يعاني سوق الدواء من أزمة شديدة بسبب نقص اكثر من 140 صنفا تستخدم في علاج امراض مزمنة مثل السكر والضغط والغسيل الكلوي ووصل الامر إلي حد وجود شح في المحاليل الطبية وفلاتر الغسيل الكلوي وبعض ادوية الاطفال مما يهدد حياة اعداد كبيرة من المرضي. ورغم قيام الحكومة مؤخرا بتخصيص مبلغ 186 مليون دولار لاستيراد تلك الادوية من الخارج الا ان آلام المرضي قد لاتنتظر وصول تلك الادوية خاصة مرضي السكر والضغط والفشل الكلوي. »الاخبار» قامت بجولة ميدانية لرصد الازمة علي ارض الواقع وناقشت نقيب الصيادلة حول الدور المأمول من اصحاب الصيدليات للتخفيف من آثار الازمة . يقول د. تامر بدران -مدير صيدلية فايق - إن سوق الدواء يشهد أزمة حادة وان كثيرا من الأدوية اختفت هي وبدائلها من الأسواق وانه يوميا يأتي له كثير من المرضي يسألون عن احد الأدوية وعندما يجيب بعدم وجوده يقول المريض »انا دخت السبع دوخات ومش لاقي الدوا»، ويضيف مدير الصيدلية ان 20% من الأدوية اختفت تماما من الاسواق وان اسعار الدواء ارتفعت بنسبة لا تقل عن 40%. ويوضح تامر ان السبب في نقص الدواء هو ارتفاع اسعار الدولار إلي جانب ان هناك الكثير من الشركات غير الرسمية تقوم باستيراد الادوية التي لا تجلبها الشركات الرسمية لاستيراد الادوية وتمثل نسبه 50% من سوق الدواء متسائلا: كيف تدخل هذه الادوية مصر بالرغم من استيرادها بطريقة غير رسمية ولكن »السبوبة بتحكم» علي حد قوله. وعن أبرز الادوية التي تعاني من النقص يؤكد ان هناك اكثر من 140 صنفا ويعدد بدران الادوية الناقصة بالمحاليل مثل »الرينجرز» و»البانينول» بالاضافة إلي ادوية علاج الجلطات ك »السيربروليسن» وال »الهرباجين» لعلاج النقرس و»الكينترلوك فايل»، »ديفلوكان فايل» واللذين يعالجان امراض المعده والقولون والفطريات اضافة إلي ادوية السكر والضغط. رحلة الموت وتلتقط طرف الحديث د.مها جلال احد العاملين بالصيدلية موضحة ان الكثير من أدوية امراض القلب اختفت من الاسواق ولا يوجد بدائل لها ك »الايفوكس»، »بيتاكور» و»هيومن قلب يومن» و»ايزويرديل» وانه عندما يأتي لها احد المرضي لشراء هذه الادويه يقول »احنا نموت احسن طالما مش لاقيين الادوية» مضيفة ان المشكلة ليست في امراض القلب فقط الاصعب ان مخدر العمليات »شح» من سوق الدواء مثل »الديبريفان» و»المركيين» حتي اصبحت رحله الموت في العمليات اسهل من رحلة البحث عن مخدر العمليات إلي جانب »صبغة الاشعه» . وتقول د.مها حمدي »صيدلانية» أن سوق الدواء يعاني من نقص حاد في كثير من الادوية لامراض خطيرة كالسرطان وامراض الضغط والسكر والفشل الكلوي مضيفة أن الكثير من هذه الادوية ارتفع سعرها بشدة في الاسواق السوداء . ويقول د. احمد منصور ان محاليل الملح اصبحت نادرة في سوق الدواء نتيجة غلق مصنعي المتحدون والنصر اللذين كانا يصنعان محاليل الملح مشيرا إلي أن سعر استيراد محاليل الملح 30 جنيها وان سعره المحلي 6 جنيهات ونصف الجنيه ونتيجه هذه الزيادة ادي إلي عزوف كثير من المستوردين عن استيراد محاليل الملح مما ادي إلي اختفائه من الاسواق. ويقول الدكتور علاء عطية ان هناك ازمة كبيرة في الانسولين وقطرات العين مثل »هاي فريش كما ان هناك نقصا كبيرا في المسكنات اهمهم »كاتافلام» و»فولتارين».