أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 19 يونيو بسوق العبور للجملة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 19 يونيو 2025    بوتين يٌبدي استعداده للقاء زيلينسكي لكنه يشكك في شرعيته    الحماية المدنية تسيطر على حريق اندلع في مصنع زيوت بأسيوط    يوفنتوس يكتسح العين بخماسية نظيفة في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 19 يونيو 2025    نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة الشرقية 2025 (فور ظهورها)    فصل التيار الكهربائي وإزالة السقف الصاج للسيطرة على حريق مستودع الزيوت في أسيوط (فيديو وصور)    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالسيدة زينب    سالزبورج النمساوي يفوز على باتشوكا المكسيكي في كأس العالم للأندية    تزمنًا مع ضربات إيران وإسرائيل.. العراق ترفع جاهزية قواتها تحسبًا لأي طارئ    لم تنجح إلا طالبة واحدة.. رسوب جماعي لطلاب الشهادة الإعدادية في مدرسة ببني سويف    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    واشنطن بوست: مديرة الاستخبارات الأمريكية ووزير الدفاع ليس لهما دور رئيسي في مناقشات ضرب إيران    أحمد الجنايني ينفي شائعة زواجه من آيتن عامر ويتوعد مروجيها    ملف يلا كورة.. ثنائي يغيب عن الأهلي.. مدير رياضي في الزمالك.. وتحقيق مع حمدي    أنباء عن سماع دوى انفجار فى مدينة كاشان وسط إيران    إسرائيل: منظومات الدفاع الجوي الأمريكية اعترضت موجة الصواريخ الإيرانية الأخيرة    الدولار ب50.50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 19-6-2025    بدء صرف مرتبات يونيو 2025.. والحد الأدنى للأجور يرتفع إلى 7 آلاف جنيه الشهر المقبل    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية على إسرائيل    ياسر إبراهيم يتحدث عن مباراة الأهلي وبالميراس في كأس العالم للأندية    ‌جيش الاحتلال: ننفذ حاليا سلسلة من الضربات فى طهران ومناطق أخرى بإيران    محمد رمضان وهيفاء وهبي في حفل مشترك ببيروت.. وديو غنائي مرتقب مع عايض    فواكه تساعد على طرد السموم من الكبد والكلى    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    تعرف على موعد حفل محمد رمضان وهيفاء وهبي في لبنان    تموين الإسماعيلية تكثف حملات المرور على المطاعم (صور)    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    بنهاشم: تسديد 12 كرة على المرمى يؤكد اختراق الوداد دفاعات مانشستر سيتي    من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)؟!    إعلام لبناني: غارة إسرائيلية على جنوبي لبنان أسفرت عن اغتيال عنصر من حزب الله وإصابة آخر    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم.. صور    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    تصعيد غير مسبوق: حاملة الطائرات الأمريكية الثالثة تتمركز قرب إيران    5 جرامات تكفي.. تحذير رسمي من «الملح»!    «الزاوية الخضرا».. ديكور «الواحة الداخلية» في منزلك    الصحة تحذر من 5 شائعات عن استخدام اللولب النحاسي كوسيلة لتنظيم الأسرة    المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    ريبيرو: بالميراس يمتلك لاعبين مميزين ولديه دفاع قوى.. وزيزو لاعب جيد    17 صورة من حفل زفاف ماهيتاب ابنة ماجد المصري    أحدث جلسة تصوير ل بوسي تخطف بها الأنظار.. والجمهور يعلق    حفار بترول قديم ومتوقف عن العمل يسقط فى رأس غارب دون إصابات    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    السفير السعودي بالقاهرة يلتقي نظيره الإيراني لبحث التطورات الإقليمية    «مصر للطيران للأسواق الحرة» توقع بروتوكول تعاون مع «النيل للطيران»    كوريا الشمالية عن الهجمات الإسرائيلية على إيران: تصرف غير قانوني.. وجريمة ضد الإنسانية    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 19 يونيو 2025    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا بحادث تصادم في البحيرة    ملفات تقنين الأراضي| تفاصيل اجتماع رؤساء الوحدات المحلية بقنا    احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان أمام مفترق الطرق
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2010

رغم كل الأخطار التى تهدد مستقبل السودان من شبح انفصال الجنوب عن الشمال إلى خطر البلقنة الذى يلوح فى سماء البلاد الذى تظهر فيه حركة تمرد مع طلعة كل شمس مازالت مصر وعلاقتها بالسودان تشغل حيزا كبيرا لدى السودانيين بالعتاب مرة وبالرجاء مرات.
