تقول الأسطورة: "أن شبح الفتاة ذات العيون السوداء والوجه المرعب؛ عادت مرة أخري بعد أن اختفت 30 عامًا في أحضان الجبال والكهوف، لكن هذه المرة سكنت إحدي المدن البريطانية التي ترتع في الفساد والذنوب والمعاصي والكبائر، عادت لتشهد المنطقة التي هبطت فيها ظواهر غريبة وقصصًا مرعبة ظلت تتناقلها الأفواه عبر التاريخ؛ حتى شكلت الحكاية خرافة هي أشبه بحكايات أمنا الغولة، وهي في لسان العرب حيوان خرافي له عين واحدة تتوسط وجهه ولون حدقة العين أحمر كأنها الجحيم، وتعيش علي أكل لحوم البشر، وكما تصفها حكايات ألف ليلة وليلة، أنها حيوان عملاق الجسد، ضخم، يأكل الناس والأطفال والأغنام؛ أو حكاية أبو رجل مسلوخة؛ ذلك الكائن الحي المشوَّه القدم، الذي تحدثت عنه الكتب القديمة وظلت ترددها الجدات كحكايات للأحفاد الذين يعصون أوامر أمهاتهم ولا يأكلون، حتي ترسخت لهذا الكائن المشوه الخرافي صورة مرعبة في أذهاننا لم تبرحها إلا حين كُبرنا وبلغنا مبلغ الرجال! أعود وأكمل الأسطورة التي ذكرتها صحيفة "ميرور" أن هذه الطفلة التي شُوهدت من عشرات السنين قبل أن تعود مرة أخري لا أحد يستطيع معرفة حقيقتها حتى اللحظة الراهنة، ولكي تكون هذه الفتاة الخرافية محط أنظار الآخرين شكّلت نفسها لتكون عنوانًا للجمال، فقامت بما تملكه من قدرات تفوق الخيال الي حد الرعب بتلوين قزحية عينيها لتصبح سوداء اللون فبدت كشبح؛ وكثرت الروايات عنها، فمنهم من قال: "أنه أثناء تنزهه على ضفاف وادي مدينة ريفية ببريطانيا، سمع فجأة أصواتًا مرعبة وصرخات متكررة ونداءات استغاثة صادرة عن فتاة صغيرة، ورغم الخوف الذي كان يملأ صدره؛ محاولاً أن يقدم قدمًا ويؤخر الثانية، تلفت باحثًا عن مصدر الصوت ليجد فتاة لا يتعدى عمرها ستة أعوام، واقفة علي طريق ممتلئ بالنفايات والقاذورات، قبل أن تفر هاربة داخل الغابة ويختفي أثرها"! وزعم كاتب هذه الخرافة وأراد من نشره لها أن يصدقه الآلاف من القراء كما آمن هو بها "إن تلك الظاهرة الغريبة والمرعبة تحدث دائمًا من حولنا، إلا أنه لا يزال البعض لا يؤمن بوجود هذه الفتاة الشبح، أو يعتبرها كائنات فضائية أو من مصاصي الدماء"! ويدعونا كاتب هذه الخرافة الي أن نأخذ الأمر بجدية مدعيُا أن قوات الشرطة البريطانية تتابع البحث عن الفتاة الشبح التي ظهرت قبل ثلاثين عاما في ليلة من ليالي الشتاء المشؤومة قبل أن تعاود الظهور الان، في محاولة لتفسير هذا الكابوس الجاثم على صدور أهالي المدينة الريفية! لماذا قصدت ذكر هذه الحكاية؟! لأن من أدمنوا العنف والقتل والتفجير ومارسوه وكأنه فنًا؛ لا يزالون يعيشون أجواء خرافة أن مرسي راجع، ألم يصدقوا أكاذيب أسيادهم في الدجل والشعوذة من فوق منصة رابعة، مرة بهبوط الوحي سيدنا جبريل علي المعتصمين ليثبت فؤادهم، ومرة ثانية عندما حفتهم الملائكة بأجنحتها تحرسهم من كل سوء، ومرة ثالثة بزيارة رسول الله صلي الله عليه وسلم ودعا مرسي ليؤم هو الصلاة، وختمها أحد شيوخهم عندما تأخر الوعد السماوي بعودة مرسي؛ فخطب في الأهل والعشيرة صارخًا في وجوههم قائلاً: "مرسي هيرجعتاني، أقسمت برب العرش العظيم مرسي راجع تاني مرفوع الرأس وبقوة، حلفنا بالطلاق انه راجع وإلا تبقي بتشكك في ربنا، اللي جابكو ربنا واللي ثبتكوا ربنا، وهو اللي نزع الوهن من صدوركم وده محصلش من مئات السنين، هنلاقي فين زي مرسي الراجل المحترم، الصادق الأمين، بس هو راجع راجع"! الخرافة عندما تعشش وتتمكن من عقل إنسان؛ تصبح حالة من حالات المرض النفسي تستوجب العلاج، ولكن في الحالة التي تعيشها مصر الآن؛ لم تكن مجرد خرافة أو دجل أو شعوذة، وإنما مرجعها ذلكالإرث الأصولي المتطرف الذي تسلل الي عقول آمنت بالإرهاب،ولم يترك حتى مساحة صغيرة لإمكانية الحوار مع هؤلاء الذين صدقوا -لا- أن ما يفعلونه هو الجهاد في سبيل الله فقط، وإنما هو عهد موثق مع الخالق بعدم تخليهم عن مرسي شهد عليه الرسل والأنبياء والملائكة والقديسون، هو فكر ابن تيمية عاد من القرن الثالث عشر مرورًا بفكر سيد قطب من القرن العشرين ليسود في القرن الواحد والعشرين. هي ليست إشكالية بين ثقافتين أو فكرين بقدر ما هو سرطان يهدد حضارة العصر يجب القضاء عليه، فالتقرير الصادر منذ أيام قليلة مضت عن ال "B.B.« " كشف عن أن الهجمات الإرهابية التي شنتها الجماعات المتطرفة خلال شهر نوفمبر الماضي فقط أسفر عن مقتل "5042" شخصًا في "664" هجومًا جهاديًا عبر "14" بلدًا بمعدل مقتل "168" شخصًا يوميًا وبالطبع تحملت العراق النصيب الأكبر حيث قُتل "1770" شخصًا في "233" هجومًا تتراوح ما بين إطلاق للرصاص وهجمات انتحارية. وهل في الإمكان مناقشة فكر أصولي لا يزال أصحابه يرددون: "خيبر خيبرياليبرالي جيش محمد راجع تاني"! ... الي معلومة العنوان: لا زلت أتذكر رائحة القهوة ولون الفناجين تمنيت لو أشتري كل أشجار البن في العالم [email protected]