رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان أمام مفترق الطرق
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2010

رغم كل الأخطار التى تهدد مستقبل السودان من شبح انفصال الجنوب عن الشمال إلى خطر البلقنة الذى يلوح فى سماء البلاد الذى تظهر فيه حركة تمرد مع طلعة كل شمس مازالت مصر وعلاقتها بالسودان تشغل حيزا كبيرا لدى السودانيين بالعتاب مرة وبالرجاء مرات.
«هل مرت الأمور على ما يرام؟ لا، لا يجب أن أسأل هذا السؤال فمهما عملنا للمصريين هيكونوا غير راضيين». هكذا تحدث عبدالجليل أحد المرافقين السودانيين لبعض الصحفيين المصريين الذين رافقوا الأمين العام لجامعة الدول عمرو موسى فى رحلة إلى دارفور والخرطوم.
اضطررت للتوقف فى كردفان فى هبوط اضطرارى لطائرة البعثة استوجبه، كما قال قائد الطائرة، تعرض له مدرج مطار الخرطوم.
سلطات مدينة الأبيض عاصمة إقليم كردفان التى سعت على حد قول عبدالجليل بكل ما فى وسعها لتقديم الإقامة العاجلة للأمين العام والوفد الرسمى الذى ضم ممثلين عن الدول ال22 الأعضاء فى الجامعة العربية وما لا يقل عن 30 صحفيا ربما كان جلهم من المصريين. «لكن احنا عملنا كل حاجة يوم المباراة مع الجزائر وشجعنا الفريق المصرى ثم اتهمنا المصريون بالسماح للمشجعين الجزائريين بمهاجمة الفريق والمشجعين المصريين»، هكذا أضاف عبدالجليل بأسى كشفت عنه نبرة صوته وعلامات وجهه.
تعليق عبدالجليل استوجب تعليقا موازيا من الفاضل، سائق الحافلة التى أقلت الوفد الإعلامى، الذى اتفق فى الإعراب عن «الصدمة حقيقة» من موقف الإعلام المصرى من السودان فى أعقاب المباراة الفاصلة التى استضافتها أم درمان بين المنتخب الوطنى المصرى لكرة القدم ونظيره الجزائرى فى نوفمبر الماضى فى إطار التأهل لكأس العالم والتى انتهت بخسارة الفريق المصرى وتبعها أحداث شغب.
التعليقات التى وردت فى أجهزة الاعلام فى أعقاب تلك المباراة تسببت فى احتجاج رسمى من قبل الخرطوم لدى القاهرة التى سعت رسميا وإعلاميا فيما بعد للتأكيد على براءة الخرطوم من التقصير فى توفير الحماية للمنتخب المصرى أو المشجعين المصريين.
المصريون إخوتنا
«احنا كنا نعتبر المصريين إخوة، لكن المصريين ما يعتبرونا إخوة» قال الفاضل قبل أن يدير محرك السيارة التى دار معها بصدفة عجيبة جهاز الراديو ليصدح بأغنية تقول كلماتها الأولى «يا إخواتى لا تجرحوا إحساسى».
عبدالجليل والفاضل فى كردفان كما أمانى فى الفاشر بدارفور وإدريس فى الخرطوم يتحدثون بأسى عما يصفونه ب«تعالى مصرى على السودان» و«نظرة شوفينية» لا تتفق برأيهم وما يفترض أن يكون بين البلدين من أواصر للصلة والود والتفاهم والمصالح الاستراتيجية التى تربط بين البلدين.
«يعنى احنا ما نقيس بالتقدم اللى فى مصر والقاهرة على وجه الأخص ولكن إحنا كمان عندنا زول (أشخاص) متميز»، تقول أمانى، وتضيف أنها وإن كانت من أصول مصرية فى الأساس إلا أنها تشعر بالأسى كلما تزور مصر لأنها ترى فى الأعين نظرة تعالٍ ممن تلقاهم والذين، حسبما تقول «بيفكروا إن كل سودانى بواب».
هذه الفكرة الخاطئة التى تنظر للسودانى على أنه تابع للمصرى، حسب قراءة أمانى، هى ربما السبب فيما تصفه «بسياسات التجاهل» التى مارستها مصر ضد السودان لسنوات طويلة والتى كانت، كما تضيف، سببا فى تدهور الكثير من الأوضاع فى السودان.