«هل مرت الأمور على ما يرام؟ لا، لا يجب أن أسأل هذا السؤال فمهما عملنا للمصريين هيكونوا غير راضيين». هكذا تحدث عبدالجليل أحد المرافقين السودانيين لبعض الصحفيين المصريين الذين رافقوا الأمين العام لجامعة الدول عمرو موسى فى رحلة إلى دارفور والخرطوم.
اضطررت للتوقف فى كردفان فى هبوط اضطرارى لطائرة البعثة استوجبه، كما قال قائد الطائرة، تعرض له مدرج مطار الخرطوم.
سلطات مدينة الأبيض عاصمة إقليم كردفان التى سعت على حد قول عبدالجليل بكل ما فى وسعها لتقديم الإقامة العاجلة للأمين العام والوفد الرسمى الذى ضم ممثلين عن الدول ال22 الأعضاء فى الجامعة العربية وما لا يقل عن 30 صحفيا ربما كان جلهم من المصريين. «لكن احنا عملنا كل حاجة يوم المباراة مع الجزائر وشجعنا الفريق المصرى ثم اتهمنا المصريون بالسماح للمشجعين الجزائريين بمهاجمة الفريق والمشجعين المصريين»، هكذا أضاف عبدالجليل بأسى كشفت عنه نبرة صوته وعلامات وجهه.
تعليق عبدالجليل استوجب تعليقا موازيا من الفاضل، سائق الحافلة التى أقلت الوفد الإعلامى، الذى اتفق فى الإعراب عن «الصدمة حقيقة» من موقف الإعلام المصرى من السودان فى أعقاب المباراة الفاصلة التى استضافتها أم درمان بين المنتخب الوطنى المصرى لكرة القدم ونظيره الجزائرى فى نوفمبر الماضى فى إطار التأهل لكأس العالم والتى انتهت بخسارة الفريق المصرى وتبعها أحداث شغب.
التعليقات التى وردت فى أجهزة الاعلام فى أعقاب تلك المباراة تسببت فى احتجاج رسمى من قبل الخرطوم لدى القاهرة التى سعت رسميا وإعلاميا فيما بعد للتأكيد على براءة الخرطوم من التقصير فى توفير الحماية للمنتخب المصرى أو المشجعين المصريين.
المصريون إخوتنا
«احنا كنا نعتبر المصريين إخوة، لكن المصريين ما يعتبرونا إخوة» قال الفاضل قبل أن يدير محرك السيارة التى دار معها بصدفة عجيبة جهاز الراديو ليصدح بأغنية تقول كلماتها الأولى «يا إخواتى لا تجرحوا إحساسى».
عبدالجليل والفاضل فى كردفان كما أمانى فى الفاشر بدارفور وإدريس فى الخرطوم يتحدثون بأسى عما يصفونه ب«تعالى مصرى على السودان» و«نظرة شوفينية» لا تتفق برأيهم وما يفترض أن يكون بين البلدين من أواصر للصلة والود والتفاهم والمصالح الاستراتيجية التى تربط بين البلدين.
«يعنى احنا ما نقيس بالتقدم اللى فى مصر والقاهرة على وجه الأخص ولكن إحنا كمان عندنا زول (أشخاص) متميز»، تقول أمانى، وتضيف أنها وإن كانت من أصول مصرية فى الأساس إلا أنها تشعر بالأسى كلما تزور مصر لأنها ترى فى الأعين نظرة تعالٍ ممن تلقاهم والذين، حسبما تقول «بيفكروا إن كل سودانى بواب».
هذه الفكرة الخاطئة التى تنظر للسودانى على أنه تابع للمصرى، حسب قراءة أمانى، هى ربما السبب فيما تصفه «بسياسات التجاهل» التى مارستها مصر ضد السودان لسنوات طويلة والتى كانت، كما تضيف، سببا فى تدهور الكثير من الأوضاع فى السودان.
