عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعًا عن الضرب في المدارس

طالبة تقول لمدرسها أنت حتلم نفسك ولا آجي ألمك فهل تستحق الضرب فقط؟! سألنا «طالب» هل المدرس يقدر يضربك فرد أنا كنت أمسح بيه الأرض!
الفوضى فى المدارس
لا أعتقد أن هناك من يعيش علي أرض مصر وتعلم في مدارسها ولم يضرب في الفصل.. الكل «اضرب» في المدرسة.. الوزير والخفير.. الأول علي الجمهورية و الأخير.. المشهور والمغمور.. لدرجة أن السيدة «مني» بنت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر «اضربت» في الفصل وهي طالبة في مدرسة سراي القبة الإعدادية بنات في الوقت الذي كان فيه والدها رئيس جمهورية وقصر الرئاسة لا يفصله عن المدرسة سوي شارع واحد فقط.
لكن هناك فرق بين ضرب يبني وضرب يهدم.. بين ضرب يعلم وضرب آخر «يعلم علي القفا».. هناك فرق بين ضرب التربية وضرب الإهانة.. بين ضرب التعليم وضرب التجريح.. بين الضرب الذي يصنع العظماء والضرب الذي يصنع المسجلين خطراً.. بين الضرب الأبوي والسلطوي.. فالضرب ليس كله حرام وليس كله مدان وليس كله خطأ، لأننا كلنا أنضربنا في المدارس وعرفنا الفرق بين المدرس الذي يضرب كأب والمدرس خريج «مصلحة السجون الثانوية».
كلنا «أنضربنا» في المدارس لكننا حين نتحدث عن مشاعرنا تجاه المدرس الذي ضربنا نجد أننا نشعر بحنين لأساتذتنا الذين «ضربونا» ونتذكرهم بالاسم ونروي وقائع الضرب بتفاصيلها المحفورة في وجداننا - أو علي أيدينا - وننظر لهذه الوقائع باعتبارها ذكريات جميلة علي اعتبار أن «ضرب الحبيب زي أكل الزبيب» إن هذا الضرب لم يكن هدفه «الإهانة» التي تجعل التلميذ يكره «التعليم واللي بيتعلموه» ويحول المدرس إلي بلطجي يجب التصدي له.
إذا كان الضرب في المدارس زمان كان بمثابة ركن أساسي في المدرسة مثل النشيد الوطني في طابور الصباح والفسحة وحصص الألعاب والموسيقي تلك الأشياء التي اختفت من مدارسنا، فإننا هذه الأيام التي يغيب فيها الأب والأم عن البيت ولا يجد التلميذ من يقومه ويبني معه علاقة الحب المختلط بالهيبة نجد أنفسنا في أمس الحاجة إلي مدرس زمان «الذي كنا عندما نراه نمشي من الشارع الآخر».. المدرس الذي كان يردد تلميذه «قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا»... المدرس الذي كان يذهب إليه أهالي المناطق الشعبية ليشكوا أبناءهم له ليعينهم علي تربيتهم بل يطلبون منه ضرب أولادهم حتي يكونوا ناجحين في المستقبل.. لكن للأسف المدرس الآن لم يعد شخصا سويا - كما كان في الماضي - يمكن أن نستأمنه علي «ضرب» أبنائنا من أجل مصلحتهم هذا علاوة علي أنه يخشي أن يرفع عينه في وجه تلميذه حتي لا يشكوه وإذا رأي تلميذه يسير من الشارع الآخر ليضمن سلامته «عشان عنده عيال عايز يربيها»!
الطالب الآن يفعل كل شيء في الفصل أمام المدرس ولا يخشي أحدا لدرجة جعلت طالبة في إحدي مدارس إدارة الزيتون التعليمية في الصف الأول الثانوي تقول لمدرس الفيزياء: «انت هتلم نفسك ولا آجي ألمك.. احترم نفسك ما تخلنيش اظبطك قدام الناس» الغريب أن المدرس لم يحرك ساكنا وخشي أن يمد يده علي الطالبة حتي لا يتهمه أحد بالتحرش بها وخشي أن يعطيها «جواب رفد أسبوع» لأن هذا معناه أنه سيخضع معها للتحقيق ولا يضمن إذا كان المحقق سيصدقه أو يصدق ادعاءات الطالبة.. الأغرب من ذلك أن المدرس لم يفعل شيئا لها سوي أنه قال لها: سيبي المكان اللي انتي قاعدة فيه واقعدي في مكان تاني».
