكونوا على قدر المسؤولية. ومن قلب هذا المسار الطويل، وُلدت فكرة الجمهورية الجديدة. جمهورية لا تكتفي بتجاوز الأزمات، بل تسعى لبناء دولة عصرية، عادلة، قوية، تؤمن بقيمة الإنسان وتمنحه حقه في حياة كريمة وتعليم راقٍ وخدمات متطورة. جمهورية تُعيد الاعتبار للمواطنة، وتفتح الباب للشباب والمرأة، وتؤمن بالتنوع، وتدير مواردها بعقل ورؤية، وتسعى لاستعادة مكانة مصر في محيطها الإقليمي والدولي. ثورة 30 يونيو لم تكن نهاية مرحلة فقط، بل كانت بداية لزمن جديد، اختار فيه المصريون الأمل والعمل والكرامة. وما تحقق منذ ذلك اليوم حتى الآن، هو وعد أوفى به هذا الشعب، حين قرر أن يكتب مستقبله بيده، وأن يصون بلده مهما كانت التحديات. ومنذ أن تحمّل الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية قيادة البلاد، بدأ فصل جديد من العمل والبناء والتحدي، لم يعرف فيه الشعب المصري طعم الراحة، لكنه رأى على الأرض إنجازات لم يكن يتخيل أن تتحقق بهذه السرعة والدقة. أعاد الرئيس السيسي للدولة المصرية هيبتها، وفتح ملفات ظلت لعقود مغلقة، مثل ملف العشوائيات، وتطوير الريف، وتمكين المرأة، ودعم الشباب، وتحديث البنية التحتية، إلى جانب خوض معركة شرسة ضد الإرهاب حتى استعادة الأمن والاستقرار في ربوع الوطن. أما في السياسة الخارجية، فقد استعادت مصر دورها الإقليمي والدولي، وأصبحت صوتًا فاعلًا في ملفات الأمن والسلام والتنمية في العالم العربي وأفريقيا، ومركزًا للحوار والتعاون في قضايا المناخ والهجرة والطاقة، وذلك كله فى إطار سياسة توازن بين متطلبات الأمن القومي ومبادئ السلام والاستقرار.