نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    لماذا لم يشعر المواطن بانخفاض الأسعار؟.. متحدث الحكومة يجيب    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    يقفز بقيمة 120 جنيهًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل «بيع وشراء» في مصر (التفاصيل)    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    50 قرشا للرغيف وزن 25 جراما.. تطبيق خفض سعر الخبز الحر من الأحد.. فيديو    أنقذ عائلة إماراتية من الغرق في دبى.. عمل بطولى لمدير ببنك مصر فرع الإمارات (فيديو)    الأسهم الأمريكية تتباين عند الإغلاق وS&P 500 يسجل أطول سلسلة خسائر منذ أكتوبر    مصر تأسف لعجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من عضوية الأمم المتحدة    الرئاسة الفلسطينية: السياسة الأمريكية تدفع المنطقة أكثر إلى شفا الهاوية    فورين بوليسى: الهند تجرى أكبر انتخابات فى العالم وسط فوز متوقع لمودى    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى يشيد بدور مصر فى تحقيق السلام المستدام بالمنطقة.. ونتنياهو يطلب تدخل بريطانيا وألمانيا لمنع إصدار أوامر اعتقال ضده من الجنائية الدولية    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر رد على طهران    الصفدي لنظيره الإيراني: الأردن يريد علاقات طبية مع إيران لكن تحقيقها يتطلب إزالة أسباب التوتر    إيران تحذر إسرائيل في الأمم المتحدة من أي عمل عسكري جديد    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    محمود عاشور: فوجئت بإيقافى عن التحكيم ولم يرد أحد على استفساراتى    سيد عيد يدخل تاريخ الدورى المصرى.. 4 قصص صعود للممتاز مع 3 أندية مختلفة    أتالانتا يتأهل إلى نصف نهائى الدورى الأوروبي على حساب ليفربول.. فيديو    روما يكرر فوزه على ميلان ويتأهل لنصف نهائي الدوري الأوروبي    تعرف على الأندية الأوروبية المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    رسميًا.. سيراميكا كليوباترا يُعلن إصابة محمد شكري بالرباط الصليبي    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    لإقامتها دعوى خلع.. المشدد 15 عامًا لمتهم شرع في قتل زوجته بالمرج    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارة زفة عروسين على الطريق الإقليمي    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الجمعة : تجنبوا السفر لمدة 4 ساعات (بيان مهم)    انتهاء عمليات رفع ميكروباص معلق أعلي الدائرى وسط انتشار الخدمات المرورية    غرق طفل أثناء السباحة فى ترعة بنصر النوبة بأسوان    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    متحدث التعليم: لا صحة لدخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحانات بكتب الوزارة    بمناسبة صدور العدد 5000.. جابر القرموطي يجري جولة داخل مجلة روز اليوسف    "عمر ماكان بينا غير كل خير".. نيللي كريم ترد على اعتذار باسم سمرة لها    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    دعاء الضيق: بوصلة السلام في بحر الهموم    رحاب السماء: قوة دعاء السفر في رحلاتنا وحياتنا    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    أبرزهم ولاد رزق 3 واللعب مع العيال.. أعمال فنية ضخمة في موسم عيد الأضحى 2024    نصائح هامة لصيانة التكييف قبل استخدامه لأول مرة في الصيف    جامعة برج العرب التكنولوجية تختتم اليوم مشاركتها في مؤتمر «EDU-TECH»    مصطفى بكري: لا يوجد نص دستوري لاستقالة الحكومة فور أداء القسم الرئاسي    الإفتاء تكشف حقيقة حكم صيام يوم الجمعة عند الفقهاء.. مفاجأة    كلوب بروج يعبر باوك ويضرب موعدا مع فيورنتينا في نصف نهائي دوري المؤتمر    جامعة الأزهر تتقدم في 7 تخصصات علمية لأول مرة بالتصنيف العالمي «QS»    الكشف على 1265 مواطنا بقافلة طبية بقرية كوم النصر في المحمودية    نصائح لتفادى تأثير أتربة رياح الخماسين على العين عند السفر    27 أبريل.. فريق «كايروكى» يحيى حفلا غنائيا فى تركيا    خالد الجندي ينصح السيدات باحتساب العمل في المطبخ منح إلهية.. لماذا؟ (فيديو)    علاقة في الظل تنتهي بجريمة.. فضيحة يوتيوبر خليجي بأكتوبر    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابي في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فيلم السرب.. تعرف على الأبطال وتوقيت العرض في السينمات    "بطلب جوارديولا".. نجم بايرن ميونخ على رأس اهتمامات مانشستر سيتي في الصيف    رئيس مدينة منوف يتابع الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء الفلسطينيين    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقدان التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعًا عن الضرب في المدارس

طالبة تقول لمدرسها أنت حتلم نفسك ولا آجي ألمك فهل تستحق الضرب فقط؟! سألنا «طالب» هل المدرس يقدر يضربك فرد أنا كنت أمسح بيه الأرض!
