في عام 2015. اختارت أنجيلا ميركل. أول مستشارة لجمهورية ألمانيا الاتحادية منذ سقوط جدار برلين عام 1989, أن تستقبل في بلدها حوالي مليون شخص أغلبهم فروا من الواقع المرير في سوريا. أثار هذا التدفق القلق الأوروبي حول الهجرة التي تهدد التماسك الاجتماعي. والذي تمثل أيضا في تصويت بريطانيا عام 2016 لصالح انسحابها من الاتحاد الأوروبي بنسبة 52% مقابل 48% وعندما وقع الاستفتاء لم تكن تيريزا ماي بعد رئيسة وزراء بريطانيا وآنذاك صوتت للبقاء في الاتحاد الأوروبي, لكنها الآن تصارع وتحاول وضع خطة لتفعيل استفتاء شعبها. ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية أنه لسنوات عديدة. كانت ميركل الإجابة الأقرب علي السؤال الشهير العائد إلي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: "إذا كنت أريد أن أتحدث إلي "أوروبا". فمن أدعو؟" كما أن ميركل جسدت رغبة ألمانيا الأساسية في تحقيق الاستقرار وهي الرغبة التي لم تتغير منذ تولي "كونراد أديناور" أول مستشار لألمانياالغربية منذ 1949 وحتي عام 1963. في عام 2000. أصبحت ميركل زعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي والذي تنازلت عن قيادته الشهر الماضي. ويذكر أنه لم يتزعم الحزب سوي ثلاثة قادة خلال 45 عاما. في عام 2005. أصبحت المستشارة الألمانية وهو المنصب الذي ظلت به لمدة 4800 يوم حيث تعيش الآن مرحلتها الرابعة والأخيرة. إذا نظرنا إلي القارة الأوروبية نجد أن بريطانيا ستخرج أو "ربما تخرج" من الاتحاد الأوروبي, وفي فرنسا علق متظاهرو "السترات الصفراء" مؤخرا علي سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون وقاموا بأعمال العنف التي تمثلت في حرق السيارات وتحطيم نوافذ المتاجر وغيرها, لذا فإن استقرار ألمانيا يعد أكثر أهمية لأوروبا في الوقت الحالي مما كانت عليه عندما قال كيسنجر "إن ألمانيا كبيرة بالنسبة لأوروبا وصغيرة جدا بالنسبة للعالم". أضافت الصحيفة ان ألمانيا تعيش في الجوار مع دولتين هما بولندا والمجر اللتان تتمتعان بأنظمة شعبية غير ليبرالية, كما أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا يزعزع استقرار أوروبا. وتم تسليط الضوء علي ألمانيا "عن غير قصد" حينما صرح الرئيس الفرنسي بأهمية تكوين جيش أوروبي حقيقي "من أجل حماية أنفسنا مع توجيه كامل الاحترام للصين وروسيا وحتي الولاياتالمتحدة". عارض أعظم زعيمين لأوروبا ما بعد عام 1945. شارل ديجول ومارجريت تاتشر. التطلع إلي وحدة سياسية أكثر عمقا لأوروبا ودعت ألمانيا ما بعد نكسة عام 1945 ضد القومية والتي تم تفسيرها علي أنها بهدف تقليص الجنسيات. ألمانيا لديها حزبان من أكبر الأحزاب في العالم. الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي. اللذان خلقا مصطلح الديمقراطية الاجتماعية خلال القرن التاسع عشر والذي ساعد علي استنزاف القوة الثورية من اليسار ويعد كلاهما في حالة تغير مستمرة. يواجه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تحديا من اليمين عن طريق حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب الإصلاح الاجتماعي الذي انهار كشريك صغير في ائتلاف ميركل.