يوم السبت الماضى احتفل العالم والمصريين بعيد الحب "الفلانتين"، ولا اعلم مدى الصدفة التى جمعت بين نشأة عيد الحب العالمى وبين اللون الاحمر، او لون الدم تحديداً، خاصة وان عيد الفلانتين منسوب اساساً لقديسان من الشهداء المسيحين اللذان حملا اسم "فالنتين"، اولهما القديس فالنتين الذى كان يعيش فى روما والذى قتل ضمن 269 شخصاً بعد الميلاد، وليتم دفن رفاته فى كنيسة سانت برااكسيد فى روما، والقديس الثانى فالنتين الذى كان يعيش فى تورنى القديمة، وقتل ايضاً فى فترة اضطهاد المسيحين اثناء عهد الامبراطور اوريليان، وليتم دفن فى كنيسة القديس فالنتين فى تورنى. لا اعرف كيف ارتبطت لدى صورة العاشق الذى ينتظر حبيبته، وهو يحمل بين يديه رمز الكيوبيد "القلب" كما تزداد نبضات قلبه فور رؤيتها، وبين 21 اسرة مسيحية تعيش بيننا مكلومه على مصير ابنائها الذين ذهبوا الى ليبيا من اجل لقمة عيش، وتم اسرهم بايدى الدواعش، وفى لحظات تنقطع فيها الانفاس، ويزداد فيها العويل، ينتظرون مصير ابنائهم دون التأكد من وجودهم على قيد الحياة، او انهم قتلوا وسيلت دمائهم؟. لا اعرف كيف طاوع قلب العاشقة ان تستعد لهذا اليوم، وهناك 22 شاب ازهقت ارواحهم فى ليلة وضحاها اثناء دخولهم الاستاد فى مباراة فريقى الزمالك وانبى، بينما هناك اتهامات تطول وزارة الداخلية، او قيادات من الالتراس التى بدى انها دبرت الجريمة لاشعال فتنة جديدة بين النظام والشعب، او كسر شوكة الداخلية فى الحفاظ على الامن والوطن، لكن فى كل الاحوال هناك من احتفل، ومازالت الامهات الثكلى تحاول تضميد جراحها فى فقد الابن؟. لا اعرف كيف نظرت الى محلات الهدايا المزينة بلون الدم، لأتذكر دماء جنودنا الابطال ورجالنا من الجيش والشرطة الذين استشهدوا غدراً فى حادث العريش من قبل العناصر الارهابية، والعجيب ان من ادعى التعاطف معهم، نسى تلك الام وراح يحتفل دون اية مراعاة لشعور الارامل والثكالى والاطفال الذين فقدو الاب والعائل؟. لا اعرف كيف كان البعض يستعد للإحتفال بعيد الفلانتين، وهناك ضابط شرطة استشهد قبلها بساعات بالقرب من قسم عين شمس، اثر انفجار عبوة ناسفة، وضعتها الايادى القذرة الاخوانية، لتغتال شبابه، ولتفقد اسرته زهرتها فى لحظة عصيبة؟. لا اعرف كيف طاوع العشاق انفسهم، وتلك القلوب المحبة ان تحتفل بعيد الحب، فى يوم استهداف قسم الشيخ زويد بشمال سيناء بأطنان من المتفجرات، ليقوم ابطال رجال الجيش والشرطة بإحباط تلك العملية القذرة، الا ان الاصابات تلاحق ضابط ومجند؟. لا اعرف كيف نسى او تناسى العشاق ان فى ليلة عيد الحب، هناك حروب تغتال اشقائنا فى سوريا والعراق وليبيا واليمن الذى كان سعيداً، قبل ان تغتاله توكل كرمان بمعاونة الامريكان والاتحاد الاوربى، ليسقط اليمن بايدى الحوثين، الذين اصبحوا يهددوا امن المنطقة بأكملها ولسيت اليمن فحسب؟. لا اعرف كيف تذكرت الاف الاطفال الذين يعيشون فى جنوب السودان، لا يجدوا شربة ماء، او لقمة عيش ليسدوا بهما ظمأ او جوع، وانا اشاهد الدبدوب العملاق ذات اللون الاحمر، ففى هذا اللون دماءاً اخرى تسيل فى اوطاننا؟. لا اعرف كيف طاوع العشاق انفسهم ان ينطلقوا الى محلات الهدايا، ويقصدون المطاعم والكافيهات، وهناك عناصر ارهابية تعيش بيننا تسهدف جنودنا، وتفخخ منشأتنا، ليسقط العشرات بين شهر واخر؟. لا اعرف كيف ان قلوب العشاق تحولت الى حجر، ونحن نودع حزناً وحداداً على شهداء، لنستقبل حزن اخر اكثر شراسة، وحداد يميت ويغتال القلوب؟. لا اعرف كيف تذكرت الام التى تعشق عن جد، وهى تودع شهيدها وشهيد الوطن، الى مثواة الاخير، وهناك العشرات بل الاف ترتسم ضحكاتهم، ويتظاهرون بالحب فى الشوارع والميادين والاماكن العامة وخاصة الخاصة؟. الذى اعرفه، ان قلوب المحبيين عن جد تتعاطف وتتزق مع كل دمعة حزن او جسد يسيل منه الدماء، الذى اعلمه عن يقين ان الحب لا يمنع ابداً التعاطف مع ام ثكلى او زوجه ترملت، او طفلة او طفلة فقدا الاب دفاعاً عن وطنه كلنا نعيشه؟. حبوا انفسكم اولاً قبل ان تتظاهروا بالحب، فحب الخالق اساس الحب، وحب الدين اساس العبادة، وحب الدولة اساس الوطنية، وحب اجنادنا اساس البطولة. حفظ الله الوطن، شعباً، وجيشاً، وشرطة. [email protected]