كان احد المواطنين ويدعي حسام محمد يسأل الصيدلي عن فيتامينات »سينتروم» وكان رد الصيدلي انها غير موجودة ومن الادوية الناقصة في السوق . اما د. هلال السطيحة اكد ان هناك ارتفاعا كبيرا في اسعار الادوية وطالب المسئولين بضرورة التحرك لتحديد الاسعار وقال ان كل صيدلية اصبحت تطبق سعرا خاصا بها ولا يوجد رقابة عليهم ،و اضاف ان علي وزارة الصحة او الشركة المصرية لتجارة الادوية ان تقوم بتصنيع المادة الخام التي تعتمد عليها الشركات في تصنيع الادوية فكل ما يتعلق بالادوية المحلية اصبح به عجز والاعتماد يكون علي الادوية المستوردة »الغالية» ،واكمل : البان الاطفال المحلية مش موجودة والمستورد ب 99 جنيها. ويقول محمد علي صاحب شركة توزيع ادوية ان المشكلة تكمن في توقف المستوردين عن الاستيراد والشركات الخاصة عن الانتاج بسبب ارتفاع الدولار بعد تعويم الجنيه مضيفا ان قرار الحكومة الاخير بالتدخل المباشر والقيام باستيراد الادوية الناقصة بنفسها سوف يساهم في توافر تلك الادوية باسعار معقولة كما يجبر المستوردين من القطاع الخاص علي عرض مايقومون باستيراده مستقبلا بنفس الاسعار وطالب بالاستفادة من القوة الانتاجية المعطلة بشركات قطاع الاعمال لانتاج مايحتاجه السوق بعد توفير المادة الفعالة مما يضمن توافر الادوية المختلفة باسعار معقولة. المريض يأمر من جانبه قال د.محيي عبيد نقيب الصيادلة انه قبل يوم 16 مايو الماضي طالبت كل الأطراف المعنية بهذا الشأن من نقابة الصيادلة وغرفة صناعة الأدوية وشركات الادوية إلي تحريك سعر الدواء نظرا لوجود عجز شديد في بعض الأدوية وان يصدر قرار بتحريك الأسعار، شريطة توفير جميع انواع الادوية خلال الثلاثة شهور القادمة، وبالفعل أعطي وزير الصحة مهلة لشركات الأدوية، وإلا في حالة عدم الاستجابة لتوفير الادوية فسوف يتسبب في صدور قرار بالغاء الزيادة ، وأضاف انه حتي يوم 16 اغسطس الماضي لم يتم توفير الأدوية، وطلبت الشركات من وزير الصحة حينها بفرصة اخري لتوفير اصناف الادوية الناقصة في الاسواق، وبالفعل اعطي وزير الصحة لهذه الشركات فرصة اخري انتهت في 16 نوفمبر من الشهر الجاري دون ان يتم توفير الادوية الناقصة.