هام للطلاب.. موعد و قواعد تقليل الإغتراب 2025 بعد اعتماد نتيجة تنسيق المرحلة الثانية "الرابط المباشر"    غدًا.. «الوطنية للانتخابات» تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    صادرات الغزل والنسيج ترتفع إلى 577 مليون دولار في النصف الأول من 2025 بنمو 7%    محافظ الإسماعيلية يهنئ رئيس هيئة قناة السويس بتجديد الثقة    نائب رئيس جمعية مستثمري مرسى علم يكشف أسباب ارتفاع نسب الإشغالات السياحية بموسم الصيف    «عامان من التضليل».. المصري اليوم تتبع أبرز محطات الجيش الإسرائيلي لتبرير اغتيال أنس الشريف    «ده وقت الحساب».. والد زيزو يتوعد جماهير الزمالك    عاد للتدريب المنفرد .. الإسماعيلي يكشف تطورات إصابة محمد حسن    إرشادات حضور عمومية الإسماعيلي لسحب الثقة من مجلس الإدارة    حبس البلوجر "لوشا" لنشره محتوى خادشا ومشاهد عنف على مواقع التواصل الاجتماعي    وليد عبدالعزيز يكتب: ظواهر سلبية تحتاج إلى إجراءات مشددة الطريق ملك للجميع.. والاستهتار في القيادة نتائجه كارثية    وزارة الرياضة تعلن الكشف عن المخدرات| تشمل "الاولمبية والاتحادات والأندية واللاعبين"    الإعدام للمتهم بقتل شاب لسرقة دراجته النارية في الواحات البحرية    أمير كرارة: لا منافسة بيني وبين السقا وكريم.. المهم موسم سينمائي يليق بالجمهور    نور الشريف.. أداء عبقرى خطف القلوب من السيدة زينب إلى قمة الفن العربي    أبرزهم تارا عماد وهنا شيحة.. نجوم الفن يتوافدون على العرض الخاص لفيلم درويش    "الأخضر" في إطلالة آيتن عامر... رسالة بالأناقة والحيوية في موسم الصيف    لكل ربة منزل.. تعرفى على فوائد الماكريل    الشاي الأخضر.. مشروب مفيد قد يضر هذه الفئات    اللاعب لا يمانع.. آخر تطورات انتقال باليبا إلى مانشستر يونايتد    "من بريق موناكو إلى سحر بورسعيد".. المصري يتعاقد مع كيليان كارسنتي    بعد تعافيه من الإصابة.. بافلوفيتش يعود لتدريبات بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    تعاون مصري- إيفواري في مجالي الصناعة والنقل وبحث إقامة مناطق لوجستية مشتركة    يسري الشرقاوي: القطاع الخاص آمن بمبادرة التيسيرات الضريبية    غدًا.. انطلاق المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمشاركة علماء من دول العالم    عمرو يوسف ودينا الشربيني يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم درويش    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    مذيعة القاهرة الإخبارية لمسئول بالوكالة الذرية: العلاقات لا تبنى على دم الشهداء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    وزارة التعليم تحدد اسعار الكتب المدرسية لطلاب المدارس الخاصة    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    وكيل صحة سيناء يتابع تقديم الخدمات الطبية للمترددين على مستشفى العريش    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    «الحرارة تتخطى 40 درجة».. تحذيرات من موجة حر شديدة واستثنائية تضرب فرنسا وإسبانيا    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    اللجنة الفنية في اتحاد الكرة تناقش الإعداد لكأس العرب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهنس .. التقاطٌ خاطئ لوحي ٍ صحيح !!

"كانت هاجرة حلوب ، تحلب العرق ، تحلب الذاكرة بمواقيت ، كنتُ كمن كان مهيأ لاستقبال أمر عظيم ، كانت حركة الشارع أمامى من خلال زجاج الباب ترجعنى برهة لحركة النمل قبل حلول الشتاء ، وكانت الشمس تحدق بقسوة كمن تبحث عن شىء عزيز ، كان ذلك اليوم الغامض والذى غير مسار حياتي .." !!
