فالولد تلميذ عادي ذكاؤه معقول وتحصيله مناسب ويؤدي الواجبات كلها فلماذا يهان الولد يوميا من زملائه؟ أرسل المدير في طلب عدد من التلاميذ بالفصل والمدرسين. وسألهم لماذا تضربون زميلكم؟ في البداية أنكروا لكنهم اعترفوا واحدا بعد الاخ بأنهم ضربوا زميلهم لأنه يرسل اليهم صورا مرفوضة وغير أخلاقية علي مواقعهم الالكترونية صعق الأب وابنه لسماعهما هذا الكلام وانفجر الولد في بكاء هستيري وهو يقسم بأنه لم يفعل ذلك ولا يعرف من اين تأتي الصور المرفوضة علي شاشات الكمبيوتر في هذه اللحظة أرتج الأمر علي الولد الثائر وأخذ الابن من يده طالبا منه الاعتراف بحقيقة الأمر. وسأله عمن يعرف كلمة السر الخاصة به من زملائه فقال التلميذ لا أحد يعرفها سوي زميلة واحدة في المدرسة وبسؤال التلميذة اعترفت بأنها هي التي صنعت كل هذه الاحداث بسبب ما أرسلته من صور وكلمات خادشة لزملاء التلميذ وأصدقائه وجميعهم بالصف الأول الإعدادي!!! تري ماذا تعني هذه الحادثة التي تمثل انهيارا أخلاقياً يهدد أجيال المستقبل حول التكنولوجيا وما فعلته في أطفالنا.. نقرأ التحقيق التالي: تحت عيناي حنان محمود ربة منزل تقول: لدي ولد وبنت الابن بالصف الثاني والابنة بالخامس الابتدائي منذ أن دخل الكمبيوتر بيتنا واستخدمه الابناء في الالعاب الالكترونية أولا وكان الأمر مقننا فساعات محددة التي يجلسون فيها أمام الجهاز حفاظا عليهم من التعرض الكثيف والجلوس لفترات طويلة مما يعرضهم للأمراض التي ظهرت من جراء الاستخدام غير الصحي لهذه الاجهزة وبعد دخولنا شبكة الانترنت أصبح ولدي محترفا في هذه التقنية وتعلمت منه كيفية الاستخدام الصحيح وبدأت استفيد من ذلك بالقراء للصحف عبر مواقعها علي الشبكة وأقلب صفحات المواقع التي تعلم ست البيت فنون الطهي وصنع الحلوي وتزيينالمنزل والديكور والازياء وغيرها من العوالم التي تزدحم بها شبكات النت وفي كل ذلك عيناي علي الولد أتعرف معه علي اصدقائه الذين يلتقي بهم عبر "الفيس بوك" وغرف الدردشة وانصح كل ام ان تتابع الابناء وتشاركهم اهتمامهم بهذا العالم وتتعلم منهم ليكون هناك حوار مشترك بينهم بدلا من ان تسلمهم لأصدقاء السوء والمبتزين والقراصنة علي هذه الشاشات. المفيد فقط وفاء محمد عيد مدرسة لغة عربية الشرقية تقول: لا شك أن هذه التقنيات اختصرت ووفرت كثيراً من الوقت والجهد في الحصول علي المعلومات وان كانت تحتاج للتدقيق دائما وعلينا أن نأخذ بالنا منها في الحياة فقط. أما الثرثرة وتضييع الوقت والعلاقات الخبيثة باستخدام الكاميرات والكلمات فهي ليست من قيمنا ولا ديننا ولا أخلاقيتنا لذلك فالأسرة مسئولة عن متابعة ما يحدث للابناء وأقرانهم عبر هذه الاتصالات كي لا يحدث مالا يحمد عقباه. وتنهار المنظوم القيمية التي تربينا عليها. الدكتورة إيمان نور الدين مدرس بكلية رياض الأطفال بجامعة القاهرة تقول: إننا نعيش اليوم في عصر تتلاشي فيه الحدود الثقافية ويتسم بثورة تكنولوجية وعلمية هائلة وأصبحت للوسائط الاعلامية دورا بارزا في بناء شخصية الطفل وتكوينها ومن اللافت للنظر انتشار أجهزة الكمبيوتر في