العريس يختار حارسا من أقرب أصدقائه لا يفارقه حتي الزفاف مراسم الزفاف تستغرق اسبوعين وتنتهي بحفل السما وعقد القرآن العروس لا تتكلم مع عريسها الا بعد دفعه مبلغ مالي يتناسب مع قيمتها ومكانتها في قلبه لكل مجتمع طقوسه وعاداته التي تتوارثها الاجيال وتصبح مع مرور الوقت قوانين اجتماعية صارمة لا يستطيع أحد تجاوزها او الخروج عنها. ومن بين أكثر المجتمعات تمسكا بتقاليده وعاداته المجتمع النوبي الذي يحتفظ بتراث عريق في كل سلوكياته وفي مقدمتها الزواج الذي يتم وفقا لتقاليد خاصة لا مثيل لها في أي مجتمع آخر. وفي السطور التالية نتعرف على أهم هذه العادات النوبية الجميلة. . كلمة نب فى اللغة النوبية تعني الذهب ولا تزال حتى اليوم هي كلمة شائعة في أغان ليالي الزفاف. وكل المراجع العلمية اتفقت على أن أهل النوبة هم السكان الحقيقيون للمنطقة المعروفة باسمهم ، منهم من يقول انهم قطنوا هذه الأرض هربا من الجيوش المهدية ، بين قبائل النوبة يعيش عرب العليقات وهم من عرب الحجاز اشتغالهم بالتجارة جعلهم ينتقلون بين أقاليم مصر واستقر بهم الحال والاقامة في أرض النوبة ، وحافظوا على لغتهم رغم اقامتهم في قرى وادى العرب والسبوع والمالكى وشاتورمه والسنقاري. والماتوكية من قبائل عدنانية شاركت في الفتح الإسلامي لمصر واستقر بها الحال في أرض النوبة ومع الاستقرار كان الزواج بين هذه القبائل وقبائل النوبة فكان الاختلاط والامتزاج والانصهار، وساهم الاستقرار في انشاء اقتصاد للمنطقة وارتبط النشاط الاقتصادى بإمكانيات الطبيعة المتاحة للزراعة وصيد الأسماك وهي مهن معظم سكان هذه المنطقة. طقوس الزواج وطبقا لحكايات التراث المتداولة عن أهل النوبة كان الشاب الذى يريد الزواج من أهل النوبة يختار عروسه بثلاثة طرق. النذر وهي أن العروس عند ولادتها يحدد اسم عريسها. الاختيار بين عروستين يحددا بمعرفة الأم التى تكون على معرفة بكل فتيات القرية. زواج البدل وهو أن يتزوج الشاب شقيقه زوج أخته وذلك كان موجودا حتى نصف قرن ولكن مع انتشار التعليم منحت كل قبائل النوبة الأحقية للفتاة فى اختيار عريسها وشريك عمرها. ويقول مصطفى محمد عبدالقادر فى كتابه عادات الزواج في بلاد النوبة أن زواج البدل كان دائما يسبب مشاكل فإذا حدثت مشاجرة مع زوجته تعامل زوج أخته معه بنفس الطريقة ، فإذا خرجت زوجته غاضبة يجد بعد ساعة شقيقته في منزلهم. وعند تحديد الشاب النوبى للعروس التى يريدها تبدأ جولات ورحلة الأم في اختيار عروس ابنها بعد أن تتأكد انها ليست منذورة لأحد أو مخطوبة لأي شخص من أقاربها. ثم تكون غزوة استطلاع الأمر بارسال 3 أشخاص إلى والد العروس للتمهيد فى طلب الفتاة ، وعادة يطلب الأب مهلة لا تزيد عن 7 أيام من أجل التشاور مع زوجته وعرض الأمر على الفتاة التي أصبح لها رأي فى اختيار عريسها ، وقبل ذلك كانت تقبل العريس الذى يختاره الأب دون أن تراه ولكن تكون علي معرفة به اذا كان من اقاربها وبعض الفتيات يعرفن ملامح العريس في ليلة الزفاف. والمهلة التى يطلبها الأب سببها انه يريد التشاور مع أقاربه وأسرته وعندما يطمئن على سمعة العريس وأخلاقه وأهله تكون الموافقة التى ينتظرها رسل العريس من أجل الإسراع بها الى أسرته. زيارات متبادلة بالموافقة يتم تحديد موعد طلب العروس وهي الجلسة التي يتم فيها الاتفاق على كافة التفاصيل، ويذهب العريس بكبار أسرته وتقدم مضايف الوجاهة، وعند بعض القبائل يعرف باسم الرباط وعند الفاديجا يعرف ابسم بالفرجار، في هذا اليوم يقدم والد العريس مبلغ مالي وهدايا تعبر عن الفرحة بالنسب وبالموافقة تبدأ إجراءات محفوظة كأنها بروتوكول تراثي. هناك زيارات