الفوضى فى المدارس
لا أعتقد أن هناك من يعيش علي أرض مصر وتعلم في مدارسها ولم يضرب في الفصل.. الكل «اضرب» في المدرسة.. الوزير والخفير.. الأول علي الجمهورية و الأخير.. المشهور والمغمور.. لدرجة أن السيدة «مني» بنت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر «اضربت» في الفصل وهي طالبة في مدرسة سراي القبة الإعدادية بنات في الوقت الذي كان فيه والدها رئيس جمهورية وقصر الرئاسة لا يفصله عن المدرسة سوي شارع واحد فقط.
لكن هناك فرق بين ضرب يبني وضرب يهدم.. بين ضرب يعلم وضرب آخر «يعلم علي القفا».. هناك فرق بين ضرب التربية وضرب الإهانة.. بين ضرب التعليم وضرب التجريح.. بين الضرب الذي يصنع العظماء والضرب الذي يصنع المسجلين خطراً.. بين الضرب الأبوي والسلطوي.. فالضرب ليس كله حرام وليس كله مدان وليس كله خطأ، لأننا كلنا أنضربنا في المدارس وعرفنا الفرق بين المدرس الذي يضرب كأب والمدرس خريج «مصلحة السجون الثانوية».
كلنا «أنضربنا» في المدارس لكننا حين نتحدث عن مشاعرنا تجاه المدرس الذي ضربنا نجد أننا نشعر بحنين لأساتذتنا الذين «ضربونا» ونتذكرهم بالاسم ونروي وقائع الضرب بتفاصيلها المحفورة في وجداننا - أو علي أيدينا - وننظر لهذه الوقائع باعتبارها ذكريات جميلة علي اعتبار أن «ضرب الحبيب زي أكل الزبيب» إن هذا الضرب لم يكن هدفه «الإهانة» التي تجعل التلميذ يكره «التعليم واللي بيتعلموه» ويحول المدرس إلي بلطجي يجب التصدي له.
إذا كان الضرب في المدارس زمان كان بمثابة ركن أساسي في المدرسة مثل النشيد الوطني في طابور الصباح والفسحة وحصص الألعاب والموسيقي تلك الأشياء التي اختفت من مدارسنا، فإننا هذه الأيام التي يغيب فيها الأب والأم عن البيت ولا يجد التلميذ من يقومه ويبني معه علاقة الحب المختلط بالهيبة نجد أنفسنا في أمس الحاجة إلي مدرس زمان «الذي كنا عندما نراه نمشي من الشارع الآخر».. المدرس الذي كان يردد تلميذه «قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا»... المدرس الذي كان يذهب إليه أهالي المناطق الشعبية ليشكوا أبناءهم له ليعينهم علي تربيتهم بل يطلبون منه ضرب أولادهم حتي يكونوا ناجحين في المستقبل.. لكن للأسف المدرس الآن لم يعد شخصا سويا - كما كان في الماضي - يمكن أن نستأمنه علي «ضرب» أبنائنا من أجل مصلحتهم هذا علاوة علي أنه يخشي أن يرفع عينه في وجه تلميذه حتي لا يشكوه وإذا رأي تلميذه يسير من الشارع الآخر ليضمن سلامته «عشان عنده عيال عايز يربيها»!