شكوك تحت السطح
البعض، كما تقول أمانى، يظن أن السودان كان وراء محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك على يد مسلحين فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى صيف عام 1995 لأن بعض المتهمين فى المحاولة كانوا فى الخرطوم وما تبعه من تأزم سياسى كان بداية الفجوة بين بلدى وادى النيل. لكن الأمر، كما ترى، ليس على هذه الحال اليوم الذى تعرض فيه الرئيس مبارك لمحاولة اغتيال فى الخرطوم كان «ذروة تدهور العلاقات المصرية السودانية».
التحسن الذى حل بالعلاقات المصرية السودانية فى أعقاب إبعاد الرموز التى تشددت فى رفضها لنظام الحكم فى مصر عن الحكم فى الخرطوم لم يتمكن من طى صفحة الشك وهواجس الولاءات كما يتفق مسئولون مصريون وسودانيون يرفضون تحديد أسمائهم.
فالنظام فى الخرطوم يتعامل مع مصر من منطلق براجماتى يقوم على أساس احتياج السودان للقاهرة فى تحسين علاقاته الدولية بالغة السوء جراء اتهامات لا تنتهى بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وصلت إلى حد توجيه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية اتهامات للرئيس السودانى عمر البشير بارتكاب جرائم حرب فى دارفور تصل إلى حد الإبادة الجماعية. السودان أيضا يحتاج القاهرة فى تخفيف الموقف الدولى المجابه لاستمرار وحدة شمال وجنوب السودان بعد استفتاء على الوحدة مقرر له يناير من العام القادم.
وبحسب دبلوماسيين أجانب تحدثوا ل«الشروق» بشرط عدم ذكر اسمائهم فإن بقاء جنوب السودان تحت حكم البشير بعد «التمييز المجحف الذى مارسه هذا النظام ضد أبناء الجنوب وتسبب فى حرب أهلية ضارية استمرت أكثر من عقدين، «هو أمر لا يسهل دعمه». بالمقابل يصر دبلوماسيون مصريون معنيون بمتابعة الشأن السودانى فى القاهرة وفى عواصم دولية أن القاهرة لا تدخر وسعا فى التأكيد على أن انفصال جنوب السودان عن شماله لا يجب أن ينظر إليه على أنه عقاب لنظام البشير. «إننا نصر على أن جنوب السودان ليس مستعدا على الإطلاق من الناحية المؤسساتية لأن يكون دولة مستقلة مستقرة وفاعلة وهذا الأمر لا يتعلق بنظام البشير أو غيره ولكن بما يمكن أن يصل إليه الحال فى جنوب السودان من تردٍ لو جاء الانفصال سابقا للاستعداد للاستقلال».
الموقف المصرى المعلن هو أن السودان يجب أن يبقى واحدا غير مقسم. المسئولون فى الدولة المصرية من مستوى الرئيس مبارك نفسه إلى مستوى سفرائه بالخارج واضح: دعم وحدة السودان والاستقرار على كامل أراضيه.
هبوط اضطرارى
«مصر تقدم الكثير لدعم السودان الموحد والمستقر وهذا الدعم له شق سياسى بالتأكيد ولكن له أيضا شق اقتصادى يتمثل فى دعم التنمية فى دارفور وجنوب السودان»، هكذا يصر حازم خيرت مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية.
خيرت كان ضمن وفد عالى المستوى للجامعة العربية ذهب السبت والأحد لزيارة ولايات دارفور الثلاث ثم توجه إلى كردفان جراء هبوط الأبيض الاضطرارى ثم انتهى فى الخرطوم للقاء البشير. المندوب الدائم لمصر يصر على أن القاهرة «هى بالتأكيد فاعلة فى كل جهود التسوية السياسية بالنسبة لدارفور»، مشيرا إلى اعتزام مصر استضافة مؤتمر لدعم دارفور بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامى فى 21 مارس.
خيرت أيضا يشير بثقة إلى مشاركة يصفها بأنها ستكون «مؤثرة وفاعلة» لرجال أعمال مصريين فى المؤتمر العربى للاستثمار والتنمية فى جنوب السودان ستعقده الجامعة العربية فى جوبا عاصمة جنوب السودان فى الثالث والعشرين من الشهر الجارى.
