** مازال الصراع دائراً علي الرؤية والحضانة داخل محاكم الأسرة ومكاتب التسوية حيث عائلات الحاضنين من الأمهات والآباء والأجداد يطالبون الحاضنين برؤية أطفالهن وأطفالهم في المناسبات والأعياد واستضافتهم ليوم واحد خلال فترة الإجازة أو الأعياد.. فالرؤية والحضانة من القضايا التي تمس الملايين من الأسر المصرية في حالة انفصال الأبوين فعندما يفشل الحكماء في إعادة الروابط الحميمة بين الزوجين ويحتدم الخلاف ليقودهما إلي ساحات القضاء.. تتدخل أحياناً العناية الإلهية لتحقيق الصلح وعودة المياه إلي مجاريها والنور إلي النفق المظلم بكلمة بريئة تخرج من فم الصغير أو حتي نظرة حب ممزوجة بدمعة رقراقة تسكن قلب الأبوين المختلفين علي أمور هي في الغالب تافهة.. شهدت ساحات المحاكم ومكاتب التسوية العديد من حالات الصلح وفتح صفحات جديدة للم شمل الأسر المهددة بالانهيار ليعود الأب يحتضن زوجته وأولاده من جديد.. ويملأ الدفء أركان البيت حتي نهاية العمر.. في السطور التالية نقرأ قصصاً وحكايات واقعية من داخل أروقة المحاكم لعلها تكون عبرة. ** عشت في عذاب منذ زواجي من موظف بإحدي شركات القطاع العام وأثمر زواجنا عن طفل عمره الآن عام ونصف العام هكذا بدأت "صباح. م. ا".. موظفة حكايتها.. وتضيف: لم أستطع تحمل كثرة خلافاتنا علي زيادة مصروف البيت فذهبت لمكتب تسوية المنازعات الأسرية أطالبه بالطلاق ومع تعدد حضورنا أمام المختصين لطرح مشكلتنا وخصوصاً في مناسبة عيد الأضحي المبارك استطاع مكتب تسوية النزاعات الأسرية أن يحل خلافاتنا بشكل ودي ووعد الزوج بزيادة مصروف البيت وشراء كيلو لحمة بمناسبة العيد. وبالفعل تراجعت عن طلب الطلاق من أجل أن يتربي ابني بيننا. ** وتروي "عايدة. و. ا".. محاسبة قصتها قائلة: تزوجت منذ خمس سنوات من زميل لي في العمل.. وفجأة وبدون مقدمات تفاقمت الخلافات بيننا بسبب حماتي وتعدد زياراتي لوالدتي بدون إذن منه لذلك تقدمت إلي مكتب تسوية المنازعات الأسرية وطلبت منهم معرفة كيفية رفع دعوي طلاق للضرر وتم تحديد موعد لإيجاد حل لمشكلتي ولكن مع تدخل أعضاء المكتب تم الصلح بيننا وتعهد زوجي بعدم إهانتي وألا يسمح لأحد أن يتدخل في حياتنا. ** بينما "إيمان. ف. س".. مضيفة جوية.. لها حكايات ليست بعيدة عن الحالتين السابقتين تسردها قائلة: زوجي طبيب شاب يعمل في أحد المستشفيات العامة.. أثمر زواجنا الذي دام عشر سنوات عن طفل عمره الآن سبع سنوات ولم تكن خلافاتي مع زوجي بسبب المادة أو أي أسباب أخري سوي اعتراضه علي كثرة رحلاتي وابتعادي عن المنزل. فوجئت به يطالبني بالاستقالة وعندما رفضت لأنه تزوجني وأنا أعمل في وظيفتي هذه.. ترك لي المنزل مهدداً بالانفصال.. وانقطع عن الانفاق علينا مما دفعني للجوء إلي مكتب تسوية المنازعات الأسرية أطالب بنفقة لي ولابني ولكن حدث أثناء المناقشات داخل المكتب أن وجه ابننا الحديث لي ولأبيه قائلاً: يعني أنا أعيش لوحدي من غير بابا ولا ماما.. في الحقيقة شعرت لحظتها أن قلبي يتمزق من كلمات ابني.. ووافقت علي الاستقالة من أجل رعاية ابني.. وعادت الحياة السعيدة لأسرتنا الصغيرة. ** أثارت "إلهام. ا. ع" ربة منزل مشكلتها قائلة: بعد زواج دام 