كل بيت تقريبا سواء في الحضر أو الريف والجمهور المستخدم لها من الاطفال في الغالب بالرغم من أن المرحلة العمرية من "5 18 عاماً" يحتاج فيها الطفل إلي اكتساب مشاعر حقيقية ومعان اجتماعية وأخلاقه إلا أن كثرة التعرض للالعاب الالكترونية والتواصل عبر شبكات الانترنت نجد الاطفال مدفوعين إلي دوائر العنف والتنافس اللااجتماعي وتشويه للبنية الفكرية وتبديد الهوية وهو ما ينعكس علي تكوينه الشخصي القيمي والاخلاقي فيصبح طفلا مشوها بسبب التكنولوجيا غير الرشيدة ويتم تغريبه وتمييع هويته وتفكيك لغته واختلال نسق قيمه ويصبح فريسة للتناقض بين معايشة الواقع ومشاهدة الأخر فيقد التمييز بين الواقعين وبدون وعي يصبح منتميا إلي الواقع الذي يمارس ألعابه ويتحدث فيه بدون رقابة أسرية أو قيمية.. كما أن زيادة تعرض الاطفال لهذه التكنولوجيا وممارسة ألعابها يؤدي إلي تبلد الاحساس بالخطر وقبول العنف كوسيلة لمواجهة الصراع ومحاكاة للأساليب الخداعية التي يراعها عبر هذه الشاشات بما يؤثر علي تكوينه الانساني بالسلب. وتنصح د. إيمان نور الدين كل أسرة أن تعلم أطفالها مهارات التفاعل الاجتماعي وكيفية صنع صداقات وعلاقات مع أقرانهم وتقنين التعرض للتكنولوجيا الهدامة للإنسانية وأن يكون الوالدان هما القدوة في التربية للأبناء وألا تشغلهم أدوارهم الوظيفية عن تربية الابناء لأن المجتمع المنزلي هو أول مجتمع ينمو فيه الطفل ويتشرب القيم وتبني فيه شخصيته من خلال المحاكاة للوالدين في اصدار الاحكام القيمية والصحيحة. إضعاف الإخلاق الدكتورة سهير صفوت مدرس بكلية التربية جامعة عين شمس تقول: إن التكنولوجيا المتطورة جلبت علي المجتمع الكثير من اضعاف الاخلاق بل وانهيارها في بعض الشخصيات مما نسمعه ونقرأه عن حوادث مرعبة استخدمت فيها التقنيات العالية والمؤسف انها تساهم في خنق التواصل الاجتماعي وتخدر الطفل وتصرفه عن الحقائق الواقعية وتمحو انتمائه لاسرته وتدفعه إلي عالم خيالي يفتقد إلي علاقات الود والدفء وهو ما يؤثرعلي نموه الاجتماعي فيجعله أكثر أنانية وإنطوائية غير قادر علي اكتساب آليات التفاعل مع الآخرين كما يتعلم الطفل من هذه التكنولوجيا المقامرة الأساليب لا أخلاقية وتوريط أطراف عديدة في الفساد الأخلاقي واستخدام الصور المرفوضة بأسماء وعناوين اشخاص دون علمهم كما يتعلم الطفل الكذب والتحايل علي الوالدين وهو ما يؤثر في بنيته الاخلاقية ويتسبب في فسادها وتشتيت قيمه الدينية التي ينشأ عليها. وتنبه د. سهير صفوت أن التحديات الاخلاقية التي تطرحها التكنولوجيا تعد من الامور الخطيرة علي منظومة القيم فتعلم السلوكيات اللااخلاقية يأتي من خلال تكرار المشاهدة حيث يكتسب الطفل توجهات سلوكية لا تلبث أن تصبح قوالب مؤثرة في نفوس ممارسيها وهو ما يرسخ بذور اخلاقية وقيم غريبة عن القيم التي تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية فإلي كل أم وأب لا تتركوا الأبناء حتي سن ال 18 امام شاشات الكمبيوتر والهواتف المحمولة ذات الشاشات.. عليكم المتابعة كي لا تفاجئوا بأبنائكم يتصرفون بأخلاقيات تفجع الأسرة.