تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    «مدينة مصر» توقع مذكرة تفاهم باستثمارات 1.2 مليار جنيه مع «جروب» لتسريع وتيرة الإنشاءات بمشروع سراى    وزير السياحة يستهدف 19 مليون سائح ويعزز حضور مصر إعلاميًا بالسوق الأمريكية    رئيس البرلمان العربي يرحب بتجديد ولاية الأونروا    وزير خارجية ايران يدعو اليابان إلى لعب دور محوري في تأمين المنشآت النووية    رسميا.. فيفا يعلن مواعيد وتوقيت مباريات منتخب مصر في كأس العالم 2026    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية ويواصل مطاردة الصدارة في البوندسليجا    ضبط المتهمين بسرقة 125 كيلو مشغولات فضية من داخل محل بالقاهرة    توافد النجوم على ريد كاربت فيلم الست ل منى زكي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    السجن 3 سنوات لشاب بتهمة سرقة أسلاك كهربائية من مقابر بقنا    بحضور قيادات المحافظة.. إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين ببني سويف صور    إسرائيل ترد على طلب ترامب بالعفو عن نتنياهو: الديمقراطية فوق كل اعتبار    أصالة تحسم الجدل حول انفصالها عن زوجها فائق حسن    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    سقوط إمبراطورية المال السياسي تحت فرمان الرئيس السيسي    خالد محمود يكتب: أفضل أفلام 2025    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    صحة المنوفية تتفقد 3 مستشفيات بمنوف لضمان انضباط الخدمة الطبية    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    الفريق أحمد خليفة يلتقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    الرئيس السوري: إسرائيل تحارب الأشباح بعد حرب غزة    عمر مرموش يشارك فى مباراة مان سيتي ضد سندرلاند قبل 20 دقيقة من النهاية    بدء فرز الأصوات على جدول أعمال عمومية المحامين لزيادة المعاشات    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    لليوم السادس التموين تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    خبير اقتصادى يوضح تأثير انخفاض سعر الدولار عالميا على الدين الخارجي المصرى    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه هى الأجور فى النظام الرأسمالى الخبيث
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 11 - 2010

سعدت أيما سعادة بما علمته من مقال الكاتب الكبير المحترم أ. د. إبراهيم البحراوى بصحيفة «المصرى اليوم» بتاريخ 2/11، عن أن مؤسسة «المصرى اليوم» بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة، قد ساهمت فى ترجمة وإصدار كتاب مهم عرضه الكاتب الكبير عنوانه «الرأسمالية الطيبة.. الرأسمالية الخبيثة» لثلاثة من الاقتصاديين الأجانب الكبار. لم أطَّلع بعد على هذا الكتاب ولكنى قرأت ما كتبه د. إبراهيم باختصار عنه، حيث شرح بإيجاز ما فيه عن سرد أربعة أنماط من الرأسمالية المُطبقة فى العالم، تُُميز بين الطيب والخبيث،
منها قُدرة كل نمط على تحقيق النمو الاقتصادى والرخاء والابتكار والعدالة الاجتماعية، وهذه الأنماط هى: (1) الرأسمالية المُوجهة من الدولة (2) رأسمالية الشركات الكبيرة (3) رأسمالية ريادية الأعمال (4) رأسمالية القِلة الحاكمة أو الرأسمالية الأوليجاركية، حيث يتركز معظم السُلطة والثروة فى يد مجموعة صغيرة من الأفراد والعائلات، وهى النمط الخبيث من بين هذه الرأسماليات الأربع.