13 عاماً أنجبنا ابننا الوحيد إلا أنها لم تعد تتحمل بخله وعدم انفاقه عليها مما دفعها لاصطحاب الابن والاقامة عند أسرتها وبعد طلاقها لم تجد حلاً سوي الذهاب إلي مكتب تسوية المنازعات الأسرية تطالب بإلزام مطلقها بنفقة شهرية لابنها الوحيد.. استدعي خبراء التسوية مطلقها ونجحوا في اقناعه بالانفاق علي ابنه الوحيد وعدم تركه للضياع.. تعهد الأب بالنفقة وطالب برؤيته إلا أنها رفضت ليتحول الطلب من نفقة إلي طلب رؤية. ** ويعلق الدكتور حسين عبدالقادر أستاذ التحليل النفسي بجامعة الزقازيق قائلاً: ضرورة قيام كل من الأم والأب بأي تصرف يحقق مصلحة الصغير ولا يحق للحاضنة أن تمنع الطفل أو من له حق الرؤية والاستضافة والتنزه معه واللعب وغير ذلك مما يحتاج إليه الطفل عادة. فانفصال الأبوين لا ينبغي أن ينقص حقه في الرعاية المتكاملة من جهة الأب أو الأم حتي لا يستقل أحدهما برعايته ومنع الآخر من المشاركة في تربية والده.. فالرؤية والاستضافة حق للصغير لاشباع حاجته لوالده كما لا تسبب أي ضرر للحاضن وإذا تعسفت في استعمال حقها في الحضانة بحرمان الطفل من رؤية أبيه فهي مضيعة لوالدها فيجب علي الأبوين مراعاة كامل الحقوق التي تكفل للطفل المحضون الرعاية المتكاملة لجعله منه مواطناً صالحاً ولا يجوز بأية حال منع أي منهما تحت أي مسمي من أن يقوم بواجبه الشرعي في رعاية صغيرة. ** وتري رانيا رمضان الخبير الاجتماعي بمحكمة الأسرة بالتجمع الخامس أن الاستضافة سوف تمنع بعض الزوجات من استخدام الرؤية كوسيلة للانتقام من الزوج بحرمانه من رؤية ابنته أو ابنه مهما كانت الأسباب فالطرف الحاضن لا يقدر الأضرار التي قد تحدث لابنه أو ابنته فيما بعد نفسياً أو اجتماعياً. فالرؤية في الإجازات أو المناسبات أو الأعياد سوف تحافظ علي كيان الطفل لكي يصبح طفلاً سوياً. ** بينما مني عبدالرحيم الخبير الاجتماعي بمكتب مصر القديمة لتسوية المنازعات الأسرية قائلت: إن مكاتب التسوية قامت بدورها في حل النزاعات الأسرية خلال العام وخصوصاً في المناسبات أو الأعياد وبالفعل تم إنهاء العديد من الخصومات مما حافظ علي استمرار علاقة الزواج وضمان الاستقرار للأسرة والأبناء وكان دورنا هو التسوية الودية.. وأنا أنصح الزوجين خاصة للذين لا يزالاون في بداية حياتهما لا يسمحان بالعناد يتحكم في تصرفاتهما أمام الأهل أو الأصدقاء وذلك من أجل مستقبل أولادهما وحياتهما الأسرية. ** ولكن هند أحمد الخبير الاجتماعي بمكتب مدينة نصر لتسوية المنازعات الأسرية لها رأي آخر قائلة: إن إنجازات محاكم الأسرة خلال العام كانت رائعة في الأعياد بصفة خاصة حيث قام المختصون بمناقشة المتقدمين وتم التصالح بينهم كل ذلك تم في زمن قياسي غير متوقع وإن دل علي شيء فهو يثبت أن قانون محاكم الأسرة من أنجح القرارات التي اتخذت بشأنه ويكفي أنه يساهم في إعادة لم شمل أسر كثيرة كانت مهددة بالتفكك والضياع واستطاع حماية الأبناء من التشتت وتوفير المناخ العائلي السليم لهم ليكونوا مؤهلين فيما بعد للانخراط داخل المجتمع كأشخاص أسوياء.. والمفروض أن كل زوجين يتحكمان في لحظة الغضب ويتصرفان بهدوء قبل أن تشتعل نيران المشاكل وتكون النتيجة هي انهيار الأسرة.