هكذا التقط إملاءَ كاتب وحيه ، متعددُ الأبعاد ، الروائي والشاعر والفنان التشكيلي وعازف الجيتار والمطرب والسودانيُّ ، وآخر خناجر ديسمبر في قلب "أبولو" ، في روايته "راحيل" ، ولعلها "رحيل" ، التي كانت بمجرد ظهورها ذريعة لائقة لإتهامه الصريح بالتغبير في وجه فحول الرواية من الماء إلي الماء ، ومنحت السودان وعداً بقامةٍ ممتازة تهرول صوب رهانها ب "الطيب صالح " بنكهة الشاب "محمد حسين بهنس" ..
ومن الواضح أنَّ الروائي الكبير أخطأ في التقاط أصابع كاتب وحيه بشكل صحيح ، ولعله قد استهان بعرق الشتاء الذي جعله لا مهيأً لاستقبال أمر عظيم فقط ، بل جعله تماماً ، محور الأمر العظيم الذي يشغل الآن قلب القاهرة القاسية القلب ، عقب ذاك الموت الغامض الذي جرف مسار حياته تماماً ..
وهو في التقاطه الخاطئ هذا لوحيه يغرد من قلب السرب الوطني ، ويعكس التقاطنا الخاطئ لكلِّ ما تواطأ الآخرون ، والأرقي ، علي اعتماده أسلوباً أنبل للحياة ..
موتٌ كهذا الموت المتأخر يعكس في ذاكرتي موتاً صائب الموسم ، يتفق مع وحي شاعر "ألبيرو" الكبير "قيصر باييخو" ، والذي يقال أنه تنبأ بموته وطقوس موته بحذافيرها ، وإن كنت لا أصدق عادة مثل هذه الروايات ، لولا أن القصيدة أقدم عمراً من موته في فرنسا ، وفي يوم خميس خريفيٍّ أيضاً ، يقول "قيصر باييخو" :
سَأَموتُ في باريسَ تَحتَ وابلٍ منَ المَطر/ في يوم لديَّ منذُ الآنَ ذكرى عَنْه / سأموتُ في باريسَ ولسْتُ مُسْتَعِجلاً / ربَّما في يومِ خَميسٍ خَريفي / مثلِ هذا اليوم سيكونُ خَميساً لأنَّ هذا اليومَ خميسٌ / وفيه أنثرُهذهِ الأشعارَ / وعظامُ العَضُدِ في أسوأ حال / ولمْ أرَ نفْسي قطّ وَحيداً مِثلَما أنا اليوم / قَيْصر باييخو قَد مات / وهُم جَميعاً يركلونَه دونَ أن يَفعلَ لَهم أيَّ شَيء / يضربونَه بالهَراوات وبِقَسوَة / بالحبالِ يَسوطُونَه / تشهدُ على ذلك أيامُ الخَميسِ وعظامُ العَضُد والعُزلةُ والأمطارُ والدروب ..
الغريب أن "محمد حسين بهنس" مات يوم خميس أيضاً ، وظلَّ بلا هوية في مشرحة "زينهم" حتي تعرف عليه بعض أصدقائه !!
لقد ظفرت برؤية الشاعر "محمد حسين بهنس" مرة واحدة في أحد مقاهي وسط القاهرة ، وبالرغم من أنه كان أليفاً للجميع ، لم يترك في ذاكرتي هذا الحضور الذي الآن يؤلمني ، لكن تلك السيولة في نظراته كانت تمنحه بالفعل لقب مجنون مؤجل ، ومن الغريب أنني لم أر وقتها في تسوله الأنيق ما يدعوني إلي الدهشة ، ولعله هو أيضاً ، ربما لأنني أعرف ، وهو يعرف ، أن التسول أحد التقاليد التي استراح لها بعض المطبوعين من الشعراء ، حتي أن الشاعر "أبا فرعون الساسيّ" ، استعاض عن الذهاب إلي بلاط الملوك والأمراء بالمسالك التي يمر بها الحجيج ، ليتسول بشعره ما يعوله مما يجود به ركاب "الراقصات إلي مني" !!
