■ كتب: محمد أحمد عطية لم تكن الحملة الأمنية الأخيرة مجرد ضبط اعتيادي لبعض صانعي المحتوى المثيرين للجدل على السوشيال ميديا.. بل كانت بمثابة رسالة حاسمة من وزارة الداخلية بأن الدولة تتابع وتتصدى لأي محاولة لتقويض قيم المجتمع أو استغلال المنصات الرقمية في العبث بعقول الناس؛ فمنذ اسابيع قليلة تفجرت قضية البلوجرز والتيك توكرز لتشغل الرأي العام وتتصدر عناوين الصحف ومواقع الأخبار بعد أن تحولت هذه الحسابات إلى مصدر يومي للجدل والإسفاف، وأحيانًا الابتزاز والإضرار بالغير واليوم ومع التطورات الجديدة والقبض على أسماء إضافية من التيك توك فيجرز يثبت جهاز الأمن أن المتابعة دقيقة، وأن لا أحد فوق القانون، ما بين أم مكة وأم سجدة وشاكر محمد شاكر ومداهم وليلى الشبح وإبراهيم شيكا وزوجته وغيرهم، تحول الملف إلى خريطة معقدة من الصراعات والبث المباشر والاتهامات المتبادلة، وصولًا إلى بلاغات رسمية انتهت بالقبض على البعض وإحالة آخرين للنيابة، هذه المرة لم يعد الأمر مجرد مراقبة من بعيد، بل تدخلا مباشرا بالضرب بيد من حديد على هؤلاء الذين ينشرون الفيديوهات المسيئة على منصات التواصل، في وقت كانت فيه تلك الحسابات تهدد بتحويل الفضاء الرقمي إلى ساحة فوضى بلا ضوابط، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية. في واقعة جديدة تمكنت الأجهزة الأمنية، من القبض على الراقصة المعروفة باسم فراولة، لاتهامها بنشر مقاطع فيديو مخلة بالآداب العامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان قد ورد عدد من البلاغات ضد صانعتى محتوى لنشرهما مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعى خادشة للحياء والخروج على الآداب العامة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، عقب تقنين الإجراءات، تم ضبط المذكورتين مقيمتين بدائرة قسم شرطة أول أكتوبر بالجيزة وبحوزتهما كمية من مخدر الآيس وعدد من الأقراص المخدرة، وبمواجهتهما اعترفتا بحيازة المواد المخدرة بقصد الإتجار ونشر مقاطع الفيديو المشار إليها لزيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية، واتخذت الإجراءات القانونية. كما تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من ضبط «مديحة» صانعة محتوى والمعروفة باسم بلوجر لفرفشة الزباين، لاتهامها بنشر فيديوهات خادشة للحياء ومنافية للآداب العامة، وكانت قد أكدت معلومات وتحريات الإدارة العامة لحماية الآداب بقطاع الشرطة المتخصصة قيام إحدى السيدات بنشر مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعى خادشة للحياء ومنافية للآداب العامة، وعقب تقنين الإجراءات ضبطت المذكورة بدائرة قسم شرطة أول العامرية بالإسكندرية، وبحوزتها هاتف محمول وبفحصه فنيًا تبين احتوائه على دلائل تؤكد على نشاطها الإجرامى، وبمواجهتها اعترفت بنشرها مقاطع الفيديو المشار إليها بمواقع التواصل الاجتماعى لزيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية . كما أعلنت الأجهزة الأمنية عن القبض على صانعة محتوى الشهيرة ب«موري ست الكل» في الإسكندرية لنشرها محتوى خادش للحياء العام على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما ورد عدد من البلاغات ضد صانعة محتوى تدعى «موري» لنشرها مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعى تتضمن ألفاظًا خادشة للحياء تتنافى مع قيم المجتمع وتمثل خروجًا سافرًا على الآداب العامة، وعقب تقنين الإجراءات ضبطت المذكورة تقيم بدائرة قسم شرطة محرم بك بالإسكندرية، وبمواجهتها اعترفت بنشرها مقاطع الفيديو المشار إليها على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعى لزيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية، واتخذت الإجراءات القانونية. ◄ اقرأ أيضًا | التحقيقات تكشف حقيقة مشاهير التيك توك.. غسيل أموال وأعمال غير مشروعة كما أعلنت الأجهزة الأمنية ضبط صانعة محتوى تسمى «حسناء شعبان» تقيم بمحافظة دمياط، عقب ورود عدد من البلاغات ضدها لنشرها مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن الاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع وإساءة استخدام هذه المنصات، وأوضحت الأجهزة الأمنية أنه عقب تقنين الإجراءات، تم ضبط المتهمة، وبمواجهتها أقرت بنشرها المقاطع المشار إليها على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي بهدف زيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية. كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على البلوجر هبة طارق صانعة محتوى تقيم بدائرة قسم شرطة الجمالية بالقاهرة، لنشرها مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن ألفاظًا تتنافى مع قيم المجتمع وتمثل خروجًا على الآداب العامة، إضافة إلى إساءة استخدام هذه المنصات، وكانت قد كشفت التحريات أن المتهمة نشرت تلك المقاطع بهدف زيادة نسب المشاهدات على صفحتها لتحقيق أرباح مالية، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها. كما تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من القبض على صانعة المحتوى نوجا تاتو وذلك بعد ورود عدة بلاغات تتهمها بنشر مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي خلال رسم أوشام على أجساد بعض السيدات بصورة خادشة للحياء تتنافى مع قيم المجتمع، وعقب تقنين الإجراءات، تم ضبطها وبحوزتها هاتف محمول بفحصه فنيًا تبين احتواءه على عدد من مقاطع الفيديو المشار إليها، أدوات طبية وخامات غير مصرح باستخدامها من الجهات المعنية، وبمواجهتها اعترفت بنشر مقاطع الفيديو المُشار إليها على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي بهدف زيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية. ◄ توعية المجتمع وبالتواصل مع النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، بدأ حديثه قائلاً:إن حظر منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك لمن هم دون 16 عامًا كما فعلت أستراليا، قد يكون صعب تطبيقه في مصر نظرًا لكون هذه المنصات أصبحت لغة وثقافة عالمية ومصدرًا للمعلومات، كما أن الحل يبدأ بتحصين المجتمع، كما أنه يمكن الحد من استخدامها في حالات خاصة تتعلق بالمحتوى الضار، من الضروري تجريم القذف والسب عبر وسائل التواصل الاجتماعي واعتبارها جناية وتغليظ العقوبات، كما لابد من ضرورة نصوص قانونية تلزم بمحو المحتوى المسيئ بعد الإدانة، والعمل على توعية المجتمع بخطورة هذه الجرائم عبر الإعلام. كما أشار رمزي، إلى أن الجرائم مثل نشر الأخبار الكاذبة والابتزاز الإلكتروني والبلاغات الكاذبة، يجب أن تواجه بعقوبات صارمة وتغليظ عقوبتها، لان إذا ترتب على هذه الجرائم انتحار أو محاولة انتحار، فإن العقوبة يجب أن تعادل عقوبة القتل أو الشروع في القتل، كما لابد من مراعاة الثقافة المجتمعية، خاصة في المناطق التي قد تؤدي فيها إساءات السمعة إلى انتحار أو حتى القتل، فحقيقي لابد من رفع سقف العقوبات في الحالات التي تهدد الأمن العام أو تتسبب في الوفاة. ليستكمل الدكتور علي عبد الراضي، استشاري الصحة النفسية، وعضو الاتحاد الدولي للصحة النفسية قائلا:إن التجربة الأسترالية في منع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن السادسة عشرة خطوة مهمة وضرورية، كما أن الفكرة شبيهة بالقوانين التي تمنع بيع منتجات بذاتها لمن هم دون 18 عامًا مثل السجائر، كما أن الوضع في مصر يستدعي التفكير في زيادة السنوات لتصل إلى 22 سنة، نظرًا للآثار السلبية لاستخدام هذه المنصات على فكر وأخلاقيات المجتمع، كما أن الأبناء يتأثرون بسلوكيات آبائهم بشكل مباشر كما تعيش أنت سيكون ابنك، فإذا كان الأب أو الأم يلتزمان بالقيم والأخلاق، فينعكس ذلك على الأبناء والعكس صحيح، كما أن الأطفال والمراهقين وخاصة دون 18 سنة، لا يمتلكون النضج الكافي لاتخاذ قرارات صائبة عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، نظرًا لتقلباتهم النفسية والعاطفية، وافتقارهم للخبرة في التعامل مع المواقف، مما يجعلهم أكثر عرضة للضرر والأخطاء، كما انه لابد من ضرورة إصلاح وتوجيه سلوكيات هذه الفئة العمرية، وحمايتهم من التعرض المبكر لسلبيات وسائل التواصل، حتى نضمن تنشئة جيل قادر على الاختيار السليم وتحمل المسئولية، كما انه تختلف الثقافات في تحديد سن الرشد ففي بعض المجتمعات، يعتبر الشاب في السادسة عشرة قادرًا على التعقل والحكم السليم نتيجة لبدء غرس القيم والأخلاقيات منذ سن مبكرة قيم مثل الأمانة، الصدق، عدم الغش، احترام الآخرين، وعدم التشهير بهم، تشكل أساس البناء المعرفي والأخلاقي للفرد، وتحدد طريقه في الحياة، لكن للاسف الواقع اليوم يكشف أن منصات مثل تيك توك تحولت من وسيلة للتواصل إلى بيئة خصبة لظاهرة هستيريا الشهرة أو هوس الشهرة حيث يسعى البعض لجذب الانتباه من خلال محتوى مخل أو تافه، في غياب أي قيمة حقيقية، وهذا النمط أصبح بالنسبة لكثيرين نموذجًا يحتذى بل وسيلة لجني الأموال السريعة، كما ان الخطر الأكبر يكمن في أن المراهق خاصة دون السادسة عشرة قد يظن أن التفاهة هي الطريق الصحيح للنجاح إذا رآها تجلب المال والشهرة، ومع مرور السنوات تتأصل هذه القناعة لينشأ جيل يرى أن المهن الشريفة لا تستحق العناء مقارنة بعوائد صناعة المحتوى الهابط، وهذه النتيجة هي تغيير جذري في القيم المجتمعية، وتفكك البناء الاجتماعي الذي يستند على العمل الجاد والأخلاق، فلابد من وضع ضوابط واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ورفع سن الاستخدام المسموح به، بجانب إطلاق حملات توعية تركز على إعادة الاعتبار للقيم والمهن التي تبني المجتمع، وليس تلك التي تهدمه تحت ستار الشهرة السريعة. واختتم عبد الراضي إلى أن الدولة المصرية تولي هذا الملف أولوية قصوى، من خلال الرقابة المشددة والمحاسبة، بعد اكتشاف جرائم مرتبطة بغياب الضبط الاجتماعي على وسائل التواصل، فمصر الآن تتعامل بجدية مع هذه القضية، كما أنه لابد من بناء منظومة متكاملة من الضبط الاجتماعي تشمل الرقابة الأسرية والذاتية والعامة، حفاظًا على تماسك المجتمع وأمنه.