أدعوكم معى لقراءة مواصفات هذه الرأسمالية الخبيثة كما جاءت فى هذا الكتاب، وذكرها د. إبراهيم: «هى نوع من نُظم الحكم تتركز السُلطة فيه فى يد مجموعة قليلة من الناس تحتكر اتخاذ القرار وتحتكر عملية توزيع الثروة الوطنية والموارد مجموعة قليلة من رجال الأعمال، وتدير الأنشطة الاقتصادية فى البلاد لحساب مصالحها على حساب مصالح غالبية الشعب وعلى حساب العدالة الاجتماعية المُهدرة، وعلى حساب النهضة الحضارية، حيث يتم إهمال المرافق العامة والجامعات الحكومية والتعليم العام والخدمات الصحية، وتوجيه الإنفاق إلى الأوجه المُتفقة مع مصالح القِلة الحاكمة والمالكة للثروة العامة والمُتحكمة فى توزيعها، بما يؤدى إلى شيوع الفقر والمرض والتخلف الحضارى وترهُّل الأداء».
إننى أتصور أنه ما من مكان على وجه الأرض فى زماننا الحاضر تجتمع فيه هذه المواصفات أو الخصائص لهذا النمط من الرأسمالية، مثلما هو حادث على أرض مصر المحروسة! إننى لم أقرأ فى حياتى وصفاً دقيقاً للنظام السياسى والاقتصادى الذى يحكمنا، مثلما قرأت هذه السطور..
فلكم قرأت من كتابات فى العقدين الماضيين تتساءل عن نوعية النظام الاقتصادى الذى يتبناه نظامنا السياسى المُستبد وحزبه المُهيمن.. هل هو نظام اشتراكى أم رأسمالى أم خليط من هذا وذاك؟!..
إلى أن قرأت هذا المقال وعرفت بالضبط نوعية النظام الاقتصادى الذى نرزح تحت عبئه ونستسلم له بقوة نفوذ السُلطه وغشامتها.. ألم يُصبح تعبير «العدالة الإجتماعية» مجرد شِعار من بقايا عهد مضى لا نسمع عنه إلا من أفواه بعض المسؤولين المُنافقين ذراً للرماد فى العيون وخِداعاً لشعب جاهل مُستسلم، ولا نرى له أى أثر فى واقعنا المُزرى؟!
ألم يتم إهمال المرافق العامة والجامعات الحكومية والتعليم العام والخدمات الصحية بسبب توجيه الإنفاق إلى الأوجه المُتفقة مع مصالح القِلة الحاكمة والمالكة للثروة العامة والمُتحكمة فى توزيعها؟!
ألا تُشير كل المؤشرات والإحصاءات إلى شيوع الفقر والمرض والتخلف الحضارى وتدهور الأداء على جميع المستويات وفى جميع المجالات؟!
إنه فعلاً «النظام الرأسمالى الخبيث» كما هو فى الكتاب كما يقول التعبير الشائع، وبالتأكيد فإن النظام الخبيث يحتاج إلى الشخصيات الخبيثة لتطبيقه، وإلى كوادر إعلامية أكثر خُبثاً للترويج له والدفاع عنه.. وبالتالى شهدنا فى السنوات الأخيرة بعد أن استشعر النظام أنه باقٍ للأبد، شخصيات فى رئاسة الوزارة والحقائب الوزارية والمحافظين وكبار المسؤولين لا تصلح إلا لتنفيذ «الأجندات الخبيثة» للنظام الاقتصادى القائم، وشهدنا على قمة المؤسسات الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة شخصيات باهتة معدومة الكفاءة والفكر، ولكنها بالتأكيد تصلح لزمن «الرأسمالية الخبيثة»،
حيث يكون ولاؤها وخدماتها للسادة الكبار والأثرياء الذين اختاروهم، ويكون عداؤها للشعب وللناس، بتضليلهم وخداعهم والكذب عليهم وإيهامهم بأنهم هم سبب مشاكلهم فى زمن الخُبث والخبائث!
