جريمة غريبة شهدها المتحف الزراعي بالدقي ، والأكثر غرابة أن هذه الجريمة ماكانت لتكشف لولا خضوع المتحف لعملية جرد قبل البدء في ترميمه. الجريمة تتلخص في اختفاء بعض القطع الأثرية النادرة من حيوانات وزواحف محنطة وغيرها من المقتنيات النادرة. الأكثر غرابة أن كاميرات المراقبة لم تسجل عملية السرقة ، وتحريات المباحث لم تتوصل إلي الفاعل حتى لحظة كتابة هذه السطور كثير منا لا يعرفون المتحف الزراعي، ولا يستوعبون طبيعته أو قيمة المعروضات بداخله، فهو يعتبر ثاني أكبر متحف زراعي في العالم من حيث حجم مقتنياته كما يعد من ناحية المساحة من اكبر متاحف العالم ويمكن اعتبار هذا المتحف ثمانية متاحف وليس متحفًا واحدًا ، تزيد مساحة هذا المتحف على ثلاثين فدانًا أي 175ألف متر مربع ويعد أول متحف زراعي في العالم وبداخله 8 مباني من مئات السنين بها آلاف المقتنيات والحيوانات النادرة المحنطة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، يسمى المبنى الأول بمتحف المقتنيات التراثية، والثاني بمتحف الصداقة المصرية الصينية، والثالث بالمجموعات العملية وهذا المبنى يضم المئات من الحيوانات الأثرية التي سرق منها الكثير أثناء عملية الجرد، أما المتحف الرابع يعتبر أهم متحف لأنه يضم البهو السوري وبه الكثير من المقتنيات اليدوية الفرعونية، أما الخامس متحف الزراعة المصرية القديمة، والسادس متحف المجموعات النباتية وبه الكثير من النباتات النادرة غير الموجودة في أي مكان بالعالم، أما المتحف السابع يسمى بالروماني اليوناني وبه بعض البرديات التي يعود تاريخها للعصور الوسطى القديمة، أمام المبنى الأخير يسمى مبنى القطن وبداخله مكتب رئيس المتحف والمكتب الفني. هذا المتحف لم يعرف قيمته الكثير أصبح مهملا لعدم نظر المسئولين إليه وعليه حدث ما لم يتوقعه وتم اكتشافه بعد أن تولى رئاسة المتحف أحد قيادات الوزارة ومنذ دخوله المتحف قرر أن يحوله إلى تحفة فنية لا مثيل لها في العالم وإعادته كما كان من قبل . وبعد أن حصل على موافقة من الجهات المختصة بإعادة ترميمه منذ شهرين أصدر تعليمات بمنع الزائرين لحين إعادة ترميمه بالإضافة لإغلاق جميع المباني وعمل جرد لكل المقتنيات وإعادة ترميم بعض الأثريات. صدمة بدأ العمل على قدم وساق وكانت مدة الترميم 4 أشهر ، على الطرف الآخر بدأ مسئولو المتحف بتوزيع مهام كل مبنى من المباني الثمانية على عدد من الموظفين لإعادة جرد الأثريات. تم جرد عدد من المباني وكانت الأمور على ما يرام حتى توقفت ساعة الزمن أمام مبنى متحف المجموعات العملية الذي بداخله عدد كبير من الحيوانات والزواحف الأثرية المحنطة التي يعود تاريخها لآلاف السنين. وهنا اكتشفت اللجنة المشرفة على عملية الجرد اختفاء عدد كبير من الحيوانات الأثرية التي هي عبارة عن " زواحف وطيور وضفادع وقنافذ وغيرها " . وبدورها قامت اللجنة المشرفة على عملية الجرد بإبلاغ المهندس محمود عطا رئيس الإدارة المركزية والمشرف على المتحف الزراعي وعليه توجه لقسم شرطة الدقي وداخل مكتب المقدم هاني الحسيني وحرر محضرًا بواقعة السرقة ولم يتهم أحدًا بارتكاب الواقعة. قام رئيس المباحث بإخطار اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة الذي أمر بتشكيل فريق بحث بقيادة العميد إيهاب شلبى رئيس قطاع شمال الجيزة لكشف غموض السرقة والقبض على المتهمين . انتقل رئيس المباحث لمعاينة المتحف وتبين عدم وجود آثار عنف على الأبواب والنوافذ وهذا يعني أن عملية السرقة تمت بمعرفة أحد العاملين بالمكان . قام المقدم هاني الحسيني رئيس المباحث باستدعاء جميع أفراد الأمن والموظفين والعاملين بالمتحف للتحقيق معهم. دلت التحريات المبدئية بعد ساعات طويلة قضاها فريق البحث داخل المتحف أنه لا توجد شبهة تجاه أحد من العاملين وبالتالي لم يتوصل رئيس المباحث إلى خيط يفيد القضية. بعد سماع أقوال العاملين بالمتحف لم يكن أمام فريق البحث سوى تفريغ كاميرات المراقبة للمرة الثانية رغم قلة عددها الذي لا يتناسب مع هذا المكان الضخم . بعد عملية الجرد تبين فقدان " عدد من الزواحف البرية المحنطة والضفادع و القنافذ وغيرها من الحيوانات الأخرى النادرة . وفي النهاية تم تحرير محضر بالواقعة وتم إخطار اللواء عصام سعد مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة الذي أمر بإحالة المحضر والتحريات إلى النيابة التي أمرت بتشكيل لجنة من الهيئة العليا للآثار لجرد مقتنيات المتحف ومقارنة الدفاتر الرئيسية بالمعروضات لبيان المفقود منها وما زالت التحقيقات مستمرة. مسئولو المتحف انتقلنا إلى المتحف الزراعي بالدقي لمقابلة أحد المسئولين لمعرفة كيف تم اكتشاف عملية السرقة الذي تحدث إلينا ورفض ذكر اسمه حفاظًا على سير التحقيقات قائلا : المتحف به أكثر من مائة موظف يعملون بشكل يومي وكل مجموعة موظفين مسئولين عن مبنى من المباني الثمانية وقبل بدأ مهام عملهم من المفترض أنهم يقومون بعملية جرد بسيطة للتأكد من سلامة المكان الذي تتواجد فيه هذه الأثريات. أما بالنسبة لعملية السرقة التي تم اكتشافها من شهر وبالتحديد أثناء عملية جرد الحيوانات الأثرية قبل بدء عملية الترميم للمبنى تم اكتشاف اختفاء عدد ليس بقليل من هذه الحيوانات. وأوضح لنا أحد مسئولي المتحف أن عملية السرقة من المرجح أن تكون تمت بعد انتهاء عمل المتحف الرسمي في الساعة الرابعة عصرًا، فالمسروقات سهل حملها لصغر حجمها بالإضافة إلى أن ثمنها غالي لأنها أثريات ومن ارتكب عملية السرقة يعرف ذلك جيدًا. وفي النهاية مازالت مباحث الجيزة تكثف جهودها لكشف غموض الحادث والقبض على مرتكبيها.