القول بأننا نعاني أزمة اقتصادية حادة ومستحكمة هو عين الحقيقة، وهو قول معاد ومكرر ولا جديد فيه علي الاطلاق، نظرا لكثرة استخدامه طول الأيام والشهور بل والسنوات الماضية، وهو ما جعلنا نعتاد عليه رغم كراهيتنا المؤكدة له. ولكنه اليوم أصبح له لون وطعم أكثر مرارة وأكثر قتامة في ظل التطورات المتسارعة والمحتشدة الجارية علي الساحة الداخلية الآن، بخصوص الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والقرض الذي تمت الموافقة المبدئية عليه،..، وما يتبع ذلك من اجراءات وقرارات تقشفية ضرورية وواجبة، ولابد من اتخاذها للخروج من الأزمة والسير بجدية علي طريق الاصلاح الاقتصادي الشامل. وقد بدأت مصر في اتخاذ هذه الاجراءات بالفعل رغم مرارتها وقتامتها، وذلك بالاعلان عن الاسعار الجديدة للكهرباء، وفق خطة معلنة لتخفيض الدعم تدريجيا في ذلك القطاع،..، وسيتبع ذلك بالضرورة عدد من الاجراءات الأخري، تهدف في الأساس لمعالجة التشوهات، التي اصبحت مزمنة في هيكل الاقتصاد المصري، نتيجة التراكم السلبي خلال السنوات الماضية والمتعاقبة، وأدت الي ما نحن فيه الآن من تدهور وقصور اقتصادي شديد. ويري الخبراء في الاقتصاد، بأن في المقدمة من هذه القرارات والاجراءات، ضرورة خفض معدل العجز في الموازنة، وخفض المديونية الداخلية، والحد من التضخم بما يؤدي الي السيطرة علي ارتفاع الاسعار، وتحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي. ويتفق الكل علي أن ترشيد الدعم ووصوله الي مستحقيه والحد من الانفاق الحكومي وضبط الانفاق العام، وزيادة الانتاج والحد من الاستهلاك، والحد من الاستيراد هي الطريق الصحيح للوصول الي الهدف وتحقيق الاصلاح الاقتصادي والخروج من الأزمة،..، ويؤكدون أن هذه الاجراءات هي الدواء المر لعلاج ما نحن فيه من تشوهات اقتصادية مزمنة.