مسئول سودانى رفيع قال ل«الشروق» إن الخرطوم تقدر هذا الدعم من مصر ولكنها لا ترى أن مصر تتحرك على الأرض بما يكفى، والدعم التنموى الذى قدمته مصر سواء فى دارفور أو فى جنوب السودان جاء متأخرا وقليلا وغير مستدام.
تقاعس عربى
المسئول السودانى لا يلوم مصر وحدها بل يلمح دون تصريح مباشر إلى تقاعس عربى عام إزاء السودان فى وقت «تتكاثر فيه الأزمات» على السودان. أمين عام جامعة الدول العربية، يضيف المسئول، «هو الذى يصر على وضع السودان على رأس الأجندة العربية ونحن نقدر له هذا ولكن الأمين العام ليس دولة وليس له قوة فعل بعيدا عن الدول الأعضاء» فى الجامعة العربية.
مينى أركو ميناوى رئيس الحكومة الانتقالية لدارفور ومساعد الرئيس السودانى لم يتردد فى المصارحة بأن ما قدمته الجامعة، على أهميته، ليس بالكافى ولا يحقق الأهداف المقررة فى قرارات الجامعة العربية فيما يتعلق بدعم دارفور وتنميتها وتشجيع الاستثمار فيها. الجامعة العربية كما أصر مناوى مازالت مطالبة بالمزيد.
الأمين العام الذى ذهب يومى السبت والأحد إلى السودان كان ينشد كما يقول ليس فقط افتتاح منازل ومدارس ومستشفيات ومحطات مياه بنتها الجامعة العربية من ميزانيتها فى دارفور إسهاما منها فى تشجيع العودة الطوعية لأهالى قرى دارفور الذين شردتهم الحرب الأهلية التى عصفت بالإقليم الغربى للسودان.
موسى، كما قال لدى توقفه فى ولايات دارفور الشمالية والجنوبية والغربية وكما شدد فى كلمة له فى اجتماع استثنائى لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين على التأكيد على تضامن الجامعة الكامل مع السودان وعلى دعم المنظمة العربية «للعودة الطوعية التى بدأت بالفعل» للنازحين واللاجئين إلى قرى دارفور. الرسالة الرئيسية كما قال موسى هى التواصل مع «أهالينا فى دارفور» ودعم عودتهم للحياة الطبيعية.
البيان الذى تبناه مجلس الجامعة العربية عقب انعقاده بدارفور يوم الأحد تحدث عن «الارتياح لتصاعد الوجود العربى الإنمائى المباشر فى دارفور» ولكنه أشار إلى «الطلب إلى الآلية المشتركة المكونة من الأمانة العامة للجامعة العربية وحكومة السودان مواصلة عملها فى تقييم الاحتياجات الخدمية اللازمة لبرامج العودة الطوعية». موسى أقر بأن «الجهد مازال فى بدايته» سواء لدعم دارفور أو دعم السودان، خاصة فى الجنوب.
إستراتيجية الاستثمار
فى الثانى والعشرين من الشهر الجارى سيعود موسى إلى السودان، ثانية. هذه المرة ستكون وجهته إلى جوبا عاصمة الجنوب المشارف على الانفصال حسب تقديرات العديد من الدوائر الدولية وسيكون مرافقوه من رجال الأعمال العرب الذين تسعى الجامعة العربية إلى جذبهم للاستثمار والمساهمة فى التنمية فى جنوب السودان.
سمير حسنى مدير إدارة أفريقيا بالجامعة العربية يقول إن الاجتماع الذى سيعقد يوم الثالث والعشرين يأتى تنفيذا لقرار اتخذته القمة العربية منذ عدة سنوات وتعرقل لأسباب تتعلق «بشريكى الحكم فى شمال وجنوب السودان» وكذلك لأسباب تتعلق بمدى استعداد رجال الأعمال العرب للذهاب إلى جنوب السودان.
فى الخريف الماضى، يقول حسنى، تمكن الأمين العام من إقناع حكومة جنوب السودان والخرطوم على عقد الاجتماع وبتشجيع رجال الأعمال العرب بالمشاركة بالذهاب إلى جوبا مع ممثلين اتحادات وغرف التجارة والصناعة والزراعة فى البلاد العربية والمؤسسات الاستثمارية والمالية والمصرفية والمؤسسات العربية المشتركة.