شكوك تحت السطح
البعض، كما تقول أمانى، يظن أن السودان كان وراء محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك على يد مسلحين فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى صيف عام 1995 لأن بعض المتهمين فى المحاولة كانوا فى الخرطوم وما تبعه من تأزم سياسى كان بداية الفجوة بين بلدى وادى النيل. لكن الأمر، كما ترى، ليس على هذه الحال اليوم الذى تعرض فيه الرئيس مبارك لمحاولة اغتيال فى الخرطوم كان «ذروة تدهور العلاقات المصرية السودانية».
التحسن الذى حل بالعلاقات المصرية السودانية فى أعقاب إبعاد الرموز التى تشددت فى رفضها لنظام الحكم فى مصر عن الحكم فى الخرطوم لم يتمكن من طى صفحة الشك وهواجس الولاءات كما يتفق مسئولون مصريون وسودانيون يرفضون تحديد أسمائهم.
فالنظام فى الخرطوم يتعامل مع مصر من منطلق براجماتى يقوم على أساس احتياج السودان للقاهرة فى تحسين علاقاته الدولية بالغة السوء جراء اتهامات لا تنتهى بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وصلت إلى حد توجيه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية اتهامات للرئيس السودانى عمر البشير بارتكاب جرائم حرب فى دارفور تصل إلى حد الإبادة الجماعية. السودان أيضا يحتاج القاهرة فى تخفيف الموقف الدولى المجابه لاستمرار وحدة شمال وجنوب السودان بعد استفتاء على الوحدة مقرر له يناير من العام القادم.
وبحسب دبلوماسيين أجانب تحدثوا ل«الشروق» بشرط عدم ذكر اسمائهم فإن بقاء جنوب السودان تحت حكم البشير بعد «التمييز المجحف الذى مارسه هذا النظام ضد أبناء الجنوب وتسبب فى حرب أهلية ضارية استمرت أكثر من عقدين، «هو أمر لا يسهل دعمه». بالمقابل يصر دبلوماسيون مصريون معنيون بمتابعة الشأن السودانى فى القاهرة وفى عواصم دولية أن القاهرة لا تدخر وسعا فى التأكيد على أن انفصال جنوب السودان عن شماله لا يجب أن ينظر إليه على أنه عقاب لنظام البشير. «إننا نصر على أن جنوب السودان ليس مستعدا على الإطلاق من الناحية المؤسساتية لأن يكون دولة مستقلة مستقرة وفاعلة وهذا الأمر لا يتعلق بنظام البشير أو غيره ولكن بما يمكن أن يصل إليه الحال فى جنوب السودان من تردٍ لو جاء الانفصال سابقا للاستعداد للاستقلال».
الموقف المصرى المعلن هو أن السودان يجب أن يبقى واحدا غير مقسم. المسئولون فى الدولة المصرية من مستوى الرئيس مبارك نفسه إلى مستوى سفرائه بالخارج واضح: دعم وحدة السودان والاستقرار على كامل أراضيه.
هبوط اضطرارى
«مصر تقدم الكثير لدعم السودان الموحد والمستقر وهذا الدعم له شق سياسى بالتأكيد ولكن له أيضا شق اقتصادى يتمثل فى دعم التنمية فى دارفور وجنوب السودان»، هكذا يصر حازم خيرت مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية.
خيرت كان ضمن وفد عالى المستوى للجامعة العربية ذهب السبت والأحد لزيارة ولايات دارفور الثلاث ثم توجه إلى كردفان جراء هبوط الأبيض الاضطرارى ثم انتهى فى الخرطوم للقاء البشير. المندوب الدائم لمصر يصر على أن القاهرة «هى بالتأكيد فاعلة فى كل جهود التسوية السياسية بالنسبة لدارفور»، مشيرا إلى اعتزام مصر استضافة مؤتمر لدعم دارفور بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامى فى 21 مارس.
خيرت أيضا يشير بثقة إلى مشاركة يصفها بأنها ستكون «مؤثرة وفاعلة» لرجال أعمال مصريين فى المؤتمر العربى للاستثمار والتنمية فى جنوب السودان ستعقده الجامعة العربية فى جوبا عاصمة جنوب السودان فى الثالث والعشرين من الشهر الجارى.
