وجاء في الطعن: تبين من مطالعة مدونات أسباب الحكم المطعن فيه ان محكمة الموضوع تساندت في قضائها بإدانة الطاعن إلي الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ماجدة كمال كامل وحصلت المحكمة مضمون ذلك التقرير بما نصه ان المجني عليها أصيبت بمقذوف ناري من سلاح فردي واستقر في الرأس وأحدث كسورا بالجمجمة وتهتكا بالمخ وأدت هذه الاصابات لوفاة المجني عليها وثبت ان المقذوف المستخرج من الرأس أطلق من السلاح الناري المضبوط مع المتهم. وهذه النتيجة التي حصلتها المحكمة في حكمها نقلا لما ورد بالتقرير الطبي لا تكفي بيانا لهذا الدليل الفني الذي اتخذته المحكمة سندا لقضائها بإدانة الطاعن. ذهب دفاع الطاعن في مرافعته أمام المحكمة إلي انه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه عندما أطلق طلقة من سلاحه أصابت زوجته في رأسها وأنه تعرض من زوجته لشتي صنوف الاهانة والتحقير والسب والقذف في حقه وحق والدته وأخوته وتماسكت به قاصدة الاعتداء عليه مما أحدث بساعده عدة اصابات وكسر نظارته.. تلاحق العدوان.. خاصة وأنها أقوي منه بنية كما ان شقيقتها التي تماثلها في القوة كانت بالمسكن ويخشي مشاركتها في الاعتداء الذي قد يودي بحياته. ولا شك ان الاهانة والتعدي اذا كان صادراً من الزوجة ضد زوجها يكون له تأثير جسيم علي نفسه يجعله في غير وعي وفي حالة اضطراب ذهني يقترب من حالة الجنون ان لم يكن قد أصيب به فعلا علي نحو وقتي ومفاجيء هذا فضلاً عن أن العرف والتقاليد السائدة تجعل الزوج يحس بمرارة واحباط شديدين اذا ما تعرض لتلك الأفعال من زوجته خاصة وقد كانت أمام شقيقتها نجاح كمال كامل الأمر الذي كان تأثيره عليه بالغا أضعافا مضاعفة اذ لا تتحمل رجولته كل هذه الاهانة والتحقير بالاضافة إلي الفارق الاجتماعي والعلمي بينه وبين زوجته.. وبذلك سقط فريسة الغضب الشديد والثورة العارمة ولم يكن أمامه من وسيلة إلا استعمال القوة ضدها باستعماله سلاحه واطلاقه النار وأورد في أقواله انه لم يكن يقصد اصابتها وانما كان الهدف تهويشها حتي تتوقف عن الاعتداء عليه. ولم تأخذ محكمة الموضوع بهذا الدفع الجوهري والذي يترتب عليه لو صح ان يصبح فعل الطاعن مباحا لا جريمة لأنه استعمل حقا مقرراً له بمقتضي القانون بما ينفي عن فعله وصف الخطأ الموجب للمسئولية الجنائية والمدنية. وتمسك الدفاع أثناء المحاكمة بأنه لم يكن يحسن التصويب عند استعماله لسلاحه بسبب ضعف نظره بعد أن أسقطت المجني عليها نظارته الطبية وحطمتها أثناء مشاجرتها معه واعتدائها عليه.. خاصة وان المجني عليها لم تكن في موقف ثابت بل كانت متحركة وفي حالة هياج شديد بالغرفة.. الأمر الذي ينفي القصد الجنائي ويعتبر الحادث مجرد اصابة خطأ وهذا دفاع جوهري ينبغي علي المحكمة تحقيقه. نية القتل تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل وأثبت توافرها في جانب الطاعن بقوله انه قرر التخلص من المجني عليها بقتلها وكانت تلك النية دفينة لديه خانته شجاعته لإظهارها بعد ان فشل في الخلاص منها بطريق الطلاق فما كان منه الا ان يتمني لها الموت غير أنه ما كانت لديه القدرة علي احداث تلك النتيجة بطبيعة تكوينه غير انه عندما استفزته بالسباب والشتائم استحضر شجاعته في لحظة واحدة وأطلق عليها النار فإذا ما صاحب ذلك الشعور اطلاق النار صوب المجني عليها ورأسها والضغط علي الزناد مرات أخري مما يؤكد للمحكمة ويجعلها تطمئن إلي توافر نية القتل لديه ومن ثم فلا تساير المحكمة الدفاع فيما ذهب اليه في هذا الشأن. وما أوردته المحكمة فيما تقدم لا يكفي للقطع بتوافر نية القتل لدي الطاعن لأن مجرد ترديد الأفعال المادية التي قام بها الطاعن لا يستخلص منه حتما وبطريق اللزوم العقلي انه انتوي القتل وأراد ازهاق روح زوجته ولو كان ذلك باستعمال سلاح ناري لأن تلك النية أمر داخلي يضمره الجاني في نفسه ولا سبيل الاستدلال عليه الا من خلال الظروف والملابسات المحيطة للواقعة. وتعاطيه المخدر وان كان لا يحول دون مساءلته جنائياً عن أفعاله الاجرامية الا ان ذلك يعني ثبوت مسئولية الطاعن عن فعل الايذاء العمدي بالمجني عليه والمساس بسلامة جسمها.. ولا يتوافر لديه نية القتل لأنها قصد خاص يختلف عن القصد العام اللازم توافره في جرائم الاعتداء علي النفس. إخلال بحق الدفاع كما تمسك الدفاع كذلك في مرافعته بان المتهم لم يكن وقت ادلائه باعترافه بالتحقيقات في كامل قواه العقلية والذهنية بالنظر لحالة الغضب الشديد والثورة الجامحة والتي كان عليها آنذاك مما يستحيل معه القول إنه كان حرا ومختارا وقت الادلاء بهذا الاعتراف.. مما كان يستلزم من سلطة التحقيق ان تمهله بعض الوقت حتي يستطيع ان يؤدي استجوابه أمامها بحرية تامة ووعي كامل ولكنه كان وقت هذا الاستجواب تحت تأثير المخدر الذي تعاطاه وثورة الغضب والانفعال التي غاب معها وعيه فلم يعد يحسن الدفاع عن نفسه خاصة ان الاعتراف بالجريمة المغلظة العقوبة مثل القتل العمد ليس أمرا طبيعيا اذ لا يؤدي المرء بنفسه إلي التهلكة بنفسه الا اذا كان فاقد الشعور وعدم القدرة علي الاختيار بما يبطل اعترافه. ولم تأخذ محكمة الموضوع بهذا الدفاع اطمئناناً منها لاعتراف الطاعن بالتحقيق عند استجوابه وهو رد غير سائغ لأن ذلك الاعتراف هو بذاته المنعي عليه بالبطلان لصدوره عن غير ارادة حرة ولما ينطوي عليه من فساد في الاستدلال للمصادرة علي المطلوب.