الطالب الآن يفعل كل شيء في الفصل أمام المدرس ولا يخشي أحدا لدرجة جعلت طالبة في إحدي مدارس إدارة الزيتون التعليمية في الصف الأول الثانوي تقول لمدرس الفيزياء: «انت هتلم نفسك ولا آجي ألمك.. احترم نفسك ما تخلنيش اظبطك قدام الناس» الغريب أن المدرس لم يحرك ساكنا وخشي أن يمد يده علي الطالبة حتي لا يتهمه أحد بالتحرش بها وخشي أن يعطيها «جواب رفد أسبوع» لأن هذا معناه أنه سيخضع معها للتحقيق ولا يضمن إذا كان المحقق سيصدقه أو يصدق ادعاءات الطالبة.. الأغرب من ذلك أن المدرس لم يفعل شيئا لها سوي أنه قال لها: سيبي المكان اللي انتي قاعدة فيه واقعدي في مكان تاني».
هذه لم تكن الواقعة الوحيدة التي تابعناها في المدارس ففي إدارة السلام قمنا باستطلاع رأي مجموعة من الطلاب وسألناهم : «هل يقدر المدرس يضربك؟» فكانت إجابتهم مذهلة أحدهم قال : «ده أنا امسح بيه الأرض».. وآخر قال «بس هو يجرب ويشوف هعمل فيه ايه؟».. وثالث قال « أنت متخيل ان فيه مدرس يقدر يضرب حد دلوقتي.. ياعم صلي ع النبي.. ده المدرس بالعافية بنرضي نخليه يتكلم معانا ويا إما يتعامل كويس يا إما هنطلع عينه في الفصل».
كلنا نبحث عن حقوق الطالب وهذا شيء في غاية الأهمية ولكن من يبحث عن حقوق المدرس، المدرس الذي فقد هيبته مرتين الأولي عندما فرط في حقوقه وجعل علاقته مع الطالب تقتصر علي اعتبار الفصل مكاناً للاتفاق علي مواعيد الدروس الخصوصية أما الثانية عندما أعطت وزارة التربية والتعليم الضوء الأخضر للطلاب أن يفعلوا ما يريدون داخل المدارس وعلي المعلم أن يعرف أن دوره لا يتعدي دور «البوسطجي» الذي يقوم بتسليم خطابات لا يعرف محتواها فالمدرس يقوم بشرح دروس لا يعرف أهميتها بل هو غير مقتنع بها من الأساس لأن أحدا لم يأخذ رأيه في وضعها أو تعديلها أو تغييرها.
الحديث عن موضوع ضرب التلاميذ في المدارس كان مهما بعد ما فعله وزير التربية الفترة الماضية.. ففي أسبوع واحد فقط وجدنا الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يقول «الكلام وعكسه».. فهو في بداية الأسبوع الماضي كان يري أن الضرب في المدارس تأديبا وتهذيبا وإصلاحا للتلميذ (لأن الوزارة اسمها التربية قبل التعليم) ومن حقوق المدرس الذي لا يمكن نزعه منه بل أن الوزير أكد أنه تعرض للضرب في المدرسة ورغم ذلك مازال يحمل كل مشاعر الحب والود لمدرسيه الذين ضربوه لكي يصنعوا منه شخصا ناجحا في المستقبل لكن بعد هذه التصريحات الجريئة وتحديدا بعد لقاء السيد الوزير مع الدكتور أحمد نظيف - رئيس الوزراء - وجدنا أنه يتراجع عن تصريحاته ويرفض الضرب في المدارس ويؤكد - مرة ثانية - أن تصريحاته تم فهمها بشكل خطأ وأن الضرب ممنوع ومرفوض بكل أشكاله ويعتبر ضد قواعد التربية.