مسئول سودانى رفيع قال ل«الشروق» إن الخرطوم تقدر هذا الدعم من مصر ولكنها لا ترى أن مصر تتحرك على الأرض بما يكفى، والدعم التنموى الذى قدمته مصر سواء فى دارفور أو فى جنوب السودان جاء متأخرا وقليلا وغير مستدام.
تقاعس عربى
المسئول السودانى لا يلوم مصر وحدها بل يلمح دون تصريح مباشر إلى تقاعس عربى عام إزاء السودان فى وقت «تتكاثر فيه الأزمات» على السودان. أمين عام جامعة الدول العربية، يضيف المسئول، «هو الذى يصر على وضع السودان على رأس الأجندة العربية ونحن نقدر له هذا ولكن الأمين العام ليس دولة وليس له قوة فعل بعيدا عن الدول الأعضاء» فى الجامعة العربية.
مينى أركو ميناوى رئيس الحكومة الانتقالية لدارفور ومساعد الرئيس السودانى لم يتردد فى المصارحة بأن ما قدمته الجامعة، على أهميته، ليس بالكافى ولا يحقق الأهداف المقررة فى قرارات الجامعة العربية فيما يتعلق بدعم دارفور وتنميتها وتشجيع الاستثمار فيها. الجامعة العربية كما أصر مناوى مازالت مطالبة بالمزيد.
الأمين العام الذى ذهب يومى السبت والأحد إلى السودان كان ينشد كما يقول ليس فقط افتتاح منازل ومدارس ومستشفيات ومحطات مياه بنتها الجامعة العربية من ميزانيتها فى دارفور إسهاما منها فى تشجيع العودة الطوعية لأهالى قرى دارفور الذين شردتهم الحرب الأهلية التى عصفت بالإقليم الغربى للسودان.
موسى، كما قال لدى توقفه فى ولايات دارفور الشمالية والجنوبية والغربية وكما شدد فى كلمة له فى اجتماع استثنائى لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين على التأكيد على تضامن الجامعة الكامل مع السودان وعلى دعم المنظمة العربية «للعودة الطوعية التى بدأت بالفعل» للنازحين واللاجئين إلى قرى دارفور. الرسالة الرئيسية كما قال موسى هى التواصل مع «أهالينا فى دارفور» ودعم عودتهم للحياة الطبيعية.
البيان الذى تبناه مجلس الجامعة العربية عقب انعقاده بدارفور يوم الأحد تحدث عن «الارتياح لتصاعد الوجود العربى الإنمائى المباشر فى دارفور» ولكنه أشار إلى «الطلب إلى الآلية المشتركة المكونة من الأمانة العامة للجامعة العربية وحكومة السودان مواصلة عملها فى تقييم الاحتياجات الخدمية اللازمة لبرامج العودة الطوعية». موسى أقر بأن «الجهد مازال فى بدايته» سواء لدعم دارفور أو دعم السودان، خاصة فى الجنوب.
إستراتيجية الاستثمار
فى الثانى والعشرين من الشهر الجارى سيعود موسى إلى السودان، ثانية. هذه المرة ستكون وجهته إلى جوبا عاصمة الجنوب المشارف على الانفصال حسب تقديرات العديد من الدوائر الدولية وسيكون مرافقوه من رجال الأعمال العرب الذين تسعى الجامعة العربية إلى جذبهم للاستثمار والمساهمة فى التنمية فى جنوب السودان.
سمير حسنى مدير إدارة أفريقيا بالجامعة العربية يقول إن الاجتماع الذى سيعقد يوم الثالث والعشرين يأتى تنفيذا لقرار اتخذته القمة العربية منذ عدة سنوات وتعرقل لأسباب تتعلق «بشريكى الحكم فى شمال وجنوب السودان» وكذلك لأسباب تتعلق بمدى استعداد رجال الأعمال العرب للذهاب إلى جنوب السودان.
فى الخريف الماضى، يقول حسنى، تمكن الأمين العام من إقناع حكومة جنوب السودان والخرطوم على عقد الاجتماع وبتشجيع رجال الأعمال العرب بالمشاركة بالذهاب إلى جوبا مع ممثلين اتحادات وغرف التجارة والصناعة والزراعة فى البلاد العربية والمؤسسات الاستثمارية والمالية والمصرفية والمؤسسات العربية المشتركة.
