السفير ابراهيم علي حسن المسئول عن متابعة تنفيذ محور السياسة الخارجية في برنامج الرئيس الانتخابي: عملنا لجعل الوحدة جاذبة في السودان.. وإدارة «خلاف» المياه تتم بشكل هادئ وبراجماتي خصص البرنامج الانتخابي للرئيس محمد حسني مبارك الفصل السادس منه لسياسة مصر الخارجية تحت شعار «مصر قوية وآمنة.. دور قيادي إقليميا.. ومكانة متميزة دوليًا»، والآن ونحن نلملم أوراق عام 2010 ونستعد لاستقبال عام جديد وتزامن ذلك مع انعقاد المؤتمر السنوي السابع للحزب الوطني والذي اختتم فعالياته قبل يومين تكون لحظة السؤال حول ما تم من الإنجاز وما تسعي الدبلوماسية لتحقيقه في العام الجديد والذي يبدأ بلحظة تاريخية فارقة يشهدها السودان بعد أيام متمثلة في استفتاء حق تقرير المصير لجنوب السودان وتستضيف مصر في الربع الأول منه «قمتين شديدتي الأهمية وهما القمة العربية الاقتصادية وقمة دول منظمة المؤتمر الإسلامي.. من هنا كان هذا الحوار لروزاليوسف مع السفير إبراهيم علي حسن معاون وزير الخارجية والمسئول عن متابعة تنفيذ محور السياسة الخارجية في البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك والذي أوضح من خلاله العديد من الأمور المتعلقة باستراتيجية التحرك الدبلوماسي المصري بحكم خبرته الدبلوماسية العريضة والتي تعدت الأربعين عامًا وإلي تفاصيل الجزء الأول من الحوار الذي ننشره علي حلقتين: من موقعكم كمسئول عن متابعة تنفيذ محور السياسة الخارجية في البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك ما الذي تم تحقيقه خلال عام 2010 في ضوء المحاور المحددة لسياسة مصر الخارجية؟ دعني أقل بداية أن سياسات الدول بشكل عام تقوم علي مجموعة من الأسس تأخذ في اعتبارها الأوضاع الإقليمية والمتغيرات الدولية وبالنسبة لمصر، فإن سياستنا الخارجية تستهدف تحقيق غايتين أولاهما الحفاظ علي أمن مصر القومي وحمايته من أي تهديد، والغاية أو الهدف الثاني هو خدمة برامج التنمية ومشروعات النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي في الداخل، لأن السياسة الخارجية أو العمل والتحرك الدبلوماسي ليس مجرد إثبات للسيادة الدولية، ولكنه أيضًا يجب أن يصب في النهاية في خدمة السياسة الداخلية ومشروعات التنمية وخدمة المواطن المصري باعتباره محور الاهتمام الأول لكلا السياستين الداخلية والخارجية. ماذا تعني بالأمن القومي المصري؟ - ما أقصده هو الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل.. لأن مفهوم الأمن القومي الآن اختلف ولم يعد فقط حدودًا واعتداء عسكريا ولكن نحن نتحدث عن الأمن الاقتصادي ونتحدث عن الأمن الاجتماعي نتحدث عن بيئة مواتية للاستثمار مناخ جاذب للاستثمار وللسياحة وللمشروعات المشتركة وكل هذا يصب في النهاية في الأمن القومي بمفاهيمه الجديدة والشاملة. وماذا عن الأمن المائي والمستجدات التي طرأت عليه خلال عام 2010؟ - طبعًا أمن المياه قضية أمن قومي، كيف يمكن أن تتحرك للحفاظ علي الحقوق المائية أو ماذا قمت به للحفاظ علي تدفق المياه وعلي حصة مصر في مياه النيل، بالتأكيد كلها تمثل أولوية في التحرك وهذا أحد محاور الحركة للدبلوماسية المصرية وسأحدثك عنها ولكنني أتحدث الآن عن الإطار العام أو المظلة الرئيسية التي تتحرك في إطارها الدبلوماسية المصرية وهي الحفاظ علي الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل والإسهام في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الداخل. وما هي المحاور التي ترتكز عليها السياسة الخارجية المصرية؟ - لدينا مجموعة من المحاور ننشط ونتحرك بداخلها بقوة، أول هذه المحاور التحرك أو الدور المصري علي المستوي الإقليمي في التعامل مع القضايا القائمة في المنطقة والتي يتحتم علي مصر بحكم موقعها الجغرافي وبحكم التاريخ وبحكم الثقل الإقليمي وحجمها السكاني أو مواردها البشرية وقوتها العسكرية باعتبارها أكبر قوة عسكرية في هذه المنطقة.. كل هذه المعطيات تفرض مسئوليات ودورًا إقليميا لمصر ومن المهم بالنسبة لمصر أن يسود هذه المنطقة مناخ من الاستقرار لخدمة الغايات التي سبق وأن تحدثنا عنها. وبالتالي فإن لمصر دورًا أساسيًا في العديد من القضايا بالمنطقة، في طليعتها مشكلة الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية فإلي جانب الموقف المبدئي لمصر في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة فهناك مصلحة قومية لحل هذه المشكلة بما يؤمن الأمن القومي المصري ويتيح توفير مناخ إيجابي للتنمية ومن هنا كان دور مصر علي مدي العام 2010 والأعوام السابقة في السعي من أجل التوصل إلي حل للمشكلة الفلسطينية والدور المصري واضح للجميع ولسنا بحاجة للتحدث عنه سواء فيما يتعلق بلم الشمل الفلسطيني وتحقيق المصالحة الفلسطينية أو فيما يتعلق بالدفع في استمرار مفاوضات السلام والتأكيد علي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتأكيد علي إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية في إطار حدود ما قبل الخامس من يونيو عام 1967 ونتحرك في هذا الإطار باتصالات ومساع مكثفة مع الأطراف الفاعلة علي الساحة الدولية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة والرباعية الدولية لعملية السلام. ولكننا لم نشهد إنجازاً ملموساً خلال عام 2010 سواء في تحقيق السلام أو في لم الشمل الفلسطيني؟ - أتحدث معك عن الدور المصري باعتبار أن مصر طرف رئيسي في هذه العملية ولكنها ليست الطرف الوحيد.. فهناك أطراف أخري أنت تسعي لتحقيق هذه الأهداف قد تحرز بعض التقدم وقد تواجه بمواقف متعنتة قد تواجه بحكومة إسرائيلية يمينية متشددة لم تنجح حتي الولاياتالمتحدة في أن تمنعها عن وقف المستوطنات وفي خضم كل هذا يكون مطلوبًا منك أن تعمل وأن تبحث عن بدائل وتستمر في دورك فتتحدث مع الرباعية الدولية تنظر في إمكانية التوجه إلي الأممالمتحدة ومجلس الأمن ويظل التقدم والإنجاز مرهونًا كما قلت في بداية الحوار بالمتغيرات الإقليمية والدولية. في إطار الحديث عن المشكلات الإقليمية.. نستقبل العام الجديد بمنعطف تاريخي في السودان وهو استفتاء تقرير مصير جنوب السودان هل يمكنك تسليط الضوء علي ما قامت به الدبلوماسية المصرية خلال عام 2010 في هذا الملف؟ - شوف فيما يتعلق بالسودان.. السودان يمثل أهمية عليا بالنسبة لمصر وهو البوابة الجنوبية لمصر والعمق الاستراتيجي لمصر وله علاقات قديمة وأزلية مع مصر وهناك مصالح حيوية مع السودان ومصالح مائية أيضا بين البلدين إذن أنت تتكلم عن خصوصية بالغة تجعل مصر دوما وليس العام المنقضي فقط تسعي بكل جهد للحفاظ علي سلامة واستقرار السودان ونحن سعينا دائما للحفاظ علي سلامة السودان ووحدته الإقليمية وعملنا طويلا من أجل ذلك وحرصنا حتي بعد اتفاق السلام الذي تحدث عن حق تقرير المصير وإجراء الاستفتاء في الجنوب أن ندفع من أجل أن يكون خيار الوحدة جاذباً وهذا مصطلح مصري بالأساس. أريد توضيحاً في هذه النقطة كيف انطلق هذا المصطلح؟ - نحن الذين طرحنا شعار جعل الوحدة خياراً جاذباً منذ عشر سنوات ولهذا أطلقنا المبادرة المصرية عام 1999 والتي كانت تتحدث عن ضرورة الحفاظ علي الوحدة الإقليمية للسودان ومعالجة كل المشاكل وكل ما كان يشكو منه الجنوب كنا نعالجه في المبادرة المصرية ولكن صارت الأمور وأصبحنا أمام اتفاق نيفاشا أو اتفاق السلام وحرصنا أيضا علي التأكيد علي هذا المفهوم طوال الأعوام الخمسة الماضية بأن نجعل خيار الوحدة جاذباً بمعني أن يشعر شعب السودان في الجنوب أنه في إطار الوحدة مع الشمال يمكن أن يحقق جميع أهدافه وأن له نفس حقوق مواطني الشمال وسعينا لإقامة مشروعات تنمية في مجالات مختلفة منها الصحة والتعليم والكهرباء وغيرها. ولكن البعض فسر الدعم التنموي الذي قدمته مصر لجنوب السودان علي أنه تشجيع علي الانفصال؟ - هذا غير صحيح.. وكما أقول لك جنوب السودان كان له مطالب في حديثه مع الشمال كان يتكلم عن حاجته للمزيد من برامج التنمية ومزيد من المشاركة في الثروة والسلطة السياسية.. مصر دخلت للاستجابة لهذه المطالب بما يشجع الجنوبيين باعتبار أن بإمكانهم تحقيق تطلعاتهم مع استمرار الوحدة مع الشمال وكنا حريصين علي إقامة محطات كهرباء وإقامة مستشفيات وإقامة مدارس وفتح فرع لجامعة الإسكندرية في جوبا وكل هذه الأمور تخدم هدف الوحدة وكان أملنا أن يتحرك الجميع في هذا الاتجاه. وماذا عن النشاط المصري علي الساحة السودانية خلال العام المنقضي؟ - نشاط مكثف ويطول الحديث عنه وعلي جميع المستويات بداية من القيادة السياسية والزيارة التي قام بها الرئيس مبارك للخرطوم وجوبا ومحادثاته مع القيادات هناك الزيارات رفيعة المستوي المتكررة التي قام بها وزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان فضلا عن زيارات قام بها العديد من الوزراء والمسئولين المصريين من بينهم وزير الكهرباء ووزير البترول ووزير الصحة ووزير التعليم ووزيرة التعاون الدولي وهذا كله علي سبيل التذكير وليس الحصر وكل ذلك يهدف أولا إلي جعل شريكي الحكم في السودان علي قلب رجل واحد وأيضا العمل علي تعزيز العلاقات بين مصر والسودان بشماله وجنوبه ولعل الزيارة التي قام بها الرئيس مبارك قبل أيام للخرطوم والقمة التي عقدها مع شريكي السلام بحضور قائد الثورة الليبية ورئيس موريتانيا للتحسب لما سينتهي إليه الاستفتاء خير دليل علي ذلك.. المهم الآن بما أننا وصلنا إلي مرحلة الاستفتاء أن يتم بشكل هادئ وفي ظل مناخ إيجابي وأن تستمر العلاقة بين الشمال والجنوب محكومة بما يربطهما من مصالح مشتركة والنظر للمستقبل والقبول بنتيجة الاستفتاء أيا كانت. عام 2010 شهد طرحاً مصرياً فيما يخص السودان وهو طرح «الكونفدرالية» لماذا لم يفعل؟ - هذا أيضا يأتي في إطار حرصنا وعملنا المستمر للحفاظ علي السلامة الإقليمية للسودان وتقديراً لأهمية استمرار العلاقة بين الشمال والجنوب وأنه إذا كان هناك استفتاء كما جاء في اتفاق السلام فكيف يمكن أن نخلق ما يحقق أهداف ومصالح الجانبين وطرحنا مفهوم الكونفدرالية باعتبار أنه يحقق مطالب الجنوب وفي نفس الوقت يبقي علي ارتباط بين الجانبين وهو نظام نجح في حالات مماثلة وكان هدفنا في النهاية أن نبقي هذه العلاقة بصورة ليست مطابقة تماما لصورة الوحدة الحالية ولكن أيضا ليست بصورة ترسم خطاً فاصلاً بين الشمال والجنوب لأن هناك روابط كثيرة ومتشابكة بينهما امتدت علي مدي التاريخ. هل كانت الإدارة المصرية للأزمة الطارئة التي شهدها العام الجاري مع دول حوض النيل إدارة ناجحة؟ - هي كذلك بالفعل.. إدارة تمت بشكل هادئ وبراجماتي بمعني أننا نحرص علي استئناف الحوار حول مشروع الاتفاق الاطاري لاسيما وأن النقاط الخلافية محدودة للغاية وتقدمنا في أكثر من مناسبة بمقترحات بديلة تحقق أهداف الأطراف وسنستمر في الحوار مع دول الحوض وسنستمر في نفس الوقت في تدعيم وتعزيز العلاقات الثنائية معها خاصة أن الخلافات حول مياه الأنهار تجدها في كثير من أنهار العالم مثلا نهر «الميكونج» احتاج الأمر إلي 40 سنة لكي يتم التوصل لاتفاق بين الدول المشاطئة له حول كيفية استخدام المياه، ونحن كنا بدأنا هذه المشاورات منذ نحو عشر سنوات وكانت تسير في طريقها ونأمل في تجاوز هذه المرحلة واستئناف الحوار لصالح الجميع لاسيما وأنه لا توجد ندرة أو أزمة في المياه ولكن المشكلة في إدارة الموارد المائية ولا نقبل المساس بحصة مصر