هذه لم تكن الواقعة الوحيدة التي تابعناها في المدارس ففي إدارة السلام قمنا باستطلاع رأي مجموعة من الطلاب وسألناهم : «هل يقدر المدرس يضربك؟» فكانت إجابتهم مذهلة أحدهم قال : «ده أنا امسح بيه الأرض».. وآخر قال «بس هو يجرب ويشوف هعمل فيه ايه؟».. وثالث قال « أنت متخيل ان فيه مدرس يقدر يضرب حد دلوقتي.. ياعم صلي ع النبي.. ده المدرس بالعافية بنرضي نخليه يتكلم معانا ويا إما يتعامل كويس يا إما هنطلع عينه في الفصل».
كلنا نبحث عن حقوق الطالب وهذا شيء في غاية الأهمية ولكن من يبحث عن حقوق المدرس، المدرس الذي فقد هيبته مرتين الأولي عندما فرط في حقوقه وجعل علاقته مع الطالب تقتصر علي اعتبار الفصل مكاناً للاتفاق علي مواعيد الدروس الخصوصية أما الثانية عندما أعطت وزارة التربية والتعليم الضوء الأخضر للطلاب أن يفعلوا ما يريدون داخل المدارس وعلي المعلم أن يعرف أن دوره لا يتعدي دور «البوسطجي» الذي يقوم بتسليم خطابات لا يعرف محتواها فالمدرس يقوم بشرح دروس لا يعرف أهميتها بل هو غير مقتنع بها من الأساس لأن أحدا لم يأخذ رأيه في وضعها أو تعديلها أو تغييرها.
الحديث عن موضوع ضرب التلاميذ في المدارس كان مهما بعد ما فعله وزير التربية الفترة الماضية.. ففي أسبوع واحد فقط وجدنا الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يقول «الكلام وعكسه».. فهو في بداية الأسبوع الماضي كان يري أن الضرب في المدارس تأديبا وتهذيبا وإصلاحا للتلميذ (لأن الوزارة اسمها التربية قبل التعليم) ومن حقوق المدرس الذي لا يمكن نزعه منه بل أن الوزير أكد أنه تعرض للضرب في المدرسة ورغم ذلك مازال يحمل كل مشاعر الحب والود لمدرسيه الذين ضربوه لكي يصنعوا منه شخصا ناجحا في المستقبل لكن بعد هذه التصريحات الجريئة وتحديدا بعد لقاء السيد الوزير مع الدكتور أحمد نظيف - رئيس الوزراء - وجدنا أنه يتراجع عن تصريحاته ويرفض الضرب في المدارس ويؤكد - مرة ثانية - أن تصريحاته تم فهمها بشكل خطأ وأن الضرب ممنوع ومرفوض بكل أشكاله ويعتبر ضد قواعد التربية.