الهدف من الاجتماع كما يشير حسنى هو «تأكيد واستمرار الدور العربى فى تشجيع مناخ التنمية والاستثمار فى جنوب السودان» والذى تسعى الجامعة حثيثا لدعمه منذ توقيع اتفاق السلام بين الشمال والجنوب فى 2005. المؤتمر، كما يضيف مسئول الجامعة العربية، سيسعى للتعريف بمناخ وظروف وقوانين الاستثمار فى جنوب السودان وعرض المشروعات التنموية ذات الأولوية بالنسبة للجنوب حيث أعدت حكومة الجنوب جملة من المشروعات الاستثمارية التى ترى أولوية إقامتها.
الوحدة ممكنة
حسنى يشير إلى ما أشار إليه اتفاق السلام من ضرورة شحذ الجهود داخل السودان وخارجه لجعل الوحدة بين الشمال والجنوب خيارا جاذبا، خاصة لأبناء الجنوب الذين طالما عبروا عن المظالم من تدنى حقهم فى التنمية.
«نعم المؤتمر يعقد متأخرا جدا وكان ينبغى أن يأتى هذا المؤتمر فى أعقاب توقيع اتفاق السلام فى 2005، ولكن الأمر مرده بالأساس لشريكى الحكم»، يقر حسنى الذى يضيف أنه من الخطأ تبنى فكرة أن انفصال جنوب السودان عن شماله أصبحت أمرا واقعا. الوحدة، كما يرى، مازالت ممكنة. «مازال هناك عام كامل على الاستفتاء وخلال هذا العام ستكون هناك انتخابات عامة (فى 11 أبريل القادم) وسيكون من شأن هذه الانتخابات ربما أن تحدث تغييرا فى الخريطة السياسية بما يفتح الباب أمام التحرك نحو الوحدة».
وإذا جاء الانفصال برغبة أبناء الجنوب فى الاستفتاء المقرر له يناير من 2011، كما يقول حسنى «فسنحترم إرادة أبناء الجنوب ولكن سنحرص أيضا على إبقاء التواصل العربى مع جنوب السودان والعمل من أجل أوثق العلاقات مع دولة الجنوب بل ولضم الدولة التى قد يرى أبناء الجنوب إقامتها استقلالا عن الشمال إلى الجامعة العربية».
مدير الإدارة الأفريقية فى الجامعة العربية لا يجادل كثيرا فى أن العمل العربى لدعم الوحدة كان مترددا ولكنه أيضا يلوم شريكى الحكم على عدم العمل الجاد لتنفيذ سلس لاتفاق السلام أو للتركيز على فكرة الوحدة.
ويصر حسنى كما يصر نظراء له فى الخارجية المصرية وفى سياقات دبلوماسية عربية عديدة على أن استقلال الجنوب ليس فكرة حصيفة. والأمر كما يقولون لا يتعلق فقط بالحرص العربى على وحدة السودان ولكن أيضا بعدم استعداد الجنوب أو تأهله للوحدة. حسنى يشير على وجه التحديد إلى ما يصفه ب«طبيعة التركيبة القبلية لجنوب السودان والتى ستشعل الصراعات بين القبائل، خاصة على موارد المياه ومناطق المرعى، فى حال انفصال جنوب السودان». ويضيف أن بقاء السودان موحدا من شأنه ربما أن يبقى على التوازن القبلى فى جنوب السودان.
بعض الدبلوماسيين المصريين يقول إن الحديث عن التبعات السلبية لفصل شمال السودان وجنوبه على جنوب السودان وعلى دول الجوار بدأت تلقى بعض الآذان الصاغية فى مساحات محدودة من الدوائر الدبلوماسية الدولية ولكن الأمر يتعلق بالرفض الغربى لنظام البشير واستمراره فى الحكم.
فى زيارة أخيرة له للقاهرة استقبله خلالها الرئيس مبارك أصر على عثمان طه نائب الرئيس السودانى على أن حظوظ البشير فى الفوز جيدة وأن فرص الوحدة فى ظل نظام البشير قائمة.
