سحبت إسرائيل سفيرها من عمان بشكل عاجل تحسبا لمظاهرة تخشى أن تعيد سيناريو ما وقع للسفارة الإسرائيلية في القاهرة. الإجراء وُصف بالمؤقت إلا أنه مؤشر على تفاقم عزلة إسرائيل في المنطقة كما يرى الخبير الألماني رالف هيكسل. طلبت الحكومة الإسرائيلية اليوم (الخميس 15 سبتمبر 2011) من سفيرها في عمان والعاملين معه بالعودة إلى إسرائيل خشية من أعمال عنف قد تصاحب مظاهرة مناهضة لإسرائيل في الأردن. ويذكر أن متظاهرين مصريين غاضبين قاموا يوم الجمعة الماضي بمهاجمة السفارة الإسرائيلية في القاهرة أُجلي على إثرها السفير بصورة عاجلة في تطور وصف بالأسوء في العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ سقوط نظام مبارك. سحب السفير الإسرائيلي من عمان وإن وُصف ب"المؤقت" يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي في الشرق الأوسط بعد "الربيع العربي" كما يرى ذلك رالف هيكسل الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ومدير مكتب مؤسسة فريدرش إيبرت الألمانية في تل أبيب. يرى رالف هيكسل أن "حكومة نتانياهو تعتمد، بشكل أُحادي، على القوة العسكرية" في سياستها في الشرق الأوسط، لكن رياح "الربيع العربي" عصفت بثوابت هذه السياسة ففاقمت من عزلة الدولة العبرية إقليميا ودوليا. ولا يتوقع الخبير الألماني أن تهدأ العاصفة قريبا في ظل مجموعة من المتغيرات الجوهرية التي بدأت في إعادة ترتيب خارطة التوازنات في المنطقة. فإلى جانب سعي الفلسطينيين الحصول على الاعتراف بدولتهم من الأممالمتحدة، تدهورت العلاقات مع شركاء إسرائيل في المنطقة، مع تركيا ومصر والأردن أمام جمود عملية السلام خصوصا. وأوضح الخبير الألماني أن حكومة نتانياهو تعتمد "سياسة المراوحة والحفاظ على الوضع الحالي كما هو دون تقديم أي عرض للسلام" حسب رأي هيكسل، الذي يحذر من أن غياب أي تقدم في هذا المجال سيؤدي "إلى تقوية القوى المتطرفة في جوار إسرائيل ويزيد من قوة تأثيرها السياسي ما يشكل خطرا على أمن واستقرار المنطقة". ولعل أهم متغير حمله "الربيع العربي"هو أن"الشعب أصبح في العالم العربي فاعلا يلعب دورا سياسيا ويمارس ضغوطا على الحكومات، ضغط لم يعد بالإمكان تجاهله. وهذه وضعية جديدة تماما يتعين على الحكومة الإسرائيلية التعامل معها". هذه التطورات جعلت الكثير من المراقبين يتساءلون عن موقع إسرائيل في الشرق الأوسط الناشئ، وعما إذا كان "الاعتماد الأحادي على القوة" دون "التزام جدي" بعملية السلام في صالح الدولة العبرية على المدى البعيد. فلم يعد بإمكان حكومات ما بعد الربيع العربي الالتفاف على رأي الشارع كما كان عليه الأمر في الماضي.