إذا كنا نسعي بحدية للخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي تحيط بنا حاليا من كل جانب، فعلينا ان ندرك ان ذلك يتطلب التوقف عن كل السياسات والسلوكيات التي أدت بنا إلي ما نحن فيه الآن وما نعاني منه اليوم. واحسب ان في مقدمة ما يجب ان نتوقف عنه من ممارسات وسلوكيات تلك الحالة المتفاقمة من القصور في الانتاج التي ابتلينا بها في السنوات الأخيرة، وما تواكب معها للأسف من زيارة مطردة في الاستهلاك بصورة فجة وملفتة للنظر. وفي هذا الاطار علينا ان نبدأ علي الفور في تنفيذ مجموعة إجراءات ضرورية، تقوم في اساسها علي تشجيع الانتاج وزيادته بكافة السبل المتاحة، وحماية المنتج المحلي بالقدر الذي تسمح به القوانين والمعاملات الدولية الخاصة بتنظيم التجارة العالمية. علي ان يتواكب مع ذلك ويسير معه في ذات الوقت ترشيد واضح في الاستيراد بهدف ضبطة والحد منه، بحيث يقتصر في اساسه علي استيراد السلع الرئيسية اللازمة والضرورية، بالاضافة إلي المواد الوسيطة الداخلة في عمليات التصنيع المحلي. وإذا ما تحدثنا بصراحة، وهذا واجب لابد منه، نقول بوضوح ضرورة انتهاء موجة الاستيراد الاهوج، الذي يجلب للبلاد هذا الخليط الهائل من السلع الاستفزازية والترفيهية التي لسنا في حاجة لها الآن علي الاطلاق، في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها الآن. وعلينا ان ندرك ان الخروج من الازمة يتطلب ايضا إجراءات تقشف جادة وواضحة، تقوم في اساسها علي ترشيد الانفاق الحكومي والاستغلال الامثل للأصول غير المستغلة بكفاءة، وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة ورفع كفاءة كل المصانع وأدوات الانتاج القائمة. وقبل كل ذلك ومعه اتخاذ إجراءات حاسمة ومعلنة لردع ومحاربة الفساد والقضاء علي البيروقراطية بكل صورها والقضاء علي كل صور الإهمال والتسيب.