تصريحات وزير التصريحات كان لابد ألا تمر مرور الكرام.. فهو رجل كان يضرب «طلاب الجامعة» بسبب آرائهم السياسية وهذا هو الضرب المرفوض والممنوع والكارثي - وقول ما تشاء عنه - لذلك كان غريبا أن يجرم الضرب في المدارس وهو في الوقت نفسه صاحب نظرية «الضرب بيعلم وبيربي» لكن هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها وهي من يحمي المدرس إذا تعدي عليه الطالب بالضرب؟.. وكيف يعاقب الغرب تلاميذ المدارس؟.. هل انتشار البلطجة بين طلبة المدارس سببها عدم وجود سلطة للمدرس لضرب التلاميذ؟.. والسؤال الأهم كيف يضرب المدرس تلاميذه ولا يقهرهم؟
تجاربنا كثيرة مع الضرب.. ما نزال نتذكرها جيدا بكل تفاصيلها ونعرف تماما من هو المدرس الذي قام بهذه الفعلة معنا.. لكن ماذا عنه هو.. المدرس.. أو الشخص الذي دائما ما يقوم بعملية الضرب التي تظل عالقة علي أيدينا أحيانا وعلي أقدامنا في أحيان أخري وعلي مؤخراتنا في معظم الأحوال..التجارب مختلفة عند المدرسين بعضهم مع الضرب وأخرون ضده كل له أسبابه التي تؤيد رأيه، حيث يقول عثمان المنزلاوي -مدرس بمحافظة أسيوط-: لابد من ضرب الطلاب وإلا لن يتعلموا ولن يكون هناك رادع علي الفشل في التعليم، وكذلك علي المخالفات اليومية التي يحدثها الطلاب في المدارس خاصة المدارس الثانوية والفنية أكثر، حيث إن الطلاب في هذه الفترة يريدون فرض سيطرتهم علي المعلم بجميع الأشكال وإذا لم يتم ردعهم عن طريق الضرب، لن يستطيع المدرس شرح أي مادة في الفصل وبالتالي ستضيع السنة «علي الفاضي، وهنا في الصعيد لا توجد شكاوي من الطلاب ضد المدرسين إلا قليلاً جدا لأن الموضوع مازال قائما علي الاحترام في الصعيد أكثر من القاهرة ولا يتم تقديم شكوي في المدرس إلا إذا تسبب في جرح للطالب أو كان الضرب «معلم» علي جسمه، كما أنه لا يوجد مدرس يدخل فصل ثانوي في الصعيد دون «العصاية» إلا فيما ندر.
بينما يقول عادل حسن - مدرس الفلسفة -: المدرس كرامته استبحيت منذ صدر قرار منع الضرب في المدارس لأنه أصبح يفكر في إحالته للتحقيق أكثر مما يفكر في تربية الطلاب وتعليمهم لأنه ليس منطقيا أن أترك طالباً يهرب من المدرسة أو يتطاول عليا دون عقاب خاصة ان عدداً كبيراً من الطلبة تحولوا لبلطجية لا يمكن ردعهم إلا بالضرب، لأنني أنا شخصيا تعرضت للضرب عندما كنت طالبا ومازلت أحترم أساتذتي الذين كانوا يريدون تعليمي وتربيتي من خلال الضرب بالعصي التي مازلت اتذكر شكلها حتي الآن لكني في الوقت نفسه ضد الضرب «للضرب» الذي يقوم به بعض المدرسين.
أما حسن علي - مدرس اللغة العربية يقول: أنا مدرس في منطقة مصر الجديدة التعليمية وهناك الطلاب ينتظرون المدرس خارج المدرسة للانتقام منه إذا قام بعقابهم عن طريق «الرفد أو تسجيلهم في دفاتر الغياب أو استدعاء أولياء أمورهم» هؤلاء لطلاب يظنون أن المدرس ضعيفا لا يستطيع الدفاع عن نفسه وبالتالي هم الذين يعاقبون المدرس وليس العكس ومن هنا أصبح المدرس لا قيمة له أمام الطلبة وليس أمامه سوي أن يصاحبهم حتي يأمن شره.
أحمد عبدالرحمن - أستاذ الجيولوجيا - قال: لابد أن يكون هناك عقاب رادع للطلاب ولكن بعيدا عن الضرب، بمعني أنه لا يجب أن يضرب الطالب أستاذه أو الأستاذ تلميذه، ورغم أن أيام الضرب زمان كانت أفضل مائة مرة لكن الأمور تغيرت الآن وعلي أولياء الأمور ألا يكونوا دائما متأكدين أن أبناءهم علي حق، فلا الضرب مطلوب ولا التفريط أيضا في محاسبة الطلاب، وعلينا أن نوجد آليات أخري للعقاب يعني مينفعش أضرب الطلاب «عمال ع بطال» لأن المدرس لازم يبقي محترم وألا يستغل الضرب لمزاولة الدروس الخصوصية، ومن الممكن أن نأتي برجال أمن يخرجون الطلاب المشاغبين من الفصل، والأمر كله يحتاج لإعادة تقييم سواء للطالب أو المدرس.
