تنبأ الملياردير الأمريكي الشهير. راي داليو. "بحدوث ثورة اقتصادية علي النظام الرأسمالي". وذلك في مقاله الذي نشره علي منصة المحترفين. لينكتن. في 21 أبريل الماضي وعبأه بالانتقاد الشديد للرأسمالية إذ اتهمها بخذلان البشرية وتحطيم الحلم الأمريكي ونشر الظلم بين الأمريكيين. تلك الكلمات أثارت لغطًا كبيرًا لدي الاقتصاديين. داليو يشغل منصب مدير "بريدج وتر". أكبر صندوق تحوط في العالم وأنجحها. حقق ثراءً واسعًا من الرأسمالية التي ينتقدها بشدة» فتصريحاته تلك بمثابة أن يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي ليعلن علي الملأ منا. نحن المسلمين. أن إسرائيل وهم وأن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض! كما أن عامة الأمريكيين ليسوا بعيدًا عن انتقاد الرأسمالية. وقد شهدت نيويورك حركة احتلوا "وول ستريت" التي استمرت قرابة شهرين في أواخر عام 2011 قلب بورصة نيويورك تنديدًا بالظلم الاجتماعي وتفاوت الرواتب والتوزيع غير المتكافئ للثروات. يري داليو أن الرأسمالية بوضعها الحالي في الولاياتالمتحدة تركز الثروات في أيدي اناس معدودين وهذا يحرم الاقتصاد الإجمالي من الفائدة كما يزعزع استقرار المجتمع. وأن بقائها علي هذا الحال سيجعلها إما نظامًا مهجورًا أو قديمًا. وأن معدل حراك الاقتصاد الأمريكي هو الأسوأ في العالم المتقدم. علي عكس ما يتصوره الأمريكان من عظمة اقتصادهم. يبرهن داليو وجهة نظره. وهي في الحقيقة وجهة نظرة جديرة بالدراسة لموقع صاحبها علي رأس الهرم الرأسمالي. بانعدام نمو الأجور وأنه يتم تعويضها بالتضخم منذ الثمانينيات. وباتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء كما كانت في الكساد العظيم قبل الحرب العالمية الثانية. وبعجز 60% من الأمريكيين عن الإدخار. وبعيش 17.5% من الأطفال في فقر. وبأن نظام التعليم الأمريكي هو أحد أسوأ الأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة. من جهة أخري يري المستثمر الثري الأمريكي نك هانارو أن الولاياتالمتحدة اعتمدت سياسات رأسمالية خاطئة وتطبقها منذ 40 عامًا ما أضعف الحلم الأمريكي وزاد الظلم وقلل الحراك الاقتصادي. وأن واشنطن تحتاج سياسات جديدة لمعالجة ذاك القصور. وهو ما اتفق فيه أيضًا رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول. ذكر تقرير للاحتياطي الفيدرالي عن مدينة مينابولس صدر في عام 2017 أن الحراك العابر للأجيال "انخفض بحدة" في الثمانينيات. تلك الفترة التي شهدت أيضًا زيادة فجوة الدخول. ذكر تقرير آخر للاحتياطي الفيدرالي صدر في العام ذاته عن مدينة سانت لويس أن حراك الاقتصاد الأمريكي يحتل مكانه في قاع الدول المتقدمة» وهو ما شرحه الصحفي بيدرو داكوستا بأن الطفل الأمريكي المولود في الشريحة الخامسة صاحبة أدني دخل لديه فرصة 7.5% للوصول إلي أعلي الخُمس بينما نظيره البريطاني فرصته 9% والدنماركي فرصته 11.7% والكندي فرصته 13.5%. يقول الاقتصادي الحائز علي جائزة نوبل. جوزيف ستيجلتز. إن أفكار ميلتون فريدمان التي تطبقها الولاياتالمتحدة والتي تتلخص في التصديق الأعمي بأن قرارات المستهلك الاقتصادية راشدة وأن السوق تصحح نفسها تلقائيًا لم تعد صالحة منذ السبعينيات. بالعودة إلي داليو. فهو يقترح خمسة إجراءات لإصلاح الرأسمالية: أولاها إعلان السياسيين حالة الظلم الاجتماعي كحالة طوارئ وطنية. وثانيها تشكيل لجنة من الحزب الديمقراطي والجمهوري تطوير وسائل جديدة لإعادة توزيع الثروات وتطوير المجتمع. وثالثها وجود آليات لمحاسبة هؤلاء المسئولين. ورابعها التوزيع المتكافئ للثروات بزيادة الضرائب علي الأغنياء وتطوير شراكات من القطاعين العام والخاص تصب أهداف عملها في صالح المجتمع. وخامسها التنسيق بين السياسات المالية والنقدية. المثير أن داليو بمقاله المطول كسر قاعدة رئيسية: "لا تنتقد الرأسمالية إذا كنت أحد المستفيدين منها". وهي بمثابة كتاب أخضر لمن جمع مالًا» لذلك قلما تجد مليونيرًا ينتقد هذا النظام الذي تتعالي الأصوات المعارضة له أو المطالبة بتصحيحه. وغالبًا ما يحاول الأثرياء إسكات ضميرهم تجاه إحساسهم بالمسئولية أو بالذنب بالأعمال الخيرية. أي أن تبرعاتهم قد تكون ثمنًا لسكوتهم عن كشف مآلات الرأسمالية. التي قد تغيب عن العامة وتحتاج إلي إعادة التفكير في مجمل السياسات والقيم لمراجعتها واتخاذ موقف بشأنها. سواء المضي قدمًا بها أم تعديلها أو حتي استبدالها بالكلية.