تصريحات وزير التصريحات كان لابد ألا تمر مرور الكرام.. فهو رجل كان يضرب «طلاب الجامعة» بسبب آرائهم السياسية وهذا هو الضرب المرفوض والممنوع والكارثي - وقول ما تشاء عنه - لذلك كان غريبا أن يجرم الضرب في المدارس وهو في الوقت نفسه صاحب نظرية «الضرب بيعلم وبيربي» لكن هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها وهي من يحمي المدرس إذا تعدي عليه الطالب بالضرب؟.. وكيف يعاقب الغرب تلاميذ المدارس؟.. هل انتشار البلطجة بين طلبة المدارس سببها عدم وجود سلطة للمدرس لضرب التلاميذ؟.. والسؤال الأهم كيف يضرب المدرس تلاميذه ولا يقهرهم؟
تجاربنا كثيرة مع الضرب.. ما نزال نتذكرها جيدا بكل تفاصيلها ونعرف تماما من هو المدرس الذي قام بهذه الفعلة معنا.. لكن ماذا عنه هو.. المدرس.. أو الشخص الذي دائما ما يقوم بعملية الضرب التي تظل عالقة علي أيدينا أحيانا وعلي أقدامنا في أحيان أخري وعلي مؤخراتنا في معظم الأحوال..التجارب مختلفة عند المدرسين بعضهم مع الضرب وأخرون ضده كل له أسبابه التي تؤيد رأيه، حيث يقول عثمان المنزلاوي -مدرس بمحافظة أسيوط-: لابد من ضرب الطلاب وإلا لن يتعلموا ولن يكون هناك رادع علي الفشل في التعليم، وكذلك علي المخالفات اليومية التي يحدثها الطلاب في المدارس خاصة المدارس الثانوية والفنية أكثر، حيث إن الطلاب في هذه الفترة يريدون فرض سيطرتهم علي المعلم بجميع الأشكال وإذا لم يتم ردعهم عن طريق الضرب، لن يستطيع المدرس شرح أي مادة في الفصل وبالتالي ستضيع السنة «علي الفاضي، وهنا في الصعيد لا توجد شكاوي من الطلاب ضد المدرسين إلا قليلاً جدا لأن الموضوع مازال قائما علي الاحترام في الصعيد أكثر من القاهرة ولا يتم تقديم شكوي في المدرس إلا إذا تسبب في جرح للطالب أو كان الضرب «معلم» علي جسمه، كما أنه لا يوجد مدرس يدخل فصل ثانوي في الصعيد دون «العصاية» إلا فيما ندر.
بينما يقول عادل حسن - مدرس الفلسفة -: المدرس كرامته استبحيت منذ صدر قرار منع الضرب في المدارس لأنه أصبح يفكر في إحالته للتحقيق أكثر مما يفكر في تربية الطلاب وتعليمهم لأنه ليس منطقيا أن أترك طالباً يهرب من المدرسة أو يتطاول عليا دون عقاب خاصة ان عدداً كبيراً من الطلبة تحولوا لبلطجية لا يمكن ردعهم إلا بالضرب، لأنني أنا شخصيا تعرضت للضرب عندما كنت طالبا ومازلت أحترم أساتذتي الذين كانوا يريدون تعليمي وتربيتي من خلال الضرب بالعصي التي مازلت اتذكر شكلها حتي الآن لكني في الوقت نفسه ضد الضرب «للضرب» الذي يقوم به بعض المدرسين.
أما حسن علي - مدرس اللغة العربية يقول: أنا مدرس في منطقة مصر الجديدة التعليمية وهناك الطلاب ينتظرون المدرس خارج المدرسة للانتقام منه إذا قام بعقابهم عن طريق «الرفد أو تسجيلهم في دفاتر الغياب أو استدعاء أولياء أمورهم» هؤلاء لطلاب يظنون أن المدرس ضعيفا لا يستطيع الدفاع عن نفسه وبالتالي هم الذين يعاقبون المدرس وليس العكس ومن هنا أصبح المدرس لا قيمة له أمام الطلبة وليس أمامه سوي أن يصاحبهم حتي يأمن شره.
أحمد عبدالرحمن - أستاذ الجيولوجيا - قال: لابد أن يكون هناك عقاب رادع للطلاب ولكن بعيدا عن الضرب، بمعني أنه لا يجب أن يضرب الطالب أستاذه أو الأستاذ تلميذه، ورغم أن أيام الضرب زمان كانت أفضل مائة مرة لكن الأمور تغيرت الآن وعلي أولياء الأمور ألا يكونوا دائما متأكدين أن أبناءهم علي حق، فلا الضرب مطلوب ولا التفريط أيضا في محاسبة الطلاب، وعلينا أن نوجد آليات أخري للعقاب يعني مينفعش أضرب الطلاب «عمال ع بطال» لأن المدرس لازم يبقي محترم وألا يستغل الضرب لمزاولة الدروس الخصوصية، ومن الممكن أن نأتي برجال أمن يخرجون الطلاب المشاغبين من الفصل، والأمر كله يحتاج لإعادة تقييم سواء للطالب أو المدرس.