تحدثنا مع ثروت الويشي - مدير مدرسة - فأكد أن الضرب مازال موجودا في المدارس لكن المدرس يخاف من القيام به لأنه لا يوجد ما يحميه وهو مرفوض من الناحية القانونية لكن المدرسين يستخدمونه كثيرا خاصة مع طلاب التعليم الفني وقال الويشي: زمان كان يأتي ولي الأمر بابنه إلي المدرسة ويقول للمدرس: «موته من الضرب بس علموه كويس»، لكن الآن لا يحدث ذلك لأن بعض الزملاء ضربوا الطلاب وتسببوا في إحداث جروح بهم أو عاهات وهو ما أدي لتحويلهم للنيابة العامة والتحقيق معهم ومنهم من ظل يدفع تعويضا ماديا لطالب حتي خروجه علي المعاش، لكن ما يذكر في الجرائد قليل جدا بالنسبة لكمية الضرب التي تتم في المدارس، وأنا شخصيا أخاف من ضرب الطلاب حتي لا أتسبب في مشكلة له ولي لأن بعضهم يكون «تعبان أساسا» تجارب الضرب التي تنتهي بمأساة كثيرة ونسمع عنها جميعا وبعض المدرسين من ضعاف النفوس يستخدمون الضرب كوسيلة لإعطاء دروس خصوصية لهم خاصة التلاميذ في مرحلتي الابتدائي والإعدادي.
أما الدكتور كمال مغيث - الخبير التعليمي - يقول: إلي حد كبير لا يوجد عقاب في الغرب لكنه حرمان من بعض الامتيازات لأن هناك لا توجد قوانين وزارية تحكم الموضوعات ومجالس الأمناء بالمدارس هي التي تتحكم في كل شيء بأي مدرسة، وهناك مدرسة شهيرة في إنجلترا تضرب طلابها مع التركيز علي مستوياتهم العلمية وتعتبره المدرسة جزءاً كبيراً من شهرتها لكنه ليس النمط السائد في إنجلترا بل إنها حالة فردية لمدرسة تقوم شهرتها كلها علي أنها تضرب تلاميذها، والوضع هناك مختلف لأنه يوجد توافق بين المجتمع من تلاميذه وأولياء الأمور ومدرسيه علي أنه لا يجوز العقاب، وولي الأمر يأتي للمدرسة حينما تحدث مشكلة، وشخصيا أرفض مبدأ الضرب لأولادي لأنه هناك التوبيخ الذي يمكن من خلاله التعامل مع التلميذ أو الطالب بشكل أفضل ونصل لنتيجة بعيدة تماما عن الإهانة الشخصية التي يسببها الضرب.
وما يؤكد أن الأمر مختلف تماما في الغرب، الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام منذ فترة عن توصل مدير مدرسة بريطانية إلي أن عقاب التلاميذ بإجبارهم علي الاستماع إلي مقطوعات من الموسيقي الكلاسيكية هو رادع فعال ضد إساءة التصرف، ويتبع بريان ووكر مدير مدرسة «وست بارك» في مدينة داربي بانجلترا نظاما تأديبيا بعد انتهاء الحصص الدراسية يوم الجمعة يجبر فيه التلاميذ المشاغبين علي الاستماع إلي موسيقي الجاز وموتزارت وفيردي وباخ. ويبلغ معدل الحضور في جلسة التأديب هذه 20 تلميذا من بين 1320 تلميذا هم عدد التلاميذ في المدرسة، ويتم تحذير التلاميذ ثلاثة مرات قبل حدوث ذلك. أما الدكتور أحمد عبدالله - محاضر الطب النفسي بالجامعات المصرية - فيقول: لا يوجد لدينا في الأساس مدارس حتي نفكر فيما يحدث للطلاب فيها وما توجده الحكومة يشبه حظائر الماشية تماما من حيث الأعداد أو المساحة التي تصل في بعض الأحيان إلي 80 طالباً بالفصل الواحد مما يؤدي لإصابتهم وهم علي السلم وهو ما يجعل الطلاب دائما منزعجين ومتوترين لأنهم في