الهدف من الاجتماع كما يشير حسنى هو «تأكيد واستمرار الدور العربى فى تشجيع مناخ التنمية والاستثمار فى جنوب السودان» والذى تسعى الجامعة حثيثا لدعمه منذ توقيع اتفاق السلام بين الشمال والجنوب فى 2005. المؤتمر، كما يضيف مسئول الجامعة العربية، سيسعى للتعريف بمناخ وظروف وقوانين الاستثمار فى جنوب السودان وعرض المشروعات التنموية ذات الأولوية بالنسبة للجنوب حيث أعدت حكومة الجنوب جملة من المشروعات الاستثمارية التى ترى أولوية إقامتها.
الوحدة ممكنة
حسنى يشير إلى ما أشار إليه اتفاق السلام من ضرورة شحذ الجهود داخل السودان وخارجه لجعل الوحدة بين الشمال والجنوب خيارا جاذبا، خاصة لأبناء الجنوب الذين طالما عبروا عن المظالم من تدنى حقهم فى التنمية.
«نعم المؤتمر يعقد متأخرا جدا وكان ينبغى أن يأتى هذا المؤتمر فى أعقاب توقيع اتفاق السلام فى 2005، ولكن الأمر مرده بالأساس لشريكى الحكم»، يقر حسنى الذى يضيف أنه من الخطأ تبنى فكرة أن انفصال جنوب السودان عن شماله أصبحت أمرا واقعا. الوحدة، كما يرى، مازالت ممكنة. «مازال هناك عام كامل على الاستفتاء وخلال هذا العام ستكون هناك انتخابات عامة (فى 11 أبريل القادم) وسيكون من شأن هذه الانتخابات ربما أن تحدث تغييرا فى الخريطة السياسية بما يفتح الباب أمام التحرك نحو الوحدة».
وإذا جاء الانفصال برغبة أبناء الجنوب فى الاستفتاء المقرر له يناير من 2011، كما يقول حسنى «فسنحترم إرادة أبناء الجنوب ولكن سنحرص أيضا على إبقاء التواصل العربى مع جنوب السودان والعمل من أجل أوثق العلاقات مع دولة الجنوب بل ولضم الدولة التى قد يرى أبناء الجنوب إقامتها استقلالا عن الشمال إلى الجامعة العربية».
مدير الإدارة الأفريقية فى الجامعة العربية لا يجادل كثيرا فى أن العمل العربى لدعم الوحدة كان مترددا ولكنه أيضا يلوم شريكى الحكم على عدم العمل الجاد لتنفيذ سلس لاتفاق السلام أو للتركيز على فكرة الوحدة.
ويصر حسنى كما يصر نظراء له فى الخارجية المصرية وفى سياقات دبلوماسية عربية عديدة على أن استقلال الجنوب ليس فكرة حصيفة. والأمر كما يقولون لا يتعلق فقط بالحرص العربى على وحدة السودان ولكن أيضا بعدم استعداد الجنوب أو تأهله للوحدة. حسنى يشير على وجه التحديد إلى ما يصفه ب«طبيعة التركيبة القبلية لجنوب السودان والتى ستشعل الصراعات بين القبائل، خاصة على موارد المياه ومناطق المرعى، فى حال انفصال جنوب السودان». ويضيف أن بقاء السودان موحدا من شأنه ربما أن يبقى على التوازن القبلى فى جنوب السودان.
بعض الدبلوماسيين المصريين يقول إن الحديث عن التبعات السلبية لفصل شمال السودان وجنوبه على جنوب السودان وعلى دول الجوار بدأت تلقى بعض الآذان الصاغية فى مساحات محدودة من الدوائر الدبلوماسية الدولية ولكن الأمر يتعلق بالرفض الغربى لنظام البشير واستمراره فى الحكم.
فى زيارة أخيرة له للقاهرة استقبله خلالها الرئيس مبارك أصر على عثمان طه نائب الرئيس السودانى على أن حظوظ البشير فى الفوز جيدة وأن فرص الوحدة فى ظل نظام البشير قائمة.