متبادلة بين أسرة العروس والعريس يتم فيها تبادل الحبوب والملابس، والأوانى التي تخرج محملة لا تعود فارغة لأهل العروس أو العريس، عودتها محملة تعني الكرم. وسابقا كان العريس لا يرى عروسه إلا ليلة زفافه ، والعروس اذا رأت عريسها تحاول ألا يراها، ليس هناك مدة لفترة الخطوبة ممكن تستمرالخطوبة شهر أو 6شهور، و الفتاة المنذورة تظل مخطوبة من زمن ولادتها حتى اكتمال انوثتها وعند الاتفاق على موعد حفل الزفاف يكون الاستعداد لحفل السما وهو الحفل الذي تشارك فيه القرية كاملة. والسما خلالها يوجه فيها أهل العريس الدعوة لحضور حفل الزفاف الذى يكون دائما بعد اسبوعين من حفل السما. وخلال احتفالات السما يتم توزيع أدوار التعاون بين أهل وأصدقاء العريس، كل واحد منهم يكون على معرفة بالدور الذي سوف يؤديه، النساء عليهن تنظيف الغلال تمهيدا لطحنها، أما المراهقات فيخرجن الى النيل مثل أسراب النمل من أجل احضار المياه وملء كل الأزيار التي يوميا يتم سكب الماء فيها حتى ليلة الزفاف. أما الشباب فعليهم احضار الحطب والأخشاب من أجل أن يتم الطهي عليها يوم الزفاف. والسما هو يظهر تماسك المجتمع النوبي ويدل على السلام والمحبة، والفرح ليس لأهل العريس بل هو للقرية كلها ،15 يوما والقرية تستعد لحفل الزفاف. والقرى المجاورة القريبة أيضا يكون لها دور في حفل السما فهى يسند لها مهمة اعداد الشعرية وخبيزالعيش والمشاركة في إعداد منزل العروسين لأن أهل النوبة بينهم تواصل ومحبة ومنزل العروس يشهد تجمع عطايا الأقارب التي عادة ما تكون غلال وسكر، والعطايا أو الهدايا لها اسم داخل أهل النوبة يطلق عليها اسم الكرية أي مساهمات عينية. حفل السما ومع انتظام العمل فى حفل السما يتم اختيار موعد ليلة الزفاف، حسب مايروى في حكايات التراث أن الأجداد كانوا يختارون الليلة حسب ظهور النجوم لأن هناك من يعتقد فى ثقافة النجوم والطالع ، ولكن اليوم يتم اختيار ليلة الزفاف حسب الاتفاق بين العروسين. خلال أيام السما تكون الدعوة لحضور العرس او ليلة الزفاف ويتم توجيه الدعوة للجميع ، مع تحديد تاريخ ليلة الزفاف ، ويختار العريس أحد أصدقائه ليكون حارسا له خلال الأيام التي تسبق فرحه، والحراسة تكون من الجن والحسد لأن هناك اعتقادات أن العريس ممكن أن يحسد قبل زفافه ، والحارس أو وزير العريس يعلق علي كتفه سيف أو يسير وهو يحمل ساطور. ازياء ليلة الزفاف أزياء الرجال واحدة فى ليلة الزفاف ليس فيها اختلاف اللون الأبيض هو اللون الرسمى لأي جلابية ، وان لم يكن اللون الأبيض سيكون اللون السمنى وهى ألوان تظهر البشرة السمراء، والشباب غير المتزوج يرتدي نفس الملابس للكبار ولكنه لا يضع على رأسه عمامة بيضاء ومكانه يضع على رأسه طاقية ملونة. أما النساء ألوان ثيابهن متعددة ، وكبيرات السن ملابسهن تميل الى الألوان الداكنة والأسود أما الفتيات فإن ملابسهن أشبه بقطع فنية وخصوصا الطرحة التي عليها تطريز الخرز وتعكس ثقافة وحضارة النوبة. العروس في ليلة زفافها تغسل جسدها كاملا بالحنة، وتتبخر بأجود أنواع البخور لقهر الحسد وحفظها من العين. ملابسها في هذه الليلة أعدت لتكون أجمل نساء الحفل ، يزين صدرها العديد من العقود منها الجاكد وهي تلبس حول العنق ليس مكتوب عليها أى كلمات ولكن يعتقد انها تأتى بفرج الله. وهناك البيبة والبرشمة التى تكون عبارة عن سلسلة مزدوجة تتدلى منها قطع مستديرة تعلق بها قصة الرحمن على جبهة المرأة. اللون الأبيض هو لون فستان العروس، وغطاء الرأس عادة يكون عبارة عن 3 أشكال الطرحة فيها دائما شفافة. وملابس الأمير أو العريس ، فهي عادية عن الملابس التى كان يظهر سابقا بها وحتى يميز