ولا ينكر دبلوماسيون أجانب تحدثوا ل«الشروق» أن «ذهاب البشير على صعوبته ربما يفتح الباب أمام صفحة جديدة للسودان». «فى حال بقاء البشير فالموقف الغربى الإجماعى هو ضرورة أن يخضع البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب جرائم حرب فى دارفور»، هكذا يقول دبلوماسى أجنبى بصورة مباشرة.
أوضاع قاسية
قسوة الأوضاع فى دارفور لا يمكن أن تكون محل جدال. الحرب التى بدأت فى 2003 جراء ما تتفق العديد من المنظمات الدولية المستقلة أنه إجحاف بالغ مارسه النظام السودانى ضد أبناء دارفور خاصة من له أصول أفريقية، وبدرجة أقل لمن له أصول عربية، نالت من سبل الحياة المحدودة أصلا لأهل دارفور الذين يعتبرون وجود المياه حلما ووجود الكهرباء رفاهية يتمنونها ولا يصرون عليها. غياب أسباب الرعاية الصحية فى مساحات واسعة وانعدام الأمن بما يسمح باستمرار حالات العنف والاغتصاب حتى داخل مخيمات اللاجئين أمر لا ينكره أحد إلا بعض المسئولين الرسميين.
إبراهيم جمبرى رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة فى دارفور (يوناميد) يقول ل«الشروق» عقب مشاركته فى اجتماع الجامعة العربية فى الفاشر أن توفير الأمن هو الأمر الأساسى الذى تحتاجه دارفور والذى مازال غائبا إلى حد كبير. توفير الأمن، كما يضيف، أساسى لتحقيق التنمية ولتيسير العودة الطوعية.
الصادق، أحد مواطنى الجنينة، الولاية الغربية لدارفور، يقول إن الأمن مازال حلما بعيد المنال بالنسبة لدارفور. ويضيف أنه بالرغم من أن الحرب بدأت تهدأ، «ولكنها مازلت مستمرة»، فإن الأمن مازال غائبا. الصادق يقول ل«الشروق» إن عمليات السرقة مازالت تجرى، بما فى ذلك سرقة سيارات اليوناميد، وعمليات الاغتصاب مازالت تجرى أيضا ليظل الجميع فى انتظار المجهول.
مراقبة عربية للانتخابات
يستعد الاتحاد الأفريقى والجامعة العربية والاتحاد الأوروبى يستعدون لإرسال وفود لمراقبة انتخابات السودان التى ستجرى فى الحادى عشر من أبريل والتى سيتنافس فيها البشير حتى الآن مع ياسر عرمان والصادق المهدى. التوقع فى العديد من الدوائر الدبلوماسية أن الانتخابات التى ستتم تحت رقابة دولية مكثفة ستمكن البشير من البقاء ولو بأغلبية قليلة. ولكن البعض الآخر لا يستبعد أن يتمكن ياسر عرمان الذى يصفه البعض بأوباما السودان من تحقيق مفاجئة.
فى تقريره عن بعثة السودان أمام مجلس الأمن فى شهر يناير تحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن شكاوى قال إن البعثة الأممية فى السودان مازلت تتلقاها من الأحزاب السياسية فى جميع أنحاء السودان بشأن انتهاكات للحقوق السياسية المرتبطة بالعملية الانتخابية. الأمين العام للأمم المتحدة تحدث بوجه الخصوص عن صعوبات تتعلق بضمان نزاهة الانتخابات يشار إليها من قبل الجنوب.
طه خلال زيارته للقاهرة شدد على أن الوجود العربى لمراقبة الانتخابات سيكون أساسيا لضحد أى اتهامات بالتزوير توجه لنظام الخرطوم.
8 آلاف فرصة عمل جديدة
وفرت وزارة القوى العاملة نحو 8 آلاف و412 فرصة عمل جديدة فى الداخل والخارج خلال الفترة من 1 وحتى 7 فبراير الحالى، استهدفت تشغيل الشباب والعمالة المصرية فى مختلف التخصصات، حسب النشرة القومية للتشغيل الصادرة عن الوزارة.
وأضاف البيان أن التخصصات تضمنت خبرات متخصصة فى الحاسب الآلى، والعمالة الفنية فى صناعات النسيج، ومهندسين فى مختلف التخصصات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.