ولا ينكر دبلوماسيون أجانب تحدثوا ل«الشروق» أن «ذهاب البشير على صعوبته ربما يفتح الباب أمام صفحة جديدة للسودان». «فى حال بقاء البشير فالموقف الغربى الإجماعى هو ضرورة أن يخضع البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب جرائم حرب فى دارفور»، هكذا يقول دبلوماسى أجنبى بصورة مباشرة.
أوضاع قاسية
قسوة الأوضاع فى دارفور لا يمكن أن تكون محل جدال. الحرب التى بدأت فى 2003 جراء ما تتفق العديد من المنظمات الدولية المستقلة أنه إجحاف بالغ مارسه النظام السودانى ضد أبناء دارفور خاصة من له أصول أفريقية، وبدرجة أقل لمن له أصول عربية، نالت من سبل الحياة المحدودة أصلا لأهل دارفور الذين يعتبرون وجود المياه حلما ووجود الكهرباء رفاهية يتمنونها ولا يصرون عليها. غياب أسباب الرعاية الصحية فى مساحات واسعة وانعدام الأمن بما يسمح باستمرار حالات العنف والاغتصاب حتى داخل مخيمات اللاجئين أمر لا ينكره أحد إلا بعض المسئولين الرسميين.
إبراهيم جمبرى رئيس البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة فى دارفور (يوناميد) يقول ل«الشروق» عقب مشاركته فى اجتماع الجامعة العربية فى الفاشر أن توفير الأمن هو الأمر الأساسى الذى تحتاجه دارفور والذى مازال غائبا إلى حد كبير. توفير الأمن، كما يضيف، أساسى لتحقيق التنمية ولتيسير العودة الطوعية.
الصادق، أحد مواطنى الجنينة، الولاية الغربية لدارفور، يقول إن الأمن مازال حلما بعيد المنال بالنسبة لدارفور. ويضيف أنه بالرغم من أن الحرب بدأت تهدأ، «ولكنها مازلت مستمرة»، فإن الأمن مازال غائبا. الصادق يقول ل«الشروق» إن عمليات السرقة مازالت تجرى، بما فى ذلك سرقة سيارات اليوناميد، وعمليات الاغتصاب مازالت تجرى أيضا ليظل الجميع فى انتظار المجهول.
مراقبة عربية للانتخابات
يستعد الاتحاد الأفريقى والجامعة العربية والاتحاد الأوروبى يستعدون لإرسال وفود لمراقبة انتخابات السودان التى ستجرى فى الحادى عشر من أبريل والتى سيتنافس فيها البشير حتى الآن مع ياسر عرمان والصادق المهدى. التوقع فى العديد من الدوائر الدبلوماسية أن الانتخابات التى ستتم تحت رقابة دولية مكثفة ستمكن البشير من البقاء ولو بأغلبية قليلة. ولكن البعض الآخر لا يستبعد أن يتمكن ياسر عرمان الذى يصفه البعض بأوباما السودان من تحقيق مفاجئة.
فى تقريره عن بعثة السودان أمام مجلس الأمن فى شهر يناير تحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن شكاوى قال إن البعثة الأممية فى السودان مازلت تتلقاها من الأحزاب السياسية فى جميع أنحاء السودان بشأن انتهاكات للحقوق السياسية المرتبطة بالعملية الانتخابية. الأمين العام للأمم المتحدة تحدث بوجه الخصوص عن صعوبات تتعلق بضمان نزاهة الانتخابات يشار إليها من قبل الجنوب.
طه خلال زيارته للقاهرة شدد على أن الوجود العربى لمراقبة الانتخابات سيكون أساسيا لضحد أى اتهامات بالتزوير توجه لنظام الخرطوم.
8 آلاف فرصة عمل جديدة
وفرت وزارة القوى العاملة نحو 8 آلاف و412 فرصة عمل جديدة فى الداخل والخارج خلال الفترة من 1 وحتى 7 فبراير الحالى، استهدفت تشغيل الشباب والعمالة المصرية فى مختلف التخصصات، حسب النشرة القومية للتشغيل الصادرة عن الوزارة.
وأضاف البيان أن التخصصات تضمنت خبرات متخصصة فى الحاسب الآلى، والعمالة الفنية فى صناعات النسيج، ومهندسين فى مختلف التخصصات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.