تحدثنا مع ثروت الويشي - مدير مدرسة - فأكد أن الضرب مازال موجودا في المدارس لكن المدرس يخاف من القيام به لأنه لا يوجد ما يحميه وهو مرفوض من الناحية القانونية لكن المدرسين يستخدمونه كثيرا خاصة مع طلاب التعليم الفني وقال الويشي: زمان كان يأتي ولي الأمر بابنه إلي المدرسة ويقول للمدرس: «موته من الضرب بس علموه كويس»، لكن الآن لا يحدث ذلك لأن بعض الزملاء ضربوا الطلاب وتسببوا في إحداث جروح بهم أو عاهات وهو ما أدي لتحويلهم للنيابة العامة والتحقيق معهم ومنهم من ظل يدفع تعويضا ماديا لطالب حتي خروجه علي المعاش، لكن ما يذكر في الجرائد قليل جدا بالنسبة لكمية الضرب التي تتم في المدارس، وأنا شخصيا أخاف من ضرب الطلاب حتي لا أتسبب في مشكلة له ولي لأن بعضهم يكون «تعبان أساسا» تجارب الضرب التي تنتهي بمأساة كثيرة ونسمع عنها جميعا وبعض المدرسين من ضعاف النفوس يستخدمون الضرب كوسيلة لإعطاء دروس خصوصية لهم خاصة التلاميذ في مرحلتي الابتدائي والإعدادي.
أما الدكتور كمال مغيث - الخبير التعليمي - يقول: إلي حد كبير لا يوجد عقاب في الغرب لكنه حرمان من بعض الامتيازات لأن هناك لا توجد قوانين وزارية تحكم الموضوعات ومجالس الأمناء بالمدارس هي التي تتحكم في كل شيء بأي مدرسة، وهناك مدرسة شهيرة في إنجلترا تضرب طلابها مع التركيز علي مستوياتهم العلمية وتعتبره المدرسة جزءاً كبيراً من شهرتها لكنه ليس النمط السائد في إنجلترا بل إنها حالة فردية لمدرسة تقوم شهرتها كلها علي أنها تضرب تلاميذها، والوضع هناك مختلف لأنه يوجد توافق بين المجتمع من تلاميذه وأولياء الأمور ومدرسيه علي أنه لا يجوز العقاب، وولي الأمر يأتي للمدرسة حينما تحدث مشكلة، وشخصيا أرفض مبدأ الضرب لأولادي لأنه هناك التوبيخ الذي يمكن من خلاله التعامل مع التلميذ أو الطالب بشكل أفضل ونصل لنتيجة بعيدة تماما عن الإهانة الشخصية التي يسببها الضرب.
وما يؤكد أن الأمر مختلف تماما في الغرب، الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام منذ فترة عن توصل مدير مدرسة بريطانية إلي أن عقاب التلاميذ بإجبارهم علي الاستماع إلي مقطوعات من الموسيقي الكلاسيكية هو رادع فعال ضد إساءة التصرف، ويتبع بريان ووكر مدير مدرسة «وست بارك» في مدينة داربي بانجلترا نظاما تأديبيا بعد انتهاء الحصص الدراسية يوم الجمعة يجبر فيه التلاميذ المشاغبين علي الاستماع إلي موسيقي الجاز وموتزارت وفيردي وباخ. ويبلغ معدل الحضور في جلسة التأديب هذه 20 تلميذا من بين 1320 تلميذا هم عدد التلاميذ في المدرسة، ويتم تحذير التلاميذ ثلاثة مرات قبل حدوث ذلك. أما الدكتور أحمد عبدالله - محاضر الطب النفسي بالجامعات المصرية - فيقول: لا يوجد لدينا في الأساس مدارس حتي نفكر فيما يحدث للطلاب فيها وما توجده الحكومة يشبه حظائر الماشية تماما من حيث الأعداد أو المساحة التي تصل في بعض الأحيان إلي 80 طالباً بالفصل الواحد مما يؤدي لإصابتهم وهم علي السلم وهو ما يجعل الطلاب دائما منزعجين ومتوترين لأنهم في