أنماط أربعة للتطبيق الرأسمالي رصدها فريق من الباحثين في مؤسسة كوفمان, وهي واحدة من أهم مراكز البحث في الولاياتالمتحدةالامريكية. فالنظر الي النظم الرأسمالية باعتبارها متطابقة أو متجانسة أو أحادية الشكل والمضمون ليس صائبا تماما. صحيح أن حرية السوق والانتاج والاستهلاك, والملكية الخاصة لوسائل الانتاج أو معظمها سمات أساسية للنظام الرأسمالي, مع هذا فليس هناك صيغة واحدة او وحيدة للتطبيق الرأسمالي, فالرأسمالية تبدو في وجوه أو أشكال متعددة تختلف في أبعادها وآليات عملها وآثارها علي النمو, وهذه الاشكال تتمثل في الآتي: * الرأسمالية الموجهة من الدولة.* رأسمالية القلة الحاكمة.(oligarchy) * رأسمالية الشركات الكبري.* رأسمالية ريادية الأعمال. ومن الصعب الفصل بين هذه الأنماط قطعيا, فقد تتداخل أو تتقاطع بشكل كامل أو جزئي في أغلب الحالات. والتطبيق الرأسمالي الموجه في بعض الدول يبدو حين تحاول الحكومات توجيه الاسواق, والتأثير في تخصيص الموارد, سواء عن طريق مشاركتها في ملكية بعض المؤسسات الحاكمة لحركة الاقتصاد القومي كالبنوك باعتبارها القناة الرئيسة لتمويل الاستثمارات وتوجيهها, أو باستخدام أدوات السياسة الاقتصادية بمنح الاعفاءات الضريبية لبعض الانشطة, أو توفير المساندة من خلال فرض بعض المعايير الحمائية,.. الخ, لتعظيم النمو الاقتصادي وتوجيهه. تطبيق هذا النموذج- الرأسمالية الموجهة من الدولة- صادف نجاحا في معظم دول جنوب شرق آسيا, التي استطاعت تحقيق نموا عاليا استمر لسنوات طويلة. مع ذلك فإن هذا الوضع المتميز لم يعف هذه الدول من مواجهة بعض الأزمات كالأزمة المالية في عامي1998,1997. أما رأسمالية القلة الحاكمة أو الرأسمالية الاوليجاركية فتتسم باستحواذ مجموعة صغيرة من الافراد والعائلات علي السلطة والثروة معا, حيث يجري تصميم السياسات الحكومية من أجل تعزيز مصالح حفنة من رجال الاعمال الاكثر ثراء, والاكثر ارتباطا بالنخبة الحاكمة. فالحفاظ علي الوضع الاقتصادي القائم وتكريسه لصالح طبقة الصفوة الضيقة أو القلة الحاكمة هو الهدف الرئيس للسياسات الحكومية, ويليه- في سلم الاولويات- تحقيق النمو, الامر الذي يترتب عليه مشكلتان, أولاهما بطء نمو الاقتصاد القومي, والمشكلة الاخري هي سوء توزيع الدخل والثروة. وهذا النمط من أنماط الرأسمالية- للأسف- يسود في بلاد كثيرة في أمريكا اللاتينية, وآسيا الوسطي, والشرق الاوسط, وافريقيا. ويبدوالنمط الثالث للرأسمالية في الاقتصادات التي تسيطر عليها بشكل كامل أو شبه كامل الشركات الكبري, التي تتوزع ملكيتها بين عدد كبير من المساهمين. وهذه الشركات- بسبب حجمها الكبير- تتمكن من تحقيق وفورات الحجم, وبالتالي تتزايد قدرتها التنافسية. ولأن هذه الشركات تعمل غالبا في سوق المنافسة الاحتكارية فهي تحقق أرباحا تفوق مايمكن أن تحققه مثيلاتها في الأسواق التنافسية الحرة. ولرأسمالية الشركات الكبري مزية توفر الموارد والامكانيات التي تمكنها من تمويل عمليات التطوير المستمرة في تكنولوجيا الانتاج والتسويق. أما رأسمالية ريادية الاعمال فهي النمط الرأسمالي الذي يعتمد في نموه علي المشروعات المبتكرة لمنتج جديد أو خدمة جديدة, أوأسلوب جديد للانتاج أو التسويق أو التمويل بتكلفة أقل, فريادية الاعمال تخلق حالة من الحراك الاقتصادي, والتوسع في الطلب انطلاقا من فكرة الاقتصادي الفرنسي سايSay بأن العرض يخلق الطلب, ومع زيادة الانتاج والانتاجية ترتفع معدلات النمو, وهو ما أشار اليه استاذ علم الادارة بيتر دركرPeterDrucker من أن رياديي الاعمال يبتكرون, والابتكار هو الأداة الخاصة للنمو. إن الاقتصاد الناجح يمزج بين نظم الشركات الكبري وريادية الاعمال وهو ماقفز بالاقتصاد الامريكي الي مستويات عالية, وهو مايبدو أيضا في اقتصادات دول غرب أوروبا وفي الصين والهند. [email protected]