سن المراهقة يحتاجون لنوع من الحركة التي لا توفرها المدارس لهم وبالتالي يكونون في أفضل حالة للمشاكل و«الخناق» ويكون هدف رائع للضرب، وإذا تكلمنا عن الضرب فسنجد أنه موجود فقط في المدارس الحكومية لأن المدارس الخاصة لن يدفع فيها أولياء الأمور «فلوس» ثم يضرب أبناؤهم، وعموما لا يوجد تربية بدون عقاب والضرب أحد أشكال العقاب، ولابد من عمل نظام واحد تسير عليه المؤسسة التعليمية ويكون فيه العقاب جزءاً أساسياً حتي يعرف كل شخص ماله وما عليه، والعقوبة تكون اجتماعية كما يحدث في الغرب عندما يرتكب شخصاً مخالفة فيحكمون عليه مثلا بتنظيف دورات المياه في مكان ما وهو ما يحدث فائدة للمجتمع والمعاقب لأنه لن يعود مرة أخري، أو مثال عليه عقوبة إفطار الصائم في رمضان التي تفيد المجتمع..معروف أن الخطأ في السن الصغيرة يعتبر جنوحاً عن الطبيعي لكن العقاب يجب أن يتضمن نوعا من الاندماج بعيدا عن الفردية، ولو تكلمنا عن الضرب من الناحية التربوية فبهذا الشكل نتحدث عن «خناقة» وقبل أن نحمي المدرس من الطالب علينا تنفيذ مطالبه بمعيشة كريمة ومرتب يحميه ولا يجعله يلجأ لشيء آخر.
أما عبدالحفيظ طايل- مدير المركز المصري للحق في التعليم- الذي يقول: لا يوجد نظام متبع لعقاب التلاميذ في الدول الأوروبية لكن هناك بدائل لذلك في كل مدرسة حيث تعد كل منها نظاما تتبعه في أسلوب معاقبة التلاميذ أهمها حرمان الطالب من التحفيز، لأن هناك ارتباطا نفسيا عند الطفل بينه ومعلمه وإذا تربي أي طفل علي الضرب فسيكون هو وسيلة العقاب الوحيدة بالنسبة له، أما الحرمان من المكافأة فهو العقاب الأفضل وأهم شيء فيه أنه ليس ببدني، لكن الضرب دائما ما يهين الكرامة ويعبر عن انتهاك كبير للجسد، وهناك طرق عديدة للعقاب بعيدة تماما عن الضرب، وعلي العقل البشري أن يوجد تعاملات جديدة وأفكار مثل اللوم والحوار الدائم مع الطفل الذي يمكن من خلاله أن تصل بالطفل لمنطقة أخري من التعامل، ووجود أخصائي أو أخصائية اجتماعية ونفسية في المدارس مهم جدا للتعامل مع الطلاب لكن في مصر توجد كارثة أنه لا يوجد أخصائيون اجتماعيون في المدارس بل إن المدرسة التي يبلغ عدد طلابها ألفاً ونصف ألف طالب يوجد بها أخصائي اجتماعي واحد ويقع عليه حمل زائد من العدد الكبير الذي واجب عليه الاهتمام به وحل مشاكله وهو ما يجعله لا يقوم بعمله جيدا وكما هو المفروض أن يوجد معلم لكل 12 تلميذاً فيجب أن يوجد لهم أيضا أخصائي اجتماعي، وتوجد دائما علاقة بين المدرسة وولي الأمر ففي الغرب تجعله حاضرا في كل شيء لكن في مصر حضور ولي الأمر مرتبط فقط بفكرة العقاب والإشادة بالطالب المتفوق في طابور الصباح من الممكن أن تفعل كثيرا في طريقة تعامل الطالب أو التلميذ مع مدرسه، وعلي المدارس أن تكرم طلابها في وجود أولياء أمورهم مما سيحدث منافسة جيدة بين الطلاب، وهم في الغرب دائما ما يشجعون الجزء الإيجابي، وهذا هو الفرق بين أمة تحترم الإنسانية وأخري لا تعرف عنها شيئًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.