سن المراهقة يحتاجون لنوع من الحركة التي لا توفرها المدارس لهم وبالتالي يكونون في أفضل حالة للمشاكل و«الخناق» ويكون هدف رائع للضرب، وإذا تكلمنا عن الضرب فسنجد أنه موجود فقط في المدارس الحكومية لأن المدارس الخاصة لن يدفع فيها أولياء الأمور «فلوس» ثم يضرب أبناؤهم، وعموما لا يوجد تربية بدون عقاب والضرب أحد أشكال العقاب، ولابد من عمل نظام واحد تسير عليه المؤسسة التعليمية ويكون فيه العقاب جزءاً أساسياً حتي يعرف كل شخص ماله وما عليه، والعقوبة تكون اجتماعية كما يحدث في الغرب عندما يرتكب شخصاً مخالفة فيحكمون عليه مثلا بتنظيف دورات المياه في مكان ما وهو ما يحدث فائدة للمجتمع والمعاقب لأنه لن يعود مرة أخري، أو مثال عليه عقوبة إفطار الصائم في رمضان التي تفيد المجتمع..معروف أن الخطأ في السن الصغيرة يعتبر جنوحاً عن الطبيعي لكن العقاب يجب أن يتضمن نوعا من الاندماج بعيدا عن الفردية، ولو تكلمنا عن الضرب من الناحية التربوية فبهذا الشكل نتحدث عن «خناقة» وقبل أن نحمي المدرس من الطالب علينا تنفيذ مطالبه بمعيشة كريمة ومرتب يحميه ولا يجعله يلجأ لشيء آخر.
أما عبدالحفيظ طايل- مدير المركز المصري للحق في التعليم- الذي يقول: لا يوجد نظام متبع لعقاب التلاميذ في الدول الأوروبية لكن هناك بدائل لذلك في كل مدرسة حيث تعد كل منها نظاما تتبعه في أسلوب معاقبة التلاميذ أهمها حرمان الطالب من التحفيز، لأن هناك ارتباطا نفسيا عند الطفل بينه ومعلمه وإذا تربي أي طفل علي الضرب فسيكون هو وسيلة العقاب الوحيدة بالنسبة له، أما الحرمان من المكافأة فهو العقاب الأفضل وأهم شيء فيه أنه ليس ببدني، لكن الضرب دائما ما يهين الكرامة ويعبر عن انتهاك كبير للجسد، وهناك طرق عديدة للعقاب بعيدة تماما عن الضرب، وعلي العقل البشري أن يوجد تعاملات جديدة وأفكار مثل اللوم والحوار الدائم مع الطفل الذي يمكن من خلاله أن تصل بالطفل لمنطقة أخري من التعامل، ووجود أخصائي أو أخصائية اجتماعية ونفسية في المدارس مهم جدا للتعامل مع الطلاب لكن في مصر توجد كارثة أنه لا يوجد أخصائيون اجتماعيون في المدارس بل إن المدرسة التي يبلغ عدد طلابها ألفاً ونصف ألف طالب يوجد بها أخصائي اجتماعي واحد ويقع عليه حمل زائد من العدد الكبير الذي واجب عليه الاهتمام به وحل مشاكله وهو ما يجعله لا يقوم بعمله جيدا وكما هو المفروض أن يوجد معلم لكل 12 تلميذاً فيجب أن يوجد لهم أيضا أخصائي اجتماعي، وتوجد دائما علاقة بين المدرسة وولي الأمر ففي الغرب تجعله حاضرا في كل شيء لكن في مصر حضور ولي الأمر مرتبط فقط بفكرة العقاب والإشادة بالطالب المتفوق في طابور الصباح من الممكن أن تفعل كثيرا في طريقة تعامل الطالب أو التلميذ مع مدرسه، وعلي المدارس أن تكرم طلابها في وجود أولياء أمورهم مما سيحدث منافسة جيدة بين الطلاب، وهم في الغرب دائما ما يشجعون الجزء الإيجابي، وهذا هو الفرق بين أمة تحترم الإنسانية وأخري لا تعرف عنها شيئًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.