عرفت فيما بعد أن "بهنس" قد انزلق في شرخ الاكتئاب الصارم تعقيباً علي جحود زوجته الفرنسية ، وأم ابنه ، وترحيله القسريِّ من فرنسا !!
إن مشكلة "محمد حسين بهنس" الحقيقية ، كما أنها مشكلة الكثيرين في سياقه ، هي أنه مبدعٌ حقيقيٌّ يلمس جسامة الفجوة بين واقعه وبين ما يجب أن يكون عليه واقع من يملك ما يملك هو من أوسمة ، وهي لعمري كثيرة ، فضلاً عن التجاهل المتعمد لكل صوت يغرد خارج أفق البلاط ، وترتيب الضوء المدبر لمبدعين أقل لمجرد أنهم يضبطون علي الدوام أصابعهم المبتلة ، ونجمة الشمال ، مع اتجاه رياح البلاط !!
هناك اشكالية أخري محيرة ، كما تكاد تكون عرفاً دارجاً ، يضخم هذه الفجوة بشكل عصبيٍّ ، وهي أن تكون صناعة الإبداع تعبيراً محمياً علي فقراء القوم أو تكاد ..
اسمح له أن ينتابك قليلاً ، ألم مبدع متعدد الأبعاد ك "بهنس" لا يجد قوت يومه ، وهو يري علي شاشة خليجية ، قاعةً هائلة تزدحم بذوي العطور المتضاربة ، علي مقاعد مستوردة أنيقة ، وزجاجات المياه المعدنية ، ومنبر مذهب ، يجلس خلفه شاعر محلِّيٌّ الصنع يصرخ في الحضور منفعلاً : "واش تاخد من حنين القلب وخلاجه" !!
سخرية رديئة تتابع ترهلها من خلال لعبة الزمن النبطيِّ الردئ ..
سأقول ما سأقول لأنني أؤمن أن الموت قبل كل شئ قرارٌ داخليّ ..
دهم عطر الشاب "محمد حسين بهنس" القاهرة منذ عامين وبعض العام ، ليقيم معرضاً تشكيلياً فيها ، ويقيم في شقة في وسطها ، كم كان يلزمه من الوقت ليدرك أنه أكمل دائرة الغبار ، قبل أن تتدهور أوضاعة المالية ، ويترهل اكتئابه ، ويعيش علي الأرصفة ، ويشكلُّ في النهاية لوحته الأخيرة ، الفنان نفسه علي رصيف قذر ، في وضع الجنين ، يحتضن الفراغ البارد ، قد هربت روحه إلي المراعي الغامضة ؟
أيُّ اسم يصلح لهذه اللوحة سوي "اللعنة علي كلِّ شئ " ؟!!
لماذا رضي أن يعيش رهين الغربتين ، غربة "محمد حسين بهنس" الإنسان عن وطنه ، وغربة الشاعر "محمد حسين بهنس " في الكون الكبير ، فهل الشاعر فوق غريب في الكون لا يرجي له إياب ؟

بالإضافة إلي هذا إدراكه التام لغربته هذه ، فهو القائل : "أهديك الغربة ، هتاف الموتى وصمت التربة ، أهديك إحباطي حديث عابر في مركبة عامة" ..
يبدو أن العام (2013) كان منذ بداياته عاقداً العزم بشكل مروع علي أن يودع في الروح الجمعية ، قبل أن ينزلق في شرخ الماضي ، عذابات ٍ لها ما بعدها ، وحنيناً أسود لعابرين وأشياء ..
2013 .. إلي الجحيم مصحوباً بغابة من اللعنات ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.