كانت مصادفة جيدة أن يُنشر مقال د. إبراهيم البحراوى فى الوقت الذى طفت فيه على سطح الأحداث قضية أجور العاملين فى هذه الدولة البائسة التى لم تكن لتُثار، أصلا، لولا حكم تاريخى لقضاة محترمين طالبوا فيه حكومة النظام الرأسمالى الخبيث بوضع حد أدنى للأجور يتفق مع حالة غلاء المعيشة والأسعار المُنفلتة فى السنين الأخيرة. كان من الطبيعى إذن من مسؤولى نظام رأسمالى خبيث أن يصدر قرار من المجلس الأعلى للأجور بتحديد مبلغ 400 جنيه شهريا كحد أدنى لأجر العامل،
وكان من الطبيعى كذلك أن يُدافع عن هذا القرار الوزير المسؤول عن هذا المجلس بعد أن تنكر لكل ماضيه ودراسته وأفكاره لصالح النظام الرأسمالى الخبيث الذى قَبِل أن يكون إحدى أدواته، وعلى الرغم من أن هذا القرار يخص بالدرجة الأولى العاملين بالقطاع الخاص- وبالتالى فإن زيادة رواتبهم تعنى فقط انخفاض ما يحصل عليه أصحاب الأعمال من أرباح طائلة- فإننا وجدنا على البرامج التليفزيونية من يحاول خلط الأمور وتضليل الناس بالقول بأن أى زيادة عن هذا الحد ستكلف ميزانية الدولة مليارات الجنيهات التى لا يمكن تدبيرها إلا من ميزانيات التعليم أو الصحة كما صرح بذلك مسؤول كبير فى الحزب الوطنى فى مُداخلة تليفونية على قناة المحور ليدافع عن القرار الظالم! لقد أتحفنا رئيس الوزراء بتصريح قال فيه إنه لا يعرف كيف يمكن أن يضع حداً أدنى للأجور بطريقة علمية وإنه ترك ذلك للمجلس الأعلى للأجور،
فى نفس اليوم الذى قرأت فيه للكاتب المُتميز نبيل عمر فى عموده بالأهرام حِسبة بسيطة قام بها لمصروفات شاب يعيش بمفرده فى منطقة عشوائية ولا يأكل إلا الفول والطعمية صباحا ومساءً وطبق كشرى بينهما، فوجد أن مثل هذا الشاب يلزمه 480 جنيهاً شهريا للسكن والأكل «القُرديحى» فقط دون انتقالات أو ملابس أو خلافه .. فإذا كان ما أفتى به الوزير المسؤول عن مجلس الأجور - فى معرض دفاعه عن ال 400 جنيه– بأن نصف الشعب المصرى يعيش بدخل أقل من 500 جنيه شهرياً، فلنا أن نتصور حجم البؤس والشقاء والمعاناة ونوعية الحياة التى تحياها الغالبية العظمى منه..
كما أن لنا أن نتصور حجم الفساد والجرائم والسرقات التى تتم بالتأكيد حتى يستطيع هؤلاء الناس البقاء على قيد الحياة لا أكثر! إن أساس البلاء كله هو أن النظام الرأسمالى الخبيث الذى يتحكم الآن فى معيشة المصريين هو نظام لا قلب له ولا عقل ولا أخلاق.
ربما يكون كل ما يفكر فيه رئيس الوزراء هو ماذا سيكون الحال فى مثل ما ذكرته من مثال، وما يُمكن أن يُطالب به موظفو الحكومة إذا ما تم تحديد حد أدنى لأجر العامل من غير حملة المؤهلات.. وكيف سيواجه مثلا مطالب الأطباء العادلة بألا تقل بداية التعيين لهم عن 1200 جنيه شهرياً وهم يُعاملون الآن بنظام أقرب إلى السُخرة والإكراه بدفع رواتب لهم تقل عما هو مُقترح للعامل المبتدئ من غير ذوى المؤهلات؟! إنه هيكل أجور كامل لا يصلح فى أى بلد يعرف حقوق الإنسان، ولا يُمكن تصوره إلا فى نظام سياسى فاسد واقتصادى خبيث .. لكن مهما طال الظلام فلابد من صباح مُشرق يطويه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.