أرجو ألا تلهينا هوجة انتخابات مجلس الشعب التي ستجري بعد أيام عما يجري في الخارج حولنا وعلي بعد أمتار قليلة من حدودنا الجنوبية. وإذا كنا نحرص علي تحقيق أمن مصر واستقرارها في الداخل. فانه يجب أن نكون أكثر يقظة مما يحدث في الخارج ويهدد أمننا القومي.. وأقصد هنا ما يحدث في السودان. واستفتاء حق تقرير المصير بين شماله وجنوبه المقرر اجراؤه في التاسع من يناير القادم. وهو حدث لا يقل أهمية لنا كمصريين عن انتخابات مجلس الشعب التي ستقام في مصر.. رغم اختلاف طبيعة الحدثين. فإذا كانت انتخابات مجلس الشعب القادمة ستشكل مستقبل الحياة السياسية داخل مصر خلال المرحلة القادمة. فان استفتاء السودان واحتمالات انفصال شماله عن جنوبه سيخلق واقعا جديدا علي حدودنا الجنوبية وسيحتاج رؤية جديدة لتعامل السياسة الخارجية المصرية في القارة الافريقية. ان انفصال السودان الي دولتين سيخلف كيانا ودولة جديدة في منطقة حوض النيل و هو ما قد يشكل خطورة علي حصة مصر من مياه النيل. هذا بالاضافة إلي التوتر والنزاع المتوقع حول تقسيم الثروة في حالة عدم الانفصال وهو ما سيسبب قلقا مستمرا علي حدودنا الجنوبية. كذلك فان انفصال جنوب السودان عن شماله معناه تحويل جزء من امتداد الأمن القومي المصري بعيدا عن السيطرة المصرية بما يفتح الباب لسيطرة وتدخل اسرائيل أو حتي دول أخري مجاورة معادية للمصالح المصرية بحجة تقديم المساعدة للدولة الجديدة. وإذا كنا قد أهملنا الملف الافريقي لسنوات طويلة حتي اشتعلت قضية المياه ونشب الخلاف حول اتفاقية حوض النيل. فاننا في رأي لم نعط الملف السوداني الاهتمام الكافي ولم نتعامل معه بالقدر الذي يحقق مصالحنا مثلما تعاملت معه دول اخري علي بعد الاف الأميال من حدوده. فعلي سبيل المثال ها هي واشنطن التي تشجع الانفصال تتعهد بتقديم حوافز للخرطوم إذا "احترمت نتائج الاستفتاء" علي مصير جنوب السودان. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أمام مجلس الأمن أن بلادها سترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وستخفف العقوبات المفروضة عليه إذا تم حل مسألة أبيي و"احترمت إرادة جنوب السودان" كما تعهدت بمساعدته في العمل علي ايجاد سبل لتخفيف مديونيته. وعلي الرغم من أن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية في تحركات السياسة الخارجية المصرية بما تشكله من أهمية تاريخية ودينية وعربية. بالاضافة إلي أهميتها للأمن القوي لمصر علي حدودها الشمالية الشرقية فان ما يحدث في السودان لا يقل خطورة وأهمية لأمن المصريين في الوقت الحاضر والأجيال القادمة.