وأكد نقيب الصيادلة ان مايتردد في الوقت الحالي بأن نقص الدواء سببه تعويم الجنيه ليس له اساس من الصحة، مشيرا إلي ان ظاهرة نقص الأدوية موجودة قبل تعويم الجنيه، ولكن المشكلة هنا تكمن في ان هناك شركات ادوية بعضها يحقق ارباحا ما يقرب من 200 مليون جنيه في السنة الواحدة، وبعد تحرير سعر الصرف للجنيه المصري أصبحت شركات الادوية التي كانت تستورد المادة الخام بالدولار عندما كانت قيمته 8.80 جنيه، اصبح قيمته في الوقت الحالي تصل إلي ما بين 16 و17 جنيها، مع العلم ان هامش الربح والتكلفة ثابتة، وبالتالي سينخفض ربح شركات الادوية إلي 100 مليون جنيه علي سبيل المثال بدلا من 200 مليون جنيه وبالتالي هنا تعويم الجنيه اصبح يعود بالضرر علي شركات الادوية والموزعين » عشان بيقلل ربح هذه الشركات». زيادة علي المستورد وأوضح د. محيي عبيد أن ما سيتأثر بالفعل بعد تعويم الجنيه هي الادوية المستوردة، وبالتالي اصبحت الزيادة علي المستورد تصل إلي مائة في المائة، كذلك ايضا تأثر الادوية المحلية، ولكن بالنسبة للأدوية المحلية »فيتم تصنيعها داخل مصر» يعني لما اصنع علبة دواء علي سبيل المثال وسعرها عشرة جنيهات وبتقف علي باثنين جنيه، فلما تقف علي تصنيع بأربعة جنيهات وأبيعها بعشرة جنيهات او 8 جنيه يبقي برضو انا كده كسبان» ،ولذلك الأزمة الحقيقية ستظهر في الأدوية المستوردة، ولذلك تحركت الدولة ورصدت توفير 186 مليون دولار لحل هذه الأزمة ،ولكن ليس هناك موعد محدد لتوفير هذه الادوية وهذا لن يتم خلال ال10 أيام القادمة كما اعلن وزير الصحة، مؤكدا انها قد تصل إلي اكثر من شهر حتي يتسني للدولة توريد هذه الادوية من الخارج. وردا علي سؤال كيف يستطيع المريض الحصول علي الدواء حتي وان كان ناقصا في السوق؟ قال نقيب الصيادلة : اطلقنا مبادرة منذ 10 أيام باسم »المريض يأمر» أو »الصيدلي في صفك» للتخفيف علي المريض، ونحن الآن في مرحلة اعداد المطبوعات والمنشورات لتوزيعها علي جميع الصيدليات، فإذا كان الدواء الذي يشتريه المريض لا يستطيع شراءه لارتفاع سعره أو الدولاء غير متوفر، فعلي المريض ان يعود إلي الصيدلي، فكل مادة فعالة او »تركيبة» تم تسجيلها في مصر هناك 12 شركة ادوية اجنبية ومصرية تنتجها، ولها نفس الفاعلية والتأثير، فبدلا من ان يتعب المريض نفسه فعليه ان يرجع إلي الصيدلي الذي سيقوم بتجهيز» التركيبة له»، وأكد نقيب الصيادلة انه في حالة الموافقة علي هذا الموضوع »بجرة قلم» من وزير الصحة، فلن يكون هناك أزمة في الدواء بمصر وأنهينا عليها بلا عودة، مشيرا إلي ان هناك ادوية بأسماء شركات مصرية ونفس الدواء بأسماء شركات اجنبية بنفس الفاعلية المادة والخام والتأثير ولكن الفرق بينهما ان الاول بعشرة جنيهات والاخر بمائة جنيه. وقال انه خلال الايام القادمة سيتم عقد اجتماع بين نقابة الصيادلة مع اعضاء لجنة الصحة بالبرلمان لطرح المبادرة، وسنطرح روئ وحلولا حول ازمة الدواء، مشيرا إلي انه من حق الشركات رفع اسعار الأدوية خاصة التي تتطلب استيراد المادة الخام من الخارج بالعملة الصعبة.. ووجة د. محيي رسالة إلي المواطنين بأنه في حالة امتناع اي صيدلية او صيدلة عن بيع ادوية متوفرة لديه فعليه ان يبلغ نقابة الصيادلة فورا، وسيتم اغلاق الصيدلية المخالفة او شطب الصيدلي من النقابة في حالة ثبوت المخالفة.