بين أقرانه يعلق سيفا على كتفه. ومع انطلاق مراسم حفل الزفاف والرقصات والأغانى النوبية التي تؤدى بطريقة جماعية، ولا يؤديها شخص واحد. والاغاني الجماعية تعني تماسك المجتمع النوبي والجماعية في الغناء تعني روح التسامح ومشاركة الآخر معهم حتى في الإبداع. وهناك رقصات كثيرة مستمدة من روح ثفاقة اهل النوبة حيث يقف الرجال صف، والنساء صف، وتبدأ مراسم الرقص وكأن المشاهد يتابع لوحة فنية. صوت الطار يبدأ به مراسم الغناء، وهناك رقصات شهيرة عرفها الجميع من خلال الأفلام السينمائية مثل رقصة الكف ورقصة بلاجة التى يتم الرقص عليها تغنى على أغنية تدللى أيتها الدلوعة، الليلة لها والصباح لها، والأغانى التراثية للنوبة كلها تمجد العروس التى هى نجمة ليلة الزفاف مع عريسها. قبل مراسم الحفل والرقص يكون التجمع في منزل أهل العريس لتناول الطعام والشراب والفشار وهى الأطعمة والمأكولات التى أعدت فى حفل السما. والأغانى التى تغنى فى ليلة الزفاف لا تمجد في العريس فقط بل هناك أغانى للعريس مثل أغنية تودون دمركون والترجمة لها بالعربية أن العريس يمتلك سرجا لحصانه من الذهب ولجام الحصان من القصة. السرج تجلس عليه العروسوهو مصنوع من الذهب من أجل عروس غالية تجمع من أجلها آلاف البشر لحضور مراسم زفافها. واللافت أن معظم الأغانى التى تقال فى ليال الزفاف فى أفراح النوبة كلها تراثية عمرها مئات السنين، صعب ان نعرف من مؤلفها ، الجميع ورثها وهي ليست مكتوبة في مؤلفات بل تورث من الأجداد للصغار . والاغاني دائما تمجد في العريس أمير الليلة والعروس نجمة ليلة الزفاف أجمل نسائها والتي كانت سببا في أن تتزين كل فتيات القرية لأن ليلة الزفاف تكون سببا في ارتباطهن بعد رؤيتهن من أمهات الشباب وتكون الخطبة لهن ان لم تكن الفتاة مخطوبة أو محجوزة لأحد أقاربها. عقد القرآن عقد القران يكون على الملأ ويوضح العريس المهر الذي يكون من اجل تشتري العروس ملابس لها ويقدم الذهب أو الصيغة وهى المشغولات الذهبية التى يحضرها العريس بعد الاتفاق مع أهل عروسه عليها. والصمت هو سمة كل الحضور لحين انهاء مراسم كتب الكتاب ، وعادة لايكون هناك مغالاة في المؤخر لان المجتمع النوبي يريد الاصل والراحة للعروس قبل المال. تدخل العروس بعد ذلك غرفتها في انتظار العريس وتقضي وقتا مع أعز صديقة لها لحين قدوم القدوم اليها والعريس يقضي 7 أيام في منزل العروس ويسمح لأهل العروسين الرؤية مرتين فى اليوم. والعروس لا تبدأ فى التحدث مع العريس إلا إذا حصلت منه على مبلغ مالي، وقيمة المبلغ تكون وسيلة تتباهى بها بين النساء في القرية ، ولا تختلف احتفالات قبائل الكنوز المقيمة فى بلاد النوبة والقبائل الاخري كثيرا عن أشقائهم النوبيين، نفس الأشياء مع اختلاف بسيط ولكن النهاية هي طقوس مشتقة من التراث النوبي. الصباحية يوم الصباحية هو نهار أول يوم بعد ليلة الزفاف مع أول ضوء من النهار يتوافد أهل العريس على منزل العروس ويجهزون أطباق الشعرية الى حين موعد الغداء وفى ذلك اليوم تذبح أسرة العروس شاه لأهل ومعارف العريس. الغداء يقدم لكل الحضور مهما كان عددهم ، مع حلويات أعد معظمها في حفل السما ، وضمن طقوس زواج أهل النوبة يكون السبوع وهو اليوم الذى يخرج فيه العريس مصاحبا عروسه من أجل زيارة أهله، وتقام له زفة، والعروس أحيانا تنقل أثاثها ان كانت سوف تعيش فى منزل عريسها وان كانت سوف تعيش مع عريسها فى منزل والدها فإنها تخرج فى زيارة ثم تعود. وفي الشهر الاول يختار العروسين 7 من معارفهم من أجل زيارتهم وتكوين علاقات اجتماعية جديدة وخلال الزيارات تقدم هدايا للعروسين من أجل المساهمة فى اعداد بيت الزوجية.